الحمى الرثوية الحادة والحمى الرثوية مع التهاب في القلب، هي من أهم الالتهابات
التي تصيب القلب وتسبب مشكلة صحية مهمة في دول العالم الثالث، كما أنها سبب رئيس للوفاة فيها.
وتنتج هذه الحالة عن مهاجمة الجسم ببكتيريا بنوع معين يسمى ستربتوكوكس (Streptococcus)
فيصيب الطفل بالتهاب في الحلق أو اللوزتين، ولذا يقوم الجسم بالدفاع عن نفسه بإنتاج أجسام مضادة
مقاومة للالتهاب. ولكن في حالة الحمى الرثوية فان الأجسام المضادة تهاجم الأنسجة القابضة في
الجسم مثل القلب، المخ، المفاصل والجلد وذلك نتيجة إهمال معالجة التهاب الحلق واللوزتين في الوقت
المناسب وبالمضادات المناسبة (البنسلين أو بدائله في حالة وجود تحسس منه). ولقد ساهم اكتشاف
البنسلين في انخفاض عدد الحالات الجديدة المصابة بالحمى الرثوية.
وتوضح الدكتورة ميرفت عبد الله إبراهيم السقاط استشارية أطفال وأمراض قلب الأطفال بمستشفى
العزيزية للولادة والأطفال بجدة لـ >الشرق الاوسط<، أن الحمى الرثوية قد تكون خطيرة ولها
مضاعفات عديدة على الطفل المصاب، وأخطرها التهاب القلب. ولكن إذا اتبعت خطوات الوقاية من
الالتهاب فان نسبة حدوث الحالات تنخفض جدا كما حدث في دول العالم الثالث.
ومن هم أهم فئات المجتمع الذين لديهم نسبة أعلى للإصابة بالحمى الرثوية:
ـ الأطفال ما بين 5 ـ 15 سنة، وبنسبة 3 حالات لكل 1000طفل.
ـ ترتفع نسبة الإصابة في العائلة إذا وجدت حالة مماثلة فيها.
ـ أغلب الحالات تحصل في فصل الشتاء والربيع متزامنةً مع زيادة حالات التهاب الحلق واللوزتين.
ـ الإناث هن أكثر عرضة للإصابة من الذكور.
ـ الحمى الروماتيزمية أكثر شيوعا في البيئات الفقيرة.
* الأعراض
* تظهر أعراض الحمى الرثوية (الروماتيزمية) بعد أسبوع إلى خمسة أسابيع من إصابة الطفل بالتهاب
الحلق بالبكتيريا المسببة (Streptococcus) . وأهم هذه الأعراض:
ـ التهاب متنقل في المفاصل الكبيرة في الجسم ( Painful Arthritis )، في 80% من الحالات، مثل
الركبة، الكاحل، الحوض، الرسغ، المرفق (انتفاخ، الم، احمرار في المفصل المصاب). وقد يكون الألم
محتملاً أو شديداً جدا ولكنه لا يترك أي إعاقة بالمفصل.
ـ التهاب في القلب (Carditis)، في 60% من الحالات، اما في الصمامات (صمامات الجهة اليسرى
من القلب تتأثر بنسبة أكبر بكثير من صمامات الجهة اليمنى مسببةً ارتجاعاً في الصمامات) أو في
عضلة القلب. وإذا كانت الالتهابات حادة وشديدة فينتج عنها هبوط حاد في القلب (يعني تضخم في القلب
وضعف في وظائفه) وفي بعض الحالات تؤدي إلى الوفاة. ولكن إذا شخصت الحالة مبكرا وتمت
معالجتها بالعلاجات المناسبة وفي الوقت المناسب فقد تشفى تماما ولكن إذا كانت الحالة شديدة فقد
تترك بعض الآثار والنتائج السلبية على القلب مثل:
ـ نتوءات صغيرة قاسية تحت الجلد (Subcutaneous nodules).
ـ حركات بطيئة غير إرادية في بعض أجزاء الجسم(Chorea) . ويسمى داء الرقص بنسبة 6.6%.
ـ طفح في الجلد ((Erythema marginatum.
ـ ارتفاع في درجة الحرارة ـ نقص الوزن ـ تعب وإعياء ـ الم في المعدة ـ نزيف من الأنف.
* التشخيص والعلاج
* منذ عام 1944 قام الطبيب جونز بوضع طريقة مميزة ومتعارف عليها عند جميع أطباء أمراض
القلب لتشخيص حالات الحمى الرثوية عند الكبار أو الصغار، لصعوبة تشخيص هذه الحالات حيث لا
يوجد عرض أو علامة في الكشف السريري أو فحص مخبري واحد يشخص الحالات. وفي عام 1992
تم إصدار آخر طريقة محسنة ومطورة وما زالت متبعة حتى تاريخه.
وعند الاشتباه في التشخيص يتم إدخال المريض للمستشفى:
ـ للتأكد من التشخيص واستبعاد أي مرض آخر.
ـ مراقبة الأعراض (الحرارة، التهاب المفاصل، الطفح الجلدي، نتوءات الجلد والحركات اللاإرادية).
ـ إجراء الفحوصات المخبرية المساعدة في التشخيص مثل فحص دم عام، سرعة الترسيب، الفحوصات
المثبتة لالتهاب الحلق ببكتيريا (Streptococcus) .
ـ علاج الحرارة بإعطائه مخفضات الحرارة.
ـ علاج التهاب الحلق بالمضاد الحيوي البنسلين عن طريق الفم لمدة 10 أيام، أو إبرة في العضلة
لجرعة واحدة فقط أو بدائل البنسلين وهذه هي أهم خطوات العلاج.
ـ علاج التهاب المفاصل بمضادات الالتهابات مثل الأسبرين بجرعة عالية.
ـ علاج الحركات اللاإرادية.
ـ لا يوجد علاج للنتوءات الموجودة تحت الجلد أو للطفح الجلدي.
ـ علاج مضاعفات القلب (التهاب القلب):
ـ هبوط القلب: ويتم تشخيصه بإجراء أشعة للصدر، وتخطيط للقلب. وعند عمل الأشعة التلفزيونية للقلب
يمكن لطبيب أمراض القلب لدى الأطفال معاينة دقيقة لصمامات القلب ومدى تأثرها بالالتهاب (ارتجاع
في الصمام الميترالي الذي يربط الأذين الأيسر بالبطين الأيسر وكذلك ارتجاع الصمام الأورطي الذي
يضخ الدم من البطين الأيسر إلى الجسم) ويتم قياس وظائف القلب ومقارنتها بالمعدل الطبيعي لسن
المريض ولجنسه (ذكر أو أنثى).
ـ في حالة التأكد من وجود هبوط في القلب وتأثر الصمامات، فإن المريض يحتاج إلى: راحة تامة وفي
السرير، والى تناول الأسبرين بالجرعة والمدة التي يحددها الطبيب المعالج، والى مدرات البول مع
بعض الأدوية الأخرى لمعالجة هبوط القلب.
اما في حالات هبوط القلب الشديد فيتم إدخال المريض إلى العناية المركزة لتلقي العلاجات اللازمة. وفي
بعض الحالات يحتاج المريض إلى تدخل جراحي طارئ وعاجل لإصلاح الصمام الذي به الارتجاع.
ـ وحسب توصيات الجمعية الأميركية للقلب والمنظمة الأميركية للقلب ولمنع تكرار الحمى الرثوية فإنه
توصف للمريض مضادات وقائية طويلة الأجل أي مرة كل ثلاثة أسابيع أو أربعة أسابيع مثل البنسلين
أو بدائله، لمن لديه حساسية من البنسلين، لعدة سنوات حسب الحالة. وهذه المضادات تحقن في
العضلة أو تؤخذ عن طريق الفم. والسؤال الذي يُوجه للطبيب هنا عن المدة التي يجب أن يأخذ فيها
المريض المضادات الوقائية؟ الإجابة تعتمد على تأثر القلب أولا، وعلى شدة تأثر القلب بالالتهاب ثانياً:
> فإذا لم يكن هناك التهاب في القلب: تكون المدة 5 سنوات أو حتى يبلغ المريض 21 سنة.
> إذا كان هناك التهاب في القلب: تكون المدة 10 سنوات بعد آخر نوبة للحمى أو حتى عمر 21 سنة.
> أما إذا كان هناك تأثر لصمامات القلب أيضاً: فتكون المدة 10سنوات بعد آخر نوبة للحمى أو حتى
عمر 40 سنة أو في بعض الدراسات مدى الحياة.
ـ المرضى الذين يعانون من مضاعفات في القلب فإنهم يحتاجون لمضادات حيوية قبل أغلب التدخلات
الجراحية أو أي علاج يحتاجه المريض في عيادة الأسنان.
وتعتبر مراجعة المريض للطبيب جزءاً مهماً في العلاج، حيث تُحدد مواعيد الزيارات إما مع طبيب
الأطفال (إذا لم يكن هناك تأثير على القلب)، أو مع طبيب قلب الأطفال (في حالة إصابة القلب بالتهاب)
للتأكد من صمامات القلب ووظائف القلب.
منقووول
عافانا الله واطفال المسلمين