مفهوم علم الاجتماع Sociology
علم الاجتماع هو الدراسة العلمية للسلوك الاجتماعي للأفراد، والأساليب التي ينتظم بها المجتمع بإتباع خطوات المنهج العلمي.
يُلاحظ الفرد داخل المجتمع أن وسائل الإعلام المختلفة تطالعه بأنباء وأخبار معينة، منها ما يتعلق بكوارث طبيعية، وأخرى تتعلق بصراعات ومشكلات تحتاج إلى حلول، وقسم آخر يتحدث عن قضايا العمل واضطرابات العمال، وقسم يتعرض لاتجاهات مشجعي كرة القدم. مثل هذه الأحداث ـ إذا صح أن نُطلق عليها هذه التسمية ـ هي أحداث عامة تحدث في الحياة اليومية؛ ولكن أحياناً يتساءل المرء لِمَ أصبح الآن مشجعو كرة القدم أكثر عنفاً عما كانوا عليه في الماضي؟ ولِمَ يجد بعض الأزواج أن الحياة الزوجية أصبحت لا تُطاق؟ فعندما نسأل أنفسنا مثل هذه الأسئلة، فإننا نسأل سؤالاً "اجتماعياً"، بمعنى أننا معنيون أو مهتمون بالطريقة التي يسلك بها الأفراد في المجتمع، وتأثير ذلك السلوك على أنفسهم وعلى المجتمع. ومعنى ذلك، أن مفهوم "الاجتماعي" هو المفهوم الأساسي في علم الاجتماع؛ لأن الفرد لا يملك إلاّ أن يكون كائناً اجتماعياً يعيش في وسط اجتماعي وعلى اتصال مستمر ببقية أفراد المجتمع، بحيث يندمج في محيطهم ويتفاعل معهم بصورة إيجابية. وهذا يؤكد أنه من دون وجود تفاعل إنساني مستمر، لا يمكن أن يُطلق علينا صفة "اجتماعية".
ويُعَد "أوجست كونت" الذي صك هذا المصطلح عام 1830 وربط فيه بين الكلمة اللاتينية Socius، وتعني شعباً أو قبيلة أو مدينة متحالفة مع روما (وأصبحت تعني فيما بعد كلمة المجتمع Society)، والكلمة اليونانية Logos، وتعني العقل أو المعرفة. وسرعان ما انتشر هذا المصطلح بشكل واسع، وأصبح يُستخدم فعلياً في جميع اللغات للدلالة على كل دراسة علمية واعية ودقيقة نسبياً للمجتمع.
أما موضوع علم الاجتماع، فهو من المسائل التي تناولها جدل ساخن ومستمر خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. وقد انحصر نطاقه في دراسة موضوعَين رئيسيَين، هما: الحقائق الاجتماعية، والعمليات الاجتماعية. وعلى الرغم من أن هذين الموضوعين محوران أساسيان في علم الاجتماع دون غيره، إلا أن الجدل لا يزال ساخناً. فقد ذهب "هربرت سبنسر" –مثلاً- إلى أن علم الاجتماع هو العلم الذي يصف ويفسر نشأة وتطور النظم الاجتماعية والضبط الاجتماعي والعلاقات بين النظم الاجتماعية؛ وأن عليه أن يقارن بين المجتمعات البشرية، على اختلاف أنواعها وأشكالها، أو بين المجتمعات على اختلاف نشأتها وتطورها، وأن يهتم بدراسة عمليتي البناء والوظيفة الاجتماعية.
ولكن "جورج زيمل" يرى ضرورة التفرقة بين ما هو اجتماعي Social، والعلم الاجتماعي Sociological؛ فالمجال الاجتماعي يتضمن ما يدور بين الناس، أما العلم الاجتماعي فهو المجال الذي يتناوله الدارس الاجتماعي، لتحديد وتحليل الجوانب المهمة له.
وهذا ينقلنا إلى موضوع آخر يهتم به علم الاجتماع، وهو الحقائق العلمية Scientific Facts. فالحقائق تستدعي بالدرجة الأولى إثباتها؛ لأنها معلومات مؤكدة لحالة ما. ويمكن أن يُتفق عليها إذا كان علم الاجتماع يتوصل إلى الحقائق العلمية بالبحث العلمي المنظم، وإذا كانت وجهات النظر أو الآراء تتكون دون الرجوع إلى الحقيقة؛ فإن الاجتماعيين يقبلون الآراء ووجهات النظر، التي تستند إلى حقائق علمية. إن علم الاجتماع هو الدراسة العلمية لمظاهر أو جوانب الحياة الاجتماعية للفرد، فهو كم من المعرفة تكوّن خلال تراكم استخدام المنهج العلمي في دراسة أبنية ومكونات الحياة الاجتماعية.
يدرس علماء الاجتماع سلوك الأفراد في مضمونه الجمعي، فلا يوجد إنسان منعزل بذاته؛ ولكنه وغيره من الأفراد يتعاملون معاً في حدود الجماعات الاجتماعية. فكل إنسان يولد داخل جماعة ويمضي بقية حياته في علاقات اجتماعية منمطة. فكل عملية يقوم بها الفرد، كاختيار شريك للحياة أو شراء ملابس جديدة، ترتبط كثيراً بتوقعات الآخرين منه. فردود أفعالنا ومظاهر سلوكنا ما هي إلا نتيجة لتوقعات أفراد المجتمع الآخرين منا، من جهة، ونتيجة للتفاعل الاجتماعي بيننا وبينهم، من جهة أخرى. ويتوقع كل فرد منا سلوكاً معيناً من أقاربه وأصدقائه، وحتى من أولئك الأفراد الذين نلتقي بهم عبر الشارع؛ كذلك، فإن أولئك الأفراد يتوقعون منا سلوكاً معيناً في كل موقف. إذن يمكن أن نطلق على حياة الجماعة أنها "نمطية". فإذا حاول الإنسان فهم وتفسير أفعال الآخرين، فإنه يحتاج إلى وقت طويل لدراسة الأشكال التي تنظم بها الجماعات وظائفها وطرق تأديتها. وهذا النوع من دراسة الحياة الاجتماعية هو محور اهتمام علم الاجتماع. لذا، حدد كل من "كامبل يونج" و"ريموند ماك"، علم الاجتماع بأنه الدراسة العلمية للمظاهر الاجتماعية للحياة الإنسانية والمعرفة البشرية المرتبطة بها، من خلال عملية التفاعل الاجتماعي (ويعني بذلك المثير والاستجابة المتعاقبة أو المتبادلة بين اثنين أو أكثر من الناس)، ومن ثَم، يهتم علم الاجتماع بالإنسان والسياق الاجتماعي والجماعة الإنسانية.
أما "بيتريم سروكين"، فيرى أن علم الاجتماع هو ذلك المفهوم الذي يشير إلى جميع المعلومات الخاصة بالتشابه بين مختلف الجماعات الإنسانية، وأنماط التفاعل المشترك بين مختلف جوانب الحياة الاجتماعية الإنسانية؛ لذلك عرّفه بأنه العلم الذي يدرس الثقافة الاجتماعية، كما عرّفه بأنه دراسة الخصائص العامة المشتركة بين جميع أنواع المظاهر الاجتماعية والعلاقات بين هذه الأنواع، وكذلك العلاقات بين الظواهر الاجتماعية وغير الاجتماعية. أما "رايت ميلز"، فيرى أن علم الاجتماع هو العلم الذي يدرس البناء الاجتماعي للمجتمع والعلاقات المتبادلة بين أجزائه، وما يطرأ على ذلك من تغير. أما "جورج ليندبرج"، فيرى أن علم الاجتماع هو علم المجتمع؛ بينما يرى "ماكيفر" أنه العلم الذي يدرس العلاقات الاجتماعية.
يتضح مما سبق مدى تعدد وتباين تعريفات علم الاجتماع، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية هذا العلم واتساع معارفه ومجالاته المتنوعة. كما يُلاحظ، أيضاً، على هذه التعريفات أنها أحياناً توسّع نطاق هذا العلم حتى تجعله يشمل نطاق المجتمع كله، الأمر الذي يوضح صعوبة الاتفاق حول تعريف محدد ومتفق عليه بين المشتغلين بهذا العلم.
ومن أهم القضايا التي يدو حولها هذا العلم:
1. العلاقات الاجتماعية المتبادلة بين الناس، من خلال عمليات التفاعل الاجتماعي، من أجل معرفة مظاهر التماثل والاختلاف.
2. المجتمع وظواهره وبناؤه ووظيفته.
3. مكونات الأبنية الاجتماعية المختلفة، مثل الجماعات العامة.
4. المقارنة بين الظواهر والحقائق الاجتماعية المختلفة.
وأخيراً يتسم علم الاجتماع بخصائص أساسية:
أ. علم الاجتماع علم تجريبي يقوم على الملاحظة وإعمال الفكر في الظواهر الاجتماعية، لا على البحث في مسائل ميتافيزيقية (علم ما بعد الطبيعة). كما أن نتائجه ليست تأملية بل تفسر العلاقات بين موضوعات البحث الاجتماعي تفسيراً علمياً.
ب. علم الاجتماع علم تراكمي، بمعنى أن النظريات الاجتماعية الجديدة تستند على نظريات أخرى سابقة عليها.
ج. علم الاجتماع ليس علماً أخلاقياً، بمعنى أن عالم الاجتماع لا يسأل عما إذا كانت الأفعال الاجتماعية خيراً أم شراً، ولا يصدر أحكاماً أخلاقية؛ ولكنه ينشد تفسيرها.
التنشئة الاجتماعية
• تعريف
التنشئة الاجتماعية هي سيرورة مستمرة ومتغيرة على امتداد الحياة، بحيث إنها تهدف إلى الاندماج الاجتماعي النسبي والمتروالي من لدن الفرد، وباعتبارها ،من جهة أخرى، بمثابة وسيلة لاكتساب الشخصية من خلا استيعاب طرائق الحركة والفعل اللازمة( معايير وقيم وتمثلا ت اجتماعية…) من أجل تحقيق درجة من التوافق النسبي عبر سياق الحياة الشخصية والاجتماعية للفرد داخل تلك الحياة المتغيرة باستمرار.(المصطفى حدية،التنشئة الاجتماعية بالوسط الحضري بالمغرب،ترجمة محمد بن الشيخ،مطبعة Rabat Maroc net ،2017،ص124)
ونهدف التنشئة الاجتماعية إلى إكساب الأفراد في مختلف مراحل نموهم(طفولة،مراهقة، رشد، شيخوخة) أساليب سلوكية معينة،تتفق مع معايير الجماعة وقيم المجتمع،حتى يتحقق لهؤلاء التفاعل والتوافق في الحياة الاجتماعية في المجتمع الذي يعيشون فيه.وعملية التنشئة الاجتماعية تتم من خلال عمليات التفاعل الاجتماعية، فيتحول الفرد من كائن بيولولوجي إلى كائن اجتماعي،مكتسبا الكثير من الاتجاهات النفسية والاجتماعية عن طريق التعلم والتقليد،مما يطبع سلوكه بالطابع الاجتماعي.
ويقوم المجتمع من خلال عملية التنشئة الاجتماعية بدور هام في تشجيع وتقوية بعض الأنماط السلوكية المرغوب فيها والتي تتوافق مع قيم المجتمع وحضارته…في حين يقاوم ويحبط أنماط أخرى من السلوك غير المرغوب فيها…(د.خليل ميخائيل عوض،علم النفس الاجتماعي،دار النشر المغربية،1982،ص101-103)
وغالبا مايتم الخلط بين التنشئة الاجتماعية(socialisation) والتطبيع(conformisation) والإخضاع(soumission) والتثاقف(acculturation)،وعليه لرفع اللبس عن تداخل مفهوم التنشئة الاجتماعية مع المفاهيم المشار إليها،من خلال تدقيق تعريف التنشئة الاجتماعية حسب المقاربات السوسيولوجة والنفسية والثقافية التالية:
– المقاربة السوسيولوجية:عرف هذا المفهوم(التنشئة الاجتماعية) عدة مقاربات متفاوتة خلال التطور التاريخي للمجتمعات الغربية،وخصوصا الأوربية؛في مرحلة الستينيات،مرحلة النمو،حيث كانت التطورية تحتل مكانة متميزة، منخلال التركيز على الفرضية الفيبيرية(نسبة لعالم الاجتماعweber)،التي تقول إن النمو السياسي والاجتماعي والاقتصادي مرتبط بالتنشئة الاجتماعية،أي،بالقيم والتمثلات المستبطنة من طرف الفرد.وكانت أغلب الدراسات ذات النزعة الاجتماعية المهتمة بالتنشئة الاجتماعية، تعتمد المقاربة المقارنة؛كما ظهرت بعض التخصصات في هذا المجال كالتنشئة السياسية التي كانت الموضوع المفضل للدراسات والبحوث.
وفي سنوات السبعينيات،كان اهتمام البحوث منصبا حول منظور جديد يعتبر عملية التنشئة الاجتماعية"كمفتاح" للمحافظة والصيانة والاستمرارية،من خلال أجيال الطبقات المتعاقبة،وبصفة خاصة من خلال الفوارق الاجتماعية.ولذلك انصبت المقارنات والدراسات حول الجماعات الاجتماعية(الطبقات الاجتماعية،الأنماط السوسيو مهنية، الجنس…).
بعد ذلك،في الأعمال الجديدة حول التنشئة الاجتماعية،كان هناك توجها لتقطيع مجالات تحليلها إلى عدة مجموعات صغرى(sous-groupe) مثل الأسرة،المدرسة، السكن،فضاء اللعب…حيث تم دراسة تأثيرات التنشئة الاجتماعية حسب خصوصيات الأمكنة أو الأمكنة المؤسساتية،ومن خلال مصطلحات الإدماج والتثاقف،وترسيخ التمثلات الذهنية والضوابط والمعايير الاجتماعية.
– المقاربة النفسية: التنشئة هي عملية تعلم الحياة الاجتماعية،أي هي الوسيلة التي بواسطتها يكتسب الفرد المعايير والمعارف ونماذج السلوك والقيم التي تجعل منه فاعلا في مجتمع محدد.كما تعمل التنشئة على إدماج النطام الاجتماعي من طرف الفرد وجعله كجزء من شخصيته والتعبير عن هويته.
المقاربة الثقافية:يذهب التيار الثقافي إلى ان بنية الشخصية تخضع للثقافة التي تميز مجتمعا بأكمله.والثقافة تعني بصفة خاصة نسق/منظومة قيم المجتمع.فالبنسبة لكاردينر(Kardiner)،كل نسق سوسيو- ثقافيتقابله شخصية قاعدية ما(personnalité de base).وعموما،بالنسبة للثقافيين،التنشئة الاجتماعية هي العملية التي بواسطتها ينقل كل مجتمع قيمه للأجيال اللاحقة، ويفترضون ان القيم وباقي عناصر النسق الثقافي تستدمج من طرف الفرد،وتشكل نوعا من البرمجة التي تضبط بطريقة ميكانيكية سلوكه.(Haddiya El moustafa,socialisation et identité,éd1988,impr.Najah eljadida)
• أهداف التنشئة الاجتماعية: تهدف إلى غرس عوامل ضبط داخلية للسلوك،توفير الجو الاجتماعي الملائم،تحقيق النضج النفسي، تعليم الفرد المعارف والمهارات والقيم التي تمكنه من الاندماج في المجتمع.
• آليات التنشئة الاجتماعية:التقليد،الملاحظة،التوحد(وهو تقليد لاشعوري للنموذج المقلد)،الضبط،الثواب والعقاب…(سامي الأخرص، مجلة العلوم الاجتماعية،)
• خصائص التنشئة الاجتماعية:
– التنشئة الاجتماعية هي عملية نمو: حيث تنمو بنمو الطفل، من كائن بيولوجي يتحكم في سلوكه وحاجياته الفسيولوجية،إلى فرد ناجح متحرر إلى حد ما من دوافعه،فيصبح متحكما في انفعالاته ونزواته،محاولا التوفيق بينها وبين مطالب البيئة الاجتماعية.
– هي عملية دينامية:لأنها حركة وتفاعل مستمران؛تفاعل بين الأفراد،وبين الأفراد والآخرينوالجماعات التي يتعامل معها الأفراد.وهي عملية مستمرة،فهي سلسلة متصلة ومتتابعة من التغيرات تنطلق من الطفولة وتستمر إلى المراحل الأخرى.
– هي عملية تعلم اجتماعي: حيت تتيح للفرد فرصة التفاعل الاجتماعي مع الآخرين من خلال مواقف وادوار متعددة،فيكتسب الكثير من الخبرات والاتجاهات النفسية. ومعه يرى نيوكومب(Newcomb,1959) أن مصطلح التنشئة الاجتماعية يمكن أن يكون مرادفا للتعلم الاجتماعي.
كما أن هناك بعض المعطيات التي تؤثر سلبا(معوقات) في التنشئة الاجتماعية ومنها:الصراع بين مكونات الجهاز النفسي للفرد،تجريد الفرد من ادواره الاجتماعية، الانعزالية والانطوائية، الطرق التربوية الخاطئة، عدم الاستقرار والتوازن العائلي، المرض والحوادث،الانفعالات الحادة،المناخ والطقس…
• أشكال التعلم المؤثرة في التنشئة الاجتماعية:
ومنها،التعلم المؤثر:حيث النمط السلوكي المتعلم يكون متبوعا بتدعيم،ليكون موافقا للمعايير والقيم المرغوب فيها؛ التعلم المباشر: وهو عبارة عن توجيه مخطط ومقصود للسلوك وممارسة التدعيم؛التعلم العرضي: وهو نتيجة لتعلم و تدعيم غير مباشرين و مقصودين؛ آثار العقاب: استعمال العنف لتلافي أنماط السلوك غير المرغوب فيها؛ التعلم من النماذج: وهو عبارة عن تقليد ومحاكاة لأنماط ونماذج سلوكية معينة؛ التقمص:وهو تقليد لأنماط سلوكية وأدوار اجتماعية معينة .
• العوامل والمؤسسات المؤثرة في التنشئة الاجتماعية:
– الثقافة: تتأثر التنشئة الاجتماعية للفرد بالثقافة العامة للمجتمع.والثقافة هي التراث العام الذي ينحدر إلينا من أجيال سابقة ومتعاقبة،وتشمل المعتقدات والتقاليد والعرف،والقواعد الأخلاقية والدينية،والقوانين والفنون والعلوم والمعارف،والتكنولوجيا،وسلوكات ومشاعر الأفراد والجماعاتوعلائقهم وتمثلاتهم…
-الأسرة: هي أهم وأقوى الجماعات الأولية وأكثرها تأثيرا في تنشئة الطفل،وفي سلوكه الاجتماعي،وبناء شخصيته.فالأسرة هي التي تهذب الطفل وتجعل سلوكه مقبولا اجتماعيا،وهي التي تغرس في نفس الطفل القيم والاتجاهات التي يرتضيها المجتمع ويتقبلها. وهناك متغيرات أسرية تؤثر في التنشئة الاجتماعية للطفل كنوع العلاقة بين الوالدين،اتجاهات الوالدين نحو الطفل ،العلاقة بين الإخوة،المكانة الاجتماعية والطبقية للأسرة،المستوى التعليمي والثقافي للأسرة…
– جماعة الأقران:تأثير الأطفال بعضهم على بعض له مميزاته وفوائده في تشكيل حياتهم الاجتماعي،واكتسابهم الكثير من الخبرات،و في إشباع حجاتهم النفسية،مما يساعدهم على النمو الاجتماعي.
-وسائل الإعلام: إذ تؤثر في التنشئة الاجتماعية من خلال الرسائل السمعية أو البصرية او المكتوبة،حيث بواسطة المعلومات والأخبار والأفكار والاتجاهات وغيرها،تعكس جوانب متعددة من ثقافة المجتمع واتجاهاته وعلاقاته الاجتماعية،فتعمل،بالتالي، على تنشئة الفرد على معايير واتجاهات اجتماعية معينة.
– المدرسة: المدرسة هي مؤسسة إحدى أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية المتخصصة، حيث تعمل على تلقين العلم والمعرفة ونقل الثقافة من جيل إلى جيل.وهي تسعى إلى تحقيق نمو التلميذ جسميا وعقليا ووجدانيا واجتماعيا، وتربيته على بعض القيم والمعايير والاتجاهات الاجتماعية،و إعداد ه بشكل يؤهله ليندمج إيجابا في مجتمعه .
ومن بين الأساليب التربوية والنفسية والاجتماعية المساعدة على التنشئة الاجتماعية الإيجابية للمتعلم نذكر:سيادة جو الطمأنينة والشعور بالنجاح،وتحقيق إشباع العطف والتقدير داخل المدرسة؛التوجيه والإرشاد والعطف المصحوب بالحزم،وإشاعة جو الحرية والديمقراطية والتفهم؛ تعليم الاطفال الحياة الاجتماعية داخل المدرسة من خلالا حرية التعليم والتدبير الذاتي لجماعة التلاميذ،وتكوين الاندية والجمعيات،تعلم احترام القوانين والحق والواجب والمسؤولية…انفتاح المدرسة عبى محيطها الاجتماعي؛توفير الإمكانيات والوسائل التربوية والمادية والتجهيزية للمدرسة(ملاعب،مكتبات،أندية،وسائل ديداكتيكية…)؛إشباع كل حاجيات المتعلم النفسية والاجتماعية والمعرفية…(د.خليل ميخائيل معوض،علم النفس الاجتماعي، 1982-بتصرف-).
علم الاجتماع هو الدراسة العلمية للسلوك الاجتماعي للأفراد، والأساليب التي ينتظم بها المجتمع بإتباع خطوات المنهج العلمي.
يُلاحظ الفرد داخل المجتمع أن وسائل الإعلام المختلفة تطالعه بأنباء وأخبار معينة، منها ما يتعلق بكوارث طبيعية، وأخرى تتعلق بصراعات ومشكلات تحتاج إلى حلول، وقسم آخر يتحدث عن قضايا العمل واضطرابات العمال، وقسم يتعرض لاتجاهات مشجعي كرة القدم. مثل هذه الأحداث ـ إذا صح أن نُطلق عليها هذه التسمية ـ هي أحداث عامة تحدث في الحياة اليومية؛ ولكن أحياناً يتساءل المرء لِمَ أصبح الآن مشجعو كرة القدم أكثر عنفاً عما كانوا عليه في الماضي؟ ولِمَ يجد بعض الأزواج أن الحياة الزوجية أصبحت لا تُطاق؟ فعندما نسأل أنفسنا مثل هذه الأسئلة، فإننا نسأل سؤالاً "اجتماعياً"، بمعنى أننا معنيون أو مهتمون بالطريقة التي يسلك بها الأفراد في المجتمع، وتأثير ذلك السلوك على أنفسهم وعلى المجتمع. ومعنى ذلك، أن مفهوم "الاجتماعي" هو المفهوم الأساسي في علم الاجتماع؛ لأن الفرد لا يملك إلاّ أن يكون كائناً اجتماعياً يعيش في وسط اجتماعي وعلى اتصال مستمر ببقية أفراد المجتمع، بحيث يندمج في محيطهم ويتفاعل معهم بصورة إيجابية. وهذا يؤكد أنه من دون وجود تفاعل إنساني مستمر، لا يمكن أن يُطلق علينا صفة "اجتماعية".
ويُعَد "أوجست كونت" الذي صك هذا المصطلح عام 1830 وربط فيه بين الكلمة اللاتينية Socius، وتعني شعباً أو قبيلة أو مدينة متحالفة مع روما (وأصبحت تعني فيما بعد كلمة المجتمع Society)، والكلمة اليونانية Logos، وتعني العقل أو المعرفة. وسرعان ما انتشر هذا المصطلح بشكل واسع، وأصبح يُستخدم فعلياً في جميع اللغات للدلالة على كل دراسة علمية واعية ودقيقة نسبياً للمجتمع.
أما موضوع علم الاجتماع، فهو من المسائل التي تناولها جدل ساخن ومستمر خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. وقد انحصر نطاقه في دراسة موضوعَين رئيسيَين، هما: الحقائق الاجتماعية، والعمليات الاجتماعية. وعلى الرغم من أن هذين الموضوعين محوران أساسيان في علم الاجتماع دون غيره، إلا أن الجدل لا يزال ساخناً. فقد ذهب "هربرت سبنسر" –مثلاً- إلى أن علم الاجتماع هو العلم الذي يصف ويفسر نشأة وتطور النظم الاجتماعية والضبط الاجتماعي والعلاقات بين النظم الاجتماعية؛ وأن عليه أن يقارن بين المجتمعات البشرية، على اختلاف أنواعها وأشكالها، أو بين المجتمعات على اختلاف نشأتها وتطورها، وأن يهتم بدراسة عمليتي البناء والوظيفة الاجتماعية.
ولكن "جورج زيمل" يرى ضرورة التفرقة بين ما هو اجتماعي Social، والعلم الاجتماعي Sociological؛ فالمجال الاجتماعي يتضمن ما يدور بين الناس، أما العلم الاجتماعي فهو المجال الذي يتناوله الدارس الاجتماعي، لتحديد وتحليل الجوانب المهمة له.
وهذا ينقلنا إلى موضوع آخر يهتم به علم الاجتماع، وهو الحقائق العلمية Scientific Facts. فالحقائق تستدعي بالدرجة الأولى إثباتها؛ لأنها معلومات مؤكدة لحالة ما. ويمكن أن يُتفق عليها إذا كان علم الاجتماع يتوصل إلى الحقائق العلمية بالبحث العلمي المنظم، وإذا كانت وجهات النظر أو الآراء تتكون دون الرجوع إلى الحقيقة؛ فإن الاجتماعيين يقبلون الآراء ووجهات النظر، التي تستند إلى حقائق علمية. إن علم الاجتماع هو الدراسة العلمية لمظاهر أو جوانب الحياة الاجتماعية للفرد، فهو كم من المعرفة تكوّن خلال تراكم استخدام المنهج العلمي في دراسة أبنية ومكونات الحياة الاجتماعية.
يدرس علماء الاجتماع سلوك الأفراد في مضمونه الجمعي، فلا يوجد إنسان منعزل بذاته؛ ولكنه وغيره من الأفراد يتعاملون معاً في حدود الجماعات الاجتماعية. فكل إنسان يولد داخل جماعة ويمضي بقية حياته في علاقات اجتماعية منمطة. فكل عملية يقوم بها الفرد، كاختيار شريك للحياة أو شراء ملابس جديدة، ترتبط كثيراً بتوقعات الآخرين منه. فردود أفعالنا ومظاهر سلوكنا ما هي إلا نتيجة لتوقعات أفراد المجتمع الآخرين منا، من جهة، ونتيجة للتفاعل الاجتماعي بيننا وبينهم، من جهة أخرى. ويتوقع كل فرد منا سلوكاً معيناً من أقاربه وأصدقائه، وحتى من أولئك الأفراد الذين نلتقي بهم عبر الشارع؛ كذلك، فإن أولئك الأفراد يتوقعون منا سلوكاً معيناً في كل موقف. إذن يمكن أن نطلق على حياة الجماعة أنها "نمطية". فإذا حاول الإنسان فهم وتفسير أفعال الآخرين، فإنه يحتاج إلى وقت طويل لدراسة الأشكال التي تنظم بها الجماعات وظائفها وطرق تأديتها. وهذا النوع من دراسة الحياة الاجتماعية هو محور اهتمام علم الاجتماع. لذا، حدد كل من "كامبل يونج" و"ريموند ماك"، علم الاجتماع بأنه الدراسة العلمية للمظاهر الاجتماعية للحياة الإنسانية والمعرفة البشرية المرتبطة بها، من خلال عملية التفاعل الاجتماعي (ويعني بذلك المثير والاستجابة المتعاقبة أو المتبادلة بين اثنين أو أكثر من الناس)، ومن ثَم، يهتم علم الاجتماع بالإنسان والسياق الاجتماعي والجماعة الإنسانية.
أما "بيتريم سروكين"، فيرى أن علم الاجتماع هو ذلك المفهوم الذي يشير إلى جميع المعلومات الخاصة بالتشابه بين مختلف الجماعات الإنسانية، وأنماط التفاعل المشترك بين مختلف جوانب الحياة الاجتماعية الإنسانية؛ لذلك عرّفه بأنه العلم الذي يدرس الثقافة الاجتماعية، كما عرّفه بأنه دراسة الخصائص العامة المشتركة بين جميع أنواع المظاهر الاجتماعية والعلاقات بين هذه الأنواع، وكذلك العلاقات بين الظواهر الاجتماعية وغير الاجتماعية. أما "رايت ميلز"، فيرى أن علم الاجتماع هو العلم الذي يدرس البناء الاجتماعي للمجتمع والعلاقات المتبادلة بين أجزائه، وما يطرأ على ذلك من تغير. أما "جورج ليندبرج"، فيرى أن علم الاجتماع هو علم المجتمع؛ بينما يرى "ماكيفر" أنه العلم الذي يدرس العلاقات الاجتماعية.
يتضح مما سبق مدى تعدد وتباين تعريفات علم الاجتماع، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية هذا العلم واتساع معارفه ومجالاته المتنوعة. كما يُلاحظ، أيضاً، على هذه التعريفات أنها أحياناً توسّع نطاق هذا العلم حتى تجعله يشمل نطاق المجتمع كله، الأمر الذي يوضح صعوبة الاتفاق حول تعريف محدد ومتفق عليه بين المشتغلين بهذا العلم.
ومن أهم القضايا التي يدو حولها هذا العلم:
1. العلاقات الاجتماعية المتبادلة بين الناس، من خلال عمليات التفاعل الاجتماعي، من أجل معرفة مظاهر التماثل والاختلاف.
2. المجتمع وظواهره وبناؤه ووظيفته.
3. مكونات الأبنية الاجتماعية المختلفة، مثل الجماعات العامة.
4. المقارنة بين الظواهر والحقائق الاجتماعية المختلفة.
وأخيراً يتسم علم الاجتماع بخصائص أساسية:
أ. علم الاجتماع علم تجريبي يقوم على الملاحظة وإعمال الفكر في الظواهر الاجتماعية، لا على البحث في مسائل ميتافيزيقية (علم ما بعد الطبيعة). كما أن نتائجه ليست تأملية بل تفسر العلاقات بين موضوعات البحث الاجتماعي تفسيراً علمياً.
ب. علم الاجتماع علم تراكمي، بمعنى أن النظريات الاجتماعية الجديدة تستند على نظريات أخرى سابقة عليها.
ج. علم الاجتماع ليس علماً أخلاقياً، بمعنى أن عالم الاجتماع لا يسأل عما إذا كانت الأفعال الاجتماعية خيراً أم شراً، ولا يصدر أحكاماً أخلاقية؛ ولكنه ينشد تفسيرها.
التنشئة الاجتماعية
• تعريف
التنشئة الاجتماعية هي سيرورة مستمرة ومتغيرة على امتداد الحياة، بحيث إنها تهدف إلى الاندماج الاجتماعي النسبي والمتروالي من لدن الفرد، وباعتبارها ،من جهة أخرى، بمثابة وسيلة لاكتساب الشخصية من خلا استيعاب طرائق الحركة والفعل اللازمة( معايير وقيم وتمثلا ت اجتماعية…) من أجل تحقيق درجة من التوافق النسبي عبر سياق الحياة الشخصية والاجتماعية للفرد داخل تلك الحياة المتغيرة باستمرار.(المصطفى حدية،التنشئة الاجتماعية بالوسط الحضري بالمغرب،ترجمة محمد بن الشيخ،مطبعة Rabat Maroc net ،2017،ص124)
ونهدف التنشئة الاجتماعية إلى إكساب الأفراد في مختلف مراحل نموهم(طفولة،مراهقة، رشد، شيخوخة) أساليب سلوكية معينة،تتفق مع معايير الجماعة وقيم المجتمع،حتى يتحقق لهؤلاء التفاعل والتوافق في الحياة الاجتماعية في المجتمع الذي يعيشون فيه.وعملية التنشئة الاجتماعية تتم من خلال عمليات التفاعل الاجتماعية، فيتحول الفرد من كائن بيولولوجي إلى كائن اجتماعي،مكتسبا الكثير من الاتجاهات النفسية والاجتماعية عن طريق التعلم والتقليد،مما يطبع سلوكه بالطابع الاجتماعي.
ويقوم المجتمع من خلال عملية التنشئة الاجتماعية بدور هام في تشجيع وتقوية بعض الأنماط السلوكية المرغوب فيها والتي تتوافق مع قيم المجتمع وحضارته…في حين يقاوم ويحبط أنماط أخرى من السلوك غير المرغوب فيها…(د.خليل ميخائيل عوض،علم النفس الاجتماعي،دار النشر المغربية،1982،ص101-103)
وغالبا مايتم الخلط بين التنشئة الاجتماعية(socialisation) والتطبيع(conformisation) والإخضاع(soumission) والتثاقف(acculturation)،وعليه لرفع اللبس عن تداخل مفهوم التنشئة الاجتماعية مع المفاهيم المشار إليها،من خلال تدقيق تعريف التنشئة الاجتماعية حسب المقاربات السوسيولوجة والنفسية والثقافية التالية:
– المقاربة السوسيولوجية:عرف هذا المفهوم(التنشئة الاجتماعية) عدة مقاربات متفاوتة خلال التطور التاريخي للمجتمعات الغربية،وخصوصا الأوربية؛في مرحلة الستينيات،مرحلة النمو،حيث كانت التطورية تحتل مكانة متميزة، منخلال التركيز على الفرضية الفيبيرية(نسبة لعالم الاجتماعweber)،التي تقول إن النمو السياسي والاجتماعي والاقتصادي مرتبط بالتنشئة الاجتماعية،أي،بالقيم والتمثلات المستبطنة من طرف الفرد.وكانت أغلب الدراسات ذات النزعة الاجتماعية المهتمة بالتنشئة الاجتماعية، تعتمد المقاربة المقارنة؛كما ظهرت بعض التخصصات في هذا المجال كالتنشئة السياسية التي كانت الموضوع المفضل للدراسات والبحوث.
وفي سنوات السبعينيات،كان اهتمام البحوث منصبا حول منظور جديد يعتبر عملية التنشئة الاجتماعية"كمفتاح" للمحافظة والصيانة والاستمرارية،من خلال أجيال الطبقات المتعاقبة،وبصفة خاصة من خلال الفوارق الاجتماعية.ولذلك انصبت المقارنات والدراسات حول الجماعات الاجتماعية(الطبقات الاجتماعية،الأنماط السوسيو مهنية، الجنس…).
بعد ذلك،في الأعمال الجديدة حول التنشئة الاجتماعية،كان هناك توجها لتقطيع مجالات تحليلها إلى عدة مجموعات صغرى(sous-groupe) مثل الأسرة،المدرسة، السكن،فضاء اللعب…حيث تم دراسة تأثيرات التنشئة الاجتماعية حسب خصوصيات الأمكنة أو الأمكنة المؤسساتية،ومن خلال مصطلحات الإدماج والتثاقف،وترسيخ التمثلات الذهنية والضوابط والمعايير الاجتماعية.
– المقاربة النفسية: التنشئة هي عملية تعلم الحياة الاجتماعية،أي هي الوسيلة التي بواسطتها يكتسب الفرد المعايير والمعارف ونماذج السلوك والقيم التي تجعل منه فاعلا في مجتمع محدد.كما تعمل التنشئة على إدماج النطام الاجتماعي من طرف الفرد وجعله كجزء من شخصيته والتعبير عن هويته.
المقاربة الثقافية:يذهب التيار الثقافي إلى ان بنية الشخصية تخضع للثقافة التي تميز مجتمعا بأكمله.والثقافة تعني بصفة خاصة نسق/منظومة قيم المجتمع.فالبنسبة لكاردينر(Kardiner)،كل نسق سوسيو- ثقافيتقابله شخصية قاعدية ما(personnalité de base).وعموما،بالنسبة للثقافيين،التنشئة الاجتماعية هي العملية التي بواسطتها ينقل كل مجتمع قيمه للأجيال اللاحقة، ويفترضون ان القيم وباقي عناصر النسق الثقافي تستدمج من طرف الفرد،وتشكل نوعا من البرمجة التي تضبط بطريقة ميكانيكية سلوكه.(Haddiya El moustafa,socialisation et identité,éd1988,impr.Najah eljadida)
• أهداف التنشئة الاجتماعية: تهدف إلى غرس عوامل ضبط داخلية للسلوك،توفير الجو الاجتماعي الملائم،تحقيق النضج النفسي، تعليم الفرد المعارف والمهارات والقيم التي تمكنه من الاندماج في المجتمع.
• آليات التنشئة الاجتماعية:التقليد،الملاحظة،التوحد(وهو تقليد لاشعوري للنموذج المقلد)،الضبط،الثواب والعقاب…(سامي الأخرص، مجلة العلوم الاجتماعية،)
• خصائص التنشئة الاجتماعية:
– التنشئة الاجتماعية هي عملية نمو: حيث تنمو بنمو الطفل، من كائن بيولوجي يتحكم في سلوكه وحاجياته الفسيولوجية،إلى فرد ناجح متحرر إلى حد ما من دوافعه،فيصبح متحكما في انفعالاته ونزواته،محاولا التوفيق بينها وبين مطالب البيئة الاجتماعية.
– هي عملية دينامية:لأنها حركة وتفاعل مستمران؛تفاعل بين الأفراد،وبين الأفراد والآخرينوالجماعات التي يتعامل معها الأفراد.وهي عملية مستمرة،فهي سلسلة متصلة ومتتابعة من التغيرات تنطلق من الطفولة وتستمر إلى المراحل الأخرى.
– هي عملية تعلم اجتماعي: حيت تتيح للفرد فرصة التفاعل الاجتماعي مع الآخرين من خلال مواقف وادوار متعددة،فيكتسب الكثير من الخبرات والاتجاهات النفسية. ومعه يرى نيوكومب(Newcomb,1959) أن مصطلح التنشئة الاجتماعية يمكن أن يكون مرادفا للتعلم الاجتماعي.
كما أن هناك بعض المعطيات التي تؤثر سلبا(معوقات) في التنشئة الاجتماعية ومنها:الصراع بين مكونات الجهاز النفسي للفرد،تجريد الفرد من ادواره الاجتماعية، الانعزالية والانطوائية، الطرق التربوية الخاطئة، عدم الاستقرار والتوازن العائلي، المرض والحوادث،الانفعالات الحادة،المناخ والطقس…
• أشكال التعلم المؤثرة في التنشئة الاجتماعية:
ومنها،التعلم المؤثر:حيث النمط السلوكي المتعلم يكون متبوعا بتدعيم،ليكون موافقا للمعايير والقيم المرغوب فيها؛ التعلم المباشر: وهو عبارة عن توجيه مخطط ومقصود للسلوك وممارسة التدعيم؛التعلم العرضي: وهو نتيجة لتعلم و تدعيم غير مباشرين و مقصودين؛ آثار العقاب: استعمال العنف لتلافي أنماط السلوك غير المرغوب فيها؛ التعلم من النماذج: وهو عبارة عن تقليد ومحاكاة لأنماط ونماذج سلوكية معينة؛ التقمص:وهو تقليد لأنماط سلوكية وأدوار اجتماعية معينة .
• العوامل والمؤسسات المؤثرة في التنشئة الاجتماعية:
– الثقافة: تتأثر التنشئة الاجتماعية للفرد بالثقافة العامة للمجتمع.والثقافة هي التراث العام الذي ينحدر إلينا من أجيال سابقة ومتعاقبة،وتشمل المعتقدات والتقاليد والعرف،والقواعد الأخلاقية والدينية،والقوانين والفنون والعلوم والمعارف،والتكنولوجيا،وسلوكات ومشاعر الأفراد والجماعاتوعلائقهم وتمثلاتهم…
-الأسرة: هي أهم وأقوى الجماعات الأولية وأكثرها تأثيرا في تنشئة الطفل،وفي سلوكه الاجتماعي،وبناء شخصيته.فالأسرة هي التي تهذب الطفل وتجعل سلوكه مقبولا اجتماعيا،وهي التي تغرس في نفس الطفل القيم والاتجاهات التي يرتضيها المجتمع ويتقبلها. وهناك متغيرات أسرية تؤثر في التنشئة الاجتماعية للطفل كنوع العلاقة بين الوالدين،اتجاهات الوالدين نحو الطفل ،العلاقة بين الإخوة،المكانة الاجتماعية والطبقية للأسرة،المستوى التعليمي والثقافي للأسرة…
– جماعة الأقران:تأثير الأطفال بعضهم على بعض له مميزاته وفوائده في تشكيل حياتهم الاجتماعي،واكتسابهم الكثير من الخبرات،و في إشباع حجاتهم النفسية،مما يساعدهم على النمو الاجتماعي.
-وسائل الإعلام: إذ تؤثر في التنشئة الاجتماعية من خلال الرسائل السمعية أو البصرية او المكتوبة،حيث بواسطة المعلومات والأخبار والأفكار والاتجاهات وغيرها،تعكس جوانب متعددة من ثقافة المجتمع واتجاهاته وعلاقاته الاجتماعية،فتعمل،بالتالي، على تنشئة الفرد على معايير واتجاهات اجتماعية معينة.
– المدرسة: المدرسة هي مؤسسة إحدى أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية المتخصصة، حيث تعمل على تلقين العلم والمعرفة ونقل الثقافة من جيل إلى جيل.وهي تسعى إلى تحقيق نمو التلميذ جسميا وعقليا ووجدانيا واجتماعيا، وتربيته على بعض القيم والمعايير والاتجاهات الاجتماعية،و إعداد ه بشكل يؤهله ليندمج إيجابا في مجتمعه .
ومن بين الأساليب التربوية والنفسية والاجتماعية المساعدة على التنشئة الاجتماعية الإيجابية للمتعلم نذكر:سيادة جو الطمأنينة والشعور بالنجاح،وتحقيق إشباع العطف والتقدير داخل المدرسة؛التوجيه والإرشاد والعطف المصحوب بالحزم،وإشاعة جو الحرية والديمقراطية والتفهم؛ تعليم الاطفال الحياة الاجتماعية داخل المدرسة من خلالا حرية التعليم والتدبير الذاتي لجماعة التلاميذ،وتكوين الاندية والجمعيات،تعلم احترام القوانين والحق والواجب والمسؤولية…انفتاح المدرسة عبى محيطها الاجتماعي؛توفير الإمكانيات والوسائل التربوية والمادية والتجهيزية للمدرسة(ملاعب،مكتبات،أندية،وسائل ديداكتيكية…)؛إشباع كل حاجيات المتعلم النفسية والاجتماعية والمعرفية…(د.خليل ميخائيل معوض،علم النفس الاجتماعي، 1982-بتصرف-).
عفوووووووووا حبيبتي
مشكورة على الموضوع أختي .. و أنا أبا أستوي أخصائية اجتماعية بس أحس الوظيفة مب مضمونه .. و الله يوفقنا ..
مشكوووووووووره