تقلبنا بين كفيها …كما تريد
ترمي بنا ارضا .. وتارة تلتقطنا
تذيقنا من كأسها العلقم ..
دنيا ..
كتب علينا ان نعيشها كما هي
ان تعصف بأفئدتنا كما تشاء
هذه الدنيا ..
جعلتني لا ابصر في يومي الا الغروب
ولا ارى في تقاسيم وجهي الا الشحوب ..
اثقلت كاهلي ..
وعصفت بفؤادي
حتى غدوت جسدا خواء بلا احشاء ..
وهو المرض..
الذي جعلني اجيد قراءه الملامح
وامقت الترقب ..
واختنق من اروقة المستشفيات
هو المرض ..
الذي تمنيت ان اجتثه من أجساد المرضى
هو المرض ..
الذي تمنيت ان اواجهه واخذ بثأري منه
هو المرض ..
الذي بعثرنا ..ومزقنا على صفحه الايام
وهو الغروب ..المميت
الذي جعلني ارى في حمره شفقه جرح
وفي نزوح شمسه موت
وفي امتداده على الافق ألم
هو الغروب ….
الذي سلب مني اغلى من في الارض
الذي سلب مني تاج راسي وجوهره جبيني
انه الغروب ..
الذي سلبني من حضن امي..
هو الغروب ..
من اخذ امي اسيره للمرض ..
فأيهما اشتكى ..وايهما امقت
والدتي الغاليه..
عند ذاك الغروب …حملوك
وعلى ذاك السرير ..وضوعك
وبالاجهزه ..قيدوك ..
ولم يكن في ايدينا حينها ..
إلا الدعاء ..
والصبر والصبر …..ثم الصبر
ولكن الى متى
اعماقنا زلزت ..
احداقنا تقرحت ..
وعبراتنا تحشرجت ..
ومازلنا نتدواى الصبر..
والدتي الغاليه..
متى تعودين ..
فقد مل صبرنا منا ..
ومل الامل .. حينما علقنا احمالنا عليه
وملنا منزلنا ….. حينما فقد نوره
وملنا مجلسنا .. حينما فقد صوتك .. وكلامك وضحكاتك وهمسك
حتى نحن تمللت اجسدانا منا ..تمللت ارواحنا منا
اسالك بالله ….متى تعودين ؟؟
متى تضيئين بيتنا ..
متى تقبلين علينا ..
متى ترسمين وجودك ..على محيانا ..
فنحن ننتظرك ..
مع طلعه كل فجر جديد
مع كل شروق ..
ننتظرك ..
حتى وان كبلو جسدك الطاهر في غياهب المستشفى
حتى وان حبسوا انفاسك خلف الزجاج
حتى وان دفنوا ملامحك …تحت الغطاء
مازلنا ننتظرك ..
ومازال للامل بقيه ..
رجوتهم ..ان احادثك
الامس يديك ..
اقبل جبينك ..
رجوتهم ..
ان يلبسوني مرضك ..
رجوتهم ..
ان امنحك حياتي
رجوتهم ..
ان اناديك ..
اريد ان اناديك ..
فهذه ابسط حقوقي
رجوتهم ..ورجوتهم ..ورجوتهم
ولكن ..
لا حياة لمن تنادي ..
رجوت الرب..
ان يشفيك ..
رجوته ان يبقيك ..
رجوته ..
ان تقفي امامي ..
رجوته ..
ان تحادثيني..
رجوته ..
ان تعودين ..
رجوت ربي ..
ان تعودين ..
واعدك ..بان لا اخالف لك امرا ..
واعدك ..بان لا اتاخر على الصلاه يوما
اعدك ….بان اساعدك امي ..
اعدك … بان اغدو ربه بيت ناجحه ..
اعدك ..بان احافظ على صحتي ..
اعدك ..بان انام مبكرا واترك السهر ..
اعدك …واعدك واعدك …….
اعدك بكل ماتريدين …..
اعدك بكل ماتامرين به ….
اعدك بكل شئ….
فقط …
ارجوك عودي إلي ……
ارجوك عودي إلينا …
فدفترك الملقى في تلك الزاويه …ينتظر أن تقرايه ..
ودهن العود امام تلك المراه ..ينتظر ان يستشف منك رائحته
وثوبك في تلك الخزانه ..غدا اسودا كئيبا ….ينتظر بياضا من جسدك
وسجادتك المطويه في ذاك الركن ..تتنتظر ركوعك ..تنتظر سجودك ..
فطالما راق لها ترتيلك ..وهمس دعائك ….
وابنائك …
لم يبقى منهم سوى عيون مترقبه تبحث عنك
في ارجاء البيت..
يسمعون صوتك في اذانهم …
يرون ملامحك خلف وجوههم ….
يستشعرون روحك في قلوبهم …
يرونك على وريقات الشجر …
وهمس الندى …
بالليل…..
بالليل…..
بالليل….
وعند حلول الظلام ….. انتهى الانتظار …
وبقى الصبر المر …
وتأجج الدعاء …
عندما حل الليل…
صعدت روح والدتي الى بارئها
عندما حل الليل..
استرجع الرب امانته من بين احضاننا …
عندما حل الليل..
تخطفنا الموت ….جميعنا …..
عندما حل الليل..
ماتت الوان بيتنا ….
ذبلت زهورنا …
رحلت ملامحنا …
عندما حل الليل..
تبعثرت اجسادنا ..
احترقت مدامعنا ..
ثكلت قلوبنا ….
عندما حل الليل..
سلب النظر من اعيننا
والسمع من اذاننا …
والكلام من السنتنا ….
وبقى الالم ..
ثم الالم ….والالم …
عندما حل الليل..
رحلت والدتي …
الى حيث الخلود ..
رحلت بجسدها …
وبقيت بروحها بيننا …
بقيت في قلوبنا …
في احداقنا ….
على ملامحنا ….
بقيت..
كما كانت ومازالت والدتنا
الذي لانرتضي سواها لنا..
بقت …
في ركوعنا والسجود …
وبقى ..الصبر
وزال الالم ..
حينما تذكرنا انها في رحمه الله محفوظ
ولوكان الدنيا خير …
ماتوفى امام الامه ..سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
زال الالم ..
حينما تذكرنا ان الله ارحم من الام بولدها
فقد اخذها لمكان افضل من غياهب المستشفيات ….وسلاسل الاجهزه
الحمدلله …
الحمدلله ….على كل حال
رحمك الله ياوالدتي الغاليه …..
وحرم على جسدك النار ….
واسكنك …..فسيح الجنات …
في الفردوس الاعلى باذن الله
وربي يعطيج العافيه على الطرح الطيب
ويرحم جميع أمة محمد الأموات منهم والأحياء
ويرحـــــــــــم جميـــــع الأمهـــــــــات برحمتــــــــــه
ان شـــــــاء الله………