تاريخ النشر: الثلاثاء 21 ديسمبر 2024
الاتحاد
إن السنتين الأوليين من عمر المولود هما مرحلة طبيعية من تطور الرضيع ونموه تتميز بحدوث تغيرات متتالية تتمثل في تقلبات مزاج الرضيع وإصابته بنوبات غضب وصراخ، واكتشافه بأن هناك كلمة “سحرية” تتيح له رفض ما يُطلب منه هي كلمة “لا”. وقد اكتسبت هذه المرحلة سمعةً سيئةً (السنتان المرعبتان) في الكثير من المجتمعات نظراً لأن الرُضع يبدأون في هذه الفترة نضالهم لوقف اعتمادهم على الكبار وتحقيق رغبتهم في الاستقلالية والاعتماد على النفس، وهي رغبة قد تنشأ في أوقات مبكرة وأحياناً قبل عيد الميلاد الأول للطفل. إذ قد يتشبث الطفل في لحظة ما بأبويه ويرفض مبارحة حضنيهما، ثم تجده بعد هنيهة يهرُب منهما ويُمعن في عنادهما، بل ويُصر على القيام بعكس ما يأمرانه به.
وعلى الرغم من أن هاتين “السنتين المرعبتين” تتسمان بصعوبتهما على الآباء والمربين، فإنه ينبغي عدم إغفال أنهما تكونان كذلك حتى على الطفل نفسه. فهو يشهد في فترة قصيرة تغيرات متسارعة على مستوى زيادة حركيته ونمو مداركه العقلية والنفسية والاجتماعية. كما أن رصيده المكتسب من الكلمات والمصطلحات ينمو بشكل سريع، ويصبح أكثر حماسةً ورغبةً في تلبية حاجاته وقضاء مآربه بنفسه، فيكتشف أن أبويه يتوقعان منه اتباع قواعد معينة في كل سلوك أو تصرف. إلا أن غالبية هؤلاء الأطفال يجدون طموحاتهم الحركية والسلوكية أكبر من قدراتهم الحقيقية، كما أنهم يُصابون بالإحباط لعدم تمكنهم من توصيل رغباتهم بوضوح إلى المحيطين بهم، ويفشلون في السيطرة على مشاعرهم وأحاسيسهم. وهو ما يدفعهم في أحايين كثيرة إلى التمرد والسخط وتعمد القيام بما يستفز الأبوين ويُغضبهما.
ولذلك يهمس التربويون وعلماء الاجتماع في آذان حديثي العهد بالأبوة بأن يتوقعا فقدان أعصابهما أحياناً، فينصحونهم بالحفاظ على هدوئهم قدر الإمكان، وباستيعابه عندما يغضب ويصرخ أو تجاهل صُراخه، مع التقليل قدر الإمكان من استخدام كلمة “لا”، واستعمال تعابير وأشكال رد أخرى عوضاً عنها مثل إعادة توجيهه أو رفض طلبه بطريقة مرنة ومرحة، بالإضافة إلى الحرص على مدح الطفل عند إحسانه التصرف والسلوك. فإذا نجح الأبوان في تفهم التغيرات التي يمر بها طفلهما فاستوعباه وأفاضا عليه من بحر حنانهما وحبهما واحترامهما، فإنهما سيساعدانه حتماً على تجاوز هذه المرحلة الصعبة بنجاح وثقة بالنفس عالية.
عن موقع “mayoclinic.com”