تخطى إلى المحتوى

ضرب الصغار ندم

  • بواسطة

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

تاريخ النشر: الثلاثاء 23 نوفمبر 2024
لكبيرة التونسي

اشتكت أم من سلوكيات طفلها لوالده، هذا الأخير خلال لحظة انفعالية ضربه بعصا على رجله، بكى الصغير بكاء طويلا وتقلب في آلامه أياما، لم يدر الوالد ما أحدثه في ساق ولده، بعد فترة زاد وجع الابن فأخذوه للمستشفى، فكانت الطامة الكبرى، حيث لن ينفع علاج، إذ تسبب صدأ المسمار الذي كان مثبتا في رأس العصا بتعفن في الساق، حينها قالوا إنه لا علاج إلا قطع الساق.

لم يتمالك الوالد نفسه، صعد إلى سطح المستشفى ورمى نفسه على الأرض فسقط ميتا ندما على ما فعل بصغيره.

هذا ما جاء في سياق حديث الدكتور إبراهيم الفقي حين كان يحاضر عن العلاقة الوالدية، المحاضرة التي نظمها الاتحاد النسائي العام في أبوظبي خلال بداية الشهر، هذه الحادثة ساقتنا للحديث عن ضرب الأطفال وما يمكن أن يسببه لنفسية الصغير وإدراكه من أوحال نفسية قد تتحكم في سلوكه طوال سنوات حياته، إن لم تتسبب في عاهة مستديمة لا قدر الله، فبطريقة لا إرادية أو لا شعورية تمتد الأيادي لصفع الصغير أو لضربه أو لتأنيبه أو التلفظ ضده بألفاظ تحط من كرامته، يؤدي ذلك إلى أذى نفسي يمتد إلى كل حياته، حيث يسبب ذلك جروحا، وهذه الجراح تراكمية تستمر مع استمرار الاعتداء بالضرب على الطفل، وإن أسوأ ذكريات الطفولة هي تلك التي يتعرض فيها للضرب من أبويه، وهناك البعض ممن نلتقيهم يتحدثون عن هذه المرحلة بشكل فكاهي محاولة منهم التخفيف من وطأتها النفسية، ولكن يعيدون ارتكاب نفس العنف على صغارهم، ويتناسى البعض هذه المواقف لحماية نفسه، وإن قدرة الطفل على التعايش مع الضرب على خدوده أو باقي أطراف جسده ليس معناه أن له قيمة حسنة، بل إنه جرح يألفه ولا يدرك معناه بداية، ويؤكد المختصون أن ضرب الطفل يدخله في غضب عاطفي هائل يجعله غير قادر على تعلم دروس الكبار.

وإن ضرب الصغير ينتج عن غضب الكبار المؤقت والآني، ولكن سيظل لضرب الطفل على الوجه أثره السيئ في دواخله وأعماقه، وهناك من الآباء من يستمر غضبه في الزمان، فبمجرد رؤية طفله ينهال عليه ضربا أو تجريحا، بسبب أو بدونه بحجة أنه يربيه ويؤدبه.

هكذا حزت كلمات طفلة صغيرة في قلبي حين قالت لوالدتها لحظة صفاء حين كانت تقبلها وهي ذاهبة للمدرسة: “ إنني أحبكم رغم أنكم تضربونني دائما” فقد لا يدرك الوالدان حجم الآلام التي يعانيها صغيرهما الذي يتعرض للضرب، ومن يتعرض للضرب من طرف الوالدين دائما لا يمكنه أن يعتبر الأبوين مصدر حب وحماية وأمن وراحة وهي العناصر الحيوية للنمو الصحي لكل طفل، حيث أكد بعض المختصين النفسيين أن الطفل الذي يتعرض للضرب من طرف والديه، يتعرض لأمراض نفسيه خطيره كالاكتئاب والخوف والوحدة والانعزال ويسبب للطفل ضعفا بالشخصية وعدم القدرة على الاعتماد على النفس واتخاذ القرار، ويتمادى الطفل أحيانا في ارتكاب نفس السلوكيات التي ضرب من أجل أن يتفاداها حيث يصر على الخطأ ويتمادى فيه، فالقسوة دون قصد أمر خطير. ففي عام 1995 أشارت أكاديمية طب الأطفال الأميركية، إن صفع الأطفال وسيلة غير مجدية لتأديبهم، وعلى الرغم من تغيير المواقف تجاه ضرب الأطفال والاعتراف بأنه غير فعال ووسيلة تلحق الأذى لتأديب الأطفال، إلا أنه يظل شائعا، وفي دراسة قيل: “مجرد صفع الطفل هو من الأسباب الرئيسية لمعاناته في كبره من الاضطرابات العقلية والنفسية والجنسية والعنف الأسري ومشكلات في العلاقات، ونقص حاد في مستوى الذكاء”.

ربي اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات يوم يقوم الحساب.. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين..
لا إله إلا أنت وحدك لاشريك لك.. لك الحمد ولك الشكر وأنت على كل شيء قدير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.