في التعامل مع الأزمـــات أي الزوجات أنتِ؟
محيط – فادية عبود
صحيح أن وراء كل عظيم امرأة، ولكنها إن لم تكن بالحكمة الكافية قد تضيع مجهود السنوات عند أول أزمة، خاصة وأن الكثير من الأسر العربية تأثرت بالأزمة المالية العالمية وانهيار البورصات .
تناول الدكتور تامر جمال عضو الجمعية العالمية للصحة النفسية بمركز «إشراق» للدراسات الاستشارية والتربوية، تأثير الأزمة العالمية على الزوجة والأسرة العربية في دراسة جديدة، ويوضح تأثير الأزمة قائلاً لـ"مجلة سيدتي" : في ظل الأزمات الاقتصادية التي يمر بها العالم، والتي أدت إلى انهيار الكثير من الكيانات الكبرى، كان لابد أن يتأثر المجتمع العربي نظرًا لاندماجه مع العديد من الشركات العالمية الكبرى، ومن هنا كان البحث عن كيفية التعامل مع هذه الأزمات المالية بشكل اجتماعي، وما يجب على الزوجة أن تتحلى به لتفادي تلك العقبة والمحنة التي ألمت بنشاط الزوج وأثرت على رأسماله وأعماله؟!
موضحاً أن هناك تقلبات مادية كثيرة قد تمر بالزوج، وليس شرطًا أن يكون رجل أعمال أو صاحب استثمارات ضخمة، ولكن لا يوجد شخص بعيد عن الشعور بالأزمة، وإن كانت تختلف طبيعة شعوره بها ما بين مرحلة عمرية وأخرى.
ويختلف تأثيرها على الزوج في الأربعينيات من العمر، حيثُ لم يصل لمرحلة الكبر في السن بشكل ينعكس عليه بالاكتئاب نظرًا لضعفه وقلة قوته، ويكون لديه الأمل والرغبة في الإصلاح من أجل أسرته وحياته التي كونها.
النســاء أنـــواع
أشارت نتائج الدراسة التي قام بها الدكتور تامر جمال إلى وجود أكثر من نوع للزوجات، يبرزن في تعاملهن مع تلك الأزمة، ولأن المرأة كائن رقيق بطبعها، كانت هي الأسرع في تأثرها بأي تغيير يحدث داخل الأسرة، لذلك نجد أن هناك كثيرًا من الأزواج، يخفون حقيقة نشاطهم التجاري أو مرورهم بأي أزمات اقتصادية، تخوفًا من رد فعل الزوجة وانعكاس ذلك بالتالي على الأبناء.
وأكد الدكتور تامر جمال أن مدى قدرة الزوجة على تحمل خبر مثل إفلاس شركة زوجها أو ضياع أمواله بالبورصة أو خسارة أي مشروع تجاري لها، تتوقف على طبيعتها واستعدادها النفسي .
الهلوعة والتأثر النفسي
الزوجة الهلوعة شديدة القلق والخوف، تتأثر نفسيًّا بسرعة، ورغم تجاوز زوجها أي آثار للقلق والإحباط دون أي متاعب نفسية، لكنها لا تستطيع أن تخرج من حالة الهلع التي تصيبها بعد سماع أي خبر سيء، يؤثر على أسرتها، وقد يكون هذا الخبر متعلقًا بصحة الزوج والأبناء أو بتأثر الدخل وضعف القوى المادية للأسرة، وهنا يتملكها القلق والإحباط بشدة ويؤثر سلبيًّا عليها، حتى وإن كان بدافع الحب وبعيدًا عن المصلحة.
ويرى الدكتور تامر أن خطورة وضع هذا النوع من الزوجات تتفاقم، فهي إما أن تُصاب بمرض نفسي، يربك الأسرة، ويزيد من صعوبة الحل، وإما أنها من شدة الهلع والخوف والقلق تربك كل منْ حولها، بل وأحيانًا ما تدفع زوجها إلى تطليقها، خاصة أنه يكون في حالة من عدم الاتزان، يصاحبه عدم القدرة على الحكم الجيد على الأمور، وقد تلجأ إلى الطلاق رغبة في تأمين مستقبلها ومستقبل أبنائها فتكون بمثابة العبء على الزوج.
المتماسكة ظاهريًّا والضعف الجنسي
لا تمتلك الزوجة المتماسكة ظاهرياً شيئًا من الذكاء، فهي تبدو متماسكة، ولكن في نفس الوقت تشعره بالعجز، وقد لا تعقب على هذا الموقف بنفسها، ولكن لسان حالها يقول إن كل الكلام، بالإضافة إلى إشاراتها وتلميحاتها، تشعر زوجها بالعجز وبعدم قدرته على حل الأزمة، لأنها كما تعتقد هي أنه مهما حاول فإن الأزمة لن تنتهي.
هذا النوع من الزوجات ترهق زوجها نفسيًّا وبالتالي تقل الرغبة الجنسية لديه، وتكون هي السبب في إصابته بالمرض دون أن تشعر.
الحكيمة تتجاوز الأزمة
هذا النمط الحكيم من الزوجات يطلق عليه الزوجة الأصيلة ، تستطيع أن تعْبر مع زوجها الأزمات، حتى وإن طالت مدتها، تكون هي العون والمدد له لاجتيازها، لأنها تضع مستقبل أسرتها وأبنائها وزوجها هدفها الذي تحارب من أجله وتحافظ على بقائه.
وتلك الزوجة يحصل زوجها منها على الدعم النفسي، بل وأحيانًا المادي عندما تفكر في أي وسيلة لتعوضه ماديًّا عن خسارته، خاصة إنْ كان لديها مصدر رزق خاص بها، فتتجاوز الأزمة معه بسرعة، وإنْ استمرت الأزمة طويلاً تعمل جاهدة على ألا يشعر الأبناء بها وكل المحيطين أيضًا.
زوجة المصلحة تفر بنفسها
زوجة المصلحة امرأة طماعة، زوجها في نظرها مجرد بنك متنقل أو بطاقة ائتمان تستطيع بها شراء كل ما تحلم به دون محاذير، وهي لا تمنح أي دعم لأسرتها، وأول قرار تفكر فيه هو الانفصال، خاصة إنْ كان هناك أي ممتلكات أو منشآت باسمها، فتفكر في الهرب قبل أن يسطو عليها الزوج، كما تعتقد أو تتصور، وقد تترك الأبناء لزوجها أو تأخذهم ليكونوا خيطًا يربطها بزوجها حتى بعد الانفصال، أملاً في تغيير الحال وتجاوز تلك الأزمة المادية.
ساعدي زوجك داخل المنزل
من العار على المرأة العربية التخلي عن زوجها الذي ينتظرها تشد من أزره في الأزمات، إن أول مساعداتك تبدأ داخل من منزلك بترشيد الاستهلاك والتوفير في الميزانية ، إليكِ نصائح خبراء الاقتصاد المنزلي :
* عند شراء لمبات الكهرباء ابحثي عن النوع الفلوريسنت الموفرة للطاقة .
* احرصي على إعداد الإفطار لزوجك وأولادك في المنزل بدلاً من تناوله في العمل والجامعة توفيراً للنفقات .
* أعدي كيك منزلي واعطي لزوجك قطعة لتناوله في المكتب وقت الظهيرة مع الشاي توفيراً لوجبة الغداء حتى يتناولها معك في المنزل .
* عند شراء أي آلة كهربية جديدة احرصي على البحث عن النوع الموفر للكهرباء .
* عند استعمال المكواة اضطبيها على درجة الحرارة المناسبة للقماش توفيراً للكهرباء، ولا تقومي بعمل شيء آخر بجانب الكي وتتركي المكواة في الكهرباء .
* استعملي الماء البارد أو الدافئ في دورات الغسيل بدلاً من الساخن كلما أمكن الأمر ، واستفيدي بأشعة الشمس في التجفيف بدلاً من المجفف الكهربي .
* الغي اشتراك العضوية بالنادي الرياضي إن كانت أسرتك لا تذهب إليه أكثر من مرة واحدة أسبوعياً .
* لا تخرجي للسهر خارج المنزل أثناء الأسبوع اكتفي بمرة في عطلة نهاية الأسوبع ، وإن كنتِ تخرجين مرة أسبوعياً اجعليها مرة شهرياً .
* حضري أنتِ وجبات خفيفة للعشاء بدلاً من شراءها كالبيتزا ، وساندويتشات البرجر وال*** دوج .
* انظري إلى فاتورة هاتفك المحمول ، ولا تستخدميه إلا في الضرورة فقط .
*قبل أن تشتري أي غرض اسألي نفسك : هل أنا فعلاً بحاجة إليه ؟
* تبادلي الكتب مع الأصدقاء وبذلك توفرين ثمن شراء كتاب جديد .
* ادفعي المال نقداً واتركي بطاقة الائتمان في المنزل عندما تخرجين .
* ارفعي مستوى الأسرة المادي بحثك عن عمل إضافي لكِ ، أو نزولك إلى سوق العمل إذا كنتِ مؤهلة إلى ذلك .
خططي للميزانية
اعلمي يا عزيزتي أن التخطيط العملي للميزانية يتطلب منك أن تكون بصحبتك قلم ودفتر الميزانية الخاص ، إليكِ نصائح الخبراء في التخطيط للميزانية :
1- راقبي المصروفات وتابعي الإيرادات الداخلة إلى الأسرة، واحرصي على ألا تكون الأمور غامضة .
2- اكتبي كل دخل الأسرة من الإيرادات سواء كانت هذه الإيرادات من راتب شهري أو مكافأة سنوية أو ميراث أو وصية أو عائد استثماري، وكذلك كتابة المصاريف يوما بيوم من مطعم ومشروب وملبس وتعليم وأدوية ووسائل اتصال ونقل وأثاث وخدم وغير ذلك.
3- ضعي دفتراً خاصاً للحسابات الأسرية ولا يشترط أن يكون على أنظمة المحاسبة المعتمدة، بل المهم أن تبين فيه الإيرادات والمصروفات والتوفير، إذا كنت ماهرة في التعامل مع الكومبيوتر، فهناك برامج خاصة لمتابعة الميزانية الشخصية.
4- بعد فترة من الكتابة والمتابعة يمكنك تطوير نظامك المحاسبي، وتستفيدي من تجاربك السابقة وضعي جدولا خاصا حسب المصاريف والإيرادات.
5- تمتعي بالمرونة تحسباً للظروف التي قد تحتاج إليها الأسرة من غير حساب، فكوني مستعدة لذلك ، واجعلي ميزانيتك تستوعب أي مستجدات طارئة.
6- لابد أن تجلسي أنت وزوجك مع الأبناء للتحدث بخصوص الميزانية، وكتابة الحسابات حتى يتعلم الابن أن الوالدين يخططان للأسرة ويقدران المصاريف. فليس كل ما يشتهيه يشتريه، إلا إذا سمحت الميزانية بهذا كما أن الأبناء يستفيدون من ذلك في كيفية إدارة حياتهم المستقبلية.
7- ابتكري أسلوبا جديداً للتوفير من الإيرادات حتى تكون الميزانية قوية، فمثلا أطلقي على أسبوعاً من الأسابيع"لا شيء" وحاولي التقليل من المصاريف قدر الإمكان. أو أن يقتطعا مبلغا معينا من الإيراد لتدخليه في حساب معين لا يُمس وكأنه مصروف ثابت شهري لكنه يكون للتوفير أو تسديد الديون.
تأهيــل الأبنــــاء
جاء الآن دور تأهيل أبناءك على تخطي الأزمات الاقتصادية في أي وقت، فلا توجد أسرة أوضاعها مستقرة دائماً، وتؤكد الدكتورة سهير عبد العزيز، أستاذة علم الاجتماع، ورئيسة مركز دراسات الأسرة والتنمية بجامعة الأزهر، أن الزوجة القوية هي التي تستطيع أن تمر هي وأسرتها بالأزمة دون أن يشعر أحد حتى أبناؤها، خاصة إنْ كانوا في سن صغيرة، فلا يتطلب الأمر سوى تغيير المدرسة بمدرسة أقل تكلفة، ولكن إنْ زاد الأمر على ذلك واحتاج إلى تغير السكن أيضًا، هنا لابد من مناقشة الحدث مع الأبناء لمعرفتهم بالتغييرات الجديدة التي طرأت على الأسرة، حتى يمكنهم استيعاب الحياة الجديدة.
وتنصح الدكتورة سهير ، بحسب مجلة "سيدتي" أنه يجب ألا يصل الأمر إلى الدرجة التي يحمل فيها الأبناء الهموم الثقيلة مع الوالدين، ولكن يكفي أن يكون لديهم علم بالتغيرات الجديدة واستعداد لتحمل الأزمة مهما طالت، فالأمر يتوقف هنا على تنشئة الأبناء اجتماعيًّا بشكل يجعلهم قادرين على تأجيل رغباتهم الآنية، فليس كل طلب يُجاب.
وتضيف : مهما تحسنت إمكانيات الأسرة المادية ومهما وصلت للغنى، فيجب أن تكون هناك كلمة (لا) أو (ليس الآن) أو (في المرة القادمة)، وتلك الكلمات من شأنها أن تؤهل الطفل لتقبل الأزمة حتى تصل للحل.
هل أنت الزوجة حكيمة أم هلوعة أم متماسكة في اجتياز الأزمات ؟ وكيف تجتازينها ؟ شاركينا