دخل أكثر الناس في موضوع الأسهم والسندات وضعنا بين أقوال الحلال والحرام وأخترت هذا الموضوع لعل الله ينفع به ويبصرنا فيه بالخير
تعالوا لننظر في موضوع البرصة : وهي تختلف عن الأسواق في بعض الأشياء ، فصفقاتها مثلاً عمليات كبيرة في أشياء مثلية(متماثلة) متجانسة ….إلخ
ونريد أن نقف عند الصفقات التي تعقد في البرصة لنرى جانب الحل والحرمة .
ما دامت البرصة قد نشأت في غير ظل الإسلام فإننا لا نتوقع
أن تكون إسلامية ، قد يكون فيها شيء يتفق مع الإسلام ولكن لا نتوقع أن تكون إسلامية خالصة ؛ بل إننا عندما ننظر في أعمال البرصة فإننا سنجد أن أكثر أعمالها بعيدة عن الإسلام .
فعندنا مثلاً برصة الأوراق المالية : يباع فيها السندات والأسهم ، وبرصة سلع حاضرة ، وآجلة ، وبرصة نقود يباع فيها النقود . ننظر إلى ما يتم في تلك البرص .
السندات التي تباع ، ما حقيقتها ؟
السندات سواء أكانت حكومية أم تصدرها هيئة أم شركة : هي قروض طويلة الأجل أو قصيرة الأجل ، وهذه القروض تكون الهيئة أو الشركة أو الحكومة التي أصدرتها ضامنة لها ، فتدفع فائدة سنوية محددة ، سند مثلاً بمائة وله فائدة سنوية عشرة ، فلو فرضنا أن شركة من الشركات هي التي أصدرت السندات فإنها في نهاية العام – قبل توزيع الأرباح على المساهمين – تخرج الزيادة الربوية للمقترضين وما تبقى يوزع على المساهمين فإذا لم تربح الشركة أخذ من أصولها ، وإذا أفلست الشركة دخل أصحاب السندات مع الدائنين ،
والمساهمون لا يأخذون شيئا إلا بعد الديون .
فلا خلاف حول أن السندات قرض بزيادة في مقابل الزمن ، وهذا هو ربا الديون الذي حرمه الإسلام .
كأن البرصة إذن عندما تبيع سندات إنما تبيع قروضاً ربوية .
أمر عجيب أن القرض نفسه يباع ، وأيضاً قد يباع ربوياً في الحال ، وقد يباع بالأجل ، فما دام السند له فائدة محددة مقابل الزمن بالقيمة الإسمية فهذه الزيادة الربوية تجعل السند قرضاً ربوياً وما دام قرضاً ربوياً فلا يحل بيعه ولا شراؤه ولا تملكه ولا إصداره ولا حيازته ، وكل من تعامل في سندات فقد أذن بحرب من الله ورسوله .
هذا بالنسبة للسندات ، ونأتي للأسهم :
ما هي الأسهم ؟
الأسهم جمع سهم ، وهو في اللغة له عدة معان منها : النصيب وجمعه السُهمان بضم السين ، ومنها العود الذي يكون في طرفه نصل يرمى به عن القوس وجمعه السهام ، ومنها : بمعنى القدح الذي يقارع به ، أو يلعب به في الميسر ، ويقال أسهم بينهم أي أقرع ، وساهمه أي باره ولاعبه فغلبه ، وفي القرآن الكريم (فساهم فكان من المدحضين )أي قارع بالسهام فكان من المغلوبين .
والاقتصاديون يطلقون السهم مرة على الصك ، ومرة على النصيب ، والمؤدى واحد .
مثلاً وجدنا إثنين أو ثلاثة يكونون شركة بينهم ، وكلٌ دفع جزءاً من رأس المال في شركة صغيرة عادية ، غير أننا نجد في بعض الشركات – وبالذات في عصرنا – أن رأس المال يكون كبيراً ، فبيع الأسهم يعني أن رأس مال الشركة قسم إلى أجزاء والسهم يمثل جزءاً من هذه الأجزاء .
فلو فرضنا أن الشركة طرحت ألف سهم واشترى واحد عشرة أسهم ، فهو إذاً يملك من الشركة عشرة في الألف
(1%) الشركة هذه التي تكونت من الأسهم أصبح المساهمون يمثلون أصحاب رأس مال الشركة . ومعنى هذا أن الربح للمساهمين والخسارة أيضاً على المساهمين . أو كما قيل : الغُنم بالغُرم .
وأحياناً نجد شركة تريد أن تزيد في رأس المال ، فتصدر أسهماً جديدة فيصبح من اشترى هذه الأسهم شريكاً بنسبة أسهمه إلى مجموع الأسهم .
ولكن الشركة أحياناً تصدر سندات بدلاً من الأسهم لماذا ؟
لأن الشركة تنظر بتفكير ربوي معاصر ، هل الأفضل لها إصدار السند بفائدة كذا ؟ أو إصدار أسهم ؟ فإذا وجدت أن السند بفائدة يحقق للمساهمين أرباحاً أكثر أصدرت سندات ، وإذا وجدت أن الأسهم تحقق أرباحاً أكثر أصدرت أسهماً .
وقد تكون السندات لوقت قصير حتى يعاد القرض ويبقى عدد الأسهم كما هو .
إذن فالفرق بين الأسهم والسندات أن السندات قرض ربوي ، وأن الأسهم جزء مشاع في شركة ، ومعنى هذا أن من اشترى أسهماً أصبح شريكاً في الشركة . وهل هذا يعني أن شراء الأسهم في البرصة حلال ؟
ننظر هنا : الأسهم هذه لأية شركة ؟
لابد أن ننظر أولاً للشركة التي أصدرت الأسهم :
فلنفرض أنها شركة تتعامل بالحرام : (مصنع خمور أو تجارة خمور) ، بديهي أن من اشترى أسهماً أصبح تاجر خمور
( شركة لإنشاء بنك ربوي) : إذن فشراء سهم من أسهم البنك الربوي يعني أن المشتري أصبح أحد المرابين .
وهكذا لابد أن ننظر إلى عمل الشركة :
لنفرض أن الشركة تتعامل في الحلال ( شركة نقل بحرية مثلاً
أو شركة صناعية ) ولكن لهذه الشركة فائضاً من أموالها : فأين تستثمره ؟
إنها عادة تضعه في البنوك الربوية بفائدة ربوية ، ولذلك فإن المشترك في هذه الشركة سيكون من كسبه هذا الجزء من الربا وحتى لا يلتبس الأمر ، وحتى نضع حداً فاصلاً لمن أراد أن يشتري الأسهم
وضعت هيئة الرقابة الشرعية لمصرف قطر الإسلامي شرطين لابد من تحققهما إذا أراد المصرف شراء أسهم أي شركة :
وهذا الشرطان هما :
أن تكون الشركة ( مالكة الأسهم ) شركة إسلامية ولها رقابة شرعية .
فإذا نظرنا إلى البرصة : فأين الشركات المساهمة الإسلامية التي لها رقابة شرعية وتتعامل في البرصة ؟
إذا وجدت هذه الشركات يكون الاشتراك في الشركات حلالاً ، أما إذا لم توجد وقد لا توجد – إلا إذا وجدت سوقاً إسلامية – فمعنى هذا أن الأسهم في البرصة معظمها – إن لم يكن كلها – يحرم التعامل فيها بالشراء والبيع والحيازة وغيرها ما دامت الشركة ليست إسلامية .
*ونختم هذا البحث بعرض قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الرابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة والتي قررت ما يلي :
1- بما أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مباحة أمر جائز شرعاً .
2- لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم كالتعامل بالربا أو تصنيع المحرمات أو المتاجرة فيها .
3- لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا ، وكان المشتري عالماً بذلك .
4- إذا اشترى شخص وهو لا يعلم أن الشركة تتعامل بالربا ، ثم علم فالواجب عليه الخروج منها والتحريم في ذلك واضح ، لعموم الأدلة من الكتاب والسنة في تحريم الربا ، ولأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا ، مع علم المشتري بذلك ، يعني اشتراك المشتري نفسه في التعامل بالربا ، لأن السهم يمثل جزءاً شائعاً من رأس مال الشركة ، والمساهم يملك حصة شائعة في موجودات الشركة ، فكل مال تقرضه الشركة بفائدة أو تقترضه بفائدة ، فللمساهم نصيب منه لأن الذين يباشرون الإقراض والاقتراض بالفائدة يقومون بهذا العمل نيابة عنه ، والتوكيل بعمل المحرم لا يجوز .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا والحمد لله رب العالمين
المراجع
1- موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة والاقتصاد الإسلامي
أ.د/ علي أحمد السالوس
2- الاستثمار في الأسهم
د/ علي محي الدين القره داغي
3- فقه النوازل
د/ محمد حسين الجيزاني
منقول للفائدة
أختي الهاملية واايد عيبني توقيعج تسلم ايد صاحبته وايد اللي سوتها