يعني يسمع صوت الذاكرين بعد السلام فيعلم أنهم انصرفوا، وكان صبياً صغيراً قد لا يحضر صلاة الجماعة فيسمع أصواتهم وهو خارج المسجد، وكان حين توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- قد راهق الاحتلام، وهذا الكلام قاله في حال صغره، فالمقصود أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع الصوت بالذكر وهكذا الصحابة بعد السلام، ولهذا سمعه الصحابة ونقلوا ذكره -صلى الله عليه وسلم- سمعوه يقول إذا سلَّم: (أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام)، وسمعوه يقول: لا إله إلا الله يعني إذا انصرف إلى الناس وأعطاهم وجهه يقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد).
أخبر الصحابة عن النبي بهذا -عليه الصلاة والسلام- ثوبان أخبر عن بعض هذا، وابن الزبير عن بعض هذا، والمغيرة ابن شعبة كذلك، كلهم أخبروا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يسمعونه يأتي بهذه الأذكار، وهكذا التسبيح يشرع بعد كل صلاة من الخمس أن يقول سبحان الله والحمد والله أكبر -ثلاثاً وثلاثين مرة- سبحان الله والحمد لله والله أكبر يكررها ثلاثاً وثلاثين مرة. النبي – صلى الله عليه وسلم – أخبر أن من فعل ذلك وختمها بكلمة التوحيد يغفر له، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (من سبح الله ثلاثاً وثلاثين وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) هذا فضلٌ عظيم، ولما جاءه الفقراء المهاجرين وقالوا: لرسول الله ذهب أهل الدثور -يعني أهل الأموال- بالدرجات العلى والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق, ويعتقون ولا نعتق -يعني ما عندنا مال هم يتصدقون ونحن ما نتصدق, هم يعتقون ونحن ما نعتق ما عندنا أموال- فقال -عليه الصلاة والسلام-: (ألا أدلكم على شيء تدركون به من سبقكم وتسبقون من بعدكم، ولا يكن أحدٌ أفضل منكم إلا من صنع مثلما صنعتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين مرة)
فهذا يدل على فضل هذا التسبيح والتحميد والتكبير وأنه يختمه -يعني يختم مئة- بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. أو يزيد في التكبيرة يكون التكبير أربعاً وثلاثين يكون الجميع مائة, كل هذا ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويستحب هذا الذكر عند النوم أيضاً، عند النوم يسبح ثلاثاً وثلاثين ويحمد ثلاثاً وثلاثين، ويكبر أربعاً وثلاثين مائة عند النوم، يستحب هذا؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- علمه علياً وفاطمة -رضي الله عنهما- وهو تعليم لهما ولغيرهما من الأمة، تعليم لعلي ولفاطمة، تعليم للأمة كلها. جزاكم الله خيراً.
– إذاً كونه بصوت عالٍ جماعة غير مشروع سماحة الشيخ؟
ج/ مشروع لكن وسط يسمعه من حولهم يسمعه من خارج المسجد أنهم سلموا ما فيه شيء متكلف، صوتاً عادياً مسموع.
-بأسلوب جماعي أو كل فرد لوحده؟
ج/ كل واحد لنفسه، كل واحد يذكر الله في نفسه, ما هو بجماعة، ليس بجماعة. بارك الله فيكم وأحسن إليكم.
للاستماع: https://www.binbaz.org.sa/audio/noor/087703.mp3
المصدر : موقع الشيخ ابن باز رحمه الله
قال عزَّ وجلّ في سورة الأحزاب :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) }
فالله تعالى يأمر عباده المؤمنين بكثرة ذكرهم لربهم تبارك وتعالى المُنعم عليهم بأنواع النعم وصنوف المنن لما لهم في ذلك من جزيل الثواب وجميل المآب .
قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الله بن سعيد حدثني مولى بن عباس عن أبي بحرية عن أبى الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أُنبِّئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا وما هو يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم ذكر الله عزّ وجلّ " . وهكذا رواه الترمذي
اللهم اجعلنا ممَّن يُعظِّم شُكرك ويتبعَ نصيحتك ويُكثر ذكرك ويحفظ وصيّتك