تخطى إلى المحتوى

فوائد من كتاب الاصول الثلاثه

  • بواسطة

أنواع العبادة التي أمر الله بها، مثل الإسلام، والإيمان، والإحسان، ومنه الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستعاذة، والاستغاثة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها، كلها لله تعالى .
لما قرر المصنف رحمه الله تعالى فيما تقدم من الكلام ان الرب هو المعبود , كان من المناسب ان يذكر بعد ذلك انواع العبادة التي يعبد الله عز وجل بها والتي يجب افراد الله جل وعلا بها فهذه بداية من المصنف في تفصيل لما يجب ان يفرد الله به من العبادات .
والعبادة لها تعريفات عند اهل العلم ولكن ايسرها تعريف شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فقد عرف العبادة فقال : هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة .

والعبادات تنقسم الى قسمين :
1- عبادات قولية .
2- عبادات عملية .

والعبادات انواعا كثيرة :
منها اعمالا قلبية مثل الخوف والرجاء والاستغاثة والذبح والنذر والركوع والسجود الصيام الحج الجهاد , هذه تسمى اعمال الجوارح , وهناك انواعا اخرى وانما ذكر الشيخ رحمه الله هذه على سبيل المثال لهذا قال بعد ذلك " وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها، كلها لله تعالى "

فالعبادة من حقه سبحانه وتعالى .

ثم قال رحمة الله :
والدليل قوله تعالى: { وَأنَّ المَسَاجِد لِلَّهِ فَلا تَدعُوا مَعَ اللَّهِ أحَداً }
هذا نهي ان يدعوا الناس احدا مع الله جل وعلا , يعني نهي ان يعبدوا احدا مع الله , والدعاء هو العبادة كما جاء في الحديث .
الله جعل اماكن العبادة ( المساجد ) مستحقة له جل في علاه { فَلا تَدعُوا مَعَ اللَّهِ أحَداً } وهذا يشمل النهي عن دعاء المسألة ويشمل النهي عن دعاء العبادة .

ثم قال رحمه الله :
فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر.
من صرف يعني : من توجه بشيء من انواع تلك العبادات لغير الله فهو مشرك كافر , يريد ( يقصد ) الشرك الاكبر الذي يخرج من المله لانه اشرك بالله اي عبد مع الله غيره وجعله ندا لله في عبادته .
فمن صرف شيئا لغير الله من انواع العبادات التي لا تنبغي الا لله فهو كافرا كفرا اكبر مخرج من الملة .
اذا دعاء غير الله تعالى من الأموات والغائبين أو رجاهم أو خافهم أو سألهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات أو غير ذلك فهو مشرك الشرك الأكبر المخرج من الملة .

ثم قال المصنف رحمه الله :
والدليل قوله تعالى: { وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ }
هذه الاية دليل على عدم جواز صرف العبادة لغير الله , وان من صرف منها شيئا لغير الله فقد كفر , لذلك الله عز وجل يقول { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } وقال ايضا : { وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }
وقوله هنا { وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ } إلها هنا نكرة في سياق الشرط ( الشرط في قوله { وَمَن يَدْعُ } وجواب الشرط في قوله { َإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ }) فإذن إلها نكرة في سياق الشرط فتعم كل مدعو وتعم كل دعاء . فالنكرة في سياق الشرط تفيد العموم .
إذن الشرط في قوله { وَمَن يَدْعُ } ثم جاء جواب الشرط { َإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ } وهذا فيه التهديد وفيه الوعيد لكل من دعا غير الله عز وجل .

قال رحمه الله تعالى :
وفي الحديث: [ الدعاء مخ العبادة ] .
بدا الشيخ الان في الاستدلال على كل نوع من انواع العبادات التي ذكرها بالبداية الاستدلال على كل نوع بدليله , فبدأ بالنوع الاول وهو الدعاء لأنه أهم أنواع العبادة .
فهذا الحديث [ الدعاء مخ العبادة ] اخرجه الامام الترمذي عن أنس رضي الله عنه – وهو حديث ضعيف لكن معناه في معنى الحديث الصحيح – حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما الي رواه ابو داوود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ الدعاء هو العبادة ] , فالحديث يدل على ان الدعاء هو العبادة .

قسم العلماء الدعاء الى قسمين :
1- دعاء المسألة : وهو الطلب الصريح , كقولك مثلا : اللهم اغفر لي , اللهم ارحمني , اللهم اهدني , هذا دعاء مسألة , مثل قول الله تعالى :
{ اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ } .
2- دعاء العبادة : وهي سائر العبادات : الصلاة دعاء , الصيام دعاء , الحج دعاء , الذكر كله دعاء , دعاء يعني دعاء عبادة , وسميت العبادة دعاء لان العبد طالبا للثواب من الله عز وجل .
ثم قال رحمه الله :
والدليل قوله تعالى: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }
انظر في هذه الاية قال تعالى { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي } ثم في اخر الاية قال { إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي } فسمى الدعاء عبادة .

قال رحمه الله :
ودليل الخوف قوله تعالى: { فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
الله عز وجل امر بالخوف منه , وينبغي عليك ايها الحبيب اللبيب أن تعلم
أن الخوف الذي يجب افراد الله سبحانه وتعالى به هو خوف السر , فهذا نهى الله عز وجل عن صرفه لغيره , وخوف السر هو الخوف الذي يتقرب به الخائف للمخوف ويتعبد به الخائف للمخوف منه , وذلك بان يستحضره في الغيب والشهادة وفي السر والعلن ولذلك سماه العلماء بخوف السر , يعني الخوف العبادي الذي يحمل الانسان على فعل الطاعات وترك المنكرات فهذا لا يجوز صرفه لغير الله عز وجل .
وشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يقول : " الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله "
وقال بعض السلف : " لا يعد خائفا من لم يكن للذنوب تاركا "
والخوف من الخلق انواع :
* منه ما هو شرك اكبر كالخوف من الاوثان والخوف من الاموات واعتقاد انهم يعلمون الغيب وانهم يؤثرون بالنفع والضر فهذا شرك اكبر .
*ومنه ما هو معصية كمن قعد عن الجهاد خوفا من العدو وكمن ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفا من ان يلحقه اذى الناس .
* اما خوف الانسان من الاسباب المؤذية لخوفه من السبع او غير ذلك من هذه اشيئاء والامور التي تضره فهذا خوف طبيعي جبلي لا يذم به المرء ولا يأثم .

ثم قال رحمه الله تعالى :
ودليل الرجاء قوله تعالى: { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }
الرجاء هو الطمع في الفضل والعفو والرحمة كما قال ربنا تبارك وتعالى : { أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ }
والرجاء يتضمن التذلل والخضوع .
والرجاء نوعان:
1- رجاء محمود: وهو رجاء رجل عمل بطاعة الله على نور من الله فهو راج لثوابه , أو رجاء رجل أذنب ذنوبا ثم تاب منها فهو راج لمغفرة الله تعالى وعفوه وإحسانه وكرمه.

– رجاء مذموم: وهو رجاء رجل متماد في التفريط والخطايا ثم هو يرجو رحمة الله بلا عمل فهذا هو الغرور والتمني والرجاء الكاذب.

والفرق بين الرجاء والتمني: أن الرجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل , والتمني يكون مع الكسل.

وقوله تعالى : {فمن كان يرجوا} أي: يعمل ويطلب وينتظر. وقوله {لقاء ربّه} المراد باللقاء أو اللقى هنا المعاينة والمراد بها الملاقاة الخاصة
لأن اللقاء يوم القيامة نوعان:
1- نوع خاص: وهذا للمؤمنين وهو لقاء الرضا والنعيم من الله سبحانه وتعالى.
2- لقاء عام: لجميع الناس وقد دل على اللقاء العام قوله تعالى
{ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ }

قال المصنف رحمه الله :
ودليل التوكل قوله تعالى: { وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } وقوله: { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }
تعريف التوكل : هو صدق اعتماد القلب على الله مع الاخذ بالاسباب .
فيجب على المؤمن ان لا يتوكل الا على الله ولا يتوكل على سواه , لذلك اثنى الله عز وجل على المؤمنين بالتوكل عليه قال تعالى :
{ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }
وهذا التوكل يجب افراد الله عز وجل به لفظا وعقدا
اما لفظا فلا يجوز لك ان تقول توكلت على فلان .
واما عقدا ( اي باعتقاد القلب )فلا يجوز ان تركن بقلبك وان تعتمد على غير الله عز وجل فيما لا يقدر عليه الا هو سبحانه …
{ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

يقول ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين بين منازل اياك نعبد واياك نستعين – في قوله تعالى { وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } : " فجعل التوكل على الله شرطا في الايمان فدل على انتفاء الايمان عند انتفاءه فمن لا توكل له لا ايمان له "

قال المصنف رحمه الله :
ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى: { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ }
الرغبة معناها : السؤال والتضرع والابتهال مع محبة الوصول إلى الشيء المحبوب .
فإذا كان يدعو وعنده قوة لحصول مطلوبه فهذه رغبة .
فالرغبة هي الصدق في الرجاء , فهي نوع من الرجاء وهي اعلى مراتبه .

اما الرهبة بمعنى : الخوف المثمر للهروب من المخوف , فهي خوف مقرون بعمل . قال اهل اللعة : الرهبة والرهب: هي مخافة مع تحرز واضطراب .

والرهبة هي الصدق في الخوف , فهي نوع من الخوف وهي منتهى الخوف .

اما الخشوع هو الذل لله عز وجل , والذل امر لا تستقيم العبادة بغيره , فالخشوع هو التذلل وهو بمعنى الخضوع إلا أن الخضوع يغلب أن يكون في البدن والخشوع في القلب أو البصر أو الصوت. الخشوع يكون في القلب قال تعالى: { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ }, ويكون الخشوع في البصر قال تعالى: { خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ } ويكون الخشوع في الصوت قال تعالى: { وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً } .

ثم قال رحمه الله :
ودليل الخشية قوله تعالى: {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي }
الخشية بمعنى: الخوف ولكن الخشية أخص لأنها مبنية على علم بتعظم من يخشاه. قال ااهل اللغة : الخشية: خوف يشوبه تعظيم.
وأكثر ما يكون ذلك عن علم بمن يخشى منه , لذلك خص العلماء بها في قوله: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء } .

قال رحمه الله :
ودليل الإنابة قوله تعالى: { وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ }
الانابة هي: الرجوع الى الله سبحانه وتعالى في كل الامور , والاقبال عليه بعبادته .
وحقيقة الإنابة عكوف القلب على طاعة الله ومحبته والإقبال عليه .

ثم قال رحمه الله :
ودليل الاستعانة قوله تعالى‏:‏ ‏ {‏اِيَّاكَ نَعْبُدُ واِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏} , وفي الحديث : [ اذا استعنت فاستعن بالله ]
الاستعانة هي: طلب العون , لأن الألف والسين والتاء في اللغة للطلب، فإذا قيل : استعان فمعناه طلب الإعانة، وإذا قيل : استغاث، أي : طلب الغوث. وإذا قيل : استخبر، أي : طلب الخبر. واذا قيل : استغفر , اي طلب المغفرة .
وطلب العون من الله جل وعلا يكون على الامور الدنيوية وعلى الامور الدينية , فإن من اقر بأن الله عز وجل هو المعبود طلب العون منه وحده .

{‏اِيَّاكَ نَعْبُدُ واِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏} اي اطلب العون منك يا الله

وفي الحديث [ فاذا استعنت فاستعن بالله ] هذا الحديث رواه احمد والترمذي وحسنه الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه جامع العلوم والحكم .وهذا جزء من حديث ابن عباس : [ احفظ الله يحفظك ] وفيه [ اذا استعنت فاستعن بالله ].

[ اذا استعنت فاستعن بالله ] : اي عليك ان تحصر استعانتك وطلبك العون في الله سبحانه وتعالى، فمن استعان بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فهو مشرك .

ثم قال رحمه الله :
ودليل الاستعاذة قوله تعالى: { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }
الاستعاذة : هي طلب العوذ او طلب العياذ والعصمة , نقول استعيذ بالله او اعوذ بالله { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } , { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } ,
{ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }
اي قل اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
فالاستعاذة هي الاعتصام والالتجاء إلى من تعتقد أنه يعيذك ويلجئك.
{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } , { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } هذه آيات عظيمة , جاء في حديث عقبة ابن عامر رضي الله عنه عند مسلم في صحيحه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ ألم ترى آيات أنزلت الليلة لم يرى مثلهن قط قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ]
ويدخل في الاستعاذة بالله جل وعلا : الاستعاذة بصفاته، والاستعاذة بكلماته وبعزته، ونحو هذا، كما ورد في الاحاديث الصحيحة :
جاء في الحديث [أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ] كما عند مسلم في صحيحه ،
وجاء ايضا [ أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ] عند مسلم . فهذه استعاذة بالله سبحانه وتعالى .
أما الاستعاذة بالأموات أو بالأحياء غير الحاضرين القادرين فهذا شرك ,أما الاستعاذة بملخوق يمكن العوذ به لأنه قادر، فهذا يجوز كما لو هربت من سبع والتجأت إلى شخص آخر يحميك، أو هربت من عدو والتجأت إلى شخص آخر يمنعك منه. وقد يكون الالتجاء إلى أمكنة، كأن يتسلق شجرة أو يدخل في مكان، فمثل هذا لا بأس به , جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال : [ من وجد ملجأ أو معاذاً فليعذ به ] .

ثم قال رحمه الله :
ودليل الاستغاثة قوله تعالى: { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ }
الاستغاثة هي : طلب الغوث ممن يستطيع ان ينقذك من شدة او من ضيق .

والفرق بين الاستغاثة والاستعاذة :
أن الاستعاذة ان تطلب منه أن يعصمك وأن يمنعك وأن يحصنك، والاستغاثة ان تطلب منه أن يزيل ما فيك من شدة، وهذا لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى القادر على كل شيء.

الاستغاثة والاستعاذة يتضمنان كمال الافتقار إلى الله سبحانه وتعالى .

وقوله تعالى : { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ } أي : تستجيرون ربكم وتطلبون منه الغوث فاستجاب لكم. وهذه الآية نزلت في غزوة بدر الكبرى. وكان المشركون أكثر من المسلمين ثلاث مرات، فالمسلمون بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم تضرعوا إلى الله سبحانه وتعالى وتوجهوا اليه بأن يمدهم بالنصر وأن يخلصهم من هذا الموقف الذي هم فيه.

ثم قال رحمه الله :
ودليل الذبح قوله تعالى: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } , ومن السنه : [ لعن الله من ذبح لغير الله ] .

الذبح لغة : هو شق حلق الحيوان .
والمراد هنا : ذبح ما يتقرب به لله عز وجل .

والذبح تقربا الى الله عز وجل انواع :
* الاضحية .
* الهدي في الحج والعمرة .
* العقيقة .
وكلها من القرابين والانساك التي جاءت في الشريعة .

وقوله عز وجل { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي } قيل ان المراد بالصلاة هنا : الدعاء , وقيل المراد بالصلاة : الصلاة المعروفة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالسليم , فالصلاة لله وحده جل في علاه .

وقوله تعالى { وَنُسُكِي } النسك قيل في تفسيره : هو ما يتقرب به الى الله من الذبائح والقرابين , وقيل ان النسك هنا يشمل كل ما يتعبد به .
والنسك لغة يطلق على ما يتقرب به من العبادات ,
منه ايضا الحج والعمره المناسك , فالمناسك هنا لا تقتصر على الذبح بل النسك يشمل الذبح ويشمل غيره .

وقوله تعالى { وَمَحْيَايَ } اي امر حياتي وما اعمله فيها .

وقوله تعالى { وَمَمَاتِي } اي امر موتي وما القاه بعد ذلك .

وقوله :
ومن السنة : [ لعن الله من ذبح لغير الله ]
طبعا اللعن يقتضي تحريم الفعل الملعون صاحبه , وهذا الحديث [ لعن الله من ذبح لغير الله ] جزء من حديث عليا رضي الله عنه قال : " حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات : [ لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثًا، لعن الله من غيَّر منار الأرض ] اخرجه مسلما في صحيحيه , الشاهد منه ما ذكره الشيخ رحمه الله من قوله عليه الصلاة والسلام : [ لعن الله من ذبح لغير الله ] .

واللعن: هو الطرد والإبعاد من رحمة الله.

ثم قال رحمه الله :
ودليل النذر قوله تعالى:{ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرا }
النذر : أن يلزم الإنسان نفسه شيئًا غير لازم بأصل الشرع، فيلزم نفسه بصدقة أو صيام أو صلاة أو غير ذلك، إما بتعليقه على شيء نحو : إن شفى الله مريضي لأصومن ثلاثة أيام أو أتصدق بكذا، أو يكون ابتداء نحو : لله عليَّ أن أتصدق بكذا. والجمهور على أنه مكروه. وقال طائفة بتحريمه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، وقال : [ إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل ] كما في الصحيحين .
ولكنه إذا وقع وجب الوفاء به في الجملة .

قوله { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } وجه الدلالة من الآية على أن النذر عبادة : أن الله مدح واثنى على الموفين بالنذر، وكل أمر مدحه الشارع، أو أثنى على من قام به فهو عبادة , ولهذا أمر الله تعالى بالوفاء به في قوله تعالى : { وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ } أي : أعمال حجهم وسميت نذورًا لأن من أحرم بالحج فقد ألزم نفسه إتمامه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري : [ من نذر أن يطيع الله فليطعه ]
فالنذر عبادة لا يجوز للإنسان أن ينذر لغير الله تعالى. فمن نذر لصنم أو لنبي او لولي فهو نذر باطل يحرم الوفاء به بالإجماع .

جزاك الله الف خير

وجزاج بمثله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.