الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد..
فقد أوصى الشرع بالنساء، وحث على حفظهن ورعايتهن بالمعروف، والتعامل معهن بالإحسان والرفق، وما استخدم الرفق في شيء إلا زانه..
قال الله تعالى في محكم التنزيل: (وعاشِرُوهُنَّ بالمعروفِ) [النساء:19].
وفي الحديثِ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فإذا شهد أمرًا فليتكلم بخيرٍ أو ليسكت، واستوصوا بالنساءِ، فإنَّ المرأةَ خُلِقَت مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أَعوجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعلاهُ، إن ذهبتَ تُقِيمُه كَسَرتَهُ، وإن تركتَه: لم يزل أعوج، استوصوا بالنساءِ خيرًا».
وفي خطبة حجة الوداع قال عليه الصلاة والسلام: «اتَّقوا اللهَ في النساءِ، فإنكم أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانةِ الله، واستحللتم فُرُوجَهُنَّ بكلمةِ الله، وإنَّ لكم عليهنَّ أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُم أحدًا تكرهونَه، فإن فعلنَ؛ فاضربُوهنَّ ضربًا غيرَ مُبرحٍ، ولهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف».
وعن أنسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان في سفرٍ، وكان له حادٍ يُقال له: أَنْجَشة، وكانت أُمُّ أنسٍ معهم، فقال: «يا أنجشةُ، رويدك بالقوارير» أي: بالنساء.
وقد استعير اسمُ القارورةِ للمرأة؛ لضعف بنائِها، ورِقَّتِها، ولطافتِها.
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «اللَّهم إنِّي أُحَرِّجُ حقَّ الضَّعيفين: اليتيم والمرأة».
وعن سَمُرةَ بنِ جُندبٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ المرأةَ خُلِقَت من ضلع؛ فإن أَقَمْتَها كسرتَها؛ فدارها تَعِشْ بها».
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكملُ المؤمنين إيمانًا: أحسنُهم خُلُقًا، وخيارُكم خيارُهم لنسائهم»، وفي لفظ: «وألطفهم بأهله».
وعن بَهْزِ بن حكيم، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسولَ الله، نساؤنا ما نأتي منها وما ندع؟ قال: «حرثك أنى شئت، غير أن لا تُقبِّح الوجهَ، ولا تضرب، وأطعمها إذا طعمت، وأكسها إذا اكتسيت، ولا تهجرها إلَّا في بيتها، كيف وقد أفضى بعضُكم إلى بعضٍ، إلَّا بما حلَّ عليها».
وقبل وفاتِه صلى الله عليه وسلم أوصى بالرِّفق بالنساءِ، فقال: «أيها الناس، اتَّقوا اللهَ في النساء، اتَّقوا اللهَ في النساء، أوصيكم بالنساءِ خيرًا».
فهذه وصيته صلى الله عليه وسلم بالنساء، فيها حضٌّ على الإحسانِ بهنَّ، والرفق بهنَّ، لما في النساء مِنَ الضعفِ، ولما خلق اللهُ فيهنَّ من صفةِ العطف والحنان، والرِّقَّة والخفَّة..
وإذا كان الأمر كذلك، فلا بد لنا من أن نُحسِنَ في تعاملنا مع زوجاتنا، ومع بناتنا، ومع أخواتنا..
وليكن هديُنا موافقًا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهو القائل: «خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي».
وقد حُبِّب للنبي صلى الله عليه وسلم من هذه الدنيا: الطيب والنساء، كما ورد في الحديث الصحيح.
أما هديه في تعامله مع زوجاته فقد كان صلى الله عليه وسلم رحيمًا بنسائِه، يساعدهنَّ في أعمال بيته، لا يخالفهنَّ فيما يُرِدْنَهُ من أمورِ الدنيا.. ليَّن الجانب، سليم الصدر، يصبر عليهنَّ، وإن وقع منهنَّ ما يُغضبه.. فكم وقع بين نسائه صلى الله عليه وسلم من الغيرةِ، فما كان منه: إلا التوجيه والنصح..
كثير منا لا يحسن تعامله مع زوجته، مع ابنته، مع أخته..
كثير من الناس مَن ظلمَ زوجتَه، وظلم ابنتَه، وظلم أُختَه..
كثير من الناس مَن لا يُراعي حقَّ الله في النساءِ..
كثيرٌ من الناس مَن يظنُّ أنَّ النساءَ قاصرات ممتهنات، لا حقوق لهن، مثلهنَّ كمثلِ العبيدِ، وحالهنَّ كحالِ الخادم..
فأين وصاية الله ورسوله بالنساء..؟!
وأين حالُك أيها الأخ المؤمن من حال الأنبياء والصالحين..؟!
وأين أنت من ظلمك هذا..؟!
وأين أنت من تقصيرك هذا.. أتحبُّ أن تلقى اللهَ عز وجل وأنت ظالم لنفسك، ظالم لزوجك، ظالم لأختك.. ظالم لابنتك..؟!
أين أنت أيها الأب، ويا أيها الأخ من يومٍ يقوم فيه الناسُ لربِّ العالمين..؟!
أين أنت من يوم يُقتص فيه من الظالم، من يوم تُؤدَّى فيه الحقوق لأهلها..؟!
كيف أنت وأنت واقف أمام زوجتك التي ظلمتها، وضربتها، وآذيتها..؟!
وكيف أنت وأنت واقف أمام ابنتك التي ظلمتها فعضلتها وحرمتها..؟!
وكيف هي حالك، وأنت واقف أمام أختك التي أخذت ميراثها، وأكلت حقها..؟!
يومها تقول.. يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيًّا..
ولقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اتَّقوا الظلمَ؛ فإنَّ الظلمَ ظلماتٌ عند الله يومَ القيامة»، وفي الحديث الآخر: «يا عبادي إنِّي حرَّمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّمًا؛ فلا تظالموا».
وقال تعالى: (واللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمينَ) [آل عمران:57].
وقال تعالى: (لَا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَولِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) [النساء:148].
فإياك أخي المسلم أن تظلم زوجتك، أو أن تظلم أختك، أو أن تظلم ابنتك..
ولكن تعاملك مع النساء بالمعروف، وهذا لا يعني أبدًا أن تكون لين الجانب فيما يغضب الله عز وجل..
لا.. لا يعني لك هذا أن تتهاون فيما حرَّمه الله على زوجتك، أو على ابنتك، أو على أختك..
ولتكن لين الجانب فيما تدعو إليه، وفيما تأمر به.. (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران: 159].. ولتصبر عليهن، لعل الله أن يكتب الهداية لهن..
وقد خرجت علينا اليوم شبهات غربية، ودعايات مزوقة، تنادي بأن الإسلام ظلم المرأة، ولم يعطها حقَّها، وأنها مهضومة منتقصة ممتهنة.
وهذا والله ظلم، وظلم كبير، وقد أخطأ قائلوه كثيرًا، وغلطوا غلطًا كبيرًا؛ فإنَّ الإسلام هو الذي أنصفها, ورفع مكانتها, وأعلى من شأنها، فقد كانت المرأة مظلومة في الجاهلية بين العرب, وفي اليهودية, والنصرانية، وغير ذلك من سائر الأديان الباطلة, والإسلام هو الذي رفعها, وعظَّم شأنها, وأنصفها وأعطاها حقوقها, فجعلها أُمًّا كريمةً، وزوجةً كريمةً, وبنتًا مرحومةً معطوفًا عليها، يُنفق عليها، ويحسن إليها، حتى تستقلَّ بنفسها, أو تتزوَّج.
وقد أمر الإسلام بالإنفاق على الزوجة، وعلى البنت، وألزم والدها بالإنفاق عليها, وزوجها بالإنفاق عليها, وإحسان عشرتها.
وقد يشكل الأمر على البعض، فيظنُّ أنَّ قولَه -سبحانه وتعالى-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [النساء:34] يعني السيطرة عليهنَّ، والتحكمَ في شؤونهنَّ.
وهذا ليس بصحيح، فإن التفضيلَ هنا حاصل؛ لأنَّ جنسَ الرجالِ أقوى في الجملةِ على أداء الحقوق, وعلى جهاد الأعداء، وعلى رفع الظلم, وعلى الإحسان إلى الأولاد والنساء وحمايتهم من الأذى والظلم.. إلى غير هذا مما هو معروف شرعًا وفطرةً, وحسًّا: أنَّ الرجالَ أقوى وأقدر على ما ينفع المجتمع من النساء في الجملة.
ثم الرجال يُنفقون أموالهم في الزواجِ بإعطاء المهورِ, وبالإنفاقِ على الزوجاتِ, وبحمايتهنَّ مما يُؤذيهنَّ, والعطف عليهم, فالرجال لهم حقٌّ كبيرٌ من الجهتين: من جهةِ تفضيل الله لهم على النساءِ مما هو معلومٌ من كونِ الرجال أكمل وأقدر على كلِّ شيءٍ في الجملة, وأكملُ عقولًا, وأتمُّ نظرًا في العواقب والمصالح في الجملة؛ ولأنهم أنفقوا أموالهم في تحصيل الزوجاتِ من مهرٍ وغيره, ولهذا قال- سبحانه-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [النساء34], ولا يلزم من هذا أن يكون كلُّ رجلٍ أفضل من كلِّ امرأة، وإنما هذا تفضيل في الجملة.
وقد تكون المرأة أفضلَ من الرجل، وهذا أمر واقع ومعلوم، ولكن في الجملة جنس الرجال مفضل على جنس النساء, وهذا يعرف بالشرع, وبالعقل, وبالفطرة, وبمعرفة الواقع والتجارب.
وكم لله منِ امرأةٍ أفضل من رجلٍ بسبب عِلْمِها, ودينها, وبصيرتها, واستقامتها، ومن نظر في صفات الصحابيات, والتابعيات, وعلماء هذه الأمة من النساء عرفَ أنَّ هناك نساء طيبات يفضلن على كثيرٍ من الرجال.
وفي الحديث قال -عليه الصلاة والسلام-: «كان من الرجال كثير، ولم يكن من النساء إلا آسية بنت مزاحم زوجة فرعون، ومريم بنت عمران».
وجاء في فضل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم, وفضل خديجة, وعائشة رضي الله عنهن ما يدلُّ على اختصاصهنَّ بالفضلِ أيضًا، فهؤلاء الخمس هنَّ أفضل النساء: خديجة, وعائشة من أمهات المؤمنين, وفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم, ومريم بنت عمران أم المسيح عيسى عليه السلام، وآسية بنت مزاحم زوج فرعون، هؤلاء النسوةُ الخمسُ هنَّ خيرُ النساءِ، وهناك نساءٌ كثيراتٌ لهنَّ فضل, ولهنَّ علمٌ, ولهنَّ تفضيلٌ على كثير من الرجال.
وبهذا الفهم تستقيمُ الأمورُ وتتَّزن، ويكمنُ العدلُ، ويستقرُّ الفهمُ، ويعرف كلُّ واحدٍ من الزوجين ما له وما عليه من الحقوق.
هذه وصيةُ الله ورسوله بالنساء، وهذا شرعُه ومنهجُه، من سار عليه رشد، ومن تركه ضلَّ عن هديهِ وابتعد..
ألا فاستوصوا بالنساء خيرًا .. ألا فاستوصوا بالنساء خيرًا.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
فقد أوصى الشرع بالنساء، وحث على حفظهن ورعايتهن بالمعروف، والتعامل معهن بالإحسان والرفق، وما استخدم الرفق في شيء إلا زانه..
قال الله تعالى في محكم التنزيل: (وعاشِرُوهُنَّ بالمعروفِ) [النساء:19].
وفي الحديثِ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فإذا شهد أمرًا فليتكلم بخيرٍ أو ليسكت، واستوصوا بالنساءِ، فإنَّ المرأةَ خُلِقَت مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أَعوجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعلاهُ، إن ذهبتَ تُقِيمُه كَسَرتَهُ، وإن تركتَه: لم يزل أعوج، استوصوا بالنساءِ خيرًا».
وفي خطبة حجة الوداع قال عليه الصلاة والسلام: «اتَّقوا اللهَ في النساءِ، فإنكم أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانةِ الله، واستحللتم فُرُوجَهُنَّ بكلمةِ الله، وإنَّ لكم عليهنَّ أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُم أحدًا تكرهونَه، فإن فعلنَ؛ فاضربُوهنَّ ضربًا غيرَ مُبرحٍ، ولهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف».
وعن أنسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان في سفرٍ، وكان له حادٍ يُقال له: أَنْجَشة، وكانت أُمُّ أنسٍ معهم، فقال: «يا أنجشةُ، رويدك بالقوارير» أي: بالنساء.
وقد استعير اسمُ القارورةِ للمرأة؛ لضعف بنائِها، ورِقَّتِها، ولطافتِها.
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «اللَّهم إنِّي أُحَرِّجُ حقَّ الضَّعيفين: اليتيم والمرأة».
وعن سَمُرةَ بنِ جُندبٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ المرأةَ خُلِقَت من ضلع؛ فإن أَقَمْتَها كسرتَها؛ فدارها تَعِشْ بها».
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكملُ المؤمنين إيمانًا: أحسنُهم خُلُقًا، وخيارُكم خيارُهم لنسائهم»، وفي لفظ: «وألطفهم بأهله».
وعن بَهْزِ بن حكيم، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسولَ الله، نساؤنا ما نأتي منها وما ندع؟ قال: «حرثك أنى شئت، غير أن لا تُقبِّح الوجهَ، ولا تضرب، وأطعمها إذا طعمت، وأكسها إذا اكتسيت، ولا تهجرها إلَّا في بيتها، كيف وقد أفضى بعضُكم إلى بعضٍ، إلَّا بما حلَّ عليها».
وقبل وفاتِه صلى الله عليه وسلم أوصى بالرِّفق بالنساءِ، فقال: «أيها الناس، اتَّقوا اللهَ في النساء، اتَّقوا اللهَ في النساء، أوصيكم بالنساءِ خيرًا».
فهذه وصيته صلى الله عليه وسلم بالنساء، فيها حضٌّ على الإحسانِ بهنَّ، والرفق بهنَّ، لما في النساء مِنَ الضعفِ، ولما خلق اللهُ فيهنَّ من صفةِ العطف والحنان، والرِّقَّة والخفَّة..
وإذا كان الأمر كذلك، فلا بد لنا من أن نُحسِنَ في تعاملنا مع زوجاتنا، ومع بناتنا، ومع أخواتنا..
وليكن هديُنا موافقًا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهو القائل: «خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي».
وقد حُبِّب للنبي صلى الله عليه وسلم من هذه الدنيا: الطيب والنساء، كما ورد في الحديث الصحيح.
أما هديه في تعامله مع زوجاته فقد كان صلى الله عليه وسلم رحيمًا بنسائِه، يساعدهنَّ في أعمال بيته، لا يخالفهنَّ فيما يُرِدْنَهُ من أمورِ الدنيا.. ليَّن الجانب، سليم الصدر، يصبر عليهنَّ، وإن وقع منهنَّ ما يُغضبه.. فكم وقع بين نسائه صلى الله عليه وسلم من الغيرةِ، فما كان منه: إلا التوجيه والنصح..
كثير منا لا يحسن تعامله مع زوجته، مع ابنته، مع أخته..
كثير من الناس مَن ظلمَ زوجتَه، وظلم ابنتَه، وظلم أُختَه..
كثير من الناس مَن لا يُراعي حقَّ الله في النساءِ..
كثيرٌ من الناس مَن يظنُّ أنَّ النساءَ قاصرات ممتهنات، لا حقوق لهن، مثلهنَّ كمثلِ العبيدِ، وحالهنَّ كحالِ الخادم..
فأين وصاية الله ورسوله بالنساء..؟!
وأين حالُك أيها الأخ المؤمن من حال الأنبياء والصالحين..؟!
وأين أنت من ظلمك هذا..؟!
وأين أنت من تقصيرك هذا.. أتحبُّ أن تلقى اللهَ عز وجل وأنت ظالم لنفسك، ظالم لزوجك، ظالم لأختك.. ظالم لابنتك..؟!
أين أنت أيها الأب، ويا أيها الأخ من يومٍ يقوم فيه الناسُ لربِّ العالمين..؟!
أين أنت من يوم يُقتص فيه من الظالم، من يوم تُؤدَّى فيه الحقوق لأهلها..؟!
كيف أنت وأنت واقف أمام زوجتك التي ظلمتها، وضربتها، وآذيتها..؟!
وكيف أنت وأنت واقف أمام ابنتك التي ظلمتها فعضلتها وحرمتها..؟!
وكيف هي حالك، وأنت واقف أمام أختك التي أخذت ميراثها، وأكلت حقها..؟!
يومها تقول.. يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيًّا..
ولقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اتَّقوا الظلمَ؛ فإنَّ الظلمَ ظلماتٌ عند الله يومَ القيامة»، وفي الحديث الآخر: «يا عبادي إنِّي حرَّمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّمًا؛ فلا تظالموا».
وقال تعالى: (واللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمينَ) [آل عمران:57].
وقال تعالى: (لَا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَولِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) [النساء:148].
فإياك أخي المسلم أن تظلم زوجتك، أو أن تظلم أختك، أو أن تظلم ابنتك..
ولكن تعاملك مع النساء بالمعروف، وهذا لا يعني أبدًا أن تكون لين الجانب فيما يغضب الله عز وجل..
لا.. لا يعني لك هذا أن تتهاون فيما حرَّمه الله على زوجتك، أو على ابنتك، أو على أختك..
ولتكن لين الجانب فيما تدعو إليه، وفيما تأمر به.. (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران: 159].. ولتصبر عليهن، لعل الله أن يكتب الهداية لهن..
وقد خرجت علينا اليوم شبهات غربية، ودعايات مزوقة، تنادي بأن الإسلام ظلم المرأة، ولم يعطها حقَّها، وأنها مهضومة منتقصة ممتهنة.
وهذا والله ظلم، وظلم كبير، وقد أخطأ قائلوه كثيرًا، وغلطوا غلطًا كبيرًا؛ فإنَّ الإسلام هو الذي أنصفها, ورفع مكانتها, وأعلى من شأنها، فقد كانت المرأة مظلومة في الجاهلية بين العرب, وفي اليهودية, والنصرانية، وغير ذلك من سائر الأديان الباطلة, والإسلام هو الذي رفعها, وعظَّم شأنها, وأنصفها وأعطاها حقوقها, فجعلها أُمًّا كريمةً، وزوجةً كريمةً, وبنتًا مرحومةً معطوفًا عليها، يُنفق عليها، ويحسن إليها، حتى تستقلَّ بنفسها, أو تتزوَّج.
وقد أمر الإسلام بالإنفاق على الزوجة، وعلى البنت، وألزم والدها بالإنفاق عليها, وزوجها بالإنفاق عليها, وإحسان عشرتها.
وقد يشكل الأمر على البعض، فيظنُّ أنَّ قولَه -سبحانه وتعالى-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [النساء:34] يعني السيطرة عليهنَّ، والتحكمَ في شؤونهنَّ.
وهذا ليس بصحيح، فإن التفضيلَ هنا حاصل؛ لأنَّ جنسَ الرجالِ أقوى في الجملةِ على أداء الحقوق, وعلى جهاد الأعداء، وعلى رفع الظلم, وعلى الإحسان إلى الأولاد والنساء وحمايتهم من الأذى والظلم.. إلى غير هذا مما هو معروف شرعًا وفطرةً, وحسًّا: أنَّ الرجالَ أقوى وأقدر على ما ينفع المجتمع من النساء في الجملة.
ثم الرجال يُنفقون أموالهم في الزواجِ بإعطاء المهورِ, وبالإنفاقِ على الزوجاتِ, وبحمايتهنَّ مما يُؤذيهنَّ, والعطف عليهم, فالرجال لهم حقٌّ كبيرٌ من الجهتين: من جهةِ تفضيل الله لهم على النساءِ مما هو معلومٌ من كونِ الرجال أكمل وأقدر على كلِّ شيءٍ في الجملة, وأكملُ عقولًا, وأتمُّ نظرًا في العواقب والمصالح في الجملة؛ ولأنهم أنفقوا أموالهم في تحصيل الزوجاتِ من مهرٍ وغيره, ولهذا قال- سبحانه-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [النساء34], ولا يلزم من هذا أن يكون كلُّ رجلٍ أفضل من كلِّ امرأة، وإنما هذا تفضيل في الجملة.
وقد تكون المرأة أفضلَ من الرجل، وهذا أمر واقع ومعلوم، ولكن في الجملة جنس الرجال مفضل على جنس النساء, وهذا يعرف بالشرع, وبالعقل, وبالفطرة, وبمعرفة الواقع والتجارب.
وكم لله منِ امرأةٍ أفضل من رجلٍ بسبب عِلْمِها, ودينها, وبصيرتها, واستقامتها، ومن نظر في صفات الصحابيات, والتابعيات, وعلماء هذه الأمة من النساء عرفَ أنَّ هناك نساء طيبات يفضلن على كثيرٍ من الرجال.
وفي الحديث قال -عليه الصلاة والسلام-: «كان من الرجال كثير، ولم يكن من النساء إلا آسية بنت مزاحم زوجة فرعون، ومريم بنت عمران».
وجاء في فضل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم, وفضل خديجة, وعائشة رضي الله عنهن ما يدلُّ على اختصاصهنَّ بالفضلِ أيضًا، فهؤلاء الخمس هنَّ أفضل النساء: خديجة, وعائشة من أمهات المؤمنين, وفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم, ومريم بنت عمران أم المسيح عيسى عليه السلام، وآسية بنت مزاحم زوج فرعون، هؤلاء النسوةُ الخمسُ هنَّ خيرُ النساءِ، وهناك نساءٌ كثيراتٌ لهنَّ فضل, ولهنَّ علمٌ, ولهنَّ تفضيلٌ على كثير من الرجال.
وبهذا الفهم تستقيمُ الأمورُ وتتَّزن، ويكمنُ العدلُ، ويستقرُّ الفهمُ، ويعرف كلُّ واحدٍ من الزوجين ما له وما عليه من الحقوق.
هذه وصيةُ الله ورسوله بالنساء، وهذا شرعُه ومنهجُه، من سار عليه رشد، ومن تركه ضلَّ عن هديهِ وابتعد..
ألا فاستوصوا بالنساء خيرًا .. ألا فاستوصوا بالنساء خيرًا.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.