تزايدت حالات الطلاق في مجتمعنا حيث بينت الإحصائياتالأخيرة للنصف الأول من هذه السنة أن بين كل ست حالات زواج تجد أن هناك حالة طلاقبينهم ومن بين 60 حالة زواج هناك 10 حالات طلاق
ويثير هذا الرقم تساؤلات عدة ،ترى ما أسباب الطلاق في مجتمعنا ولماذا تسير نحو طريق التزايد المستمر؟ لماذاالخيانات الزوجية تزايدت في ظل التطور التكنولوجي والمدني؟ لماذا تعددت مطالبالإنسان المتمدن؟ وأصبح يطلب المزيد المزيد من مغريات الحياة لماذا ابتعدنا عنالكنز الذي لا يفنى ؟ ونبحث عن الكنوز الزائلة التي تقودنا إلى الهلاك و المتعةالمحدودة لماذا ابتعد المجتمع عن المبادئ الطاهرة الخالصة لوجه الله؟
لماذاأصبحت العقول تافهة على الرغم من توافر الجامعات والمعاهد العلمية المتخصصة؟ هناكتساؤلات كثيرة لا نستطيع أن نحصيها جميعها هنا و لذالك وددنا طرح موضوع الطلاق الذيأصبح الحدث الهام في مجتمعنا و إلى أين نحن سائرون .
تعريف و حكم الطلاق
تعريف الطلاق:
الطلاق في اللغة: مأخوذ من الإطلاق وهو الإرسالوالترك.
تقول:أطلقت الأسير ،إذا حللت قي قيده وأرسلته.
الطلاق في الشرع:حلرابطه الزواج،وإنهاء العلاقة الزوجية.
حكم الطلاق:
اختلف آراء الفقهاء في حكمالطلاق والأصح من هذه الآراء ،رأى الذين ذهبوا إلى حظره إلا لحاجة،وهم الأحنافوالحنابلة، واستدلوا بقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم((لعن الله كلذواق،مطلاق))
ولأن في الطلاق كفراً لنعمة الله،فإن في الزواج نعمة مننعمه،وكفران النعمة حرام،فلا يحل إلا لضرورة.
ومن هذه الضرورة التي تبيحه أنيرتاب الرجل في سلوك زوجته أو أن يستقر في قلبه عدم اشتهائها
فإن لم تكن هناكحاجة تدعو إلى الطلاق يكون حينئذً محض كفران نعمة الله وسوء أدب من الزوج فيكونمكروهاً محظوراً.
والطلاق أيضا عند الحنابلة قد يكون واجباً وقد يكون محرماً وقديكون مباحاً وقد يكون مندوباً إليه.
فأما الطلاق الواجب: فهو طلاق الحكمين فيالشقاق بين الزوجين،إذا رأيا أن الطلاق هو الوسيلة لقطع الشقاق
وكذلك طلاقالمولي بعد التربص، مدة أربعة أشهر لقول الله تعالى (( للذين يؤلون من نسائهم تربصأربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميععليم)).(1)
وأما الطلاق المحرم: فهو الطلاق من غير حاجة إليه وإنما كانمحرماً،لأنه ضرر بنفس الزوج،وضرر بزوجته
وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غيرحاجة إلية فكان محرماً،مثل إتلاف المال،لقول الرسول صلى الله علية وسلم(لاضرر ولاضرار)
أما الطلاق المباح:فإنما يكون عند الحاجة إليه ،لسوء خلق المرأة وسوءعشرتها والتضرر بها من غير حصول الغرض منها.
أما الطلاق المندوب إليه: فإنماالطلاق الذي يكون عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها مثل الصلاة ونحوهاولا يمكنه إجبارها عليها أي تكون غيرعفيفة.(2)
______________________________________________
(1)سورةالبقرة،الآية 125-126.
(2)فقه السنة،السيد حافظ ،طــ7،دار الكتابالعربي،بيروت،1405هــ-1985م،جـــ2، ص241-243.
أركان الطلاق
أركان الطلاق وهي ثلاثة:
المطلق.
المطلقة.
الصيغة: وهي اللفظ وما في معناه.
فأما المطلق فله أربعة شروط:
(الإسلام – العقل – البلوغ –الطوع )فلا ينفذطلاق مجنون ولا كافر اتفاقاً ولا صبي غير بالغ وقيل ينفذ طلاق المراهق وفاقاً لابنحنبل.(1)
حكم طلاق الزمن الماضي والمستقبل:
إذا قال لزوجته: أنت طالق أمس، أوقال لها:أنت طالق قبل أن أتزوجك ونوى بذلك وقوع الطلاق وقع في الحال لأنه مقر علىنفسه بما هو أغلظ عي حقه،وإن لم ينوي وقوعه في الحال فلا يقع.
وإن قال الزوجلزوجته:أنت طالق اليوم إذا جاء غدٌ، فلغوٌ لا يقع به شيء.
وإن قال لزوجته:أنتطالق غداً،أو أنت طالق يوم كذا وقع الطلاق بأولهما،لأنه جعل الغد ويوم كذا ظرفاًللطلاق
فإذا وجد ما يكونه ظرفاً له طلقت،ولا يدين ولا يقبل منه في الحكم إنقال:أردت آخر هما لأنه لفظه لا يحتمله(2)
من يقع منه الطلاق:
اتفق العلماءعلى أن الزوج، العاقل البالغ المختار هو الذي يجوز لهان يطلق وأن طلاقهيقع.
فإذا كان مجنوناً أو صبياً, مكروهاً فإن طلاقه يعتبر لغواً لو صدر منه،لأنالطلاق تصرف من التصرفات التي لها آثارها ونتائجها في حياة الزوجين ولا بد من أنيكون المطلق كامل الأهلية.
وللعلماء آراء مختلفة في المسائل الآتية:
1-طلاقالمكره: المكره لا إرادة له ولا اختيار، والإرادة والاختيار هي أساس التكليف،فإذاانتفيا انتفي التكليف واعتبر غير مسؤول عن تصرفاته،مسلوب الإرادة وهو في الواقعينفذ إرادة المكره،فمن اكره على النطق بكلمه الكفر،لا يكفر بذلك لقول اللهتعالى((إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان))(3).
2-طلاق السكران:ذهب جمهورالفقهاء إلى أن طلاق السكران يقع،لأنه المتسبب بإدخال الفساد على عقلهبإرادته.
3- طلاق الغضبان: الذي لا يتصور ما يقول ولا يدري ما يصدر عنه، لا يقعطلاقه لأنه مسلوبالإرادة.
_________________________________________
(1) القوانين الفقهية،الإمام العالم أبي عبد الله محمد ابن أحمد بن محمد بن جزى الكلبى،طــــ1،دار الكتاب العربي،بيروت،1404هــ-1984م د.ج،ص228-229.
(2)الواضح في فقهالإمام أحمد،الدكتور:علي أبو الخير،طــــ2،دار الخيربيروت،1416هــــ-1996م،د.ج،ص437.
(3) سورة النحل، آية(106)
4- طلاقالمدهوش:المدهوش الذي لا يدري ما يقول بسبب صدمه أصابته فأذهبت عقله وأطاحت بتفكيرهلا يقع طلاقه كما لا يقع طلاق المجنون والمعتوه والمغمى عليه ومن اختل عقله لكبر أومرض أو مصيبة فاجأته.(1)
5-طلاق الأخرس: ويقع من أخرس وحده بإشارة فلو فهمهاالبعض فكتابة وتأويله مع صريح كالنطق، وكتابته طلاق.(2)
———————————
الطلاق السني والبدعي:
ينقسم الطلاق إلى طلاق سني وطلاق بدعي:
فطلاق السنة: هو الواقع علىالوجه الذي ندب إلية الشرع،وهو أن يطلق الزوج المدخول بها طلقه واحدة،في طهر لميمسسها فيه لقول الله تعالى((الطلاق مرتان إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان))(3)
أيأن الطلاق المشروع يكون مرة يعقبها رجعه ثم مرة ثانية يعقبها رجعة ،ثم إن المطلقبعد ذلك له الخيار بين أن يمسكها بمعروف أو يفارقها بإحسان.ويقول الله تعالى ((يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن))(4)
أي إذا أردتم تطليق المساءفطلقوهن مستقبلات العدة،وإنما تستقبل المطلقة العدة إذا طلقها بعد أن تطهر من حيضأو نفاس وقبل أن يمسها.
الطلاق البدعي: أما الطلاق البدعي فهو الطلاق المخالفللمشروع كأن يطلقها ثلاثاً بكلمه واحدة أو يطلقها ثلاثاً متفرقات في مجلس واحد كأنيقول:أنت طالق أنت طالق أنت طالق ،أو يطلقها في حيض أو نفاس أو طهر جامعهافيه.
وأجمع العلماء على أن الطلاق البدعي حرام وأن فاعله آثم، وذهب جمهورالعلماء إلى أنه يقع واستدلوا بالأدلة الآتية:
1- أن الطلاق البدعي مندرج تحتالآيات العامة.
2- تصريح ابن عمر –رضي الله عنه0 لما طلق امرأته وهي حائض وأمرالرسول صلي الله عليه وسلم بمراجعتها بأنها حسبت تلك الطلقة.
وذهب بعض العلماءإلى أن الطلاق البدعي لا يقع ومنعوا اندراجه تحت العمومات لأنه ليس من الطلاق الذيأذن الله به بل هو من الطلاق الذي أمر الله بخلافه فقال((فطلقوهن لعدتهن))(5)
منذهب إلى أن الطلاق البدعي لا يقع هو عبد الله بن معمر،وسعيد بن المسيب،وطاووس منأصحاب ابن عباس(6(
__________________________________________________
(1) فقه السنة، مرجع سابق،ص247-251.
(2)كتاب الفروع،الإمام العلامة شمس الدينالمقدسي أبي عبدا لله محمد بن مفلح طـــ4، عالمالكتب،بيروت،1404هــ-1984م،جـــ5،ص385.
(3)سورة البقرة،الآية (229(
(4)سورةالطلاق،الآية (1(
(5)سورة الطلاق،الآية(1(
(6)فقه السنة،المرجعالسابق،ص263-265.
أقسام و كنايات الطلاق
أقسام الطلاق:
اتفقوا على أنالطلاق نوعان: (1) رجعي –(2) بائن.
الطلاق الرجعي: هو الذي يملك فيه الزوج رجعهامن غير اختيارها وأن من شرطه أن يكون في مدخول بها،وإنما اتفقوا على هذا لقول اللهتعالى (يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة إلى قوله تعالىلعل الله يحدث بعد ذلك أمراً))(1(
أما الطلاق البائن: فإنهم اتفقوا على أنالبينونة إنما توجد للطلاق من قبل عدم الدخول ومن قبل عدم التطليقات ومن قبل العوضفي الخلع،واتفقوا على أن العدد الذي يوجب البينونة في طلاق الحر ثلاث تطليقات إذاوقعت مفترقات لقوله تعالى (الطلاق مرتان))(2)واختلفوا إذا وقعت ثلاثاً في اللفظ دونالفعل ، وكذلك اتفق الجمهور على أن الرق مؤثر في إسقاط إعداد الطلاق وأن الذي يوجبالبينونة في الرق اثنتان(3(
كنايات الطلاق:
كناية الطلاق لابد فيها من نيةالطلاق لأن الكناية لفظ يحتمل غير معني الطلاق فلا يتعين بدون النية
والكنايةقسمان :ظاهرة وخفية.
الظاهرة: يقع بها الطلاق الثلاث حتى وإن نوى واحدة علىالأصح وعنه يقع ما نواه اختاره أبو الخطاب
لحديث ركانة(أنه طلق البتة ،فاستحلفهالنبي-صلى الله عليه وسلم- ما أردت إلا واحدة،فحلف فردها عليه)
والكنايةالظاهرة:خمس عشرة لفظة:أنت خلية،أنت برية،وأنت بائن،وأنت بتة،وأنت بتلة،وأنتحرة،وأنت الحرج،وحبلك على غاربك،وتزوجي من شئت،وحللت للأزواج، أو لا سبيل ليعليك،أو لا سلطان لي عليك، أو أعتقتك،وغطي شعرك،وتقنعي.
الخفية: يقع بها طلقةواحدة رجعة في مدخول بها،لأن مقتضاه الترك دون البينونة كصريح الطلاق،وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- لابنة الجون(الحقي بأهلك) ولم يكن ليطلق ثلاثاً وقد نهيعنه،وقال لسودة(اعتدي) فجعلها طلقة،ما لم ينو أثر ،فإن نوى أكثر وقع مانواه.
الكناية الخفية: عشرون لفظة، وهي:اخرجي،واذهبي،وذوقي،وتجرعي،وخليتك،وأنتمخلاة،وأن ت واحدة،ولست لي بامرأة ،واعتدي، و استبرئي،و اعتزلي،والحقي بأهلك، ولاحاجة لي فيك، وما بقي شيء، وأغناك الله،وإن الله قد طلقك، والله قد أراحك مني ،وجرىالقلم ولفظ فراق، ولفظ سراح.
ولا تشترط النية للطلاق في حال الخصومة أو حالالغضب،وإذا سألت الزوجة زوجها طلاقها فيقع الطلاق في هذه الأحوال بالكناية بدون نيةفلو قال في حال الخصومة أو الغضب أو سؤال الطلاق- لم أرد الطلاق،دينفيما
________________________________________________
(1) سورة الطلاق،الآية(1(
(2)سورة الطلاق ،الآية(1(
(3)بداية المجتهد ونهاية المقتصد، الإمامأبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي،طـــ2،دار المعرفةبيروت،1403هــ-1983، ص60-61.
الخاتمة
وفي الختام نضع جهدنا المتواضع هذا بين أيديالمدرسين
و نأمل أن نكون قد قدمنا جميع المعلومات الأساسية لهذا الموضوع البسيط , ونتمنى أن نكون قد وفقنا في تقديم هذا البحث المفيد وتحقيق الهدف الذي أسعى منخلاله إيصال المعلومات المهمة إلى جميع القراء.
قائمة المراجع :
1- فقه السنة
2- القوانين الفقهية
3- الواضح في فقه الإمام أحمد
4- كتاب الفروع
5- بداية المجتهد ونهاية المقتصد
https://www.almodarresi.com/books/698/index.htm
الفهرس :
المقدمة
1
تعريف وحكم الطلاق
2
أركان الطلاق
3
الطلاق السني والبدعي
4
أقسام وكنايات الطلاق
5
الشك في الطلاق
6
الخاتمة
7
المراجع
8
الفهرس
9
على الموضوع