يقصد بالنمو اللغوي نمو مهارات الاستماع ومهارات التعبير وما يجري بين المهارتين من ترابط وتسلسل على درجات المعنى المختلفة.
يؤكد بياجيه ( أن اللغة تنمو بنمو القدرة على التفكير المنطقي وأن هناك علاقة وثيقة بين الفكر واللغة فكليهما يؤثر ويتأثر بالآخر).
وكما يشير بياجيه إلى إلى أهمية المحاكاة في مرحلة النمو الحسي حركي في اكتساب اللغة وان القدرة على المحاكاة تتوقف على مستوى النمو العقلي للطفل واختار النموذج المقلد
النمو اللغوي لطفل الروضة من 4 – 6 سنوات:
يعد النمو اللغوي في هذه المرحلة أساساً ومعدلا هامين لعملية التطبيع الاجتماعي ولنمو الطفل عامة، ويأخذ النمو اللغوي تقدماً كبيراً في هذه المرحلة سواء من حيث زيادة الفهم أو الحصيلة اللغوية أو التلفظ أو تكوين الجمل، ففي هذه المرحلة ومع بداية دخول الطفل المدرسة يكون لدى الطفل حصيلة لغوية كبيرة لفهم العالم من حوله ولفهم معاني القصص والحكايات حيث يصل محصوله اللغوي حوالي2500 عند دخوله المدرسة ويستطيع استخدام جمل تتكون من خمس كلمات في هذه المرحلة.
العوامل المؤثرة على النمو اللغوي:
تنمو قدرة الطفل على استعماله الجمل المركبة كما ينمو تحصيله اللغوي وقدرته على التحكم في لغته تبعا لعوامل كثيرة منها ما يلي:
أولاً: الذكاء:
فكلما كان الطفل ذكيا ً كان أسرع في اكتساب المهارات اللغوية والنمو الكلامي.
ثانيا: نمط الضبط:
الأطفال الذين ينمون في جو يسوده الود والتسامح والمرونة يتحدثون أكثر من الأطفال الذين ينتمون إلى أجواء يسودها التسلط، فمثلا ً هؤلاء الآباء يعتقدون أن الطفل ينبغي أن يرى ولا يسمع.
ثالثا: ترتيب الطفل:
يشجع الطفل الأول على الكلام أكثر من الإخوة الآخرين وعادة ما يجد الآباء متسعاً من الوقت للتحدث معه.
رابعاً حجم العائلة:
يشجع الطفل الوحيد على الكلام أكثر من الطفل الذي ينتمي إلى عائلة كبيرة الحجم، وغالياً ما يتسع وقت الآباء للتحدث مع طفلهم الوحيد، أما العائلات الكبيرة فغالباً ما يسيطر على جوها التسلطية وتحد من كلام الطفل فهو لا يستطيع أن يتكلم وفقا لرغبته في الكلام.
خامساً: المستوى الاجتماعي والاقتصادي:
عادة ما نجد الأنشطة في المستوى الاجتماعي المنخفض أقل تنظيماً وأقل تنوعاً من المستوى الاجتماعي المتوسط أ, المرتفع، كما نجد أن الحديث أقل تداولاً بين أفراد العائلة، هذا بالإضافة إلى أن الطفل لا يشجع الكلام.
سادساً: الجنس:
نلمس في سنوات م قبل المدرسة أثر التنميط الجنسي، ففي حديث الأطفال من المتوقع أن يتكلم الذكور أقل من الإناث وأن يختلف محتوى الحديث والطريقة التي يتحدثون بها، فالتفاخر والنقد مثلا ً يناسب الذكور أكثر من الإناث، وتؤكد معظم الدراسات تفوق الإناث على الذكور في النمو اللغوي.
سابعاً: عوامل أخرى:
– ثنائية اللغة أي تعلم الطفل لغتين في نفس الوقت.
– الضغط على الطفل في تعلم اللغة دون مراعاة استعدادات الطفل لهذا مما يؤدي إلى عيوب كلامية.
– حرمان الطفل من التشجيع يبطئ من تقدم اللغة لديه.
نمو المفاهيم اللغوية للطفل:
إذا وضعنا نصب أعيننا أن الروضة تقوم بإعداد الطفل للالتحاق بمدرسة التعليم الأساسي وكما هو واضح، فإن طفلا ً له من العمر ست سنوات لا يمكنه حقيقة أن يقرأ ويكتب إلا إذا أجاد اللهجة أولاً بفهمها والتحدث بها بدقة وطلاقة ومن ثم يجب تدريب الطفل على الكلام والتفكير والملاحظة جنباً إلى جنب.
ومن ثم يمكن لمعلمة الروضة أن تستعيض بالأغنية التي تتحدث عن مشاهد ومواقف مستوحاة من البيئة ومن واقع الحياة اليومية أو تنهل من عالم الخيال وزناً تضم إلى الكلمة بلاغة وفصاحة بالنظرة والحركات فتقدم نوعاً من النضج والتذوق لدى السامع كما تثري معجمه اللغوي وتعده للفهم والطفل في سن الرابعة يستطيع أن يملك ناصية التعبير اللغوي وتتعلم حقائق ومهارات تنمي المفاهيم.
كما يستطيع أن يعبر عن مشاعره ويعرف الآخرين باحتياجاته ويناقش بطريقة عامة ما يعتريه في يومه من خبرات وأحداث وبنود عامة ويوظف اللغة في ضبط مشاعره .
فالأطفال الذين يكون في مقدورهم أن يتحدثوا إلى أنفسهم قد يمكنهم أيضاً أن يسيطروا على مخاوفهم ويعدلوا من غضبهم يخففوا من احباطاتهم عن طريق تكرار بعض العبارات المهدئة التي كانوا قد سمعوها من آبائهم سوء في أغانيهم أو قصصهم أو مقولاتهم.
والأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4-6 سنوات يميلون إلى خلط كلماتهم بالهزل والمزاح فهم يكررون الكلمات الجديدة مرات ومرات .
ومن ملامح النمو اللغوي لطفل ما قبل المدرسة ما يلي:
أولاً: في سن الرابعة يعرف الطفل أسماء الألوان الشائعة ويستخدم أربعة حروف جر، ويستطيع أن يقول ما تفعله الحيوانات والطيور، ويسمي الأشياء العامة في الصور، ويمكن أن يعيد ثلاثة أرقام بعد سماعها أما في عمر الخامسة فأكثر فإنه يستخدم الأوصاف بسهولة مثل: طويل وجميل وبارد ويعرف الصفات الشائعة ويعرف متى يقول:من فضلك، أشكرك، أما الجمل من حيث عدد الكلمات فتتسع مع الوقت وتكون في أول المرحلة في أغلب الأوقات حوالي ( 3_4) كلمات وفي انتهاء المرحلة تمتد الجملة أحياناً ( 6 _ 7 ) كلمات للفكرة الواحدة.
وتتركب من مبتدأ وخبر أو فعل وفاعل وبعض المتعلقات والجملة عموما مفيدة وتامة وتوجد فيها حروف الجر ويستخدم فيها الطفل أيضا بعض المشتقات.
ثانياً: تتمثل خصائص نمو الفهم اللغوي في هذه المرحلة في زادة المفردات التي يستخدمها الطفل، ويرجع ذلك إلى فضول الطفل وحب استطلاعه وكثرة أسئلته حيث يكون متوسط طول الجملة في عامه الخامس خمس كلمات في حين يتمكن بعض الأطفال من استخدام جمل أكثر طولاً وتعقيداً تبعاً لمستوياتهم العقلية المختلفة، ومن مظاهره أيضاً نزوع التعبير اللغوي نحو الوضوح ودقة التعبير وتحسن النطق وزيادة الفهم واختفاء الكلام الطفو لي مثل: الجمل الناقصة والإبدال واللثغة، كما يزداد فهم الطفل لكلام الآخرين وتبادل الحديث مع الكبار، ويصف الصور وصفاً بسيطاً والإجابة على الأسئلة التي تتطلب إدراك علاقة
وفي سن الخامسة تصدر عنه جمل كاملة تشمل كأجزاء الكلام، وفي السادسة يعرف معاني الأرقام ومعاني الأزمنة كالصباح وبعد الظهر والمساء والصيف والشتاء.
ويمر التعبير اللغوي في مرحلة ما قبل المدرسة بمرحلتين
مرحلة الجملة القصيرة في العام الثالث وتكون الجملة مفيدة بسيطة تتكون من 3- 4 كلمات وتكون سليمة من الناحية اللغوية الوظيفية أي أنها تؤدي المعنى على رغم أنها غير صحيحة من ناحية التركيب اللغوي.
ومرحلة الجملة الكاملة في العام الرابع وتتكون من 4-6كلمات وتتميز بأنها جملة مفيدة تامة الأجزاء أكثر تعقيداً ودقة في التعبير، أما الكلام في نهاية المرحلة فيكون فكرياً أكثر من كونه حركياً وتزداد صفة التجريد ويظهر التعميم القائم على التوسط ويتضح معنى الحسن والرد، في حين ينجح الطفل في فهم الكلمات والجمل بقدر أكبر من تمكنه من استخدامها ولكن غالباً ما يفهمها بشكل خاطئ.
ثالثاً: يأتي دور الصور والتمثيل في نمو الفهم اللغوي أو الحصيلة الغوية المفهومة لطفل ما قبل المدرسة حيث أن اللغة التي بتكلمها الطفل تنمو وتتطور تدريجياً من خلال أشكالها الرئيسية ( المنولوج – الحوار – المحادثة ) وخاصة إذا كانت نابعة من النشاط الذي يقوم به الطفل من لعب ونحوه أو من الحياة داخل بيئة هادئة مشجعة كالأسرة أو الحضانة أو الروضة إذا ما كانوا على مستوى الدور التربوي الذي يقومون به.
وتؤكد د باولينا كرجومارد أهمية استخدام الصور في التنمية اللغة المنطوقة والغة المفهومة لدى طفل ما قبل المدرسة بقولها ( إن الصور هي الأخرى تساعدنا على أن نأخذ بيد الطفل نحو الكلام وفهمه، فعندما يختار ويرى ويتأمل في صور أحد الكروت أو أحد الكتب أو المجالات أو البطاقات المصورة ويعلق على هذه الصور فإنه بذلك يكون إيجابياً، إذ يلاحظ ويفكر ويتكلم ويسمع نفسه أو يسمع الآخرين ولذا فهي تسمح بتكامل اللغتين معاً: لغة الصور ولغة الكلام. ومن ثم فهي تسمح بتأمل هذا الشكل أو ذلك، بالإضافة إلى فهم ما يراد من الصورة واستيعاب الرسالة ( المعنى ) الذي تتضمنه على أن تكون الصورة المعروضة على الطفل كما ذكرت كارجومارد غاية في البساطة.
وكما يميل الطفل على الصور يميل إلى التمثيل الذي يكشف من خلاله عن عالمه الخاص، وغالباً ما ينطق إلى الاتصال بالآخرين مقلداً أعمال الأم المنزلية أو مهنة الأب أو الحلاق أو الطبيب أو مقلداً نباح الكلب أو مواء القطة أو تمثيل دور رجل الشرطة.
والسبب الثاني الذي يحبب التمثيل إلى الطفل هو العلاقة الموجودة بين أي عمل تمثيلي الذي يعد أساس كل إبداع لدى الصغار يعبرون به عن حياتهم الخاصة ومكنونات أنفسهم عن طريق لغات متعددة مثل الحركات والإشارات وتعبيرات الوجه والكلمات والعبارات.
وتكون الأغنية عاملاً على تكوين الطفل اجتماعيا وأخلاقياً إذا ما اختارتها المعلمة ولفتها بطريقة تربوية سليمة فإن معينها لا ينضب ولن تنتهي بمجرد إلقائها لأن الأطفال يكررونها ويرددونها ويعدلون في كلماتها بل ويمثلونها بالحركة أو الرسم.
وقد ثبتت الدراسات إن استخدام اللغة الفصيحة والكلمات المحسوسة أكثر من اللغة العامية والكلمات المجردة وذلك لأن الطفل أول ما يتعلم الحديث يبدأ بما تقع عليه حواسه، أما الكلمات المجردة فيصعب على طفل فهمها
وان النمو اللغوي والفهم اللغوي عند الإناث يكون أسرع وذلك فيما يتصل بعدد المفردات وطول الجمل والفهم
كما أثبتت الدراسات أن اللعب الخيالي له تأثير على النمو اللغوي والفهم اللغوي للطفل في مرحلة ما قبل المدرسة كما توجد علاقة موجبة بين نمو مهارات فهم اللغة للأطفال وإنجازهم القرائي .
كما أثبتت لدراسات إن وجود مكتبة تتوافر فيها الكتب الملونة والقصص المصورة والأشرطة والاسطوانات المسجل عليها القصص والأغاني والأناشيد وأفلام الأطفال ومسرحيات تساعد الأطفال على تكوين علاقات اجتماعية ناجحة وتزودهم بمحصول لغوي وتنمي قدرتهم على الفهم وتؤثر المكتبة على جميع جوانب سلوكهم وشخصياتهم.
يشرفني مروركم واسعدتني ردودكم