تخطى إلى المحتوى

وقاية الأولاد من النار

  • بواسطة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وقاية الأولاد من النار

الحمد الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي وحده.

أما بعد:

إن الأمانة ليست مقصورة على حفظ الودائع، بل هي أعم من ذلك، فهي تشمل مجالات عديدة؛ فالصلاة أمانة، والزكاة أمانة، والبيع والشراء أمانة، والأولاد أمانة؛ يقول الله-تعالى-: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} سورة الأحزاب: (72). وقد أمر الله-تعالى- بوقايتهم من النار، قال الله-تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} سورة التحريم: (6). وعن محمد بن حاطب قال: سمعت ابن عمر -رضي الله عنه- يقول: الرجل أدب ابنك أبنك فإنك مسؤول عن ولدك، ما علمته، وهو مسؤول عن بره وطاعته لك. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم- : أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (كلكم راع ومسؤول عن رعيته فالإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته)1.

إن الأولاد –ذكوراً وإناثاً- نعمة من نعم الله على عباده، فهم نفحة إلهية، وهبة ربانية، يختص الله بها من يشاء من عباده ولو كان فقيراً، ويمنعها عمن يشاء من خلقه ولو كان غنياً، قال تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} سورة الشورى: (49-50). وإذا أردت أن تعرف قدر نعمة الله عليك بهذه النعمة فانظروا وتأمل فيمن حرمها كيف يحترق قلبه ألماً وحزناً، يسعى ويتمنى أن يرزق ولدا ً يملأ عليه دنياه فرحاً وسروراً، وصدق الله العظيم القائل: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} سورة الكهف: (46).

أيها الآباء: إن أجهزة الإعلام بكافة أنواعها (المرئية والمسموعة والمقروءة) كلها تعد العدة لإفساد الأولاد، وهدم البيوت، وخاصة في الأوقات الفارغة؛ كالإجازات الصيفية، فماذا أعددت-أيها الأب وأيها الأم- للحفاظ على الأولاد من كل هذه الأمور المحدقة بهم؟.

أيها الآباء: إن الإجازة الصيفية قدمت ماذا أنتم فاعلون تجاه الأولاد؟. فهل حرصتما على إلحاق الابن أو البنت بحلقات ومراكز ودورات تحفيظ القرآن الكريم وعلوم الدين؟. هل عودتم الأولاد على القيام بأوامر الله والبعد نواهيه؛ فهذا لقمان وهو لقمان! وهو يعظه:{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} سورة لقمان 13).. إلى آخر الوصايا والتوجيهات. فماذا قلت أنت لابنك؟

أيها الآباء والأمهات: هل أمرتم الأولاد بالمحافظة على الصلوات امتثالاً لأمر الله ورسوله: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} سورة طـه (132). والأهل يشمل الأولاد وغيرهم. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع)2.

عـود بنيك على الآداب في الصغر *** كيمـا تقر بهم عينـاك في الكـبر

فأينمـا مثـل الأبنـاء يجمعهـا *** في عنفوان الصبـا كالنقش في الحجر

هي الكنـوز التي تنمـو ذخائرها *** ولا يخـاف عليهـا حـادث الغـير

إنَّ الأبناء إذا كانوا صالحين عاد النفع على الوالدين في الدنيا والآخرة، وإذا كانوا فاسدين الأولاد يعود مضرتهما عليهما في الدنيا والآخرة، في شقاء الآباء؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)3. قال العلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة؛ لكونه كان سببها؛ فإن الولد من كسبه، وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف. وهذه قصة أسوقها بمعناها تبين كيف كان الولد الفاسد سبباً في شقاء الوالدين: يقال أن أباً اشتكى ولده إلى أحد الصالحين، وكان مما شكاه أن هذا الولد يضربه، فوجه إليه الرجل الصالح سؤالاً، فقال له: هل علمته القرآن والسنة؟ قال: لا، فقال له: ظنك ثور فضربك، (أو كما قال) فكأنه يقول له لو علمته القرآن والسنة لعرف قدرك، وأدى حقك؛ وذلك لأنه تعلم في الكتاب والسنة أنَّ العقوق كبيرة من كبائر الذنوب، وقرأ في القرآن قول الله- تعالى-:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} سورة الإسراء(23). وغير ذلك من الآيات والأحاديث التي تحث على بر الوالدين وتحذر من عقوقهما. والله نسأل أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.

——————————————————————————–

1 – رواه البخاري ومسلم وأبو داود.

2 – رواه أبو داود، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود رقم(466).

3 – رواه مسلم

منقول

المصدر: موقع إمام المسجد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.