يشكو كثير من الشباب سوء من سوء المعاملة الآباء لهم فيرد بعض الآباء على هذه الشكوى بقولهم أنهم يريدون أبنائهم كما يخططون لهم ويعاملونهم بشيء من القسوة خوفا عليهم من الانحراف .
ويقول أنا أريد أن يعمل ابني ليعتمد على نفسه من الآن ويضيف قائلا لا أريد أن يمحق ابني ساعات عمره في لا شئ وان يبقى تحت طوعي ينفذ كل أقوالي له دون نقاش.
وطرحنا الأمر على أحد الآباء فرد علينا أحب أن يكون ابني رجلا مثقفا يدرس في الجامعة كما ارغب أنا وليس كما يرغب هو لأنني اعرف مستقبله أكثر منه.
يا إلهي هكذا هي الأبوة أمر … شخط … قسوة في المعاملة وتحديد مسار حياة الأبناء دون احترام رأيهم أين أرائهم أين حرية مستقبلهم أين الحب والحنان والأبوة بكل معانيها العذبة .
أين وأين و أين …….. ؟!
ليست الأبوة عبدا وسيدا ليست رئيسا ومرؤوسا ليست الأبوة أوامر وتعليمات يجب تنفيذها حتى لو كانت على حساب الأبناء……
لا…..لا….. ليست هذه هي الأبوة الصادقة الأكيدة.
قبل أيام تصادف أن التقيت أحد الأصدقاء فاستأذنني في الجلوس معي ليقص على ما به فجلسنا سويا في منطقة بعيدة هادئة لنستطيع التحدث فخيم السكون علينا بضع دقائق وأنا انتظر أن يخرج من شفاه ما بين ضلوعه فبدا يتحدث قائلا: هاأنذا كما تراني غير الإنسان الذي تعرفه من فترة ليست بعيدة فتأوه ثم أضاف : استطاع الزمان ومعه والدي أن يزجا بي في منحدر صعب فنظرت إليه نظرة استغراب فقال:لا تستغرب فهذا هو الزمان كنا نقول فيه سيأتي زمان يبغض فيه الأبناء الآباء ولكن لأننا نعيش في زمن خارج عن إرادتنا يوجهنا كما أراد ومهما حاولنا صنع أنفسنا لا نجد إلا من يقف في طريقنا يحبطنا ويقتل معنوياتنا فسألته عن سبب معاناته ….
نظر إلى السماء وكأنه يستنجد ربه أن تعمل ذاكرته فبدا يلملم كلماته التي مزقتها الأيام ودفنتها السنون….
ويبحث عن … عن بداية ليقص معاناته ولكن ….ولكن…….
بدايته أضاعها الزمان أذبلها القدر فيتأوه ثانية ويقول والدي ….
والدي هو سبب معاناتي وجروحي فهو يريد أن أكون كما يطمح يعاملني كالعبد بعد أن انتحرت عاطفة الأبوة بيني وبينه أوامر مستمرة لا خروج ألا كما يريد ممنوع زيارة أصدقائي لى يريد أن اعمل لأجلب له مالا لا يهمه كيف المهم تنفيذ ما يطلب….
إلى أن فاض بي وتملكني اليأس من الحياة فأصبحت انطوائي لا أريد رؤية أحد.
لا أطيقه ….لا أريد أن أراه …. وينهى حديثه متسائلا !هل هذه هي الأبوة؟! هل هذه هي المعاملة ؟!
هذه يا عزيزي القارئ شكوى شاب مجروح لكن ممن ….
من والده؟!
فلماذا أيها الآباء تعاملون أبنائكم كالعبيد فإن العبيد ما يلبثون أن يكرهوا السادة.
لقد كان هذا الشاب ضحية لأبيه وبالتالي ضحية المجتمع الذي داسه بقدميه وقاده إلى النهاية ….وقسوة الحياة ……وهى التي مهدت له طريق الانحراف ليعرف الموت البطيء ألا وهو الإدمان.
أيها الآباء أن ما يرجوه الشاب هو تفهم مشاعره وتقبلها على حقيقتها ظريفة تتسم بالعطف سواء أكانت هذه المشاعر طيبة أم سيئة ولتعلم أن هذا القبول أمر مهم جدا وان جميع الشباب يرغبون في مثل هذا القبول.
إن لشخص ما عندما يكون لديه مشاعر خاصة ولكنها غير مفهومة من الغير تسيئه وتضيق نفسه….ويتلاشى إحساسه بالصداقة وعقد الصلات مع الغير عاملوا أبنائكم كأصدقاء تستطيعون كسبهم وليس خسارتهم والشباب في حاجة إلى ألوان الترويح التي تتسم بالإيجابية والابتكار.
والتنوع والصيغ الاجتماعية أي أنهم في حاجة إلى الترويح الذي يوفر لهم النشاط البدني ….والذهني ….والتنفيس عن المشاعر العدوانية.
وإحراز نوع من النجاح والهرب من الواقع أحيانا .
وهذا يجب أن يكون عملا روتينيا بل لفترة قصيرة من الزمن لإراحة الأعصاب فقط من الكد والجهد.
و أخيرا….
إلى الآباء الذين يلجئون إلي أسلوب الضرب في معاملة أبنائهم أن الضرب يقلل من هيبة الأب واحترامه.
إلى إن يأتي اليوم الذي يصبح فيه الابن لا يحترم أباه ولا يخافه أنه يعلم مدى ما يستطيع الأب أن يصل إليه وهو الضرب .
سيتعود الابن على الضرب حتى يصبح لا يخافه وبالتالي سيبدأ في محاولة الدفاع عن نفسه ضد د الضرب فيفقد احترامه لأبيه
ثم أن الضرب يجب أن تعقبه عاطفة فياضة ورقيقة لتمحو أثاره…
من نفس الابن قبل أن تتركز هذه الآثار في عقدة نفسية وهذه العاطفة هي عاطفة الأب و ليس الأم .