تخطى إلى المحتوى

مركب النقص قد يكون مركب الكمال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خليجية
مُرَكَّبُ النقْصِ قد يكونُ مُرَكَّبَ كمالٍ

﴿ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ . بعضُ العباقرةِ شقُّوا طريقهم

بصمودٍ لإحساسِهم بنقصٍ عارضٍ ، فكثيرٌ من العلماءِ كانوا موالي

، كعطاءٍ ، وسعيدِ بن جُبيْرٍ ، وقَتَادَةَ ، والبخاريِّ ، والترمذيِّ ، وأبي حنيفة .

وكثيرٌ منْ أذكياءِ العالمِ وبحورِ الشريعةِ أصابهُم العمى ، كابن عباسٍ ، وقتادة ،

وابنِ أمِّ مكتوم ، والأعمشِ ، ويزيدِ بنِ هارون .

ومن العلماء المتأخرين : الشيخُ محمدُ بنُ إبراهيم آل الشيخ ، والشيخُ عبدُاللهِ بنُ حميد ،

والشيخُ عبدُالعزيزِ بنُ بازٍ . وقرأتُ عن أذكياء ومخترعين وعباقرةٍ عَرَبٍ كان بهمْ عاهاتٌ ،

فهذا أعمى ، وذاك أصمُّ وآخرُ أعوجُ ، وثانٍ مُقْعدٌ ، ومع ذلك أثَّروا في التاريخ

، وأثَّروا في حياةِ البشريةِ بالعلومِ والاختراعاتِ والكشوفِ . ﴿وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾.
خليجية

ليستِ الشهادةُ العلميةُ الراقيةُ كلَّ شيءٍ ، لا تهتمَّ ولا تغتمَّ ولا تضِقْ ذرْعاً

لأنك لم تنلِ الشهادة الجامعية ، أو الماجستير ، أو الدكتوراه ، فإنها ليستْ كلُّ شيء

، بإمكانِك أنْ تؤثِّرَ وأنْ تلمع وأنْ تقدّم للأمةِ خيراً كثيراً ، ولوْ لمْ تكنْ صاحب شهادةٍ علميةٍ .

كمْ منْ رجلٍ شهيرٍ خطيرٍ نافعٍ لا يحملُ شهادةً ، إنما شقَّ طريقه بعصاميَّتِهِ

وطموحِه وهمَّتِه وصمودِه . نظرتُ في عصرِنا الحاضرِ فرأيتُ كثيراً من المؤثِّرين

في العالمِ الشرعي والدعوةِ والوعي والتربيةِ والفكرِ والأدبِ

، لم يكنْ عندهمْ شهاداتٌ عالميةٌ ، مثلُ الشيخ ابن بازِ ، ومالكِ بنِ نبيٍّ ،

والعقادِ ، والطنطاوي ، وأبي زهرة ، والمودوديِّ والندويِّ ، وجمعٍ كثيرٍ .

ودونك علماء السلفِ ، والعباقرة الذين مرُّوا في القرونِ المفضَّلةِ .

نفسُ عصامٍ سوَّدتْ عِصاما
وعلَّمتْهُ الكرَّ والإقداما

خليجية

وعلى الضدِّ منْ ذلك آلافُ الدكاترةِ في العالمِ طولاً وعرضاً

، ﴿هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً﴾. القناعةُ كَنْزٌ عظيمٌ

، وفي الحديثِ الصحيحِ : (( ارض بما قسم اللهُ لك تَكُنْ أغنى الناسِ )) .

ارضْ بأهلِك ، بدخْلِك ، بمرْكبِك ، بأبنائِك ، بوظيفتِك ، تجدِ السعادة والطمأنينة .

وفي الحديثِ الصحيحِ : (( الغِنى غِنى النفسِ )) .

وليس بكثرةِ العرضِ ولا بالأموالِ وبالمنصبِ، لكنَّ راحة النفسِ ، ورضاها بما قَسَمَ الله.

وفي الحديثِ الصحيحِ : ((إنَّ الله يحبُّ العبد الغنيَّ التقيَّ الخفيَّ)) .

وحديثِ : ((اللهمَّ اجعلْ غناه في قلبِهِ )) .

قال أحدُهم : ركبتُ مع صاحبِ سيارةٍ من المطارِ ، متوجّهاً إلى مدينةٍ من المدنِ

، فرأيتُ هذا السائق مسروراً جذِلاً ، حامداً للهِ وشاكراً ، وذاكراً لمولاهُ ،

فسألُه عن أهلِه فأخبرني أنَّ عنده أسرتين ، وأكثر منْ عشرةِ أبناءٍ ،

ودخلُهُ في الشهرِ ثمانمائةِ ريالٍ فَحَسْبُ ، وعنده غُرفٌ قديمةٌ يسكنُها هو وأهلُه

، وهو مرتاح البالِ ، لأنهُ راضٍ بما قَسَمَ اللهُ لهُ .

قال : فعجبتُ حينما قارنتُ بين هذا وبين أناسٍ يملكونُ ملياراتٍ من الأموالِ والقصورِ

والدورِ ، وهمْ يعيشون ضنْكاً من المعيشةِ ، فعرفتُ أن السعادة ليستْ في المالِ
.
خليجية

عرفتُ خَبَرَ تاجرٍ كبيرٍ ، وثريٍّ شهيرٍ عندهُ آلافُ الملايين وعشراتُ القصورِ والدورِ ،

وكانَ ضيِّق الخُلُقِ ، شرس التعاملِ ثائر الطبع ، كاسف البالِ ، مات في غربةٍ عنْ أهلِه ،

لأنهُ لم يَرْضَ بما أعطاهُ اللهُ إياه ، ﴿ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ{15} كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً﴾.

منْ معالمِ راحةِ البالِ عند العربيِّ القديمِ أنْ يَخْلُو بنفسِه في الصحراءِ ، وينفرد عنِ الأحياءِ

، يقولُ أحدُهم :
خليجية
عوى الذئبُ فاستأنستُ بالذئبِ إذْ عوى

وصوَّت إنسانٌ فكِدْتُ أطِيرُ

وقد خرج أبوٍّ ذر إلى الربذةِ . وقال سفيانُ الثوريَّ : ودِدْتُ أني في شِعْبٍ من الشِّعابِ

لا يعرفُني أحدٌ ! وفي الحديثِ : (( يُوشِكُ أنْ يكون خَيْرَ مالِ المسلمِ : غَنَمٌ يتبعُ بها

مواقع القطرِ وشعف الجبالِ ، ويفرُّ بدينِه من الفِتنِ )) .
خليجية

فإذا حصلتِ الفتنُ كان الأسلمُ للعبدِ الفرار منها ، كما فعل ابنُ عُمرَ وأسامةُ بنُ زيدٍ

ومحمدُ بنُ مسلمة لما قُتِل عثمانُ .
عَرفْتُ أناساً ما أصابهمُ الفقْرُ والكدرُ وضيِقُ الصَّدْرِ إلا بسببِ بُعْدِهم عنِ اللهِ عزَّ وجلَّ

، فتجدُ أحدهم كان غنيّاً ورزقُهُ واسعاً ، وهو في عافيةٍ منْ ربِّه ، وفي خيرٍ منْ مولاه

، فأعرض عنْ طاعِة اللهِ ، وتهاون بالصلاةِ ، واقترف كبائر الذنوبِ ، فسلبَه ربُّه عافية بدنِه

، وَسَعَةَ رِزْقِهِ ، وابتلاهُ بالفقْرِ والهمِّ والغمِّ ، فأصبح منْ نكدٍ إلى نَكَدٍ ، ومنْ بلاءٍ إلى بلاءٍ ،

﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ﴾ ، ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا

عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾ ، وقوله تعالى : ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ

أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾ ، ﴿وَأَن أَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً﴾.
خليجية

ودِدتُ أنَّ عندي وصفةً سحريَّة ألقيها على همومك وغمومِك وأحزانِك

، فإذا هي تلْقفُ ما يأفِكون ، لكنْ مِنْ أين لي ؟! ولكنْ سوف أخبرُك

بوصفةٍ طبيَّةٍ منْ عيادةِ علماءِ الملَّةِ وروَّاد الشَّريعةِ ، وهي : اعبدِ الخالق

، وارض بالرزقِ ، وسلّمْ بالقضاءِ ، وازهدْ في الدُّنيا ، وقصَّرِ الأمل

. انتهى .
خليجية
عجبتُ العالِم نفسانٍّي شهيرٍ أمريكيٍّ ، اسمُهُ ( وليم جايمس ) ،

هو أبو علِم النفسِ عندهم ، يقولُ : إننا نحنُ البشرُ نفكِّرُ فيما لا نملكُ

، ولا نشكرُ الله على ما نملكُ ،

وننظرُ إلى الجانبِ المأسويِّ المظلمِ في حياتِنا ، ولا ننظرُ إلى الجانب المشْرقِ فيها

، ونتحسَّرُ على ما ينقصُنا ، ولا نسعدُ بما عندنا ، ﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ ،

(( وأعوذُ باللهِ منْ نفسٍ لا تَشْبَعُ )) .

وفي الحديثِ : (( منْ أصبح والآخرةُ همُّه ، جمع اللهُ شمله ، وجَعَلَ غناه في قلبِه

، وأتتْه الدنيا وهي راغمةٌ ، ومنْ أصبح والدنيا همُّه ، فرَّق اللهُ عليهِ شمله

، وجعلَ فَقْرَهُ بين عيْنَيْه ، ولم يأتِه من الدنيا إلاَّ ما كٌتِب له))

. ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾.

خليجية

صاحبة الامتياز

اشكرك على هذا الموضوع

لك مني جزيل الشكر

شكرا لك ام ينوله على المرور الطيب

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. .

يزاج الله خير أختي ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.