تخطى إلى المحتوى

إذا عرفت الثمرات المستفاده منه فعلمها لغيرك / تم تعديل العنوان

عندما ندخل في علم أو فن من العلوم ، لابد أن نعرف أهدافه ، فلا يجوز أن تعلم إنسانا شيئا إلا إذا عرفت الثمرات المستفاده منه .

الثمره الأولى :
أن يعرف المرء غاية الوجود الإنساني ، أن يكون ذا خلق ، وهذا مراد الله سبحانه وتعالى من المسلمين ، قال تعالى في كتابه العزيز (( قد أفلح من زكاها . وقد خاب من دساها )) . والعباده أيها الأخوه الفضلاء قضيه خلقيه ، فإذا نظرنا إلى المعاملات نجدها قضايا خلقيه مثل عدم الغش في البيع ، والحواله والصلح والإجاره و الوديعه ، فالدين كله مواقف خلقيه في الأساس .

الثمره الثانيه :الدعوه إلى الله ، والذي يظن أن الناس تدخل في الدين لأنهم يقتنعون فقط ، يكون مخطئا ، فليس كل من يدخل في الدين الإسلامي يكون مقتنعا بعقله ، بل الكثير دخلوا في الإسلام بسبب ما يرونه من خلق أهل هذا الدين ، وأن الدعاة إلى الله عندهم أخلاق .
الاستقامة على خلق لها أثر كبير ونفعها بليغ ، ولا أدل على ذلك مما جاء في السيرة النبوية من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم كانت محل إعجاب المشركين قبل البعثه حتى شهدوا له بالصدق والأمانة .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت هذه الآية : (( وأنذر عشيرتك الأقربين )) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل ، أكنتم مصدقي ؟ ) قالوا : ما جربنا عليك كذبا . قال : ( فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ) .
وقد بدأ انعكاس الصور السلوكيه الرائعه في تأثيرها في إنتشار هذا الدين في بعض المناطق التي لم يصلها الفتح ؛ غذ دخل في هذا الدين الحنيف شعوب بكاملها لما راو القدوه الحسنه مرتسمة خلقا حميدا في أشخاص مسلمين صالحين ، مارسوا سلوكهم الرشيد ، فكانوا كحامل المصباح ينير طريقه لنفسه ، فيرى الآخرون ذلك النور ويرون به .

الثمره الثالثه :
تقوية إرادة الإنسان ، وتكرين النفس على فعل الخير وترك الشر ، حتى تصبح سجية النفس نحو الفضيله حتى تحقق السعاده

طرق تحصيل الأخلاق الحسنة :

الطريق الأول :
طريق موهوب ، وهو عطاء الله سبحانه وتعالى وهذا الخلق الحسن ليس لنا سبب غليه إلا الهبه من الله سبحانه وتعالى كما زكى الله سبحانه عيسى عليه السلام : (( قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا ))

الطريق الثاني :
طريق مكسوب وهو من فعل الإنسان حسنه وقبيحه فدليله من السنه النبويه في قول النبي صلى الله عليه وسلم : (العلم بالتعلم ، والحلم بالتحلم ، ومن يتحر الخير يعطه ومن يتوق الشر يوقه )) .

كيف تعرف عيوب نفسك ؟

اعلم رعاك الله أن الله عز وجل إذا أراد بعده خيرا بصره بعيوب نفسه ، ليتمكن من معالجتها ولكن أكثر الخلق جاهلون بعيوب أنفسم .
فمن أراد أن يعرف عيوب نفسه فله أربعة طرق :
الأول : أن يجلس بين يدي شيخ بصير بعيوب النفس ، وعلى منهج السلف ، يعرفه عيوب نفسه وطرق علاجها .

الثاني : أن يطلب صديقا صدوقا بصيرا متدينا ، يلاحظ أفعاله وأقواله ، فما كره من أخلاقه وعيوبه ينبهه عليها .

الثالث : أن يستفيد معرفة عيوب نفسه من ألسنة أعدائه ، ولعل انتفاع الإنسان بعدو مشاحن يذكر عيوبه خير من صديق يثني عليه .

الرابع : أن يخالط الناس فكل ما وجده مذموما فيهم ابتعد عنه

أحول الإنسان في أخلاقه :
إن الإنسان لا يخلو من إحدى ست أحول :

الأولى : أن تكون أخلاقه صالحه في الأحوال كلها ، فهي النفس الزكيه ، وصلاحها خير تام .

الثانيه : أن تكون أخلاقه فاسده في الأحوال كلها ، فهي النفس الخبيثه ، وفسادها هو الشر التام .

الثالثه : أن تكون أخلاقه صالحة في كل الأحوال ، فتنقلب كلها إلى الفساد في كل الأحوال .

الرابعه: أن تكون كل أحواله فاسده في كل الأحوال ، فتنقلب إلى الصلاح في كل الأحوال ، فما ذاك إلا لداع غلب على الطبع ، فإجتذبته .

الخامسه : أن تكون أخلاقه صالحه في كل الأحوال وبعضها فاسده .

السادسه : أن تكون كل أخلاقه صالحه في بعض الأوقات ، وبعضها فاسده في بعض الأوقات الأخرى .

أسباب تغير الأخلاق الحسنه:
الولايه : التي تحدث في الأخلاق تغيرا ، وعلى الخلطاء تنكرا ، إما لؤم طبع ، وإما من ضيق صدر .
العزل : فقد يسوء به الخلق ويضيق به الصدر إما لشدة أسف أو لقلة صبر .
الغنى : فقد تتغير به أخلاق اللئيم بطرا ، وتسوء طرائقه شرا .
الفقر : فقد يتغير به الخلق إما أنفة من ذل الاستكانه أو أسفا على فئت الغنى .
الهموم : تذهل اللب وتشغل القلب فلا تتبع الإحتمال ولا تقوى على الصبر.
الأمراض : التي يتغير بها الطبرع ما يتغير بها الجسم فلا تبقى الأخلاق على الإعتدال ولا يقدر معها على الإحتمال .
علو السن : حدوث الهرم لـتأثيره في آلة الجسد ، كذلك يكون تأثيره في أخلاق النفس .
هذه سبعة أسباب أحدثت سوء خلق عام . وهنا سبب خاص يحدث سوء الخلق :
البغض : الذي تنفر منه النفوس فتحدث نفورا على المبغض ، فيؤول إلى سوء خلق يخصه دون غيره ، فإذا كان سوء الخلق حادثا بسبب ، كان زواله مقرونا بزوال ذلك السبب .

كيف نكتسب الأخلاق الحسنه ؟

الأخلاق الحسنه يمكن اكتسابها ، وللأخلاق منزله رفيعه في دين الله ، ولها ارتباط قوي بقوة الإيمان وحسنه ، وتدين المرء وتمسكه بالشريعه ، وهذه الطرق التي يمكن أن يكتسب بها الأخلاق الحسنه :

1- تصحيح العقيدة :

العقيده الصحيحه هي التي تصحح الأخلاق وتحمي الإنسان من الانزلاق وليس ذلك إلا في عقيدة السلف أهل السنه والجماعه أصحاب الحديث .

2- الدعاء :

الدعاء لغة : ما يدعي به الله سبحانه من القول .
إصطلاحا : هو التوجه إلى الله بالرغبه فيما عنده من خير ، إما للثناء عليه ، وإما الابتهال إليه بالسؤال لدفع الضرر ، أو جلب نفع ، وكلها عباده لله سبحانه .

3- المجاهد :

لغة : بذل ما في الوسع والطاقة.
اصطلاحا : أخذ النفس ببذل الطاقة ، وتحمل المشقة ، في دفع المضرة ، وتحصيل المنفعه .
فالسالك طريق للإصلاح يسعى بمجاهدة نفسه لتحقيق هدفه

4- المحاسبة :

وذلك بتصفح أفعاله ، ونقد النفس وعقابها إذا إرتكبت خلقا ذميما والمقصود هنا بعقاب النفس العقاب المشروع ، وهي إلزام النفس بشيء يشق عليها فعله ، بشرط ألا يؤدي ذلك إلى ضرر بالجسم كما يفعل الصوفيه والمنحرفون .

5 – التفكر في الآثار المترتبه على التفكر

(( تصرف القلب في معاني الأشياء لدرك المطلوب ، وسراج القلب ، يرى به خيره وشره ، ونافعه ومضاره ، وكل قلب تفكر فيه فهو في ظلمات يتخبط )) .
وقيل هو إحضار ما في القلب من معرفة الأشياء .

عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : (( صلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار ، يعمرن الديار ، ويزيدان في الأعمار ))

6- النظر في عواقب سوء الخلق :

وذلك بتأمل ما يجلبه سوء الخلق من الأسف الدائم ، والهم الملازم ، والحسره والندامه ، والبغضه في قلوب الخلق ؛ فذلك يدعو المرء إلى أن يقصر عن مساوئ الأخلاق ، وينبعث إلى محاسنها .

7- علو الهمه :

الهمه لغة : (هي بالكسر : أول العزم ، وقد تطلق على العزم القوي ، فقال : له همة عالية) .
إصطلاحا : ( الهم : هو عقد القلب على فعل شيء قبل أن يفعل ، من خير أو شر ) .
همة العبد إذا تعلقت بالحق تعالى طلبا صادقا خالصا محضا ، فهي تلك الهمة العاليه .
وقد ذكر الله عز وجل في كتابه العزيز أمثله على ساقطي الهمة أذكر منها قوله جل جلاله (( وإتل عليهم نبأ الذي ءاتيناه ءاياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين . ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض وإتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث . ذلك مثل القوم الذين كذبوا بئاياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون )) .

8- الصبر :

الصبر لغة : الحبس والكف يقال : صبرت نفسي على ذلك الأمر أي : حبستها ، ومنه قوله تعالى (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداوة والعشي يريدون وجهه)) .
إصطلاحا : ( هو حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع ، أو عما يقتضيان حبسها عنه )
فالصبر حبس النفس عن الجزع والتسخط ، والشكوى ، وعن تشويش الجوارح وله ثلاث أنواع :
i. صبر على طاعة الله .
ii. صبر عن معصية الله .
iii. وصبر على قضاء الله وقده في البلاء . 9- التواصي بحسن الخلق :
وذلك ببث فضائلحسن الخلق ، وبالتحذير من مساوئ الأخلاق ، وبنصح المبتلين بسوء الخلق ، وبتشجيع حسني الأخلاق فحسن الخلق من الحق ، قال تعالى (( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) .

10- قبول النصح الهادف ، والنقد البناء :

فهذا مما يعني على اكتساب الأخلاق الفاضلة ، ومما يبعث على التخلي عن الأخلاق الساقطه فعلى من نصح أن يتقب النصح ، وأن يأخذ به ؛ حتى يكمل سؤدده ، وتتم مروءته ، ويتناهى فضله .

11- أن يتخذ الناس مرآة لنفسه : العاقل ينظر لغيره ، ويجعلهم مرآة لنفسه ، فكل ما كرهه ونفر عنه من قول ، أو فعل ، أو خلق فليتجنبه ، وما أحبه من ذلك واستحسنه فليفعله .

12- مصاحبة الأخيار وأهل الأخلاق الفاضلة : فالمرء مولع بمحاكاة من حوله ، شديد التأثر بمن يصاحبه .
ومجالستهم تكسب المرء لصالح والتقوى ، والاستنكاف عنهم تنكب عن الصراط المستقيم قال تعالى (( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ))13- الاختلاف إلى أهل الحلم والفضل وذوي المروءات : فإذا اختلف المرء إلى هؤلاء ، وأكثرهم من لقائهم وزيارتهم ؛ تخلق بأخلاقهم ، وقبس من سمتهم ونورهم .

14- قراءة القرآن بتدبر وتعقل : القرآن كتاب الأخلاق الأول ، وهو الذي يهدي للتي هي أقوم ، وحسن الخلق من جملة ما يهدي إليه القرآن ، وفي القرآن من الوصايا العظيمة الجامعة التي لا توجد في أي كتاب آخر ، والتي لو أخذت بها البشريه لتغير مسارها قال تعالى (( خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين )) .

15- إدامة النظر في السيرة النبوية : السيرة لغة : الطريقة والسنة حميدة كانت أو ذميمة ، أو : هي الحالة التي يكون عليها الأنسان وغيره .
اصطلاحا : معرفة جميع أحوال النبي صلى الله عليه وسلم على التفصيل منذ ولادته بل وقبل ذلك إلى وفاته ، وما يتصل بذلك .

ثمرات دراسة السية النبويه :
i. بدراسة السيرة النبوية يتم حسن الاقتداء به صلى الله عليه وسلم .
ii. تحقيق محبة العبد لربه عز وجل والتي لا تتم إلا باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
iii. معرفة كثير من الأحكام الشرعية ، وتطبيقها العملي .
iv. معرفة الناسخ والمنسوخ .
v. الإستفاده من العظات والعبر والدروس المبثوثة للفرد والمجتمع .
vi. معرفة فضائل النبي صلى الله عليه وسلم ، وخصائصه ودلائل نبوته صلى الله عليه وسلم ، ومعجزاته مما يزيد الإيمان ويقويه .
vii. دراسة السيرة النبوية تفيد وتعين على معرفة كثير من أسرار التشريع وحكمه وتفيد في معرفة أسباب نزول الآيات ، ومناسبات بعض الأحداث .
viii. يقف المسلم على شدة عداوة الكفار من المشركين والمنافقين ، وأهل الكتاب للأسلام والمسلمين ، وطرق مخططاتهم وأهدافهم .
ix. معرفة شمائل النبي صلى الله عليه وسلم فإنها تنبه الإنسان على مكارم الأخلاق وتذكره بفضلها ، وتعينه على اكتسابها .
16- النظر في سي الصحابة الكرام وأهل لفضل والحلم :
السلف الصالح أعلام الهدى ، ومصابيح الدجى ، وهم الذين ورثوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هديه ، وسمته ، وخلقه ، فالنظر في سيرهم ، والاطلاع على أحوالهم يبعث التأسي بهم ، والاقتداء بهديهم (( من الؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر . وما بدلوا تبديلا )) .

17- مطالعة كتب الآداب الشرعية :
مطالعة كتب الآداب الشرعية فيها تربية على مكارم الأخلاق ، وتذكرة بفضلها ، وتعين العقل على اكتسابها ويزيد جمالا فهمها ، وقراءتها على أهل العلم .
قال الإمام الشاطبي رحمة الله عليه ( مطالعة كتب المصنفين ومدوني الدواوين نافع في بابه بشرطين :
الأول : أن يحصل له من فهم مقاصد ذلك العلم المطلوب ، ومن مشافهة شيئا ، دون فتح العلماء ، هو مشاهد معتاد .
الثاني : أن يتحرى كتب المتقدمين من أهل العلم المراد ؛ فإنهم أقعد به من غيرهم من المتأخرين ) .
ومن هذه الكتب النافعه : .
i. ( الآداب الشرعية ) للأمام مفلح المقدسي .
ii. ( أدب الدنيا والدين ) للإمام أبي الحين علي بن محمد الماوردي .
iii. ( الظرف والظرفاء ) لأبي الطيب الوشاء .
iv. (روضة العقلاء ) للإمام أبي حاتم البستي .

18- الاعتبار بحوادث التاريخ : النظر في تقلبات الحياة وما فيها من عبر معين ثر لكل عاقل يريد النجاة بنفسه إلى سفينة الأخلاق ، والتاريخ وما فيه من تجارب باعث رئيس لمن يحب اكتساب الأخلاق الحسنة .

وقد بين كل من ابن خلدون وابن الأثير اهميه الفوائد والمنافع الدنويه والأخرويه لحوادث التاريخ .
والعاقل اللبيب اذا رأى تقلب الدنيا بأهلها زهد فيها وأٌقبل على التزود في الأخره ، كما انه يتخلق بالصبر والتأسي وهما من محاسن الأخلاق . فإذا رأى العاقل مصاب الدنيا لا يسلم منه نبي مكرم ، ولا ملك معظم ، ولا احد من البشر علم انه يصيبه ما أصابهم ولهذه الحكمه وردت القصص في القرآن المجيد (( ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو اولقي السمع وهو شهيد ))

شكرا للمثقفات

خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.