= = ** = =
من بديهيات الأمور ، التي لا يختلف عليها العقلاء :
أن كنوز الأرض تحتاج من أجل إخراجها إلى إعمال جهد كبير ومتنوع :
جهد عقلي ، وجهد مالي ، وجهد عضلي ، وجهد نفسي ،
كما تحتاج إلى مال كثير ، وأوقات طويلة ، وصبر ومصابرة ، ومعاناة ،
وإصرار على الوصول ،
وعدم التفات إلى العقبات التي قد تعترض ،
ولا توقف مع العثرات التي قد تحدث ،
وهكذا حتى إذا ما بدأت تلك الكنوز تتكشف شيئاً فشيئا ،
هان كل تعبٍ ، وتلاشى كل عناء ، وطاب كل جهد ..!!
هاهنا درسان كبيران :
الأول : يتعلق بهذه الأمة الكريمة على الله سبحانه ..!
أما الثاني : فيتعلق بك أنت حيثما كنت ..!
أما الأول :
فحين آثرت أمتنا الخمول والكسل ، وانشغلت جماهيرها بمتابعة الشهوات ، استرخت مفاصلها !
فسبقتها الأمم في ميادين الحياة ، فعاشت مهينة على الفتات المتساقط من موائد الآخرين !
فإن هي أرادت أن تنهض من جديد ،
فعليها أن تكتشف كنوزها في طاقات أبنائها وبناتها _ وما أكثرها في مجالات مختلفة _
ثم تبذل من أجل ذلك ما بُذل من أجل إخراج كنوز الأرض ..!!
أما الدرس الثاني :
فإن كنوز نفسك الدفينة فيك ، كثيرة ومتنوعة ،
وهي تحتاج إلى مثل ما احتاجته كنوز الأرض من جهد متنوع ،
وبذل من الوقت والمال ، وصبر ومصابرة ، وإصرار ..!
وشيئا فشيئا تتكشف بين يديك كنوز نفسك ، وقد يهولك ما ترى ..!
ويومها سيهون في عينك كل تعب بذلته في هذا الطريق ،
وسيطيب لك كل جهد صرفته في هذه الرحلة ..
المهم هنا
أن تعزم عزمك الأكيد ، للسير في الطريق الموصل إلى تلك الكنوز ..
وتستعين بالله ولا تعجز ، وتشمر ولا تكسل ،
وتقرر أن كل جهد يبذل في هذا الطريق قليل من أجل تلك الغاية ..
إن كنوز النفس البشرية تنتظر أن تعمل من أجلها المعاول !
معاول العزم والإرادة ، وبذل الجهد ، وتحمل المشاق ، والصبر والمصابرة ،
والأخذ بالأسباب المتاحة ، وحسن التوكل على الله ،
ونصب الأهداف أمام العين لا تغيب ،
وعدم الالتفات إلى ملهيات الحياة الصارفة عن الهدف ،
والإصرار على الوصول ، ونحو هذا
إذا كانت النفوس كباراً ** تعبت في مرادها الأجسامُ
لكنها بعد هذا التعب ستحمد ما بذلت من جهد ، فعند الصباح يحمد القوم السرى ..!
وما من شيء عظيم وثمين إلا ويحتاج إلى تعب وبذل جهد للحصول عليه ..
لا تحسب المجدَ تمراً أنت آكلهُ ** لن تبلغَ المجدَ حتى تلعقَ الصبرا
وخذ مثلا على الطريق ، فبالمثال يتضح المقال :
الصدَيق رضي الله عنه ما بلغ تلك المنزلة العظيمة،
وحل في مكان الصدارة عند رسول الله صلى عليه وسلم ،
حتى كان أحب الخلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ما نزل تلك المنزلة بمجرد الأماني .. بل ببذل الجهد والمال والوقت ،
والصبر والمصابرة ، وتحمل العناء وطاب له ذلك الجهد كله ،
بل وحلا في قلبه !
الخشية عليك :
أن تبقى سبهللاً تنبلاً !! يمضي بك العمر وأنت على هذه الصورة المهينة ،
غير أنك ستعض بنان الندم ، وتقرع سن الحسرة ذات يوم ..!
ولعل هذا اليوم منك قريب ، وأنت لا تدري !!
أعني يوم يصبح بصرك فيه حديداً ..!
يوم ترى ملائكة العذاب يقفون على رأسك ، ويشرعون في انتزاع روحك !!
وأنت تحاول جاهدا أن تتشبث بالحياة ، ولو ساعة من نهار …!!
(حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ !!
كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) ..
هيهات هيهات ..!!
إن كان لا زال في رأسك مسكة من عقل فاجهد جهدك الآن ، وشمر من الساعة التي أنت فيها
، وإن كنت ممن منح عقله إجازة مفتوحة ، ويحسب أنه يحسن صنعا .. فالموعد الموت .. !!
وربما كان على بابك هذا المساء ، وأنت لا تزال تضحك ملء شدقيك ..!
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة ، لنلقاك وأنت راضٍ عنا .. يا رب
منقـــ للفائدة ــــــول