سلسلة إصلاح الأسرة
التبرج ومخاطره على الأسرة والمجتمع … !!!
حسام الدين سليم الكيلاني
الحمد لله على كل حال, الحمد لله الذي كفانا وآوانا وهدانا , الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى, القائل : )) قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين )) [ سورة المؤمنون : 1-5 ].
اللهم إنا نسألك العافية في ديننا ودنيانا وأهلينا وأموالنا, اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا, اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السموات والأرض رب كل شيء ومليكه لا إله إلا أنت نعوذ بك من شر أنفسنا ونعوذ بك من شر الشيطان وشركه .
والصلاة والسلام على خير خلق الله إمام المتقين, وقائد الغر المحجلين الذي كان يقول في دعائه: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى))[أخرجه الإمام مسلم برقم : 2721] .
ثمَّ أما بعد:
فهذا هو اللقاء السابع مع سلسلة إصلاح الأسرة ، تحت عنوان ((التبرج ومخاطره على الأسرة والمجتمع … !!!)) ، وهي مشكلة متعلقة بالنساء ، ومشكلة النساء ليست بالمشكلة التي يتهاون بها وليست بالمشكلة الجديدة إنها مشكلة عظيمة يجب الإعتناء بها ودراسة ما يقضي على أسباب الشر والفساد فيها ، إنها مشكلة الوقت قديما وحديثا، لقد كانت مشكلة بني إسرائيل، وهي مشكلة هذه الأمة من بعد .
فكما ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء))، وكما هو معلوم أن أعز ما تملكه المرأة الشرف والحياء والعفاف، والمحافظة على هذه الفضائل محافظة على إنسانية المرأة في أسمى صورها وليس من صالح المرأة ولا من صالح الأسرة والمجتمع أن تتبرج المرأة وتتخلى عن العفاف والصيانة والكرامة والإحتشام ولا سيما أن الغريزة الجنسية هي أعنف الغرائز وأشدها على الإطلاق، والتبذل وإظهار الزينة مثير لهذه الغريزة ومطلق لها من عقالها.
والمرأة فتنة ليس أضر على الرجال منها، فكما ثبت في الصحيح وما رواه الإمام مسلم برقم : ( 1403 ) فقال عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ )) وتجرد المرأة من ملابسها وتبرجها وإبداء مفاتنها يسلبها أخص خصائصها من الحياء والشرف ويهبط عن مستواها الإنساني إلى المستوى الحيواني الشهواني .
وسبب هذه الإنحراف هو الجهل والتقليد الأعمى لأزياء السافرات الساقطات فأصبح من المعتاد أن يرى المسلم المرأة المسلمة متبذلة، عارضة مفاتنها، خارجة في زينتها، كاشفة عن وجهها ونحرها وذراعها وساقها ولا تجد أي غضاضة في ذلك بل تجد من الضروري وضع الأصباغ والمساحيق والتطيب بالطيب واختيار الملابس المغرية وللمجلات مجال واسع في تشجيع هذه السخافات والتغرير بالمرأة للوصول إلى المستوى المتدني الرخيص .
أولاً ــ معنى التبرج :
1 ــ في اللغة :
وقد أورد ابن منظور معاني التبرج لغة فقال في لسان العرب ( ج2 ص 212 ) :
التبرج إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال و تبرجت المرأة أظهرت وجهها وإذا أبدت المرأة محاسن جيدها ووجهها قيل تبرجت وترى مع ذلك في عينيها حسن نظر كقول ابن عرس في الجنيد بن عبد الرحمن يهجوه يبغض من عينيك تبريجها وصورة في جسد فاسد .
وقيل : هو إبداء المرأة زينتها وإظهار وجهها ومحاسن جسدها للرجال تستدعي به شهوتهم.
وقيل التبرج: التكشف والظهور للعيون ومنه بروج مشيده وبروج السماء والأسوار أي لا حائل دونها يسترها.
وفي قرى الضيف :ج 4 ص 348 : ( من تبرج بره تأرج ذكره ) . أي ظهرت محاسنه .
2 ــ في الشرع:
هو كل زينة أو تجمل تقصد المرأة بإظهاره أن تحلو في أعين الأجانب حتى القناع الذي تستتر به المرأة إن كان من الألوان البراقة والشكل الجذاب لكي تلذ به أعين الناظرين فهو من مظاهر تبرج الجاهلية الأولى.
ففي هذه الآية(( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )) ينهى الله عز وجل المؤمنات عن التبرج بعد أن أمرهن بالقرار في البيوت، ولكن إن خرجن لحاجة فلا يجوز لهن أن يتبرجن أو يبدين شيئا من زينتهن أو أي شيء من محاسنهن للرجال الأجانب وذكر الله عز وجل النهي عن تبرج الجاهلية الأولى، فما هو تبرج الجاهلية الأولى؟
قال مجاهد: كانت المرأة تخرج بين الرجال فذلك تبرج الجاهلية الأولى.
وقال قتادة: كانت لهن مشية تكسّر وتغنج فنهى الله تعالى عن ذلك.
وقال مقاتل بن حيان: التبرج أنها تلقي الخمار على رأسها ولا تشدّه فيواري قلائدها وقرطها وعنقها ويبدو ذلك كله منها فذلك هو تبرج الجاهلية الذي نهى الله عز وجل النساء المؤمنات أن يفعلنه.
* وقوله تعالى ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) روى ابن أبي نجيح عن مجاهد ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى قال كانت المرأة تتمشى بين أيدي القوم فذلك تبرج الجاهلية وقال سعيد عن قتادة ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) يعني إذا خرجتن من بيوتكن قال كانت لهن مشية وتكسر وتغنج فنهاهن الله عن ذلك وقيل هو إظهار المحاسن للرجال وقيل في الجاهلية الأولى ما قبل الإسلام والجاهلية الثانية حال من عمل في الإسلام بعمل أولئك [أحكام القرآن للجصاص 2 ج: 5 ص: 230 ] .
ثانياً ــ التبرج هو مؤامرة أعداء الإسلام على المرأة المسلمة :
التبرج من سنن اليهود والنصارى وقد ذكر اليهود في بروتوكولاتهم أنه يجب أن تخضع لنا جميع شعوب العالم عن طريق حرب الأخلاق وتقويض نظام الأسرة بشتى الوسائل الممكنة، ووجدوا أن الأسباب المدمرة للأسرة تتركز في كل ألوان الإغراء بالفواحش وإثارة الشهوات، وبثوا سمومهم عن طريق الأفلام وعرض الأزياء الصهيونية وكذا المجلات والقصص وغيرها.
ولليهود باع كبير في هذا المجال، عرفوا به في كل عصرٍ ومصرٍ.
ثالثاً ــ تبرج الجاهلية المعاصرة أشد من تبرج الجاهلية القديمة :
كلما عظم الخطر عظمت المسؤولية وكلما كثرت أسباب الفتنة وجبت قوة الملاحظة وإننا في عصر عظم فيه الخطر وكثرت فيه أسباب الفتنة بما فتح علينا من زهرة الدنيا واتصالنا بالعالم الخارجي مباشرة أو بواسطة وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة وبسبب ضعف كثير من الرجال وتهاونهم للقيام بمسؤولياتهم تجاه نسائهم وترك الحبل لهن على الغارب حتى إنك لترى المرأة الشابة تذهب من بيتها إلى أي مكان تريد دون أن تسأل إلى أين؟ وتتكلم بالهاتف الساعات الطوال دون أن يعلم ولي أمرها من تكلم؟ وترى بعض النساء يخرجن إلى الأسواق بلا رقيب تطوف بها ليلا ونهارا صبحا ومساءا وما ذهابها إلى السوق من أجل شراء شيء تريده وإنما من أجل التسلي والتسكع ومن أجل تضييع الوقت ومن أجل أن تفتن الرجال بها ومن أجل البحث عن الجديد من الأزياء أو المكياج حتى تكون الزينة لها هدفا لذاته، حتى إن بعضهن يلبسن ألبسة مغرية مزركشة شفافة يظهر لون جلدها ووجهها وقسماته من خلاله وبعضهن ينتقبن بنقاب ملفت للنظر وتبدو مكحلة العينين ملونة الوجنتين تزاحم الرجال وتكلمهم وربما تمازحهم إذا اشتد فسقها وقوي تمردها وقل حياؤها هذا إذا لم ترمِ له رقم التلفون أو تركب معه؟! هذا غيض من فيض مما يفعله بعض النساء من أسباب الفتنة والخطر العظيم والسلوك الشاذ الخارج عن توجيهات الإسلام وطريق أمة الإسلام.
فبالله عليكم لو أننا قارنا الجاهلية الأولى بالجاهلية المعاصرة فأي الجاهليتين أحق بالتحريم والتأثيم عند الله، إنها ولا ريب الجاهلية التي نعيشها اليوم بكل صورها إننا نعيش اليوم في فترة جاهلية عمياء، غليظة الحس، حيوانية التصور، هابطة في درك الحيوانية للحضيض المهين ،جاهلية لا ترى للحشمة والعفاف مكانا وإنما همّها جمال اللحم العاري البعيد عن الشرف والفضيلة والعفاف .
إن من الملاحظ في هذه الأيام أنه قد توسع كثير من النساء في التبرج والسفور وإلقاء الحجاب والحشمة جانبا كأنه ليس عليهن رقيب من أحد وباتت المرأة تتشبه بالنساء الساقطات السافرات اللواتي خلعن برقع الحياء وانسللن من دينهن بدعوة تقولها الواحدة منهن أنها حرة ( ووالله ليس فعلها هذا من فعل الأحرار والأشراف ).
رابعاً ــ مخاطر ومثالب التبرج :
وفيما يلي أوضح لكم مثالب التبرج وخطره على الدين والأسرة والمجتمع :
1 ــ التبرج معصية لله ورسوله :
ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه ولن يضر الله شيئا وكما في الحديث قال صلى الله عليه وسلم : ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، فقالوا: يا رسول الله من يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)) رواه البخاري.
2 ــ التبرج كبيرة من كبائر الذنوب الموبقة:
فقد روى الإمام أحمد بسند صحيح، أن أميمة بنت رقيقة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام، فقال: ((أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا، ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدك ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك ولا تنوحي ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى))، فتأملوا كيف قرن النبي صلى الله عليه وسلم التبرج الجاهلي بأكبر الكبائر المهلكة كالشرك والزنا وغيره.
3 ــ التبرج يجلب اللعن والطرد من رحمة الله تعالى :
فقد أخرج الحاكم في مستدركه برقم [ 8346 ] عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( سيكون في آخر هذه الأمة رجال يركبون على المياثر حتى يأتوا أبواب مساجدهم نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهم كأسنمة البخت العجاف إلعنوهن فإنهن ملعونات لو كانت وراءكم أمة من الأمم لخدمهم كما خدمكم نساء الأمم قبلكم فقلت لأبي وما المياثر قال سروجا عظاما ) هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
4 ــ التبرج من صفات أهل النار:
وروى مسلم برقم ( 2128 ) فقال : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ) .
5 ــ التبرج نفاق وسواد وظلمة يوم القيامة :
وروى البيهقي برقم [ 13256 ] عن أبي أذينة الصدفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية إذا اتقين الله وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم ) وروي بإسناد صحيح عن سليمان بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا إلى قوله إذا اتقين الله .
6 ــ التبرج تهتك وفضيحة في الأسرة والمجتمع :
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة، وعصى إمامه فمات عاصيا، وأمة أو عبدا أبق من سيده فمات، وامرأة غاب عنها زوجها، وقد كفاها مؤنة الدنيا، فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم)) رواه البخاري في الأدب المفرد وهو حديث صحيح .
وفي هذا الحديث أن هذه المرأة الخائنة احتاجت إلى غياب زوجها فتبرجت للآخرين ولم تكن تتزين لزوجها، فما عسانا أن نقول في نساء اليوم اللآئي لا يحتجن إلى ذلك، بل يرتكبن أقبح أنواع التبرج وأفحشه على مرآى ومسمع بل وإقرار ورضى من أزواجهن وأولياء أمورهن فإلى الله المشتكى.
7 ــ التبرج سنة إبليس :
وكما أن الحشمة والحجاب سنة نبوية فالتبرج والسفور سنة إبليسية فإبليس هو رائد الدعوة إلى كشف العورات وهو مؤسس الدعوة إلى التبرج بدرجاته المتفاوتة بل هو الزعيم الأول لشياطين الإنس الجن الداعين إلى سفور المرأة وخروجها من قيد الستر والصيانة والعفاف، وهو كما وصفه الله في قوله: (( قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين )) .
و قصة آدم وحواء مع إبليس تكشف لنا مدى حرص عدو الله على كشف السوءات وهتك الأستار وإشاعة الفاحشة وأن هذا هدف مقصود له ثم حذرنا الله من هذه الفتنة خاصة فقال جل وعلا: (( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون )) .
8 ــ التبرج مقدمة لفسق المرأة ثم الزنا :
إن من نتائج هذا الانحراف أن كثر الفسق وانتشر الزنا وابتعد الناس عن الزواج، وانهدم كيان الأسرة، وأهملت الواجبات الدينية وانعدمت الغيرة واضمحل الحياء، وتركت العناية بالأطفال، وأصبح الحرام أيسر حصولا من الحلال، وكثرت الجرائم، وفسدت أخلاق الرجال خاصة الشباب المراهقين، وأصبحت المتاجرة بالمرأة كوسيلة دعاية أو ترفيه في مجالات التجارة وغيرها، وكثرت الأمراض التي لم تكن في السابق قال صلى الله عليه وسلم : ((لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا)) رواه ابن ماجه وهو حديث صحيح.
9 ــ التبرج مقدمة لإنزال العقوبة الإلهية :
ومن أعظم العقوبات التي هي قطعا أخطر من القنابل الذرية وغيرها، هي استحقاق نزول العقاب الإلهي (( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيه فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ))
وعن أبي بكر الصديق سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب ) أخرجه الأربعة وصححه ابن حبان .
وأكبر دليل على هذا ما نسمع ونشاهد من الزلازل والكوارث الطبيعية التي تجتاح الدول بالجملة، فقد أدى هذا التهتك إلى انحلال الأخلاق وتدمير الآداب التي اصطلح عليها الناس في جميع المذاهب والشرائع وقد بلغ هذا الانحراف حدا لم يكن يخطر على بال مسلم، فاتقوا الله أيها المسلمون وتوبوا إليه واستغفروه (( وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين في عذاب مقيم ، وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل ، استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير)).
خامساً ــ خاتمة :
وبعد هذا كله ، وما عرفناه من مثالب التبرج وأخطاره فهل يخرج أحد منا زوجته وابنته أو أخته وهي متبرجة سافرة كاشفة الوجه واليدين بادية الساقين … إلخ ؟ (( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)) ، (( وليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ))، ومتى عرف الرجل مسؤوليته أمام أهله وخاف مقام ربه وحرص كل الحرص على إصلاح عائلته ومجتمعه يوفق حينئذ لمبتغاه قال تعالى: (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا )).
وإن ترك الحبل على الغارب للنساء وإطلاق الأمر لهن يخرجن متى شئن وعلى أية كيفية أردن بدون مبالاة ولا حياء من الله ومراقبة له إنه لمن أكبر أسباب الشر والفساد وسقوط المروءة والأخلاق والسمعة السيئة وحلول العذاب والعقاب قال تعالى: (( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ))، وقال أيضا: (( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب )).
فاتقوا الله أيها الأخوة ولا تنخدعوا بما يقدّمه لكم أعداؤكم من الموضات والأزياء لفتنة نساءكم وهدم أخلاقهن ومساعدتهن وترغيبهن على السقوط في شراك الرذيلة والحركات المشينة والتبرج الفاضح الذي تصبح به المرأة المسلمة مشابهة للكافرة ولابد، فإنكم اليوم على مفترق طرق فتحت عليكم الدنيا وانهال عليكم الأعداء من كل جانب وعبر قناة البث المباشر ليفسدوا عليكم نساءكم وشبابكم، فإما أن يكون في دينكم صلابة تتحطم عليها مكائد الأعداء وفيكم قوة الشخصية الإسلامية فلا تقتدون بهم ولا تغترون بهم وتتمسكون بما كان عليه أسلافكم الصالحون وإما أن يكون الأمر بالعكس لينٌ في الدين وضعف في الشخصية وانهيار أمام المثيرات فتبوؤون بالصفقة الخاسرة : (( قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين )).
والله أسأل أن يعيذنا وإياكم من الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن .
وصلى الله على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
منقول : موقع صيد الفوائد