السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الزواج حاجة وعبادة
كتبته : فجر الأمل
مما تسعى إليه الأنفس ..
وتنظره الأفئدة ..
وتطلبه الناس ..
هو الزواج ..
فالزواج ، حاجةٌ إنسانية ..
ومَطلبٌ حثَّ عليه الشرع ورغّب فيه
فجعله نِصفٌ في حياة المسلم ..
فهو نِصف دينه ..
والمرأة أو الرجل في نفسيهما يبحثان أيضًا عن نصف لتكتمِل حياة كلٍّ منهما بنصفه الآخَر والآخِر ..
فلما كان الزواج هدفٌ سامي
فإنّ واجبنا أن نجعل له غايةٌ سامية
لِنَفتحْ نافِذةً جميلة ..
ونشتمّ شذىً أخّاذًا يفوح مِن ورد السموّ في الحياة
لِنمدّ البصَر عبر تلك لنافذة فنرى أمرًا غير عادي ..
فالزواج كما هو فِطرة فإنه أمرٌ آخَر ..
أو .. يجب أن يكون أمرًا آخرًا .
في القرآن الكريم يقصّ لنا ربّنا تبارك وتعالى أحسن القصص ؛ وفي سورة آل عِمران يُريِنا سبحانه كيف تكون النفوس السامية ..
يعلّمنا الله تعالى كيف تكون الحياة ..
كيف نجعل من حاجاتِنا وفِطَرِنا أمرًا ننشدُ له العلوّ ..
ينبّئنا الله عن امرأة عمران يوم أن أحبّت أن يكون لها ولدًا ..
فتاقت نفسها للولد ، فلم تطلبه واكتفت ..
بل رفعت يديها وسألت الله الكريم القدير أن يهب لها ذريّةً ، ثمّ تطّلعت نفسها بهذا الحمل لخدمة دين الله ..
فقالت { رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }
تريد أن تتقرّب إلى الله بهذا الحمل ..
تريد أن يكتب الله لها أجرًا على هذا الإنجاب ..
أليس في نفس امرأة عمران فِطرة حُب الولد ؟
بلى ..
ولكنّ نفسها وهمّتها عليّة ..
عَـلَى قَـدْرِ أَهـلِ العَـزمِ تَأتِي العَزائِمُ = وتَــأتِي عَـلَى قَـدْرِ الكِـرامِ المَكـارِمُ
وتَعظُـمُ فـي عَيـنِ الصّغِـيرِ صِغارُها = وتَصغُـر فـي عَيـنِ العَظِيـمِ العَظـائِمُ
فلمّا رأى الشكور سبحانه حالها ورأى قُربتها – التي يغفل عنها أكثرُنا – ، أعطاها الله ثلاث كرامات كما أخبرنا سبحانه { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا }
فما بال الناسِ اليوم ينسون في زحمة الرغبات ، وسيل الطلبات ..
أن يقولوا : "ربنا تقبّل منّا أمر زواجنا فإننا نتقرّب به إليك " ؟
ما بال المرأة تنسى أن يكون بيتها منطلقًا لخدمة دين الله وخدمة أمّة الإسلام ؟
فحين تهيئ بيتها كي يكون سكَنًا وأمنًا وراحة بال ..
وحين تجعل مِن بيتها جَنّةً هادئة تطمح نفس الزوج لدخولها ..
وحين تجعل مِن بيتها جاذبية شوقٍ يسعى له زوجها ، فيجِد في كل أنس ..
فإنها تهيئ رجُلاً هادئًا رزينًا ، يَخرُج للناس بسكينة وراحة فيخدِم إخوانه ، ويقدّم لهذا الدين أنفسًا عالية الهِمة .
فربما تحسُن أخلاق الزواج بعد زواجه ..
وتهدأ نفسه بعد زفافه ..
لِما يراه مِن نعيمٍ في بيته ..
فإذا صار كذلك ، تقدّم في حياته وأنجز وخدم هذا الإسلام في أي فرعٍ مِن فروع الحياة وليس فقط مجال الدعوة ..
فكل عاملٍ إنما هو ينهض بأمّته ..
والمرأة العاقلة ..
تتنازل وتتغافل عن بعض متطلباتها كي تستقيم حياتها ، وتكون قُربتها خالصةً لله ..
فقد تواجِه مِن زوجها ما يكدّرها ، لكن بسؤال الله التوفيق أولاً ثم بحُسن درايتها ستكون حياتها أنعم حياة بإذن الله ..
فليُجعلْ مِن الحاجات الطبيعية الفِطرية عبوديةً لله ..
فإنّ أحد السلف كان يقول : " إنني أحتسِب نومتي كما أحتسِب قومتي"
فنومه ينشّطه على الطاعة ..
وكذلك أنتِ أيتها الزوجة ..
احتسبي عند الله هذا الزواج أن يكون عبادةً لله ، فإنه بابٌ عظيم لخدمة هذا الدِين ..
كوني صالحةً مصلحِة ، وتعلّمي حُسن التبعّل وجميل التعامُل ..
افتحي عينكِ على جميل زوجكِ ، ثمّ غضّي الطرف عن قبيحه
وللنفوس أوقاتُ سكينة ، تجعلكِ تفاتحين زوجكِ فيما يُصلِحُ حاله .
لكن
بلغة المُحِب
لا بلغة الباحث عن الحقوق !
فإنّ بعض النساء حين تريد إصلاح زوجها ، أشعرته أنها تريد صلاحه كي ترتاح هي !
وإن كان في نفسكِ – أيتها الزوجة – هذا الأمر ، لكن أشعِري زوجكِ أنكِ تريدين صلاحه لأجله هو ولأنكِ تحبينه
اسألي الله دومًا توفيقه ، وأن يسخّر لكِ هذا الزوج ويُصلحه لكِ ..
وتذكّري دومًا غايتكِ السامية …
وهي أنكِ تتعبدين الله بزواجكِ ..
وقولي :
ربُّنا جئناكَ ببضاعةٍ مُزجَاةٍ = أنتَ فيها شاهدًا وأنتَ دواءُ
فتقبَّل ربُّنا مِنَّا كلَّ دعاءٍ فلقد = كَلّت الألسنُ وضاقَ نِداءُ
أنصح بقراءة كتاب "همسات وردية في الحياة الزوجية " ، للشيخ محمد آل زعير ، هذا كِتابٌ جميل ، وفيه دقائق لطيفة تعلّم النساء حُسن التبعّل لزوجها .
وشريط جميل جدًا ، فيه تصويرات دقيقة لكيفية التعامل في حياة الأزواج اسمه " مقوّمات السعادة في الحياة الزوجية " ، لفضيلة الشيخ د. سعد البريك ؛ وهذا الشريط مِن أفضل ما سمعت في مجال حُسن التعامل في الحياة الزوجية .
منقول
المصدر: موقع صيد الفوائد
الله يجعل كل وقتنا عباده له