حقيقة تربية الأبناء تعتبر من جنس الدعوة إلى الله و الجهاد في سبيله , قال تعالى (( ومَنْ أحسنُ قولاً ممّن دعا إلى اللهِ وعمِلَ صالحاً وقالَ إنني مِنَ المسلمين )) فصلت33 .
وقوله صلى الله عليه وسلم (( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من الدنيا وما فيها )) .
وهي في حق عموم الناس من فروض الكفايات ( فرض كفاية ) , وانها في حق الأهل و الأولاد من فروض الأعيان ( فرض عين ) , وهم أولى بها من غيرهم لقول الله تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم (( وأنذر عشيرَتَكَ الأقربين )) الشعراء214 , وقوله صلى الله عليه وسلم (( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )) رواه الترمذي .
وجاء في فضل الدعوة إلى الله وعظم أجرها قول النبي صلى الله عليه وسلم (( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه , لاينقص من أجورهم شيئا )) رواه مسلم .
فنقول طوبى لأبٍ و أمٍ جعلا من العملية التربوية مجالاً للدعوة إلى الله , وهماً من هموم الآخرة , ولم يجعلاها عفوية يحكمها الواقع البيئي , وتسيرها الظروف والعادات والأعراف دون هدف محدد , و من ثم لابد لهذه العبادة من نية ]يبتغي بها وجه الله , حتى تؤتي ثمارها في الدنيا و الآخرة , قال صلى الله عليه وسلم (( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى )) متفق عليه .
فإذا علم الله عز وجل من عبده المربي صدق النية في تربية أولاده وفقه وبارك في جهوده , حتى ولو كانت قليلة .
فموضوع النية والاحتساب في العمل التربوي هو الذي يميز المسلم عن غيره , فالمسلم لاصطحابه النية مأجور وعمل الكافر مهدور .
ومن آثار النية الصالحة في العملية التربوية أن المربي بهذه النية لا يمل ولا يكل من بذل النصح والتوجيه , لأنه يرى نفسه في عبادة ودعوة إلى الله وقربة إليه , استجاب الولد أو لم يستجب , فهو على كل حال مأجور لقاء عمله و صبره واحتسابه , فقد قال تعالى في شأن نبيّه صلى الله عليه وسلم (( إنْ عليك إلاّ البلاغ )) الشورى48 , أي ليس لك من أمر هدايتهم سوى البلاغ .
.
.
.
من كتيب ( قواعد في تربية الأبناء ) للشيخ محمد سليمان السنيّن