الزوج بين الحياة الكريمة ورعاية الأسرة
أمل صبري
الحياة الكريمة غاية يسعى إلى تحقيقها الكثير من الأزواج لأفراد أسرهم وهي تحمل في ظاهرها الرحمة وفي باطنها معاناة عظيمة للأسرة.
من أجلها يرهق رب الأسرة سعيا وراء تحقيق هذه الحياة الكريمة.. ومن أجلها يعاني أفراد الأسرة جميعا جراء فقدانهم لقائدهم وربان سفينتهم الزوج والأب في أغلب أوقات حياتهم وفي أثناء ذلك الصراع المحموم من أجل الحياة الكريمة أحيانا تسقط من الزوج بعض الواجبات بدون قصد ولكنها ناتجة عن تزاحم الواجبات.
فيخرج الزوج من بيته إلى عمل و ربما اثنين ليعود إلى بيته منهكا لا يستطيع الحديث أو حتى الاستماع لأحد.
ومع الوقت يتحول البيت عنده إلى مجرد مكان للمبيت أو إن شئت أن تقول فندق كما يقولون وتبدأ الزوجة في الشكوى من فقدان الزوج و رفيق الحياة و…. فهى نعم تريد الحياة الكريمة والشعور بالأمان من تقلبات الأيام ولكنها أيضا تريد و بنفس الدرجة وربما أكثر الزوج والحبيب والصديق والمربي .
فليس دور الزوج في الأسرة هو فقط دور الممول لأفرادها بل هو القائد بكل ما تحمل الكلمة من معنى ولأهمية رعاية الزوج لأفراد أسرته كان عليه الموازنة بين أدواره المختلفة تجاه أسرته مثل:العائل,الزوج, الأب, المربي.
ولأن الواجبات أكثر من الأوقات لذلك يحتاج الزوج إلى وقفة مع نفسه ليحقق التوازن المطلوب بين ما عليه من أدوار ينبغي أن يؤديها، يقف مع نفسه هذه الوقفة من التأمل والتقييم لوضع أسرته الحالي و يقارنه بما يتمنى ليحدد الخلل بين واقع أسرته و ما يتمناه لها.
فإذا كانت النتيجة هي الرضا فليس هناك مشكلة ولكن إذا كانت هناك فجوة بين ما يريد و الواقع الذي تعيشه أسرته فلابد أن يحدد المشكلة و يضع لها برنامجا يرفع به مستوى رعايته لأفراد أسرته من أجل تكوين أسرة مترابطة ومتعاونة حتى يحققوا معا غاية الله في الكون قال تعالى" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ "(الذاريات: 56).
وكذلك ينبغي على الزوج أن يأخذ على عاتقه عبء متابعة نفسه لتحقيق حسن الرعاية النفسية والتربوية لأفراد أسرته قبل أن يحاسب عليها أمام الله ففي الصحيحين من حديث عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها، ثم ذكر الولاة، ثم قال: ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته }.
وليستعن بالله رعاية الزوجة لابد أن يعرف الزوج أن احتياجات الزوجة النفسية بسيطة جدا ولا تحتاج رعايتها إلى الوقت الطويل والجهد المضني و لكنها تحتاج فقط إلى أن يدخلها في دائرة اهتماماته فهي تحتاج منه الشعور بأنها لا تقل عنه تضحية أو كفاح من أجل نجاح هذه الأسرة والتي تعد محور حياتها وتفكيرها وأولى أولوياتها كما أنها تنتظر منه حسن الاستماع .
وهذه الصفة تحتاجها المرأة بدرجة كبيرة فهي تشعر أن زوجها هو أقرب الناس إليها وهو الصديق الذي تربطها به العاطفة والمكان الواحد و المصالح المشتركة.
فعندما تراه كأنها رأت الصديق والحبيب فتحتاج منه أن يستمع اليها بكل هذه الآذان ولا ينسى الزوج أنها تحمل له الكثير المشاعر الطيبة و الرسائل الرومانسية التي تريد أن ترسلها إليه وتمنحه إياها.
وتنتظر منه ما يروي ظمأها إلى الكلمة الطيبة و اللمسة الحانية والابتسامة الراضية فكل هذا يمسح عنها عناء اليوم و يمنحها قوة دافعة لمواصلة العطاء ومنح الحب بلا حدود ومن أهم الوسائل التي تحقق صفاء الاستماع و نجاح هذا الحوار بصورة هادئة هو خروج الزوجين بمفردهما بصورة دورية – شهرية أو أسبوعية أو …- إلى أماكن مختلفة عن المعتادة وهي وسيلة هامة و ضرورية لكل زوجين من أجل التواصل الصحيح و تجديد الحب بينهما رعاية الأبناء.
ينبغي أن يعلم الأب حقيقة هامة وهي أن كل ابن من الأبناء هو منظومة خاصة قائمة بذاتها فكما أن لكل إنسان بصمة فريدة لا يشابهه فيها أحد كذلك لكل ابن تركيبه خاصة به لا يشابهه فيها أحد ولذلك يحتاج إلى معاملة خاصة به دون غيره من الإخوة و الأخوات.
وذلك من أجل تفجير الطاقات التي بداخله واستخدامها لتحقيق أفضل النتائج التربوية و إنتاج أفضل فرد ممكن في ظل تركيبته الشخصية ولكي يساهم الأب في تربية أبنائه بنجاح يحتاج إلى تسليط الضوء على كل ابن بمفرده و في المراحل المختلفة من عمره من أجل تحديد الوسيلة التربوية المناسبة له و لمرحلته العمرية.
ولن تتأتى هذه المعرفة الدقيقة في وسط اللقاءات الأسرية أو المجمعة فقط بل لابد من الخروج بالابن إلى خارج البيت ليشعر بالخصوصية وكذلك التحاور معه في شتى المجالات التي تساعد الأب على الفهم العميق لابنه و على الأب أن يقوم بهذا الفعل مع كل ابن على حدى.
وهذا لا يتعارض مع أهمية الخروج المجمع للأسرة كاملة- حتى و لو كان هذا العمل كل شهر أو شهرين ولكنه ضروري من أجل الوقوف على حال الأبناء ووقايتهم من الفساد الأخلاقي الذي انتشر بصورة كبيرة الذي ربما يحتاج من الآباء إلى سنوات لعلاجه إذا ما وقع فيه أحد الأبناء و كما يقال الوقاية خير من العلاج.
وأخيراً هذه المقترحات بعض من كل و لكن كما يقولون طريق الألف ميل يبدأ بخطوة ليبدأ كل زوج بها كل على حسب ظروفه و لكن لا يتجاهلها بدعوى الإنشغال لتوفير الحياة الكريمة للأسرة.
فربما يحقق رب الأسرة الحياة الكريمة لأسرته ثم يلتفت فإذا به يجد أسرته وقد ضاعت وينفق باقي عمره بين تصحيح ما فات والندم على تقصيره فيما مضى حيث لا ينفع الندم، وقى الله بيوتنا جميعا الندم و فساد الأخلاق ورزقنا التوفيق والسداد.
منقول من: منتدى يا له من دين
أحس أكثر الأشياء المكتوبة لازم الزوج يطبقها