أثار خبر انتشر عبر البريد الإلكتروني الذعر بين الشباب، إذ تعود تفاصيله إلى أن شاباً مواطناً يرقد في أحد مستشفيات الدولة بعد أن أكد الأطباء إصابته بجلطة دماغية تسبب بها تدليك ”مساج” للرأس والرقبة أجراه له أحد الحلاقين بعد أن انتهى من قص شعر الشاب.
والواضح أن وجود حالات عديدة ترقد في أقسام الباطنية في مستشفيات الدولة تعاني تأثيرات هذا التدليك الذي أجراه البعض في مراكز التدليك أو مراكز العلاج الطبيعي أو حتى الحلاقين رغم أن أكثرهم لا يعرفون أن هذه هي الأسباب ويشتكون فقط من الألم.
وتنتشر ظاهرة مساج الرأس في الصالونات النسائية والرجالية على حد سواء وتجرى على يد الحلاقين وغير المتخصصين رغم تأكيدات الأطباء خطورة تدليك منطقة الرأس والرقبة من قبل غير متخصصين لاحتوائها على أعصاب وعروق حساسة، قد تؤدي الإصابة فيها إلى الوفاة.
قلة الوعي
يقول محمد (23 عاما): تربطني علاقة جيدة بحلاقي الذي اعتدت على زيارته أسبوعياً، وأكثر ما يجذبني إلى حلاقة شعري عنده وليس عند غيره هو حركات المساج التي تريحني كثيراً، إلا أنني لم أعلم أن هذا المساج له آثار خطيرة وجميع الشباب الذين أعرفهم لا يعلمون أيضاً وهذا مؤشر على قلة وعي الشباب بالآثار الصحية السلبية لهذا المساج.
ويضيف إن ظاهرة مساج الرقبة والرأس لدى الحلاقين انتشرت كثيراً وجميعهم يعملون هذا باختلاف جنسياتهم، إلا أنهم ليسوا متخصصين أو مدربين على هذا المساج، فهم بالأصل حلاقين إلا أنه يجيدون فعله.
وطالب بنشر الوعي بهذا الموضوع بين أوساط الشباب الإماراتي حتى لا نخسر أرواح الشباب أو صحتهم بسبب قلة الوعي الصحي.
ومن جهته، يقول علاء والذي يعمل حلاقاً في أحد الصالونات الرجالية في العين منذ خمس سنوات: ”لا نعمل مساجاً للرأس إلا تحت طلب الزبون نفسه وتزايد في الفترة الأخيرة أعداد من يطلبون هذا النوع من المساج للرقبة والرأس والجزء العلوي من الأكتاف ربما لطول ساعات العمل أو الجلوس لفترات طويلة وراء المكاتب وأمام شاشات الكمبيوتر”.
خطورة كبيرة
يقول الدكتور طلال الخزرجي رئيس قسم إعادة التأهيل والعلاج الفيزيائي في مستشفى العين إن المساج أو التدليك يعتبر من أقدم الطرق العلاجية عبر التاريخ ويؤكد علماء الآثار والتاريخ ذلك عبر بعض الرسوم والنقوش على جدران المعابد في مصر والصين.
وتؤكد الدراسات أن أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالجلطة الدماغية أوالوفاة للأشخاص من سن 20 إلى 45 كانت نتيجة تمزق أحد شرايين الرقبة نتيجة طقطقة الرقبة والتدليك الخاطئ، وأن نسبة 14% إلى 16% من الأشخاص ممن أصيبوا بالخلطة الدماغية كانت ناتجة عن تدليك أو مساج خاطئ للرقبة أيضا. وأشار إلى أنه بمجرد سماع كلمه مساج أو تدليك تعطي شعوراً بالراحة والارتخاء وتخفيف الضغط اليومي وللمساج فوائد صحية ونفسية منها تنشيط الدورة الدموية ويقوى العضلات و يزيل التعب والإجهاد ويخفف من الضغط العصبي والقلق ودخول كمية من الأكسجين إلى الجلد و محفز للجهاز اللمفاوي.
وتعليقاً على ظاهرة انتشار ظاهرة تدليك الرقبة يقول الدكتور: ”لقد انتشر في الإمارات الكثير من المراكز الصحية وصالونات الحلاقة التي تمارس وتقدم هذه الخدمة لزبائنها. ونحن لسنا ضد هذا ولكن ضد من الذي يمارسها. لأن المساج والتدليك ليس حركات عشوائية أو طقطقة للمفاصل أو طرق تأخذ بالخبرة، فالمساج أو التدليك علم و يدرَّس في أرقى وأكبر الجامعات والأكاديميات والمعاهد”. وأكد الخزرجي أن المدلك أو خبير المساج لابد أن يكون له المعرفة التامة بجميع النواحي العلمية والطبية الخاصة بتكوين جسم الإنسان مثل النواحي البدنية والنفسية والفسيولوجية، ومن الضروري أن يكون خبيراً ولا بد أن تكون له المعرفة في علم التشريح، فلا بد أن يعرف بداية ونهاية العضلات والشرايين والأوردة والأعصاب وتفرعاتها والغدد اللمفاوية الموجودة في الجسم أو المكان المراد عمل المساج له وكيفية التعامل مع كل هذه العناصر.
ويقول إن هناك الكثير من الحالات التي لا يجب أن يتدخل فيها المساج أو التدليك منها الكسور الحديثة أو المتوسطة في بعض المناطق وإصابات الخلع في المفاصل وحالات انزلاق الفقرات في العمود الفقري أو أي إصابة به، بالإضافة إلى حالات التهاب المفاصل والأورام السرطانية أو الأكياس الدهنية و تمزق العضلات وارتفاع درجة حرارة الجسم وحالات دوالي الساقين أو جلطة الأوردة وبعض حالات الصرع أو الربو ونزيف في الدماغ أو الرئتين أو المثانة والأمراض الجلدية ويمنع عمل المساج أثناء الدورة الشهرية للسيدات والمصابين بأمراض هشاشة العظام.
ورغم أن بعض الصالونات التي تقدم لزبائنها خدمة مساج للرقبة تعتمد على الخبرة العملية وهذا أمر خاطئ فلابد من الخبرة العلمية والخلفية الجيدة عن هذه المنطقة الحساسة من الجسد .
وشرح رئيس قسم إعادة التأهيل والعلاج الفيزيائي، أن تركيب الرقبة مكونة من فقرات عنقية صغيرة الحجم ودقيقة مقارنة مع باقي فقرات العمود الفقري التي تربط ما بينها أنظمة معقدة ومحكمة الترتيب من الأربطة والأوتار والعضلات. وتمر خلالها مجموعة كبيرة من الأوردة والشرايين والأعصاب وأعضاء أخرى مثل المريء والقصبة الهوائية وأعداد من الغدد اللمفاوية، بالإضافة إلى الغدة الدرقية والجار درقية وهي منطقة خطرة جدا.
أعراض المساج الخاطئ
حذر الخزرجي من أن أي حركة غير طبيعية أو أي ضغط شديد أو شد قد يؤدي – لا قدر الله – إلى تمزق أحد الأوعية الدموية وحدوث نزيف أو جلطة أو التواء في الحبل الشوكي، مما يؤدي إلى شلل الأطراف العلوية أو تمزق في إحدى العضلات أو كسر في الفقرات العنقية للأشخاص الكبار في السن أو الذين يعانون من هشاشة في العظام.
ومن أعراض المساج الخاطئ للرقبة ألم شديد ومفاجـــــئ للرقبة والرأس وصعوبة في الكلام أو التمييز وفقدان التوازن والصــداع وتنميل اليدين وضبابية الرؤية، فإذا أحس المريض بأي هذه الأعراض عليه مراجعة الطبيب فورا.
وتوجه الخزرجي بمجموعة من النصائح منها حسن اختيار المدلك وأن لا يسلم الأشخاص أجسادهم لمن يعبث بها وأن لا يبخل الإنسان على نفسه في العلاج وأن يختار الأخصائيين المهرة في المساج والتدليك، وتكثيف الرقابة الصحية والطبية على أصحاب المراكز الطبية والصالونات بتنسيق مع هيئات الصحة والبلديات ووجه وسائل الإعلام على أهمية توعية الأفراد والجمهور.
إعلانات