إن ظهور بقع دموية على السروال الداخلي بدون أي ألم حالة شائعة تصيب الأطفال والمراهقين وتسبب لهم ولاهلهم القلق الشديد حول اسبابها وخطورتها رغم أن معظم الاخصائيين في جراحة المسالك البولية عند الاطفال يعتبرونها غير مؤذية كونها لا تمثل أية آفة خطيرة في الجهاز البولي وانها قد تختفي تلقائياً بدون علاج بعد بضعة أشهر، ولكن للاسف يوجد هنالك بعض الأطباء الذين يجهلون ميزاتها فيقوموا بتحاليل مخبرية مكثفة وأشعة على الجهاز البولي وتنظير المثانة في تلك الحالات مع خطورتها وازعاجها وتكاليفها الباهظة، وكان المعتقد السائد أن سبب تلك الحالة يعود إلى التهاب في الاحليل بسبب ارتفاع معدل الهرمونات الانثوية التي تؤثر على تنامي الغشاء المخاطي في الاحليل الخلفي وانها لاتحتاج إلى أكثر من تحليل البول المجهري والأشعة الفوق الصوتية على الكلى والمثانة لتشخيصها، وقد برزت حديثاً نظرية حديثة حولها اقترحها الدكتور هرز وزملاؤه والتي ترتكز على اساس تخاذل التبول مع خلل التآزر في الصمام الخارجي، أي تغلصه بدلاً من ارتخائه أثناء التبول، ففي دراسة قاموا بها على 86 ذكراً و4 أناث مصابين بتلك الحالة مع بعض الاعراض السريرية الاخرى كالتبول المؤلم والامساك والاصابة السابقة بالتهاب بولي، الذي نادراً ما يحصل في تلك الحالات، واجروا خلالها على كل هؤلاء الأطفال الأشعة الفوق الصوتية على الكلى والمثانة وتحليل مجهري للبول وزرعه، وقياس سرعته وتخطيط الكتروني للصمام الخارجي وأحياناً تصوير المثانة بالصبغة وقسموهم إلى فئتين بالنسبة للعلاج، الفئة الاولى التي شملت 37 مريضاً، وكان معدل عمرهم حوالي 9 سنوات عولجوا بالمضادات الحيوية والمسكنات ومضادات الجهاز العصبي اللاودي وطبقوا علاجاً مختلفاً في الفئة الثانية التي شملت 35 مريضاً كان معدل أعمارهم حوالي 8,5 سنوات ارتكز على تصحيح تخاذل التبول بالتلقيم البيولوجي الراجع وتسهيل وظيفة الامعاء ومنع الامساك، ونجح العلاج في الفئة الاولى بطريقة كاملة عند 13 مريضاً وجزئياً عند 6 منهم بينما لم يتجاوب 18 طفلاً له وذلك بعد حوالي 12 شهراً من بدايته.
وأما نتائج الفئة الثانية فقد اظهرت نجاحاً كاملاً لدى 29 مريضاً وجزئياً عند اثنين منهم وعدم التجاوب في 4 حالات فقط مع اختفاء الاعراض في غضون حوالي 5 أشهر بعد القيام به.
والجدير بالذكر ان هؤلاء المرضى يمثلون فئة مختارة من الأطفال الذين يعانونمن تخاذل البول والاعراض البولية الاحليلية منها التبول المؤلم وظهور بقع دم على سروالهم الداخلي الذين استجابوا لهذا العلاج الخاص بسرعة مما بدّد مخاوف وقلق المرضى وأهلهم.
وخلال المؤتمر السنوي للجمعية الامريكية لجراحة المسالك البولية والتناسلية سنة 2024م وكما ابرزها الدكتور (كين) في مقالته حول هذه الحالة، اظهرت دراسة قام بها الدكتور (بالا غيرا )وزملاؤه على 66 مريضاً ذكر توبعوا لمدة 14سنة بعد اصابتهم بالبقع الدموية كل اللباس الداخلي مع حصول تبول مؤلم في تلك الحالات ان أشعة الكلى والجهاز البولي لم تكن ذات اية منفعة في التشخيص لانها كانت سلبية في جميعها بينما التصوير الشعاعي بالصبغة للمثانة فقد اظهر لا انتظام في الاحليل البصلي بنسبة 17٪ وضيقاً في الصماخ البولي إلى فتحة الاحليل الخارجية عند 17٪ منهم وضيقاً في الاحليل نفسه في 4٪ من تلك الحالات، واما تصوير الاحليل الشعاعي الرجوعي بالصبغة فقد بين لا انتظام في الاحليل البصلي في 36٪ وضيقاً في الاحليل في 27٪ منها ونجح بضع الصماخ بإزالة الاعراض البولية في جميع حالات ضيقه، وبناءً على تلك النتائج عرض هؤلاء الاخصائيون توجيهاتهم بالنسبة إلى تشخيص ومعالجة تلك الحالات وعارضوا اجراء أشعة بالصبغة أو فوق الصوتية على الكلى والمثانة ولكنهم نصحوا باستعمال تصوير المثانة والاحليل الشعاعي بالصبغة على بعض هؤلاء المرضى عند الحاجة لا سيما ان وجود لا انتظام في الاحليل لا يستدعي أي علاج وتشخيص ضيقاً في الصماخ يمكنهم التوصل اليه بالفحص السريري وقد يسبب انسداداً في الاحليل القاصي، كما اقترحه الدكتور (هرز) في دراسته، وشدد هؤلاء الخبراء على أهمية الاقتناع من اجراء أي تنظير للاحليل والمثانة في تلك الحالات لا سيما انه قد يؤدي إلى ضيق الاحليل بنسبة 6٪ ونصحوا بالتريث والمتابعة بدون اجراء اية تحاليل الا الفحص البولي المجهري أو أشعة لمعظم هؤلاء المرضى والقيام بالتصوير الشعاعي بالصبغة على المثانة والاحليل في حال استمرار الاعراض البولية، أو إذا ما أوحت بوجود ضيق في الاحليل قد يستدعي المعالجة
والله اعلم….منقول