تخطى إلى المحتوى

الأطفال الموهوبون نتاج مناخ أسري صحي وبيئة ثقافية ثرية

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

تاريخ النشر: الإثنين 25 أكتوبر 2024
خورشيد حرفوش

الطفل الموهوب ثروة بشرية وطنية حقيقية في أي مجتمع من المجتمعات، ومن يوصفون بالمتفوقين أوالموهوبين إنما هم عادة فئة متميزة تمثل القلب النابض والعقل المفكر القادر على الإبداع والعطاء، وهم نخبة وثروة لا تنضب إن أحسن استثمارها بشكل فاعل وإيجابي في مواجهة التحديات في أي زمان ومكان. وللأسرة دور في تنمية الموهبة والإبداع ويمثل ذلك تحدياً مهماً يواجه أسر الموهوبين .

من هنا تتأتى أهمية الاهتمام بالطلاب الموهوبين في مختلف المجالات العلمية، وكيفية اكتشاف المتفوقين والموهوبين، ومن لديهم قدرة على التفكير الابتكاري من الطلاب لغرض رعايتهم والعناية بهم وحُسن توجيههم، وصقل مواهبهم وأفكارهم والعمل الجاد لتعرفهم بجوانب التميز لديهم، ومن ثم العمل على تحديد أفضل الوسائل الممكنة لاستثمار تفوقهم، وتسخيره لما فيه الصالح العام، لا سيما أنهم بما وهبهم الله من تفوق عقلي، وقدرات خاصة على الفهم، والتطبيق، والتوجيه، والقيادة، والإبداع قادرون على إحداث التقدم المنشود، وقيادة مسيرة التنمية والتطور الحضاري، والتصدي لمختلف المعوقات والتحديات المعاصرة، والإسهام الفاعل في حل المشكلات المختلفة للمسيرة التنموية الشاملة.

تناولت الخبيرة التربوية فاطمة أحمد الكعبي، رئيس قسم ذوي الاحتياجات الخاصة بمنطقة العين التعليمية في ورقتها البحثية التي سبق تقديمها في مؤتمر «عالم في أسرة» الذي نظمته في وقت سابق مؤسسة التنمية الأسرية تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، إلى دور الأسرة في رعاية الموهوبين، وتشير إلى أهمية اكتشاف مفاتيح الموهبة عند طفل في مرحلة ما قبل المدرسة، فكثير من الآباء لا يدركون مواهب أطفالهم خصوصاً قبل دخولهم المدرسة، وحتى الذين يدركون مواهب أطفالهم ربما تغيب عنهم طرق اكتشافها جيداً ومعرفة سبل تنميتها اجتماعياً وعلمياً ومناخياً.حتى نكشف الماهب مبكراً، مثلما حدث مع الطفل محمد صالح العامري «9 سنوات» الذي يعد أصغر طفل في العالم يحصل على شهادة الاختبار الدولي لقياس مستوى اللغة الانجليزية «ايلتس» .

وتقول الكعبي: «هناك عدة علامات يمكن للآباء والأمهات اعتبارها مفاتيح لاكتشاف الموهبة عند طفل ما قبل سن الدراسة، وهي: هل يقوم طفلك في مرحلة ما قبل الدراسة بالتعلم بسرعة والتذكر بسهولة؟ وهل يبدو ناضجاً بالنسبة إلى عمره الصغير؟ وهل يستخدم ذخيرة لغوية كبيرة، ويقرأ ويبدي رغبة غير عادية في التعبير بالكلمات أو يقرأ بشكل مستقل؟ وهل يجرب حل المشكلات؟ وهل يفضل اللعب مع الأطفال الكبار؟ هل يبدو حساساً؟

وهل يبدي ميلاً لحب الاستطلاع الفكري؟ ووهل يبدي عاطفة تجاه الناس والحيوانات؟ وهل يستمتع بالألغاز والمتاهات والأرقام؟ وهل يعترض؟ وهل يسأم بسرعة؟».

كيف تساعد طفلك؟

تؤكد الكعبي أهمية الممارسات والمبادرات الأسرية منذ عمر الطفل المبكر، وتقول للآباء والأمهات: «اقرأوا مع الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة، فالقراءة أحد العوامل الرئيسة إن لم يكن أهمها على الإطلاق في نمو ملكة القراءة والاطلاع لدى الطفل وفي أدائه الأكاديمي فيما بعد. اقرأوا لهم القصص واشرحوا لهم الصور، فالأطفال عادة يدركون ما يريدون قراءته في سن مبكرة، وأحياناً يطلبون الحصول على الكتب نفسها بعد قراءتها مرات ومرات كما يساعد التلفزيون والألعاب والبرامج الحاسوبية الطفل على تعلم القراءة، لكن يجب ألا تكون كل هذه الوسائل بديلاً عن قضاء الوقت مع طفلك. تحدث مع طفلك حببه بالقصص والحكايات ومن المهم أن تحكي لطفلك، وأن تستخدم تجاربك الماضية ورؤيتك المستقبلية لمساعدته في تصور وتخيل ما تقول وتحكي عندما يسمعك، فأنت بذلك كله تساعده على التعلم، إن سرد القصص مختلف عن الحديث أو الحوار العادي، كما أن سرد الحكايات قد يساعد طفلك على تعلم أشكال وأغراض القراءة والكتابة، أكتب معه! تستطيع أيضاً أن تشرك طفلك في قراءة وكتابة المذكرات والرسائل التي تعدها لتبعث بها إلى العائلة والأصدقاء ومن الأفضل أن تضع قائمة بالأشياء المنزلية وتكتب عليها أسماءها.. ساعد طفلك ليفكر كالكاتب. حدثه عن العالم، من المهم أن تحدث طفلك عن العالم من حوله في أثناء اصطحابك له، أنظر إلى الخرائط أو الكرة الأرضية قبل قيامك برحلة ما أو عند الحديث عن قريب أو صديق خارج المدينة وحاول أن تشرح لما تتغير أوراق الشجر في ألوانها وأنت تجمعها وهو معك تحدث عن البخار وأنت تنفث نفساً ثلجياً بارداً أو أنظر إلى السحابة من فوق إناء مملوء بالماء المغلي».

مشكلات تواجهها الأسرة

توضح الكعبي: «إن دور الأسرة في تنمية الموهبة والإبداع يمثل تحدياً آخر يواجه أسر الموهوبين من أجل توفير البيئة الميسرة لتنمية الموهبة، فالأسرة تلعب الدور الأهم في تشكيل الموهبة لدى الطفل، وان الأسرة إذا لم تقم بتشجيع الطفل وتقديره وتوفير المناخ الملائم له في البيت، فإن الموهبة قد تبقى كامنة. إن رعاية الطفل الموهوب في الأسرة تمثل تحدياً آخر صعباً للأسرة، وللتعرف إلى أهم أساليب رعاية الطفل الموهوب في الأسرة لا بد من التعرف إلى نوعية المشكلات التي تواجهها الأسرة عند وجود طفل موهوب فيها. وعلى الرغم من أن الدراسات السابقة قد بينت أنه من أهم خصائص البيئة الأسرية التي تنمي الموهبة والإبداع لدى الطفل هي البيئة الثرية ثقافياً والآمنة سيكولوجياً، إلا أن هناك العديد من الدراسات تؤكد أن أسرة الطفل الموهوب في الواقع تواجه العديد من المشكلات مع طفلها الموهوب.

ويبدو أن هناك بعداً غائباً في تربية الطفل الموهوب. وهو عدم مراعاة احتياجاته العاطفية والنفسية. وأن العديد من الأفراد الموهوبين الذين يتمتعون بذكاء عالٍ قد يفشلون في الحياة العملية إذا لم يمتلكوا الذكاء. العاطفي الذي يجعلهم أكثر قدرة على التعامل مع مشاعر الفشل في الإحباط والغضب والانفعال، وأكثر قدرة على التعاطف مع الآخرين، وعلى استخدام المهارات الاجتماعية التي تجعلهم أكثر كفاية في حل المشكلات».

وتضيف الكعبي: «يبدو أن أسر هؤلاء الأطفال تستثمر قدراً هائلاً من الجهد والطاقة مع الطفل، خوفاً على موهبته من الضياع، وبأسلوب مبالغ فيه، والطفل المبدع لا يستطيع أن يتنفس إلا في جو مملوء بالحرية ولا يمكن لموهبته أن تنمو وتزدهر إلا في مناخ يتيح له الاستقلالية والاعتماد على النفس؛ لذا فإن الصراع الأسري بين الطفل الموهوب وأسرته يحتدم عندما يعيش الطفل الموهوب في هذا النوع من الأسر. الدرس الثالث المستفاد هو أن الأطفال العباقرة يأتون من أسر يتمتع أحد الوالدين أو كلاهما بمستوى عالٍ من التعليم، ويشعر بتقدير وحماس شديدين للعلم، إلا أنه يصر على دفع طفله منذ الصغر على التحصيل العلمي والتفوق الدراسي».

أساليب التعامل

تشير الكعبي إلى أساليب الأسرة في رعاية الطفل الموهوب، وترى أنه يمكن استخلاصها فيما يلي: «ان يفهم الآباء أن الطفل الموهوب ليس بالضرورة موهوباً في كل المجالات وفي كل الأوقات، فقد يكون متفوقاً في الرياضيات، وعادياً في اللغة الأجنبية، أو قد يكون موهوباً في الموسيقى، ولكنه عادي في الرياضة. ومن الملاحظ أن آباء الطفل الموهوب يمتلكون صورة مثالية نمطية للطفل الموهوب، وكأنه كائن خارق، متفوق في كل شيء، فيضعون توقعات عالية لأدائه في جميع المجالات. وأن يدرك الآباء أن نمو الطفل الموهوب غير متناغم على الآباء أن يدركوا أن هناك عدم تناغم في نمو الطفل الموهوب، وأن هناك فجوة بين نموه العقلي ونموه الاجتماعي والعاطفي. وتشجيع الطفل الموهوب على السعي للتميز لا للكمال، والمقصود بذلك هو مساعدة الطفل للوصول إلى أقصى ما تسمح به قدراته دون ضغط أو وضع توقعات عالية جداً، وكأنه كائن خارق حتى لا يؤثر ذلك على تقديره لذاته؛ لأن مسألة تقدير الذات المتدني هي إحدى شؤون الطفل الموهوب وهمومه.

لذا من المهم تعويده على التعامل مع الإحباط، والبعد عن الحرص الشديد على الكمال، وعلى تقبل أخطائه، وإدراك أن الخطأ هو جزء من الخبرة الإنسانية الواسعة في الحياة»

الذكاء العاطفي

تؤكد الكعبي أهمية الاهتمام بتنمية الذكاء العاطفي للطفل الموهوب، وتوصي الآباء والأمهات بتوفير المناخ العاطفي الملائم في الأسرة الذي يساعد الطفل على التعامل مع مشاعر الإحباط والفشل، والقدرة على التعبير عن مشاعر الغضب، وتحسن مشكلات الآخرين، وبناء علاقات اجتماعية سليمة مع الآخرين. وان يدرك الآباء أن الطفل الموهوب هو طفل أولاً موهوب ثانياً: ينبغي على الآباء عدم حرمان الطفل الموهوب من طفولته، وإعطائه الفرصة كي يعيش مثل غيره من الأطفال، فهو بحاجة إلى تلبية بعض الاحتياجات مثل اللعب والمرح واللهو؛ لأن الطفل الموهوب له احتياجات جسمية وعاطفية واجتماعية مثل بقية الأطفال حتى لو كان مستوى تفكيره يسبقهم بأعوام. وعند توفير الجو المناسب في الأسرة لرعاية موهبته، يجب أن يكون ذلك بعيداً عن ممارسة الضغوط الأسرية التي تفرض سياجاً من القيود حوله. وقبول الطفل الموهوب بأنه مختلف عن بقية الأطفال: من الضروري على الآباء أن يدركوا أن الطفل الموهوب يرى أبعد، ويشعر أعمق، ويعرف أكثر من أقرانه، وأن يقبلوا فكرة أنه من الطبيعي أن يكون مختلفاً عن بقية الأطفال وأن يتذمر من الروتين المدرسي الممل، وأن يعتبر الإذعان والقبول نوعاً من الإذلال النفسي، وأنه يميل إلى مصاحبة من هو أكبر منه سناً، فهو يبحث عن التعقيد والإثارة والتحدي. فلقد لعبت بيئة المنزل الثرية والمهيأة للتعلم في مرحلة الطفولة المبكرة دوراً في حياة الأفراد الموهوبين والأذكياء ذوي الإنجازات العظيمة، وعندما قام الباحثون بدراسة خلفيات أطفال المدارس الذين صنفوا على أنهم موهوبون أو متفوقون عقلياً عن طريق اختبارات الذكاء وجدوا أن البيئة الثرية والتخطيط الواعي من قبل الوالدين يساعدان الطفل على التعلم، ووجدوا أن العوامل الثلاثة المؤثرة في تفوق الطفل عقلياً: بيئة المنزل والمدرسة التي شجعتهم على التعلم والاستمتاع، والوالدان والأشخاص الذين حولهم، حيث كانوا نموذجاً للاهتمام والالتزام، فقلدهم الأطفال. والعامل الثالث يتمثل في تدريب الأسرة المبكر للطفل حتى تنمو لديه الرغبة في الإنجاز».

أهمية تعاون الأسرة والمدرسة

إن «البرامج التعاونية بين المدرسة والبيت من شأنها أن تسرع من سلوكيات التلميذ الأكاديمية وتقلل من السلوكيات الاجتماعية غير المرغوبة».

هناك العديد من المبررات لضرورة التعاون بين الأسرة والمدرسة في مجال رعاية الطفل، ويمكن أن نوجز منها ما يلي:

– التعاون ضرورة لتحقيق الرعاية المناسبة في ما توفره الأسرة من معلومات وخبرات علمية تنعكس على عمل الطفل ويقدمه بالمدرسة، وفي الوقت نفسه ما يتاح له من معلومات بالمدرسة ينعكس على عمله بالبيت.

– التكامل يعد معياراً للعمل التربوي الناجح، فتعاون البيت مع المدرسة كفيل بأن يحقق نمواً متكاملاً في خبرات الطفل التعليمية «المعرفية، والمهارية، والوجدانية» مما ينعكس على مستقبل الطفل بتنمية شخصية متوازية وحياة علمية مثمرة ومتوافقة.

– التعاون ضرورة لتحقيق الأهداف التعليمية، حيث إن الأهداف من مسؤولية المدرسة والأسرة، ولا يمكن أن تتحقق بشكلها المتكامل والشامل إلا بتضافر عمل المدرسة والأسرة.

– تكامل العمل التربوي بين الأسرة والمدرسة يزيد من فعالية العملية التعليمية بما يحقق ناتجاً أكبر وفي الوقت نفسه يقلل الفاقد في العملية التعليمية، حيث يقل معدل التضارب بين المعلومات المقدمة للتلاميذ.

– إن أي تغيير تريد المدرسة إحداثه في سلوك التلميذ لا بد أن يصحب فهم الأسرة لذلك التغيير، وأهدافه وتوجهاته، حتى تتعاون الأسرة على تدعيمه وتعزيزه، أو على الأقل تنسق عملها ليكون في توجه ذلك التغيير نفسه.

يزاج الله خير عزيزتي مقاله مفيده للأمهات

يزاج الله خير

يزاج الله خير على الموضوع الحلو و المفيد

يزاج الله خير والله يوفق عيالنا في ما يحب ويرضى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.