الأنبياء وأشرف المرسلين نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحابته أجمعين، ومن تبعهم بإحسانٍ
إلى يوم الدين.
مضى أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالهجرة من مكة إلى المدينة بعدما فشى الإسلام في
الأوس والخزرج وأصبحت المدينة دار إسلام وتعذر البقاء بمكة لكفر كثير من أهلها
وشراستهم في تعاملهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتضييق الخناق عليه ولاسيما
بعد موت عمه أبو طالب وموت خديجة زوجته رضي الله عنها وأرضاها، فلما فشى الإسلام في
المدينة وكل ذلك نتيجة العقبة الأولى والثانية والثالثة، أمر الله نبيه بالهجرة إلى
المدينة وقبل الهجرة أذن النبي لأصحابه بالذهاب إلى المدينة، فذهب من ذهب من
الصحابة بأمر الرسول كمصعب بن عمير وغيره وعلموا الناس القرآن ثم أذن رسول الله
للصحابة بالهجرة، فهاجر من هاجر خوفاً وهاجر من هاجر استخفاءً، وهروباً يحاولون ألا
تطلع قريش عليهم فلما استقروا بالمدينة أذن الله لنبيه أو أمره أن ينتقل من مكة إلى
المدينة، فانتقل منها مع حبه الشديد لها لكنه بأمر الله له فهاجر بصحبة الصديق رضي
الله عنه إلى المدينة كما مضى فلما استقر بها أمر ببقية شعائر الإسلام من الزكاة
فإنها فرضت في العام الرابع وقيل في العام الثاني للهجرة والصوم في العام الثاني
والحج إما في التاسع الهجري أو في العاشر والآذان أظنه في الثامن للهجرة والجهاد
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشرعت الحدود وفرضت الفرائض، وتمت الشريعة وكملت
حتى أكمل الله دينه وأتم نعمته فالحمد لله على كل حال.
والهجرة فريضة على هذه الأمة أي كل مسلم فرض عليه أن يهاجر إذا دعا للهجرة سبب
والسبب الداعي للهجرة ظهور الشرك والضلال وعدم تمكن الإنسان من إظهار دينه، عدم
تمكن المؤمن من إظهار دينه، وإظهار الدين يكون بإظهار الشعائر من الصلاة والصوم
والتزام الواجبات والبعد عن المحرمات ثم يكون أيضاً بعدم موافقة أهل الشرك بشركهم،
وعدم الرضا بضلالهم واعتقاد أن ما هم عليه كفر وخروج عن ملة الإسلام فلابد أن يعتقد
أن عابدي غير الله العاكفين على القبور الذابحين الناذرين لها المنادين لها باسمها
في الشدائد السائلين منها تفريج الكروبات وإغاثة اللهفات إن هذا شرك أكبر وذنب لا
يغفر متى ظهر الشرك والظلم وحيل بين العبد وبين أن يؤدي شعيرة دينه وجب عليه أن
يهاجر وينتقل من دار الشرك إلى دار يأمن فيها على دينه ويتمكن من أداء شعائر دينه
بلا مشقة، أما إن كان يمكنه إظهار دينه وإعلان شعائر الإسلام والبلاد فيها خير كثير
وفيها من يقيم الصلاة وينادي لها وفيها من يعبد الله وفيها من يتعلم كتابه وسنة
رسوله فإن البقاء هنا قد يكون خيرا.
والهجرة فريضة على هذه الأمة إلى قيام الساعة والدليل على فرضيتها كتاب الله وسنة
رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ
الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ﴾ أي بترك الهجرة ﴿ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ ﴾
أي في أي الفريقين أنتم أمن المسلمين أم من غيرهم .
قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ ﴾ أي لا نستطيع الهجرة، قالت
لهم الملائكة ﴿ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا ﴾
وتنتقلوا من دار الشرك إلى دار التوحيد والإسلام ﴿ فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ
جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا ﴾ لأن الهجرة في أول الإسلام كانت فرضا من أسلم وجب أن
يهاجر إلى المدينة إذ ذاك لأنه إذ ذاك ليس في الأرض دار إسلام سوى مدينة رسول الله
صلى الله عليه وسلم فكان من أسلم وجب أن يهاجر إلى المدينة لكي يظهر شعائر دينه
ويعين المسلمين في مهماتهم، استثنى الله ﴿ إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ
الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ ﴾ لأن الأول قولهم ﴿ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ
فِي الأَرْضِ ﴾ هذا التعليل منهم غير صحيح ولهذا قالت لهم الملائكة ﴿ أَلَمْ تَكُنْ
أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً ﴾ أي أنكم لستم مستضعفين أما في آخرها استثنى الله
المستضعفين في الحقيقة من النساء والولدان الصغار والنساء ﴿ لاَ يَسْتَطِيعُونَ
حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ
عَنْهُمْ ﴾ مع أنهم عاجزون لكن قال الله ﴿ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ ﴾
وعسى من الله واجبه وقوله ﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي
وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾ فإذا ضاقت بكم تلك الأرض فابحثوا عن بقعة أرض
سواها قَالَ الْبُغَوِيُّ رَحِمَهُ الله متوفي عام خمسمائة وستة عشر : (سَبُبُ
نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ فِي المُسْلِمِينَ الَّذِينَ بِمَكَّةَ لَمْ يُهَاجِرُوا،
نَادَاهُمُ اللهُ بِاسْمِ الإِيمَانِ). مما يدل على أن المؤمن يسمى مؤمناً ولو كان
مرتكباً خطأً فهو مؤمن ناقص الإيمان أو مؤمن بإيمانه فاسقٌ بكبيرته.
أما من السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى
تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ
مِنْ مَغْرِبِهَا ) فقوله لا تنقطع الهجرة أي الهجرة ليست خاصة من مكة إلى المدينة
بل الهجرة باقية إذا وجد سببها وتحقق هدفها فلا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة،
والتوبة باقية من فضل الله إلى أن تبلغ الروح الحلقوم فيعاين ملك الموت، فعند ذلك
لا تُقبل توبته.
الأمر الثاني طلوع الشمس من مغربها، ﴿ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لَا
يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي
إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ﴾ [الأنعام: 158]،
فطلوع الشمس من مغربها مؤذنٌ بقيام الساعة، ولهذا يؤمن الناس أجمعون، لكن لا تُقبل
توبته، بل أجلها إلى طلعت الشمس من مغربها فلا تُقبل توبته أبدًا.
وقوله ( لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلا تَنْقَطِعُ
التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ) دليلٌ على استمرار
الهجرة وبقائها ما وُجد سببٌ يقتضي ذلك.
أما قوله صلى الله عليه وسلم ( لا هجرة بعد الفتح ولكن جهادٌ ونية، وإذا استُنفرتم
فانفروا )، فقوله ( لا هجرة ) أي من مكة بعد ما فتحها الله وأصبحت دار إسلام، لأن
بعض من لم يُهاجر أراد أن ينتقل من مكة ليضيف إليه لقب المهاجري فأخبرهم النبي صلى
الله عليه وسلم أن الهجرة من مكة انتهت بدخول مكة تحت دار الإسلام، وأن أصل البلاد
إسلامٍ بعدما كانت بلادًا محاربة.
الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله آل الشيخ -حفظه الله ورعاه-
تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ
مِنْ مَغْرِبِهَا ) فقوله لا تنقطع الهجرة أي الهجرة ليست خاصة من مكة إلى المدينة
بل الهجرة باقية إذا وجد سببها وتحقق هدفها فلا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة،
والتوبة باقية من فضل الله إلى أن تبلغ الروح الحلقوم فيعاين ملك الموت، فعند ذلك
لا تُقبل توبته.
.
.
ماااا كنت اعرف ………….. مشكورة على المتعلوماااات
كنت اتحسب انتهت الهجرة ……..وكان آخر واحد من المهاجرين …… كان العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم
.