تخطى إلى المحتوى

حفلات الزفاف إلى أين ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

===============

النبذة : إن التنبيهات قبل الأعراس في غاية الأهمية، واتخاذ الاحتياطات لمنع وقوع المحرمات في الأعراس أمر مهم جداً، أما أن تنفلت الأمور، ويترك الحبل على الغارب، ويدخل الرجال، ويدخل الزوج على النساء، والكاميرات تعمل، والمصورون الكفار والمسلمون بأنواع الكميرات الرقمية، وغير الرقمية، ثم نفاجأ بأن صور النساء عند فلان وفلان.

عناصر المادة :

أحكام الوليمة في الإسلام:

حكم إجابة دعوة الوليمة:

آداب حضور وليمة النكاح:

بين وليمة اليوم ووليمة الأمس:

من منكرات الأفراح:

من عجائب الولائم:

من فرحة إلى قلق:

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:

أحكام الوليمة في الإسلام:

فالحمد لله الذي أعلا منار الحنيفية التي جعل في جملتها النكاح، وأشرع لمن انتهك حدود حرمتها سمر الرماح، وبيض الصفاح، والنكاح جنة يتقى بها الفتنة، وجنة يتنسم ضلالها هذا الذي خلقه الله عز وجل، وجعل له من نفسه زوجاً ليسكن إليها، وقال صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني، النكاح من سنتي؛ فمن لم يعمل بسنتي فليس مني) ، ولا شك أن للزواج فرحته وبهجته، وللزواج قيمته ونعمته، وقد جاءت الشريعة الغراء لتقرر هذه الحقيقة، وتوجب على الزوج أن يتقي ربه في النكاح.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوليمة له، فلما خطب علي رضي الله عنه فاطمة "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه لا بد للعرس من وليمة)، فقال سعد رضي الله عنه: علي كبش، وقال فلان: علي كذا وكذا من ذرة، وجمع له رهط من الأنصار أصوعاً ذرة" ، وهكذا كانت وليمة علي رضي الله عنه، ولما تزوج عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (تزوجت؟) قال: نعم، قال: (ومن؟) قال: امرأة من الأنصار، قال: (كم سقت؟) قال: زنة نواة من ذهب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أولم ولو بشاة) .
وهكذا كانت الوليمة في الإسلام من الولم، وهو الاجتماع؛ لأنه يجمع الزوجين، فلذلك كانت الوليمة التي يجتمع الناس فيها لأجل اجتماع الزوجين، فهي للعرس كما أن الخرص للولادة، والإعذار للختان، والوكيرة للبناء، والنقيعة لقدوم المسافر، والعقيقة لسابع المولود، والوضيمة وهي طعام محرم عند المصيبة يفعل، والمؤدبة الطعام المتخذ ضيافة بلا سبب

، وقد ذهب كثير من العلماء إلى وجوب الإجابة لوليمة العرس.
والوليمة مشروعة مأمور بها أصلاً، والإجابة إليها مأمور بها بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ائتوا الدعوة إذا دعيتم) ، (إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها) هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: (شر الطعام طعام الوليمة يُمنعها من يأتيها، ويدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصا الله ورسوله) ، فالفقراء الذين يحتاجون إلى الطعام يمنعون في كثير من الأحيان، والأغنياء الذين لا يحتاجون إلى الطعام يُدعون؛ ولذلك ذم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفعل، ومع ذلك أمر بإجابة الدعوة، وشدد في ذلك، وهذا واضح من حرص الإسلام وهذه الشريعة على مشاركة المسلم لأخيه المسلم فرحته، وأن يكون معه في هذه المناسبة العظيمة في عمره، إذ قد لا يتكرر عليه مثلها.
ووقت إقامة وليمة العرس موسع يبدأ من عقد النكاح إلى انتهاء العرس، فكل ذلك وقت صحيح لإقامة الوليمة.
وقوله لعبد الرحمن بن عوف: (أولم ولو بشاة) فيه دليل على مشروعية ألا ينقص عن شاة، أي: للموسر، وقد أولم النبي صلى الله عليه وسلم بغير اللحم كما جاء في عرسه على صفية، فإنه أولم لهم بطعام ليس فيه لحم، ولما تيسر له اللحم في عرس زينب أشبعهم خبزاً ولحماً، فهي بحسب حال الزوج؛ ولذلك ليس لها حد محدود، ومقدار معين بحسب المقدرة، ولا يعاب على من قل طعامه لقلة ذات يده، ولا يذم الذي فعل ما يقدر عليه، وقد أولم النبي صلى الله عليه وسلم في عرسه بصفية بحيس، وهو الدقيق والسمن والأقط الذي خلط بعضه ببعض، وبسط للناس ليأكلوا منه.
ويستحب الدعاء للمتزوج بالدعاء المشهور المعروف، وفيه تمني الخير من المسلم لأخيه المسلم، أن يبارك الله له فيما فعل، وأن يجمع بينه وبين زوجته على خير، وليس على شر، في خير وطاعة، وليس في معصية وفسق: (بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير) من الوئام، وحسن العشرة، ونحو ذلك.

والتكلف في الولائم مذموم، والإسراف منهي عنه بنص كتاب الله عز وجل.
أيها الإخوة، إن إجابة الولائم، وهذه أيامها في الغالب لكثير من الناس يجعلونها بعد اختبارات الطلاب، وقبل أسفار الإجازات، هذه الإجابة واجبة عند كثير من العلماء لا يتخلف عنها المسلم إلا لعذر شرعي.

حكم إجابة دعوة الوليمة:

ومن الأشياء التي تسقط وجوب الإجابة: أن يخص الأغنياء، فإذا وقع التخصيص فلا تجب الدعوة للذم المذكور في الحديث، فإن شاء أتى، وإن شاء لم يأت، وأن تكون هي الوليمة الأولى للعرس؛ لأن بعض الناس قد يولمون في اليوم الثاني والثالث، وهكذا؛ لأن بعض الناس ربما جعل الطعام أياماً متواليات يقصد به المباهاة، وأن يتحدث الناس به، وإذا صار الطعام طعام مباهاة وافتخار، فإنها نية فاسدة، إذن الوجوب للحضور في الوليمة الأولى، وليس لما يحدث بعدها من الولائم، فإن شاء حضر، وإن شاء لم يحضر فيما بعدها مما يعمل صبيحة اليوم التالي مثلاً إلا إذا كان طعام رياء ومفاخرة، فإنه يترك حضوره تأديباً لمن فعله.
وكذلك مما يُسقط الوجوب أن يكون هناك منكر في مكان الدعوة، فإذا كان منكر يستطيع تغييره حضر وغيره، وإن كان لا يستطيع تغييره فإنه لا يحضر؛ لأنه لا يجوز لمسلم أن يقعد في مكان يحدث المنكر فيه أمامه، وهو ساكت شيطان أخرس لا يغير شيئاً، وهذا المعنى قد أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يدار عليها الخمر) كيف يرى المنكر ويسكت؟ كيف يجلس ويسكت؟ والخمر مثال، وإلا فإن المنكرات كثيرة، كالمعازف والطبول، والعود والمزمار والربابة، وغيرها من أنواع الأدوات الموسيقية، وكذلك سجاجيد الحرير الطبيعي مثلاً، أو الاختلاط الحاصل في الصالة في مكان الجلوس، ونحو ذلك من المنكرات، فإذا حصل المنكر في المكان ينكِر فإن استجيب له، وإلا انصرف، وبهذا يكون قد برأ ذمته إذا فوجئ بالمنكر، وهو جالس، أن ينكره بأسلوب طيب فإن استجيب له، وإلا انصرف.
ومن شروط وجوب الإجابة أن يكون الداعي مسلماً، فإذا لم يكن الداعي لوليمة الزفاف مسلماً لم تجب إجابته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (حق المسلم على المسلم…) الحديث.
ومن شروط إجابة وجوب الإجابة أن يكون الداعي من غير العصاة المجاهرين بالمعصية الذين يهجرون لمعصيتهم، فإن كان مجاهراً بفسق معروف بالفسق بين الناس، فإن من هجره عدم إجابة دعوة طعام الوليمة له.
وكذلك من شروط الوجوب أن يكون الطعام مباحاً، وألا تتضمن إجابة الدعوة إسقاط واجب، فقد ينشغل الإنسان بأمر واجب مع والديه مثلاً.
وكذلك ألا تتضمن ضرراً على المدعو، مثل أن يحتاج لإجابة الدعوة إلى سفر يقطعه عن أهله وأولاده، ويضرهم سفره، ونحو ذلك من التكلفة المالية التي تضر به، فهنا لا تجب الإجابة.
وإذا صارت الدعوة جفلة -أي: لم يخصك بالدعوة-، وإنما دعا الناس عموماً، وجعلها هكذا في مكان مفتوح، وقال: من شاء أن يأتي فليأت، هلموا أيها الناس، فلم يخصك بالدعوة فلا يجب عليك الحضور، إن جئت فحسن وأنت مأجور، وإن لم تأت فلا إثم عليك، أما إذا خصك بالدعوة ببطاقة أو هاتف، ونحو ذلك من أنواع الاتصال أرسله إليك باسمك بعينك يقصدك، فيتوجب الحضور إذا لم يكن هناك ما يمنع منه شرعاً.
ومن شروط الوجوب أيضاً ألا تكون الدعوة لشخص خوفاً منه، أو إحراجاً، فإذا كان دعاك لأنه يخاف من عدم دعوتك، كمديره في العمل، ونحو ذلك، لا يريد أن يدعوه لكن يخشى بطشه، أو يخشى سلاطة لسانه لو لم يدعه، فعند ذلك لا تجب الإجابة على هذا المدعو؛ لأنه إنما دعي خوفاً منه، أو من شره، وسلاطته، أو إحراجاً كما يحدث اليوم في بعض الأعراس محددة المقاعد في الصالات فإنه ربما يشعر الداعي بالحرج؛ لأن فلاناً طلب أن يدعى، أو قال: لماذا لم أدع؟ وهذا قد حدد مقاعد معينة، وربما أرهقه مالياً، أو لا يتحمل المكان مثلاً هذا العدد الكبير من الناس، فهو يخشى أن يدعو فلاناً وفلاناً لما يحدث من الضرر عليه مالياً، أو عدم اتساع المكان، فهذا لو اضطر لدعوتهم إحراجاً لا يجب عليهم الحضور؛ لأنهم إنما دعوا تحت الضغط، ولم يكن عن مسرة وإرادة من الداعي.
وكذلك يسقط الوجوب إذا كانت على من دُعيَ طمعاً في جاهه، أو إعانته على الباطل، أو التزلف والمنافقة إليه، فإذا عرف المدعو أنه إنما دُعي رشوة، أو دُعي لكي يستعان بالدعوة على عقد محرم، أو باطل يتفق عليه فيما بعد، أو للتزلف والمنافقة إليه، فلا يجب عليه الحضور أيضاً.
وكذلك فإن من يُتأذى بمجلسه يسقط وجوب إجابته، من يدعو فسَّاقاً ومجاناً وأصحاب ألسنة فاحشة، لو حضرت في دعوة الوليمة لآذوا سمعك بما يقولونه من الكلام البذيء المنحط، فعند ذلك لا يُلزم المسلم بالحضور دعوة فيها هؤلاء السفلة والسفهاء الذين لا يكفون عن إيذاء الجالسين بكلامهم البذيء الفاحش.
وكذلك أن يكون مال الداعي حلالاً، فإذا كان مال الداعي حراماً سقط وجوب إجابته.
وأيضاً فإن كل ما يكون عذراً في سقوط وجوب الجماعة يكون عذراً في سقوط إجابة الدعوة، كالمرض، وشدة الريح أو المطر الذي يبل الثياب، أو الاشتغال بتجهيز ميت، أو إطفاء حريق، والاشتغال بتمريض مريض وخدمته، ونحو ذلك، فهذا من الضوابط التي يعرف بها متى تجب الإجابة، ومتى تسقط أيضاً.
ولو دعي الإنسان لأكثر من وليمة فإنه يجيب السابق منها، من وصل دعوته أولاً، فإن وصلت الدعوتان في وقت واحد رجح بسبب من أسباب الترجيح الشرعية، كالأقرب رحماً، أو الأقرب داراً، ونحو ذلك.
ومما يزيل الحرج في الإتيان الاعتذار، إذا قبله الداعي، فلو اعتذرت إليه فقبل العذر فلا حرج عليك في عدم الحضور.

كل هذا أيها الإخوة فيه بيان واضح، كل الذي ذكره العلماء لقضية المشاركة أهمية المشاركة الوجدانية من المسلم لأخيه المسلم في هذا الفرح، وهذه المناسبة العمرية.

آداب حضور وليمة النكاح:

أيها الإخوة، إنه ليس من الأدب إطالة الجلوس بعد الطعام؛ لأن الله قال: فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا سورة الأحزاب:53
إلا إذا رغب صاحب الدعوة بالجلوس بعد الطعام، وأما حضور الوليمة بدون دعوة فإنه محرم أن يأتي الإنسان إلى وليمة لم يدع إليها فهو كالسارق، وهؤلاء الطفيليون الذين يحضرون إلى طعام لم يدعون إليه يدخلون كالسراق، يدخلون كالمغيرين، ويخرجون كالسراق؛ ولذلك إذا كنت ستأتي إلى وليمة ومعك شخص لم يدع، وأنت قد دعيت فاستأذن له، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبر صاحب الدعوة أن معهم بالباب رجل إن أذن صاحب الدعوة دخل وإلا رجع، اللهم إلا إذا علمت أن صاحب الدعوة سيفرح إذا أتيت معك بشخص، أو أشخاص آخرين، أو قال: تعال وهات معك من تحب، فعند ذلك لا بأس أن تأتي بمن معك؛ لأن الدعوة قد فتحت بهذا الإذن الذي ذكره لك صاحب الدعوة.
ومع الأسف فإنه يحصل هناك عدد من أنواع التحايل في قضية الدخول من الحيل المحظورة غير الشرعية، وخصوصاً عند النساء، والكيد بينهن ومنهن عظيم كما قال الله، وربما دخلت واحدة ببطاقة والأخرى بالمظروف، ومثل هذا التحايل لا يجوز شرعاً

، وبعض الناس يدخلون أنفسهم في مضائق وحرج شرعي من أجل شيء هم في غنى عنه، وربما تسبب ذلك في القدح في أعراضهم وكلام الناس فيهم من أجل ماذا؟ أكلة؟! أو اجتماع؟! فإذا كان الشخص غير مرغوب فيه فلماذا يدس أنفه، ويريد أن يفرض نفسه على الآخرين؟!
ولا يشترط حضور الزوجين في وليمة النكاح، لكن لو حضر فهو الأفضل بلا شك؛ لأن الناس يريدون تهنئة صاحب الدعوة.
وكذلك فإن هناك من الناس من يقيم حفلة للملكة، وهذه لا بأس بها، ثم حفلة للزفاف عند الدخول.
وهذه الشبكة التي تقدم ما دامت من الحلي المباح فهي جائز، أما إذا اشتملت على صلبان، أو صور ذوات الأرواح، أو الخرزة الزرقاء التي يزعم أنها تقي من العين، أو صورة الكف الذي يزعم أنه يقي من العين كذلك، وكثير من هذه الخرافات والخزعبلات موجود في الصيغة التي يتصيغ بها النساء ويلبسنها.
أو كذلك خاتم الدبلة، وهو معروف بهيئته وتصميمه وشكله عند الصاغة، فإن فيه تشبهاً بالنصارى، وأما الخاتم المشتمل على فص من الفضة للرجل فلا بأس به، وقد أبيحت الفضة للرجل، وحلي المرأة من الذهب والفضة وغيره بالشروط الشرعية كما تقدم.

بين وليمة اليوم ووليمة الأمس:

عباد الله، لقد كانت ولائم النبي صلى الله عليه وسلم محبة للمسلمين، واجتماعاً لهم، وتحقيقاً للأخوة الإسلامية، واستفادة في الحضور، ولا بأس إذا صار في الحضور شيء من التنبيهات والتعريفات بأمور شرعية مناسبة للزواج، فإن بعض الناس ربما يقول أشياء غير مناسبة من مثل الوعظ بالموت، وهو غير مناسب في تلك الحال.
وكذلك ربما عمد بعض الناس إلى قراءة أشعار وغيرها، والشعر حسنه حسن، وقبيحه قبيح، فإذا اشتمل على الهجاء كما يفعل في بعض العرضات في الأعراس، تشتمل على هجاء وسب مقذع بين شاعرين يتوسطان الصفين في العرضة، وهذا لا يجوز، والبذاءة والفحش في الإسلام محرمان، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً، ولا متفحشاً، ولا بذيئاً، ولا صخاب بالأسواق.
وكذلك فإن بعض هذه الأشعار ربما تثير النعرات الجاهلية بين الحاضرين، أما إذا كانت أشعاراً ترحيبية، وفيها ذكر السرور بهذه المناسبة، وليست مصحوبة بطبل، ولا غيره من الأمور المحرمة، فلا بأس بقولها حينئذ، سواء كانت من واحد، أو اثنين، أو جماعة يرددونها.
وكذلك فإن الإسراف والبطر في الأعراس مما ابتلينا به في هذا الزمان، وأنفقت أموال ترمى رمياً من أجل ساعة أو ساعتين، فأين تقوى الله يا عباد الله؟!

الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

من منكرات الأفراح:

عباد الله، من المغالاة والمباهاة والمفاخرة التي تحصل، المغالاة في بطاقات الدعوة، فلربما صار في بعضها تذهيب، أو حفر ونقش على رخام وغيره من الأمور المبتدعة العجيبة التي يكون فيها إسراف.
وكذلك يصل الحال بالتحايل غير الشرعي إلى رشوة الحارس على باب قاعة الحفلة، فواعجباً أين تذهب عقول هؤلاء النساء في هذه الأحوال، وربما دخل البعض منهن لوضع سحر ونحوه من الأمور المحرمة الشركية الكفرية المؤذية للمسلمين، يريدون الإضرار والكيد، وما أكثر الإضرار والكيد، والحقد والحسد الذي انطوت عليه نفوس أهل هذا الزمان، حتى يصل الأمر بالاندساس، والدخول لأجل وضع هذه الأمور.
ثم العجب أن يدخلوا ببطاقات دعوة مزورة تطبع غير البطاقات التي وزعها صاحب الدعوة، ويدخلون ويتحايلون للدخول بأمور كثيرة.
والذي يجب على المسلم أن يفعله تجاه أهله منعهم من المحرمات والمنكرات، وما أكثرها أيها الإخوة، إسراف في الفنادق والصالات، وإسراف في هذه البدلة التي لا تلبس إلا ليلة واحدة، بل بدلات تغير وتتعاقب، ثم لا تلبس بعد ذلك، وأنواع من الموسيقى، وغرفة الديجي التي تكون أيضاً، وفرق تستقدم، ومغنيات ومغنون، وملابس محرمة، من المشقوق، وذي الفتحات، والرقيق الشفاف، والضيق والقصير، وكلها لا يجوز لبسها، ولو أمام النساء، ما دام يظهر شيء من عورة المرأة أمام المرأة، ثم تبذير، ورمي للأطعمة، مائة وخمسين رأساً من الغنم تذبح في ليلة واحدة في أحد الأعراس، وكم يؤكل منها، والباقي للبراميل الخضراء.
ثم هذا النثار الذي يكون في بعض الأعراس، نثر الأموال على رأس العروس، وجعل الناس من أصحاب الهمم الدنية يتسابقون إلى جمع الأموال من الأرض؛ ولذلك فإن النهي قد ورد عن النثار في العرس لما يسببه من انحطاط النفوس إلى التقاط مثل هذه الأموال مع التباهي الذي يحدث ممن يلقيها.

من عجائب الولائم:

ومن الأمور الغريبة العجيبة أن بعضهم يريد التوفيق على مذهب المنافقين الذين يقولون: يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا سورة النساء:62،
التوفيق بين من ومن؟ بين الصالحين والطالحين، فيقولون: العرس إلى الساعة العاشرة والنصف أو الحادي عشرة إسلامي، وبعد الحادي عشرة فسقي، مصحوب بالمحرمات، توفيق بزعمهم، فإذا انصرفت الصالحات بدأ الحرام والأمور التي تخرج عن العدالة في الإسلام تحدث بدعوى تلبية جميع الرغبات، والأذواق والطلبات، فأين مرضاة رب العالمين؟!
تريدون إرضاء الجميع، فهل فكرتم في إرضاء الله عز وجل؟ لماذا؟ لماذا ينسون إرضاء الله؟ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَسورة التوبة:62.
ثم هذا الرقص من العجب العجاب الذي لا يخلو من مخالفة لقول الله: وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا، إنه شيء كأنهم يريدون به خرق الأرض: إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ سورة الإسراء:37،
واختيالاً في المشي، والاختيال لا يجوز، ثم هؤلاء النسوة اللاتي يخرجن للرقص اليوم بأي ثياب يخرجن؟ بالضيق والشفاف والمشقوق، فيبرز الفخذ والعورة والمفاتن، وهذا الضيق الذي يبدي التقاطيع، كل ذلك عند الرقص يبين ويظهر، فما المقصود إذن؟ وأين شكر النعمة؟ أليس الزواج نعمة؟! أن مكن الله هذا الرجل من الزواج بهذه المرأة، وهذه المرأة التي قيض الله لها زوجاً يضمها، وينفق عليها، ويعفها أيكون ذلك بفعل هذه الأفاعيل؟ ويتعذر الكثيرون بأنهم لم يستطيعوا السيطرة على الأوضاع، وأن الأمور خرجت عن نطاق السيطرة، أنتم دعوتم من؟
أيها الإخوة، إن التنبيهات قبل الأعراس في غاية الأهمية، واتخاذ الاحتياطات لمنع وقوع المحرمات في الأعراس أمر مهم جداً، أما أن تنفلت الأمور، ويترك الحبل على الغارب، ويدخل الرجال، ويدخل الزوج على النساء، والكاميرات تعمل، والمصورون الكفار والمسلمون بأنواع الكميرات الرقمية، وغير الرقمية، ثم نفاجأ بأن صور النساء عند فلان وفلان، صور بنت فلان عند فلان، وأخت فلان عند فلان، وزوجة فلان عند فلان، وهكذا حتى ظهرت الهواتف الجوالات التي تلتقط الصور، إذاً الاحتياط واجب، والتحكم في الأمور مهم، إنها ليست ليلة نغضب الله فيها، بل هي ليلة نشكر الله فيها، فلماذا تصير هذه الليلة مليئة بالمنكرات، مليئة بالمحرمات، مليئة بأنواع الفسق؟ كأنه يجوز في هذه الليلة كل شيء! كأنه يستباح فيها المحرمات الكثيرة، لماذا؟! ونساء متعطرات مع السائق الأجنبي.
وهكذا يحدث ما يحدث من أنواع المحرمات، كدخول الزوج وإخوانه وسط النساء، وربما يحدث الخلاف العظيم بين تقي نقي، وبين فاسقة من أقرباء الزوجة، أو العكس، أم الزوج تريد دخوله، وأهل الزوجة لا يريدون الدخول، تحدث الخلافات، وحكم الشرع واضح: (إياكم والدخول على النساء) ، وهذا يدخل عليهن، ثم ليس الكل من النساء متحجبات تماماً، ثم ما هو الهدف؟ فضول عند بعض النساء، وشيء شيطاني في إرادة رؤية شكل الزوج، وحب استطلاع وفضول في أحسن الأحوال، وأما الأحوال الأخرى من إثارة الغرائز، وغيرها من الفسق والأمور التي تتطور إليها الأشياء فلا يعلمها إلا الله عز وجل.
وكذلك اختيال بلبس ذيل طويل، ثلاثة أمتار، قماش يسرف في تفصيله، ذيل، والله سبحانه وتعالى خسف بشخص الأرض لأنه كان يسير ويمشي متبختراً بثوبه مختالاً، فخسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم الدين.


من فرحة إلى قلق:

عباد الله، أن نجمع الناس، وأن نولم لهم، وأن نفرح، وأن نظهر الفرحة بالكلام الطيب، وأن يحدث للنساء ضرب دف شرعي، دف بغير صلاصل، ولا قطع معدنية، دف فقط، ويقال فيه من الكلمات الطيبة والمباحة، إن هذا أمر مهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما كان معكم لهو؛ فإن الأنصار يعجبهم اللهو؟) أما معكم شيء من اللهو؟ المقصود به اللهو المباح، وليس المحرم؛ ولذلك استثني للنساء تفريج من الشارع لعلمه بطبيعة النساء رخصة بضرب الدف في الأعراس والأعياد، لعلمه تعالى بما يصلح لهن، وما يُصلحهن، أذن لهن بهذا الشيء الذي أصله محرم؛ لأنه من الملاهي، ومن أنواع الأدوات، أدوات الملاهي، أذن لهن بذلك، فإذا اقتصر عليه فأنعم وأكرم، وما جاء به الشرع من هذه الأمور المسموح بها فأنعم وأكرم، جعل الله فسحة في هذه المناسبة بأمر شرعي منضبط محدد، ينبغي عدم التعدي عليه، أما هذا الاختلاط، وهذا التصوير، وهذه المنكرات، وهذه الفرق، وهذا الإسراف، وهذه الأشرطة التي تذاع بالمحرمات، وتصدح الموسيقى بأنواعها غربية وشرقية، وكذلك ما يحدث فيه من المغالاة التي تؤخر الزواج أصلاً، لقد بلغت العملية من التعقيد، حفلة الزفاف بلغت من التعقيد حداً جعلت الاستعداد له يحتاج إلى وقت طويل قبله، وصارت إرهاقاً وشد أعصاب، حتى لا تكاد تجد أم الزوجة فرحة تلك الليلة، ولا أم الزوج على أعصابهن واقفات، ماذا سيحدث، وهل حدث، ومن جاء، وماذا قالت، وتأخر وتأخر، وهذا مقلب، وفعلوا فينا خدعة، ونحو ذلك من الأمور، ثم تنتقد الأشياء في الأمور الدنيوية، ويشيع الكلام، والنساء ينقلن للرجال، وهكذا، فري أعراض وغيبة، وأمور محرمة، فصارت هذه الليلة التي من المفترض أن تكون ليلة فرح صارت ليلة شد أعصاب ومحرمات، وتبذير وإسراف، ابتعدنا عن البساطة.
عرس النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة كيف كان؟ كان أمراً بسيطاً، كان أمراً مقدوراً عليه؛ ولذلك لم تكن هناك عوائق، نحن جعلناها بأيدينا، نحن جعلنا العوائق بأيدينا يا عباد الله، وهذه عقوبة من الله، عقوبة على المحرمات والإسراف بأن تأخر سن الزواج عند كثير من الرجال والنساء لعدم القدرة على فعل المطلوب اجتماعياً، والنجاة من كلام الناس في هذه الليلة، وصارت القضية ماذا سيقولون عنا لو ما فعلنا كذا؟ ماذا سيقول عنا لو ما قدمنا كذا؟ ماذا سيقال عنا لو حذفنا الفقرة الفلانية ومنعنا الشيء الفلاني؟ وصارت مراعاة الخواطر والنجاة من الحرج الدنيوي مقدم على النجاة من الحرج الشرعي الأخروي.
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من المتمسكين بدينك، الحريصين على اتباع شرعك، اللهم اجعلنا ممن يخافك ويتقيك يا رب العالمين.
اللهم باعد بيننا وبين الحرام، اجعل بيننا وبين ما حرمته علينا برزخاً وحجراً محجوراً، اللهم ارزقنا التقوى، ويسرنا لليسرى، وجنبنا العسرى، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن يخافك بالغيب والشهادة، وممن يقدم خوفك على الخوف من الناس، اللهم اجعل حبك أحب إلينا من حب كل أحد يا رب العالمين، اللهم اجعل حبك أحب إلينا من الماء البارد على الظمأ، اللهم اجعلنا ممن يعظمون حرماتك ولا ينتهكونها، واجعلنا ممن يقفون عند حدودك ولا يتعدونها، إنك سميع الدعاء.
اللهم انصر إخواننا المسلمين في فلسطين، اللهم شد أزرهم، اللهم قو سواعدهم، وسدد رميتهم، اللهم إنا نسألك العون لهم، أنزل عليهم نصرك يا رب العالمين، انصر إخواننا في فلسطين وكشمير وفي الشيشان وفي كل مكان، اللهم أنزل عليهم مدداً من عندك، وثبت أقدامهم، وانصرهم على القوم الكافرين، اللهم افتح لهم الثغور في نحور العدو، اللهم اجعل ضرباتهم موجعة في الأعداء، اللهم إنا نسألك النصر العاجل للإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، واجعل بأسك على اليهود والصليبيين، والهندوس والمشركين، اللهم ابذر بذور الخلاف بينهم، اللهم شق صفهم، واضرب قلوب بعضهم ببعض، اللهم نكل بهم نكالاً عظيماً، وأنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم الكافرين.
اللهم إنا نسألك الأمن في البلاد، اللهم إنا نسألك الأمن في البلاد والنجاة يوم المعاد يا سريع الحساب.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.
1 – رواه ابن ماجه (1846).

2 – رواه أحمد (22526).

3 – رواه البخاري (2048)، ومسلم (1427).

4 – رواه مسلم (1429).

5 – رواه البخاري (5173)، ومسلم (1429).

6 – رواه البخاري (5177)، ومسلم (1432).

7 – رواه البخاري (2048)، ومسلم (1427).

8 – رواه الحاكم (2745).

9 – رواه الترمذي (2801).

10 – رواه البخاري (1240)، ومسلم (2162).

11 – رواه البخاري (5232)، ومسلم (2172).

12 – رواه البخاري (5163).

للشيخ محمد صالح المنجد

في ميزان حسانتك اختي

يزاج الله خير

يزاج الله خير اختي بس كل الاشياء هاي محد يطبقها اساسا

لا يا اختي وما ادراك هناك بفضل الله من يلتزم بشكل كبير في عرسه بالظوابط الشرعية ابتغاء مرضاة الله

ولكن بمثل ما دعوتن

جزاك الله خيرا

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.