مصطلح التوحيد في السنة
يزعم بعض الناس أن لفظ التوحيد مصطلح حادث لم يرد في السنة، وهذا الوهم ناشئ عن عدم استقراء تام لكتب السنة التي نقلت هذا المصطلح.
وسنذكر من ذلك جملة أحاديث صحيحة جاء فيها لفظ (التوحيد) اللفظ صريحًا، وأخرى ورد فيها بالمصدر المؤول، وأخيرة ورد فيها بالفعل الدال عليه، ولذلك اعتمد علماء الحديث السلف الصالح هذا المصطلح، وذكروه، وصنفوا فيه كتبًا، وسموا مصنفاتهم به؛ كـ «التوحيد» لابن منده، و«التوحيد» لابن خزيمة، و«التوحيد» لابن عبد الوهاب – رحمهم الله جميعًا-.
أولًا: الأحاديث التي ورد فيها لفظ التوحيد صريحًا:
1- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : أن العاص بن وائل نذر في الجاهلية: أن ينحر مائة بدنة، وأن هشام بن العاص نحر حصته خمسين بدنة، وأن عمرًا سأل النبيعن ذلك، فقال: «أما أبوك، فلو كان أقر بالتوحيد، فصمت، وتصدقت عنه؛ نفعه ذلك». («الصحيحة» (484)).
2- عن الحارث بن الحارث الغامدي قال: قلت لأبي: ما هذه الجماعة؟ قال: هؤلاء القوم قد اجتمعوا على صابئ لهم، قال: فنزلنا؛ فإذا رسول الله يدعو الناس إلى توحيد الله -عز وجل- والإيمان به، وهم يردون عليه، ويؤذونه حتى انتصف النهار، وتصدع عنه الناس، وأقبلت امرأة قد بدا نحرها، تحمل قدحًا ومنديلًا، فتناوله منها وشرب وتوضأ، ثم رفع رأسه وقال: «يا بنية خمري عليك نحرك، ولا تخافي على أبيك» قلنا: من هذه؟ قالوا: هذه زينب بنته»، (أخرجه الطبراني في «الكبير» (3373)، وابن أبي عاصم في «الأحاديث والمثاني» (2403)، وانظر «جلباب المرأة المسلمة» (ص 79)).
3- عن أبي هريرة أن رسول الله «كان إذا أراد أن يضحي اشترى كبشين عظيمين أقرنين أملحين موجوءين، فذبح أحدهما عن أمته، لمن شهد لله بالتوحيد، وشهد له بالبلاغ، وذبح الآخر عن محمد وعن آل محمد ».
(أخرجه ابن ماجه (3122)، وانظر: «إرواء الغليل» (1138)).
4- عن جابر بن عبد الله ] قال: رسول الله: «يعذب ناس من أهل التوحيد في النار، حتى يكونوا فيها حممًا، ثم تدركهم الرحمة، فيخرجون؛ ويطرحون على أبواب الجنة، قال: فيرش عليهم أهل الجنة الماء، فينبتون كما ينبت الغثاء في حمالة السيل، ثم يدخلون الجنة». («الصحيحة» (2451)).
5- عن عبادة بن الصامت عن النبي : «من شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله؛ حرم الله عليه النار». ثم ذكر الترمذي وجهه: أنه قبل نزول الفرائض والأمر والنهي. ثم قال: وقد روى عن ابن مسعود، وأبي ذر، وعمران بن حصين، وجابر بن عبد الله، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وأنس عن النبي ؛ أنه قال: «سيخرج قوم من النار من أهل التوحيد، ويدخلون الجنة».
وهكذا روي عن سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وغير واحد من التابعين في تفسير هذه الآية: *}رُبّمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفََرَواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ*{ (الحجر: 2)، (أخرجه الترمذي (2638)).
6- عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: دخلنا على جابر بن عبد الله، فسأل عن القوم حتى انتهى إلي، فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين، فأهوى بيده إلى رأسي، فنزع زري الأعلى، ثم نزع زري الأسفل، ثم وضع كفه بين ثديى، وأنا يومئذ غلام شاب، فقال: مرحبًا بك يا ابن أخي سل عما شئت.
فسألته -وهو أعمى- وحضر وقت الصلاة، فقام فى نساجة ملتحفًا بها، كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها، ورداؤه إلى جنبه على المشجب، فصلى بنا، فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله ؟ فقال بيده فعقد تسعًا، فقال: إن رسول الله مكث تسع سنين لم يحج، ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله حاج، فقدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله ، ويعمل مثل عمله فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبى بكر، فأرسلت إلى رسول الله كيف أصنع؟ قال: «اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي». فصلى رسول الله فى المسجد، ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شىء عملنا به، فأهل بالتوحيد: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد، والنعمة، لك والملك، لا شريك لك». وأهل الناس بهذا الذي يهلون به…» الحديث. (أخرجه البخاري (5571)، ومسلم (3009)).
7- قال : «كان رجل ممن كان قبلكم لم يعمل خيرًا قطُّ؛ إلا التوحيد، فلما احتضر قال لأهله: انظروا؛ إذا أنا متُّ أن يحرِّقوه حتى يدعوه حممًا، ثم اطحنوه، ثم اذروه في يوم ريح، ثم اذروا نصفه في البر، ونصفه في البحر، فوالله؛ لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذابًا لا يعذبه أحدًا من العالمين، فلما مات فعلوا ذلك به، فأمر الله البر فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، فإذا هو قائم في قبضة الله، فقال الله -عز وجل-: يا ابن آدم! ما حملك على ما فعلت؟ قال: أي ربِّ! من مخافتك -وفي طريق آخر: من خشيتك وأنت أعلم-، قال: فغفر له بها، ولم يعمل خيرًا قطّ؛ إلا التوحيد». («الصحيحة» (3048)).
ثانيًا: الأحاديث التي ورد فيها لفظ التوحيد بالمصدر المؤول:
1- عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن رسول الله لما بعث معاذًا إلى اليمن قال: «إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله -تعالى-، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم، فإذا أقرّوا بذلك فخذ منهم، وتوق كرائم أموال الناس». (أخرجه البخاري (1458)، مسلم (19)).
2- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النّبيّ قال: «بني الإسلام على خمسة: على أن يوحَّد الله، وإقام الصَّلاة، وإيتاء الزَّكاة، وصيام رمضان، والحجِّ». فقال رجلٌ: الحجِّ، وصيام رمضان. قال: لا. صيام رمضان والحجِّ، هكذا سمعته من رسول الله . (أخرجه مسلم (16)).
ثالثًا: الأحاديث التي ورد فيها لفظ التوحيد بالفعل الدال عليه:
1- عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله يقول لقوم: «من وحّد الله -تعالى-، وكفر بما يعبد من دونه؛ حرم الله ماله، ودمه، وحسابه، على الله -عز وجل-». (أخرجه أحمد (15875))
منقول من موقع الصحيفة الصادقة
ww.alsadiqa.com