دور التربية في الوقاية من الغيرة ومعالجتها
يمكن للتربية أن تؤدي دورها الفعال في التخفيف من معاناة الطفل بالعمل على تجنيبه مثيرات الغيرة قدر الإمكان، وذلك بقيام المربين من الأهل في الأسرة بدورهم التربوي، ومعرفة أسباب الغيرة، وكيفية معالجتها، والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هو: كيف نمنع الغيرة الشديدة في حالة ولادة طفل جديد؟
الطفل يغار بشكل كبير من مولود جديد يفد إلى البيت ليشاطره أو ينتزع منه ما يعدّه أنه خاصته، لذلك على الأهل أن يحتاطوا للأمر، وذلك بإعلامه بما سيحدث كأن يخبروه أن في أحشاء أمه طفلاً صغيرًا سيكبر شيئًا فشيئًا ريثما يستطيع المجيء إليه ويكون أخًا أو أختًا، ثم يجب أن يفطم الطفل عاطفيًا بصورة تدريجية بحيث تعوده الأم الابتعاد عنها والانشغال بأمور تكفل عدم ملازمته المستمرة لها، ثم تعمل على تغيير ما سيتبدل قبل وضع المولود الجديد، فإن كان الطفل سينقل من غرفة نوم والديه أو سيؤخذ سريره منه فليكن ذلك قبل عدة شهور، وعندما يأتي المولود يجب ألا يصرفها هذا عن أداء ما كانت تنجزه لطفلها من أعمال، وألا تشغل بأخيه كليًا أمامه وألا تبالغ في الاهتمام والعناية به، وبخاصة في الأشهر الأولى لأن المولود لا يحتاج إلى مثل ذلك كله.
حق العدلِ والمُسَاواة:
والأهم في ذلك على الآباء عدم التفرقة في المعاملة بين الأشقاء وبخاصة تفضيل الطفل المولود على الذي اكبر منه عمراً؛ لأن نبذ الطفل أو الإعراض عنه فيه خطورة كبيرة على صحته النفسية والاجتماعية، ولذلك فمن الضروري المساواة بين الأطفال، وإدراك ظاهرة أسلوب المقارنة والمقايسة بين الإخوة، مما يفضل أن تقوم الموازنة بين الطفل ونفسه، فالنظرة التمييزية للأطفال – وخصوصاً بين المولود الجديد والاكبر منه – تزرعُ بذور الشقاق بين الأشقَّاء، وتحفر الأخاديد العميقة في مجرى العلاقة الأخوية بينهما؛ فالطفلُ ذو نفسيَّة حسَّاسة، ومشاعره مرهفة، فعندما يحسُّ أن والده يهتم كثيراً بالمولود الجديد سوف يطفح صدره بالحقد عليه، وعليه فالتزام العدالة والمساواة بين الأولاد يكون أشبه بمانعة الصواعق، إذ تحيل العدالة والمساواة من حصول أدنى شرخ في العلاقة بين أفراد الأسرة، وإلا فسوف تكون عاملاً مشجعاً لانطلاق مشاعر الغِيرة والحقد فيما بينهم، يقول النبي (صلى الله عليه وآله): ( إنَّ لَهُم عليك مِنَ الحَقِّ أن تعدِلَ بينَهُم، كما أنَّ لكَ عَليهِم مِنَ الحَقِّ أنْ يبرُّوكَ)، وأيضاً يقول (صلى الله عليه وآله) : (اعدِلُوا بَين أولادِكُم في النِّحَل – أي : العطاء – كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البِرِّ واللُّطف)، ويمكن التدليل على عمق النظرة النبوية من قوله (صلى الله عليه وآله) : (إنَّ اللهَ تَعالى يُحِبُّ أن تَعدِلوا بَينَ أولادِكُم حَتَّى في القُبَلِ)
فهنا نجد نظرة أرحب وأعمق للحق، فكما أن للأب حق البر، عليه بالمقابل حقَّ العدالة، فالحقوق يجب أن تكون مُتبادَلة، وكل يتوجب عليه الإيفاء بالتزاماته.
منقول
يزاج الله خير
^_^