مر الوقت ثقيلاً وطالت الساعات وبدأت العيون تتأمل كل من أطل عليهن مترقبة النداء للعشاء ولكن خاب الظن ومضت ساعة أخرى فإذا بالنعاس يداعب الجفون والتثاؤب يشقق الأفواه!!
أمضت المرأة العجوز ما يقارب ثلاث ساعات وقد أضناها التعب وأرهقها الجلوس من طول البقاء على حال واحدة.. فظهرها يؤلمها وركبتاها تحتاجان إلى راحة والنوم ألقى عليها بظلاله.
وعند الحادية عشر والنصف قدم العشاء المبارك ولم تقم اخرهن إلا عند الثانية عشرة.. فهن يحتجن إلى ساعة أو أكثر للأكل..
في وسط انتظار طويل لم تسأل صاحبة الدعوة نفسها.. لماذا هذا التأخير؟! ولماذا نعجل كبيرات السن ينتظرن صغيرات السن والفارغات؟! ولم تسأل صاحبة الدعوة نفسها أين ذهب أزواج المدعوات؟! وأين وضعن أطفالهن وقد منعوا من الدخول؟ بل لعله لم يخطر في بالها أين أصحاب قيام الليل ومتى تتجافى جنوبهم بعد هذا السهر؟! بل أين أصحاب صلاة الفجر وقد بقي عليها ساعات معدودة وهي تعلم أن السهر مظنة للنوم عنها؟!
تراجعت الأخت المسلمة وأصبحت في مؤخرة الركب.. تابعة لا متبوعة ولم تصبح في تلك الليلة صاحبة القرار والقيادة.
بل تركت الأمور تسير على عادة الآخرين ممن يحيون الليل في اللهو واللعب ولا يقدم عشاؤهم إلا عند الثانية صباحاً أو تزيد!! وضاعت مع من ضاعوا وتأخرت مع من تأخروا.. وإن بقي فيها سمت الخير وعلامات الالتزام فهي ضعيفة.. ضعيفة!! ينبئك بها الواقع وتحكي لك تفاصيلها الأيام.
وفي وسط هذه الصور المحزنة نبحث عمن تمسك بدفة القيادة صاحبة الوليمة التي تعرف حكم إضاعة صلاة الفجر وما هي نتيجة السهر وتضييع الصغار والرضع.. ممن هي لماحة ذكية تعرف حقاً لكبيرات السن وصغيراته..
أيتها الأمهات ومن يطعن الله ورسوله
أبشرك فالأمل قادم و الاشراقات تتوالى.. في زواجات وأفراح ستدعوكن المرأة المتمكنة صاحبة التميز وترحب بكن وتدعوكن للحضور وتهمس في أذن كل مدعوة وتكررها قوية صريحة تمزق العادات البالية والتقاليد المهترئة.. سيقدم العشاء عند التاسعة مساء.. نعم التاسعة مساء، وربما نرى من سرى الوهن في قلوبهن يأتين متأخرات في المرة الأولى ولكن في أفراح تالية لن تتأخر مدعوة واحدة عن الموعد، وبهذا تكون القدوة – حفظها الله وجزاها عنا خيراً – قد سنت سنة حسنة فقد أتعبنا السهر وضج الأطفال بالصراخ والعجائز يشتكين من طول الجلوس.. وصلاة الفجر تحدثك الصفوف الفارغة عن كثرة النائمين عنها والمضيعين لها.
ونذكر هنا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء" رواه مسلم .