تخطى إلى المحتوى

هجرة القرأن

فتلاوة القرآن والنظر فيه والارتباط بهذا الأمر من الأهمية بمكان. وقد قال القرآن على لسان الرسول أيضًا: "يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا القرآن مَهْجُورًا".
سورة "الفرقان" الآية (30).

فهجر القرآن يتحقق بأحد الأشياء: إما عن طريق عدم القراءة إطلاقًا، أو عن طريق قراءة القرآن دون تدبر، أو عن طريق قراءة وتدبر وعدم العمل به، أو عدم دعوة الناس لقراءة القرآن، فكل ذلك من الهجر للقرآن.

فأحد ألوان الهجر التي وردت في "القرآن الكريم" أن رسول الله سيشكو الناس إلى الله بأنهم لا يقرءون القرءان بالمرة، وقد ثبت أن أحد الصحابة وهو سيدنا "أبو الدرداء" كان في كل يوم يفتح المصحف ويقرأ ما تيسر من القرءان، فقيل له وما تغني آية فقال أخشى أن يأتي الرسول يوم القيامة ويقول يا رب إن قومي اتخذوا من القرآن مهجورًا.
وقال الرسول الكريم "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب".
رواه "أحمد" في مسنده.

وهذا كله لا بد أن يُعمَل به فهو عمل، فإذا اقتصر الإنسان على مجرد تلاوة القرآن أصبح القرآن حجة عليه والنبي قال: "القرآن حجة لك أو عليك".
رواه "أحمد" في مسنده.

فقراءة القرآن تحتاج مِنَّا أن نترجمه إلى واقع، وإلى أن نعيشه بجوارحنا، وأن نقيمه بحدوده، ولا نقيمه بحروفه.
فقد تقرأ آيات تدعو إلى الصدقة وأنت بخيل، أو تدعو إلى الحفاظ على الوعد وأنت تخلف ذلك، أو تدعو إلى الصدق وأنت تكذب، أو تدعو إلى المعاشرة الحسنة وأنت تسيء ذلك، فكيف يتوقع لمثل ذلك الإنسان الذي قرأ القرآن وأقام حروفه إقامة الفهم أن ينفعه القرآن الكريم إذا لم يترجم ذلك إلى واقع وإلى عمل؟!
ومِنْ ثَمَّ فبعض السلف الصالح كان يقول: "إن مثل الذي يقرأ القرآن ولا يعمل به، كمثل رجل جاءته رسالة من أمير أو عظيم، فاقتصر على قراءة هذه الرسالة".

أي أن كل يوم يأتي برسالة ويقرأها، ويعلن عن سعادته وفرحته بمثل هذه الرسالة، لكنه لم يلتفت إلى المضمون والمحتوى الذي تتضمنه هذه الرسالة.

فما قيمة الرسالة إذا وضعت داخل علبة مذهبة، وبشيء من الاهتمام والعناية أبرزت اهتمامك بها؟ فلا قيمة لها.

الإمام "البصري" يقول: "إن من كانوا قبلكم رأوا القرآن رسائل أتتهم من ربهم، فكانوا يقرأونها في الليل ويتخذونها في النهار فكانوا رهبانا بالليل فرسانا بالنهار".

فيجب العمل بالقرآن الكريم لا الاقتصار على تلاوته فقط أو حفظه أو تجويد آياته وإن كان هذا من الأمور المطلوبة، لكن المطلب الأهم أن يترجم "القرآن الكريم" إلى عمل، أي أن نجعل القرآن أمامنا ليقودنا إلى الجنة، وألا نجعله خلفنا بإهمال تعاليمه، وعدم القيام بما أمرنا الله به، فيحاسبنا الله على هذا التقصير، فالله سبحان وتعالى يقول: "فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى".
سورة "طه": الآية (123).

وهداي يكون في "القرآن الكريم" فلا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة.
وقال تعالى: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى".
سورة "طه" الآيات (124ـ126).
الشيخ/ طلعت عفيفي

اللهم اعنا على تلاوتة القران والعمل بما جاء فيه
يا الله يا الله يا الله

اللهم اعنا علي شكرك وذكرك وحسن عبادتك ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.