تخطى إلى المحتوى

هل نعاني فعلا من سوء التربيه وانحطاط الاخلاق

شيماء الصواف
في ذلك البيت.. لا يحقّ للأب أن ينتقد تصرفات ابنه أو يطلب منه العدول عن أخطائه، فذلك –إن حدث- وهو مستبعد، إنما ستكون عاقبته "وخيمة".. فإن احتدّ بينهما النقاش خرج الولد عن طوره، وبدأ يصرخ ويشتم "اليوم" الذي صار فيه ابنًا لوالدٍ كهذا.. وعند اللزوم تبدأ رحلةٌ من الخصام قد تستمر أشهر.. فإن حادثته أمه أجابها: "وإنتي ايش فهمك؟ حلّو عني كلكم.. حريقة تحرق الدار باللي فيها".

وفي تلك المدرسة.. ينهمك أستاذ اللغة العربية –ذو النظارات السميكة- في شرح درسٍ يحكي مكارم الأخلاق.. والطلبة من خلفه يرسلون إلى بعضهم "صواريخ ورق"! لا بل وقبل نهاية الحصة بربع ساعةٍ تقريبًا يسمع صفيرًا وتذمرًا، وواحد يقول بمنتهي "اللامسئولية" و"قلة الذوق" (يا أستاذ بينفعش تطلعنا قبل الوقت بربع ساعة؟.. منقرزين على سيجارة)، وتبدأ موجةٌ من الضحك لا تنتهي إلا بصرخةٍ من قبل الأستاذ المُستفَز: "قليلين أدب".

وبالقرب من الشارع العام بترصد مراهقون لجارهم العجوز بالمفرقعات والألعاب النارية، وحين يفقد أعصابه يلتفون حوله مصفقين يغنون له أغنيةً نظموا كلماتها بأنفسهم تتغنى باسمه وهبله كما يقولون!!

وفي شارعٍ آخر تعلو قهقهات مجموعةٍ من الشباب، ممزوجة بصوتٍ صاخب لأغاني مبتذلة.. رويدًا رويدًا اقتربنا منهم لنكتشف أنهم متسمرون حول قطة صغيرة أضرموا النار في ذيلها وأذنيها متلذذين بعذابها وهي لا تكف عن الدوران حول نفسها!

مشاهد مؤلمة كثيرة لو استرسلنا في عرضها، لربما استغرقنا أشهرًا ينفد فيها مدادنا ولا تنتهي هي.. مشاهد طابعها العام يقول :"في بيوتنا.. أزمة تربية"!
وصمة عار

هذه الأزمـة التي اختصر وجعها أشهر مفكري العصر "فتح الله كولن" بـقوله "إن ما نراه اليوم من سوءٍ وفساد أخلاق وقلة مروءة في أجيالنا وشبابنا.. وما تعيشه أمتنا من مصاعب وهزائم مجتمعية متلاحقة ما هو إلا فساد تم صنعه قبل ثلاثين عامًا.. والمسئولون الحاليون عن التربية وعن التعليم سيكونون هم السبب عن كل مشكلة وفاجعة وهزيمة ستلحق بالمجتمع خلال السنوات القادمة".

إن ما نراه اليوم من سوءٍ وفساد أخلاق وقلة مروءة في أجيالنا وشبابنا.. وما تعيشه أمتنا من مصاعب وهزائم مجتمعية متلاحقة ما هو إلا فساد تم صنعه قبل ثلاثين عامًا.. والمسئولون الحاليون عن التربية وعن التعليم سيكونون هم السبب عن كل مشكلة وفاجعة وهزيمة ستلحق بالمجتمع خلال السنوات القادمة
فالذين يعتبرون الآن وصمة عار في جبين المجتمع من الفوضويين والمتهورين والقتلة والسكيرين ومدمني المخدرات هم الذين تم إهمال تربيتهم عندما كانوا صغارًا ونتاج تركهم للشارع ليتولى أمرهم.. وأمام تقاعسنا وإهمالنا الحالي لأطفالنا وأبنائنا, يا ترى كيف ستكون نوعية الجيل القادم الذي سيملأ ساحاتنا وشوارعنا خلال أعوامٍ لاحقة؟ (انتهى)..
أسرة فاشلة = مجتمع منحدر!

"أم سائد" بدت وكأنها تردد عبارات كولن نفسها، حين اعترفت بأن المجتمع يعيش بالفعل أزمة تربية متغلغلة في الأسر والبيوت والشوارع.

وبحسرة مضت تقول: "لم نعد نستطيع السيطرة على أبنائنا وشبابنا.. وكلما نظرت حولي أتساءل: هل بالفعل نحن فشلنا في رعايتهم وتربيتهم كما كنا نحلم؟ أين الخلل وأين المشكلة؟

وعزا الشاب إبراهيم خليل المشكلة في تربية الأجيال الجديدة إلى سوء اختيار الزوج لزوجته أو العكس منذ البداية، قائلاً: "زواج فاشل يساوي أسرة فاشلة.

واقترحت الشابة سلمى مصطفى أنه مثلما يتم امتحان السائق قبل منحه رخصة لمزاولة القيادة يجب إعطاء رخصة لكل شاب وفتاة مقبلين على الزواج لإنشاء أسرة.
تبدأ من البيت..

وحول "روشيتة" (وصفة) الدواء لهذه الآفة المتغلغلة في مجتمعنا قال أستاذ علم الاجتماع والتربية في الجامعة الإسلامية الدكتور وليد شبير: "لمؤسسة الأسرة دور كبير في استئصال هذا المرض من المجتمع.. فإن صلحت الأسرة صلح المجتمع ونما وبات قادرًا على العطاء".

ومضى يقول: "إذا كانت الأمة تريد ضمان مستقبلها، ومواكبة الأمم المتقدمة أخلاقيًّا، عليها أن توجه عنايتها نحو أطفالها وأبنائها لأنهم سيكونون رجالها في المستقبل ولا يضيعوا جهودهم هنا وهناك..".

وإلى جانب دور الأسرة في تنشئة الأجيال، هناك مؤسسات أخرى تساهم في التربية كـ" المدرسة, والمسجد, والنادي, والعائلة الكبيرة..".

ويعتقد د. شبير أن المساجد في هذا العصر عادت إلى دورها التعليمي والتربوي، ونأت عن نفسها أن تكون أماكن للعبادة فقط، موعزًا إلى الدعاة بنصيحته ضرورة استثمار هذه الميزة، والعمل على تنمية "أخلاق القرآن" بكل تفاصيلها في أبناء المجتمع منذ نعومة أظفارهم.
امصدر: صحيفة الشباب

لا حول ولا قوه الا بالله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.