التهاب المفاصل وخشونة الركبة من أكثر أمراض المفاصل شيوعا وبصورة واضحة لدى كبار السن ويدعى التهاب المفصل التنكسي، والمفصل مثل أي عضو من أعضاء الجسم يولد غضا ناعما ثم يشب فيبلغ أشده ومع تقدم العمر تدب فيه الشيخوخة تدريجيا، وأكثر المفاصل المعرضة للإصابة، مفصلا الركبة والحوض اللذان يحملان أكثر ثقل الجسم. وسأخص حديثي هنا عن خشونة والتهاب مفصل الركبة.
يعد التهاب المفاصل أحد أهم أسباب الإعاقة بين كبار السن، ويوجد حاليا أكثر من عشرين مليون مصاب بالمرض في الولايات المتحدة وحدها، ومع حلول عام 2030، تشير الإحصاءات الأمريكية بإصابة 20% من مواطنيها بالتهاب المفاصل التنكسي، أي حوالي سبعين مليون شخص سيحتفلون ببلوغ عمر الخامسة والستين ومخاطر التهاب المفاصل معا، وتعد خشونة الركبة المبكرة أحد أهم أسباب الإعاقة لدى الشباب أيضا والتي تصيب من تعرض لإصابات أو حوادث ضارة للركبة، ولكن بشكل عام هو مرض الكبار ويصيب الرجال أقل من سن الخامسة والأربعين أكثر من النساء وتنقلب المعادلة بعد سن الخامسة والأربعين حيث تعاني النساء بصورة أكثر من المرض، أما بعد عمر الخامسة والستين فإذا ما قمنا بعمل أشعة سينية لجميع البشر فسنجد أن نصفهم يعانون من الخشونة في مفصل واحد على الأقل.
ومن الملاحظ أن خشونة مفصل الورك نسبتها أعلى بكثير من خشونة مفصل الركبة في الدول المتقدمة، والعكس صحيح في الدول النامية وعادة ما يكون السبب كثرة حدوث التواء المفصل والسمنة وعدم مزاولة النشاط البدني الرياضي. مفصل الركبة
* مفصل الركبة هو أكبر مفصل في الجسم ويصل بين أطول عظمتين في جسم الإنسان ويؤدي وظائف مهمة في أنشطتنا اليومية كالحركة كالسير والجري وصعود الدرج ونزوله والوقوف…الخ، ويحتوي على الغضروف (المحاط بالسائل الزلالي) الناعم الأملس الذي يتكون من مادة لزجة لزقة تغطي نهايات العظام فتمنع تلامسهم وتتيح للعظمتين حرية الحركة دون احتكاك، كما انه يقوم بامتصاص الصدمات الناتجة عن الحركة العنيفة.
ومع تقدم العمر والضغوط المستمرة على مفصل الركبة أو إصابتها بضربات والسمنة وزيادة الوزن، يبدأ الغضروف الناعم الأملس بالتشقق وكما يقال تظهر التجاعيد على سطحه وقد يصاب بالقروح حينما تتعرض بعض أجزائه إلى نقص الإمداد الغذائي فتبدأ بالانفصال عن السطح وتتساقط في تجويف المفصل تاركة مكانها هذه القروح وبالتالي تكون النتيجة خشونة الركبة التي تفقد ليونتها عند الحركة وتبدأ بإصدار أصوات خشخشة عند الحركة الصادر عن تلامس السطحين الخشنين.
ومع الوقت يتغير شكل المفصل كثيرا، فتبدأ خلايا العظم المتآكل بالنمو لتعويض ما فقد فتظهر على شكل نتوءات عظمية على جانبي المفصل، وبالتالي تكون فرص حدوث الالتهاب أكبر وبالفعل تتوالى نوبات الالتهاب حيث يتضخم الغشاء الزلالي وتزداد كميته داخل المفصل مما يسبب انتفاخ الركبة وتورمها ويصاحب ذلك ألم حاد لا يستطيع المرء من شدته تحمل أدنى حركة أو وضع ثقل عليها، فيصعب بالتالي السير أو الجلوس، وتسمى هذه الحالة بالتهاب المفصل التنكسي.
الأسباب والتشخيص
* حتى هذه اللحظة لم يستطع العلماء كشف أسباب هذا المرض ولكن هنالك اعتقادات أن السبب هو خليط من عدة عوامل متعلقة بالجسم نفسه والمحيط الذي يحيى فيه الإنسان منها زيادة الوزن، وتقدم العمر، إصابات المفصل كالالتواء أو الضربات المباشرة، الضغوط المبذولة على المفصل جراء الرياضة العنيفة أو بعض الأعمال المهنية التي تتطلب مجهود بدني، كلها عوامل قد تؤدي إلى الإصابة بالمرض، ومن المعروف أن خشونة المفاصل تصيب البشر بدرجات متفاوتة تختلف من شخص إلى آخر فمنهم من يصاب به ويتطور المرض لديه ويقعده بسرعة كبيرة ومنهم من يصاب به ويعيش به فترة طويلة دون حدوث أي من مضاعفاته.
أما تشخيص المرض فيتم بربط الأعراض مع الفحص السريري وفحص الأشعة السينية والتي تظهر أكثر التغيرات الطارئة على المفصل والسابقة الذكر، ومن الجدير بالذكر أن الأشعة السينية ليس لها القدرة على إظهار التغيرات في بدايتها، وفي حال وجود انتفاخ وتورم في المفصل يمكن أخذ خزعة من السائل المتراكم في المفصل وإرساله للفحص المهجري لتشخيص المرض.:1 (70): :1 (36):
العلاج
* سبل العلاج المتاحة كثيرة ومتوفرة ولكن للحصول على نتائج مرضية من عدم الإخلال بأي منها حيث إن العلاج له نظام ذو أركان متعددة للوصول إلى عدة غايات منها:
ـ العناية بالمفصل من خلال برنامج الرياضة اللازمة مع عدم الإجهاد والراحة.
ـ العناية بالوزن والتوازن الغذائي.
ـ التحكم في الألم والتخلص منه إن أمكن بالعقاقير الدوائية.
ـ الوصول إلى نمط الحياة الصحية. أولا:أثبتت الأبحاث أن التمارين الرياضية أفضل سبل العلاج لخشونة المفاصل، فهي تخفف الألم وتزيد من الليونة وتحسن من تدفق الدم كما أنها تنقص الوزن وتحافظ عليه من الزيادة، وتحسن المزاج والشكل الخارجي. ومن المهم سؤال الطبيب المعالج عن نوع الرياضة المناسبة تبعا لوضع المفاصل.
ثانيا: يوجد دائما في خطة علاج التهاب المفاصل وقت مستقطع لراحة المفاصل ويعتمد في ذلك على شعور المريض بالألم، فهو أكثر من يعرف متى يجب عليه التوقف عن بذل المجهود ومتى يجب عليه الإبطاء وأخذ فترة راحة. مما يخفف كثيرا من حدوث الألم الناتج عن المجهود الزائد، فبعض المرضى قد تحسنوا كثيرا من أساليب الاسترخاء والراحة، ويمكن تقليل الضغط على المفصل باستخدام العصا أثناء السير أو باستخدام رباط أو جبيرة من القماش تلف حول المفصل أثناء السير أو الوقوف لدعم المفصل وعدم إجهاده، مع اعتبار عدم استخدامهم لفترات طويلة حتى لا تتيبس العضلات وتفقد قوتها.
ثالثا: في بعض الحالات قد تستخدم الكمادات الدافئة للتخلص من الألم والتنميل وفي الحالات الأخرى قد تفيد الكمدات الباردة، كما أن القيام بالعلاج الطبيعي المائي تحت إشراف الطبيب يفيد جدا في تخفيف الألم والتيبس الحاصل.
رابعا: العلاج الدوائي، ويتم وصف العلاج على حسب شدة الألم وحاجة المريض له ومن الأدوية المسكنة المستخدمة الاسيتامينوفين أو البنادول، ومضادات الالتهاب غير الستيرودية كالفولتارين والبروفين، كما تستخدم الكريمات والمراهم الموضعية أيضا لتخفيف الألم، كما يمكن حقن العقار داخل المفصل وتختلف فاعليتها من شخص إلى آخر وقد يحتاج الشخص إلى خمس حقن على الأقل في الركبة في حالة الخشونة البسيطة ولا تفيد في حالة الخشونة المتقدمة. ومن سبل العلاج الأخرى تقنية تنظيف الركبة بالمنظار أو تطعيم غضروف الركبة والتي تفيد في بعض الحالات، وفي بعض الحالات لا يفيد غير العمليات الجراحية كإصلاح ميلان الساق للداخل أو الخارج وإزالة الضغط عن صابونة الركبة. أما في حالات الخشونة المتقدمة فتجرى جراحات استبدال المفصل بالمفاصل الصناعية، وسيكون لنا حديث عن جراحة استبدال المفصل في مقال منفصل.:1 (42): :1 (33):
منقوول