خلقهم لعبادته فمنهم من أذعن لأول مرة فسمت نفسه ونتقت سريرته وصفت
روحه فكان من الفائزين ومنهم من لم يعمل لله حسابا أوخدعته نفسه
أوقهرته شهوته أو غلبه شيطانه فكان من الخاسرين.
وحتى تسير الدنيا التي خلقها الله لهم على حال مستقر جعل الموت غير
معلوم ليكون دائما على أهبة الاستعداد فلا يظلم ولا يفسق ولا يفسد بل
يلتزم لئلا يأتيه الموت على حالة عندها غضب الله.
لا بد من الموت لأنه خروج من مكان يستحيل البقاء فيه وانتقال الى دار يحاسب فيها القهار وبعدها ينتهي الانسان من الحساب لتقاس الاشياء بموازين طبيعية لا يخيب عندها الحق ولا يساند عندها الباطل فالحق حق والباطل باطل.
لا بد من الموت لأنه رجوع الى الاصل الذي خلق منه الانسان فكما خلقه من تراب لا بد وان يكون ترابا لتتذكر النفوس الظالمة حالها حين ظلمها والمضطربة حين اضطرابها والمفسدة حين افسادها
فربما تخشع يوما أو تتعظ ساعة فينصلح حال الدنيا ويكون هناك أهل حق وأهل باطل وتسير في حالة لا يستقيم عندها الحق كله ولا يؤدي بها الى الهلاك… بل الموت بصيرة أمام البشر يودعون واحدا منهم فيرون التراب والعظام والدود واللحود ولولا ذلك لما استقام بشر على طريق سوى فالنهاية معلومة ووقتها يبدأالاصلاح فلا يستقر حال بني بشر
لابد من الموت لأنه اظهار لقدرة الله وبرهان على البعث ودليل متيقن على الوقوف أمام الله رب العالمين فكيف يسير العالم منذ خلق والناس يتساقطون كل يوم بل كل لحظة؟ وكيف يحاسب أولئك جميعا أمام رب العالمين؟ وكيف يتأكد الناس من ان ظالما لن يعيث في الارض الفساد طويلا؟
فكم من صحيح مات من غير علة
وكم من عليل عاش حينا من الدهر
وكم من صبي يرتجي طول عمره
وقد نسجت اكفانه وهو لا يدري
وكم من عروس زينوها لزوجها
وقد قبضت روحاهما ليلة القدر
اللهم احسن خاتمتنا