لذا فقد اهتم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح الله عز وجل لهم خزائن الأرض وآتاهم الأموال بعد الفتوحات الاسلامية، باستثمار ثرائهم لما ينفع في آخرتهم.
فكان الوقف من أعمالهم التي سارعوا إليها فقد كان لأبي بكر رضي الله عنه دور بمكة فأوقفها على أولاده.. وعمر رضي الله عنه أصاب أرضا بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا قط هو أنفس عندي منه.
فقال صلى الله عليه وسلم: «إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها». فتصدق بها عمر رضي الله عنه في الفقراء، وفي ذي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل والضيف.. [رواه مسلم]..
وفي خلافته رضي الله عنه أعلن صدقته ودعا نفرا من المهاجرين والأنصار فأخبرهم بذلك وأشهدهم عليه فانتشر خبرها. وتسابق الصحابة في وقف كثير من أموالهم وحبسها في أوجه الخير والبر.
قال جابر رضي الله عنه: ( فما أعلم أحدا كان له مال من المهاجرين والأنصار إلا حبس مالا من ماله صدقة مؤبدة لا تشترى أبدا، ولا توهب، ولا تورث ) .
وقد أوقف عثمان بن عفان رضي الله عنه أملاكه في خيبر على أولاده، كما سبل بئر رومة لوجه الله تعالى.
وأوقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه عيونا من الماء في ينبع.
كما أوقف ضيعتين تسمى إحداهما عين أبي نيزر، والثانية تسمى البغيبة.
ولقد أوقفت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها دارها صدقة حبس لا توهب ولا تورث.
وتصدقت أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها بأرضها في الغابة صدقة على مواليها وعلى أعقابها حبسا لا تباع ولا توهب ولا تورث..
وروى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة نخلا.
وكان أحب أمواله إليه بيرحا، وكانت مستقبلة المسجد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخلها ليشرب من ماء فيها طيب، فلما نزلت هذه الآية قال أبو طلحة: يا رسول الله إن الله يقول لن تنالوا البر حتى تنفقواْ مما تحبون) آل عمران:92] .
وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بخ ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين، فقال أبو طلحة: أفعل ذلك يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه.
السطر الأخير
لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذا مقدرة إلا أوقف.
عمر خياط
ويعيننا على طاعته ورضاه