تخطى إلى المحتوى

رسائل مبكية من كلام الحسن البصري رحمه الله

  • بواسطة

من الحسن البصري إلى كل ولد آدم

• يا ابن آدم

عملك عملك

فإنما هو لحمك و دمك

فانظر على أي حال تلقى عملك .

• إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها :

صدق الحديث

ووفاء بالعهد

و صلة الرحم

و رحمة الضعفاء

وقلة المباهاة للناس

و حسن الخلق

وسعة الخلق فيما يقرب إلى الله

• يا ابن آدم

إنك ناظر إلى عملك غدا

يوزن خيره وشره

فلا تحقرن من الخير شيئا و إن صغر

فإنك إذا رأيته سرك مكانه.

ولا تحقرن من الشر شيئا

فإنك إذا رأيته ساءك مكانه.

فإياك و محقرات الذنوب.

• رحم الله رجلا كسب طيبا

و أنفق قصدا

و قدم فضلا ليوم فقره و فاقته.

• هيهات .. هيهات

ذهبت الدنيا بحال بالها

وبقيت الأعمال قلائد في أعناقكم

• أنتم تسوقون الناس

والساعة تسوقكم

و قد أسرع بخياركم

فماذا تنتظرون ؟!!

• يا ابن آدم

بع دنياك بآخرتك ..

تربحهما جميعا

و لا تبيعن آخرتك بدنياك ..

فتخسرهما جميعا.

• يا ابن آدم

إنما أنت أيام !

كلما ذهب يوم ذهب بعضك

فكيف البقاء ؟!

• لقد أدركت أقواما ..

ما كانوا يفرحون بشئ من الدنيا أقبل

و لا يتأسفون على شئ منها أدبر

لهي كانت أهون في أعينهم من التراب

فأين نحن منها الآن ؟!

• إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه

يقول : ما أردت بكلمتي ؟

يقول : ما أردت بأكلتي ؟

يقول : ما أردت بحديث نفسي ؟

فلا تراه إلا يعاتبها

• أما الفاجر :

نعوذ بالله من حال الفاجر.

فإنه يمضي قدما

و لا يعاتب نفسه ..

حتى يقع في حفرته

وعندها يقول :

يا ويلتى

يا ليتني ..

يا ليتني ..

و لات حين مندم !!!

• يا ابن آدم

إياك و الظلم

فإن الظلم ظلمات يوم القيامة

و ليأتين أناس يوم القيامة

بحسنات أمثال الجبال

فما يزال يؤخذ منهم

حتى يبقى الواحد منهم مفلساً

ثم يسحب إلى النار ؟

• يا ابن آدم

إذا رأيت الرجل ينافس في الدنيا..

فنافسه في الآخرة

• يا ابن آدم

نزّه نفسك

فإنك لا تزال كريما على الناس

و لا يزال الناس يكرمونك ..

ما لم تتعاط ما في أيديهم

فإذا فعلت ذلك :

استخفّوا بك

و كرهوا حديثك

و أبغضوك

• أيها الناس:

أحبّوا هونا

و أبغضوا هونا

فقد أفرط أقوام في الحب..

حتى هلكوا

و أفرط أقوام في البغض ..

حتى هلكوا .

• أيها الناس

لو لم يكون لنا ذنوب إلا حب الدنيا

لخشينا على أنفسنا منها

إن الله عز وجل يقول :

{تريدون عرض الدنيا و الله يريد الآخرة }( الأنفال : 67 )

فرحم الله امرءاً ..

أراد ما أراد الله عزّ و جلّ .

• أيها الناس

لقد كان الرجل إذا طلب العلم :

يرى ذلك في بصره

و تخشّعه

و لسانه

ويده

وصلاته

و صلته

وزهده

أما الآن .. !!

فقد أصبح العلم ( مصيدة )

و الكل يصيد أو يتصيد

إلا من رحم ربك

و قليل ما هم.

• توشك العيـن تغيـض و البحيرات تجفّ.

بعضنا يصطاد بعضاً و الـشباك تختلف.

ذا يجئ الأمر رأسـا ذا يدور أو يلف.

و الصغير قد يعــف و الكبير لا يعف.

و الإمام قد يســــــف والصغير لا يسف.

و الثياب قد تصــــون و الثياب قد تشف .

و البغي قد تـــــداري سمــها و تلتـــحف.

و الشتات لا يزال .. يأتلف و يختلف .

و الخطيب لا يزال .. بالعقول يستخف .

و القلـــوب لا تزال.. للشمال تنحرف .

و الصغير بات يدري.. كيف تؤكل الكتف .

لا تخادع يا صـديقي بالحقيقة اعتـــرف.

• لقد رأيت أقواما..

كانت الدنيا أهون عليهم من التراب

و رأيت أقواما ..

يمسي أحدهم و ما يجد إلا قوتا

فيقول :

لا أجعل هذا كله في بطني !

لأجعلن بعضه لله عز وجل !

فيتصدق ببعضه

وهو أحوج ممن يتصدق به عليه !

• يا قوم

إن الدنيا دار عمل

من صحبها بالنقص لها و الزهادة فيها

سعد بها و نفعته صحبتها .

ومن صحبها على الرغبة فيها و المحبة لها

شقي بها .

و لكن أين القلوب التي تفقه ؟

و العيون التي تبصر ؟

والآذان التي تسمع ؟

• أين منكم من سمع ؟!!

لم أسمع الله عزّ و جلّ..

فيما عهد إلى عباده

و أنزل عليهم في كتابه :

رغب في الدنيا أحدا من خلقه

و لا رضي له بالطمأنينة فيها

و لا الركون إليها

بل صرّف الآيات

و ضرب الأمثال :

بالعيب لها

و الترغيب في غيرها

• أفق يا مغرور

تنشط للقبيح

و تنام عن الحسن

و تتكاسل إذا جدّ الجد !!!

• القلب ينشط للقبيح .. وكم ينام عن الحسن

يا نفس ويحك ما الذي .. يرضيك في دنيا العفن ؟!

أولى بنا سفح الدموع .. و أن يــجلبــبنا الحـــزن

أولى بنا أن نرعــوي أولى بنا لبس ( الكفــــن)

أولى بنا قتل ( الهوى ) في الصدر أصبح كالوثن

فأمامنا سفر طويل .. بــــعده يأتــــي الســــكن

إما إلى ( نار الجحيم ) .. أو الجنان : ( جنان عدن )

أقسمت ما هذي الحياة.. بها المقام أو ( الوطـــن)

فلم التلوّن و الخداع ؟ لم الدخول على ( الفتن ) ؟!

يكفي مصانعة الرعاع .. مع التقلـــب في المحن

تبا لهم مــن مــــعشر ألفوا معاقرة ( النــــتن)

بينا يدبّر للأمــــــين أخو الخيانة ( مؤتمن ) !

تبا لمن يتمـــــــلقون و ينطوون على ( دخن )

تبا لهم فنفـــــــــاقهم قد لطّخ ( الوجه الحسن)

تبا لمن باع ( الجنان ) لأجـــــل ( خضراء الدمن)

• أفيقوا يأهل الغفلة

فالقافلة قد تحركت

و عند الصباح ..

يحمد القوم السّرى

{أفأمن أهل القرى أن يأتيها بأسنا بياتاّ وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى

وهم يلعبون أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } ( الأعراف : 97-99)

• لا يزداد المؤمن صلاحا..

إلا ازداد خوفا

حتى يقول : لا أنجو !

أما الفاسق فيقول : الناس مثلي كثير

و سيغفر لي ، و لا بأس علي ، فرحمة الله واسعة

والله غفور رحيم !

أكمل يا مغرور

ولا تقل : فويل للمصلين !

{قال عذابي أصيب به من أشاء و رحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة و الذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة و الإنجيل يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر و يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه و اتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون } ( الأعراف : 156-157)

واقرأ يا مغرور !

{ إن رحمة الله قريب من المحسنين } ( الأعراف : 56 )

و اقرأ يا مغرور :

{ و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحاً ثم اهتدى }( طه : 82 )

و اقرأ يا مغرور :

{ فاغفر للذين تابوا و اتبعوا سبيلك و قهم عذاب الجحيم } ( غافر : 7 )

و لكن الفاسق المغرور

يخدع نفسه

فيؤجل العمل

و يتمنى على الله تعالى.

• تباً لطلاب الدنيا

وهي دنيا !!!

و الله لقد عبدت بنو إسرائيل الأصنام

بعد عبادتهم للرحمن

و ذلك بحبهم للدنيا

• و الله ما صدّق عبد بالنار..

إلا ضاقت عليه الأرض بما رحبت

و إن المنافق المخدوع :

لو كانت النار خلف هذا الحائط

لم يصدق بها ..

حتى يتهجم عليها فيراها !

• القلوب .. القلوب

إن القلوب تموت و تحيا

فإذا ماتت :

فاحملوها على الفرائض

فإذا هي أحييت :

فأدبوها بالتطوع .

• المؤمن !!! ما المؤمن ؟

و الله ما المؤمن بالذي يعمل شهراً

أو شهرين

أو عاماً

أو عامين

لا و الله

ما جعل الله لمؤمن أجلا ..

.. ( دون الموت )

• الذنوب

و هل تتساوى الذنوب؟

إن الرجل ليذنب الذنب فما ينساه

وما يزال متخوفا منه أبدا

حتى يدخل الجنة

• الدنيا .. وهموم الدنيا

و التحسر على ما فات

يجعل الحسرة حسرات.

• إن المؤمن إذا طلب حاجة فتيسرت ..

قبلها بميسور الله عزّ و جلّ

و حمد الله تعالى عليها

و إن لم تتيسر .. تركها

و لم يتبعها نفسه

• ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير و ليس ذلك لأحد إلا المؤمن إن أصابته سراء شكر: فكان خيرا له

و إن أصابته ضراء صبر : فكان خيرا له ) .

• نعمت الدار كانت ( الدنيا ) للمؤمن

و ذلك أنه عمل قليلاً

و أخذ زاده منها إلى ( الجنة ) .

و بئست الدار كانت للكافر و المنافق

ذلك أنه تمتع ( ليالي )

و كان زاده منها إلى ( النار ) .

{ فمن زحزح عن النار و أدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور }( آل عمران : 185 )

• إن المؤمن قوّام على نفسه

يحاسب نفسه لله عزّ و جلّ

و إنما خفّ الحساب يوم الحساب ..

على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا

و إنما شق الحساب ..

على قوم أخذوها من غير محاسبة .

• يا قوم

تصبروا و تشددوا

فإنما هي ليالٍ تعد

و إنما أنتم ركب وقوف

يوشك أن يدعى أحدكم فيجيب

فيذهب به و لا يلتفت

فانقلبوا بصالح الأعمال .

• إن هذا الحق قد أجهد الناس

و حال بينهم وبين شهواتهم

و إنما صبر على الحق :

من عرف فضله و رجا عاقبته.

• أفق يا مغرور من غفلتك

و ابك على خطيئتك.

إذا خاف ( الخليل ) ..

و خاف ( موسى ) ..

كذا خاف ( المسيح ) ..

و خاف ( نوح ) ..

وخاف ( محمد) خير البرايا

فمالي لا أخاف و لا أنوح ؟!

• و يحك يا ابن آدم

هل لك بمحاربة الله طاقة ؟!

إنه من عصى ربه فقد حاربه !

• يا هذا

أدم الحزن على خير الآخرة

لعله يوصلك إليك .

وابك في ساعات الخلوة

لعل مولاك يطلع عليك فيرحم عبرتك

فتكون من الفائزين .

• يا هذا

رطّب لسانك بذكر الله

وندّ جفونك بالدموع ..

من خشية الله

فوالله ما هو إلا حلول القرار :

في الجنة أو النار

ليس هناك منزل ثالث

من أخطأته الرحمة

صار و الله إلى العذاب .

• السنة .. السنة

وطّنوا النفوس على حبها

وتعظيمها

و الحنين إليها

فقد جاء في الأثر :

لما اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم المنبر ..

حنّت الجذع ..

كما يحنّ الفصيل إلى أمه

و بكت بكاء الصبي !!

يا عباد الله !

الخشبة تحنّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

شوقاً إليه !

فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه .

• و اعلم يا هذا

أن خطاك خطوتان :

خطوة لك

و خطوة عليك

فانظر أين تغدو ؟

و أين تروح ؟

• الموت .. الموت

{ كل نفس ذائقة الموت } ( آل عمران : 185 ) ( الأنبياء : 35 ) ( العنكبوت : 57 )

يحق لمن يعلم :

أن الموت مورده

و أن الساعة موعده

و القيام بين يدي الله تعالى مشهده

يحق له أن يطول حزنه .

• يا هذا

صاحب الدنيا بجسدك

وفارقها بقلبك

و ليزدك إعجاب أهلها بها ..

زهدا فيها

و حذرا منها

فإن الصالحين كانوا كذلك .

• { كل نفس ذائقة الموت }

فضح الموت الدنيا

فلم يترك لذي لب فرحا .

• و اعلم يا هذا

أن المؤمن في الدنيا كالغريب

لا يأنس في عزها

و لا يجزع من ذلها

للناس حال

و له حال .

• و احذر ( الهوى )

فشرُ داء خالط القلب : الهوى

• و احرص على العلم

و أفضل العلم :

الورع و التوكل

• و اعلم

أن العبد لا يزال بخير

ما إذا قال.. قال لله

و إذا عمل .. عمل لله

• واعلم

أن أحب العباد إلى الله ..

الذين يحببون ( الله ) إلى عباده

و يعملون في الأرض نصحا .

• و احذر الرشوة

فإنها إذا دخلت من الباب ..

خرجت الأمانة من النافذة

• و احذر الدنيا

فإنه قلّ من نجا منها

وليس العجب لمن هلك ..

كيف هلك ؟

و لكن العجب لمن نجا ..

كيف نجا ؟!

فإن تنج منها

تنج من ذي عظيمة

و إلا فإني لا أخالك ناجيا .

ورغم هذا

فالدنيا كلها :

أولها و آخرها

ما هي إلا كرجل نام نومة

فرأى في منامه بعض ما يحب

ثم انتبه !!!

• كيف نضحك ؟

و لعل الله قد اطلع على بعض أعمالنا

فقال :

لا أقبل منكم !!

• يا هذا

بع دنياك بآخرتك ..

تربحهما جميعا .

و لا تبع آخرتك بدنياك ..

فتخسرهما جميعا .

• يا هذا

كفى بالموت واعظا

و رب موعظة دامت ساعة

ثم تنقضي

و خير موعظة ما دام أثرها

• نراع إذا ( الجنائز ) قابلتنا

و يحزننا بكاء الباكيات

كروعة ثلة لمغار سبع

فلما غاب :

عادت راتعات !!

و السلام

——————-

(1) من كتاب رسائل مبكية من كلام الشيخ الحسن البصري للمؤلف فتحي بن فتحي الجندي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.