قال لم ألق في حياتي حديثا كحديث الأحباب في الأسحار"
يقول إنما سمي السحر سحرا لأنه وقت إدبار الليل وإقبال النهار فهو متنفس الصبح ، الأدبار وقت سكون الليل وخلو البال يجتمع فيه النفس وتسموا فيه الروح ويهدئ فيه الصوت سل الليل عن الأحباب فعنده خبر فلا تسمع إلا همسات المحبين وأنين المذنبين وآهات الخاشعين الأسحار أفضل الأوقات للصلاة وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو وقت الذكر والصفاء واستجابة الدعاء ووقت الشوق والحنين ورفع حوائج المؤمنين لمالك يوم الدين الأسحار وقت نزول الرحمة وحضور الملائكة ووقت التنزل الإلهي الأسحار هي نعيم الدنيا وبهجتها ، فهي المنيل العذب للصالحين ، هي المنهج الذلال للمتقين
وروى في الزهد لأحمد بن حنبل أن داود عليه السلام سأل جبريل وقال يا جبريل أي الليل أفضل قال يا داود لا أدري إلا أن العرش يهتز من السحر ، وروي أن يعقوب عليه السلام لما قال له أبنائه استغفر لنا قال سوف أستغفر لكم ربي وأخرهم إلى السحر، روائع الأسحار حديث عبير كلماته من نسيم السحر وأريج أنفاسه من أنفاس المتهجدين يا حبيب القلوب أنت حبيب أنت أنسي أنت مني قريب يا طبيب لمثله يتداوى كل ذو علة فنعم الطبيب طلعت شمس من أحبك ليلا واستنارت فما تلاها غروب إن شمس النهار تغلب ليلا وشمس الغروب ليس قريب إذا ما الليل أسبل سترا فإذا بها تحل القلوب
ها قد أقبلت أسحار رمضان العشر الأواخر شمر المشمرون وكأني بهم يخرجون من بيوتهم يتسابقون لبيوت الله هجروا فراشهم لذة النوم نعم قمت أيها الأخوة توضأتم وأسبغتم الوضوء في الهواء البارد وكأن لسان حالكم يقول نتدفأ بحرارة الإيمان ونتذكر بلباس التقوى اشتاقت قلوبكم حلت نفوسكم نصبتم لله أقدامكم استقبلتم الصلاة كما كان يفعل قدوتكم صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يقول اللهم لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ولك الحمد لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ولك الحمد أنت الحق ووعدك حق ولقاءك حق ووعدك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك آنبت وبك خاصمت وإليك تحاكمت فاغفرلي ما قدمت وما أخرت وما أعلنت وما أسررت أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت, تذكر هذه الكلمات وهذه المناجاة تسهر النفوس لمولاها وتشتاق النفوس للسهر أي سحر ، انكسار ، ثم يخشع الإمام ليشق سدول الليل بالقرآن ليرتل القرآن بقلب خاشع سليم فتقفون عند عجائبه تتحرك به القلوب وبين خاشع وباك ومتأوه وشاك ثم ترفعون للعظيم تنادونه بقلوب عظيمة ونفوس كريمة اللهم لك آمنت وبك أسلمت وعليك توكلت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي لا إله إلا الله ما أطيب هذه الكلمات وما أجمل المناجاة حتى العظام والأبصار خشعت لله رب العالمين لم يعد الخشوع في القلب فقط بل سار في جميع الأجواء ، وخالط القرآن اللحم والدم انشرح الصدر .
وكلهم بات بالقرآن منبهجا كأنهم الدم يسري في خلاياه
فلأذن سامعة والعين دامعة والروح خاشعة والقلب أواه
ثم تأتي لحظات السجود للواحد المعبود يا لها من سجدة يا لها من لحظات فهي لب القيام هي ساعة القرب من الرب "أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء" فسجد خاشعا ذليلا منكسرا يذكر المحبوب يتوجه إليه يستعطفه يتململ بين يديه
أيضا معاشر الأخوة والأخوات لا أستطيع وصف حال الساجدين في الأسحار فما يذاق بالقلب لا يمكن وصفه باللسان وعبارة النسيم لا يفهمها إلا المشتاق لكن لو رأيت هؤلاء وهم سجود والقلوب شهود ، وقائل لا أعود وقائل هل أعود وقائل هل أنا مطرود وقائل كيف الورود ثم تأتي لحظات السحر الأعلى بعد الصلاة ثم يقف أمام الله هيبة له سبحانه واستغفره استغفارا كأنه هالك إلم يغفر الله له ولسان حاله يقول إلهي انصرف الناس إلى بيوتهم وخلا كل حبيب بحبيبه يناجيه وبقيت أنا أناجيك فأنا أحبك وأحب من يحبك فأنت عندي كروحي بل أنت عندي أحب حسب من الحب أني بما تحب أحب
ها هي روائع الأسحار وهكذا هم الليالي العشر برمضان بيدك هذه الحلاوة ، أيام رائعات جميلة أقبلوا على الله يقبل الله عليكم يجب ألا تفوت يجب أن نحرص عليها فإن مثل هذه الأيام أيام لا تعوض أيام لا تعوض فيها تدريب للنفس على القيام في الأسحار وفيها لتدريب للنفس على الصبر وطاعة الله والخلوة بالله فإن الخلوة بالله كان يحرص عليها سلفنا الصالح ومنها ألم تسمع في الحديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلي ظله قال " ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه " نعم هذه هي الخلوة التي فقدها كثير من الناس اليوم أن يخلوا الإنسان بربه في ظلمة ليل أو في صحراء لا يعلم به أحد إلا الله يعترف بذنبه وتقصيره وجرأته على ربه ، ربما سالت دمعات على الخدين بفضل الله العظيم على هذا القلب ربما رق القلب فصارت تلك الدمعات والله تعالى يراه ويطلع عليه " من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله "
معاشر الإخوة والأخوات فالنسموا بهذه الروائع الجميلة الخلوة المناجاة الإعتراف بين العبد وربه مقبل صادقه مهما كان خطأه مهما كان هذا الإنسان مذنب فالله سبحانه يحب العبودية ومن أراد السعادة الأبدية وأعظم وقت لمثل هذه المعاني رائع الأسحار وإني لأتحدث إن شاء الله في الحلقة القادمة عن صور من حياة أهل الأسحار كيف كان في الأسحار وكيف كانوا يجاهدون أنفسهم كيف يكونون ويحافظون على تلك اللحظات إنها لحظات أصبحت اليوم غريبة وأعلم أن هذه الكلمات ربما يستغربها البعض من الأخوة والأخوات أن تسترجع شيئا من إيماننا خاصة مثل هذه الأيام ، الإيمان الذي هو نعمة الله على الإنسان الإيمان ، يمكن أن يكون الإنسان بارئا مبدعا في كثير من جوانب حياته ليس معنى أنه يكون عندك مثل هذه الكلمات يبعد الإنسان عن الدنيا بل هذا فن يحتاج منا إلى توازن كيف يستفاد الإنسان من الدنيا ويسخرها إلى حياة جميلة وسخرها الإنسان لله في كل شيء في حياته في سكونه صناعة الحياة إنما تكون بالإيمان نعم تكون بالإيمان ولا تعجب من هذا الكلام جرب ستجد روائع الأسحار جرب نفسك أخي في مثل هذه الأيام هي مدرسة مدرسة مباركة دعني أحدثك عن تلك الصور هي صور مضيئة عن أناس يعيشون بيننا ليس الصور من أسلافنا فقط وإنما الصور من أهلنا وإخواننا، ولعلك في شوق أن تعيش في تلك الصور لأناس من أقاربنا وأهلينا سجلتها ورآيتها بعيني ، أسأل الله أن يوفقنا ويهدينا إلى الصراط المستقيم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
( منقول للفائده )
موضوعج رووووعه وتوقيعح اروع
جزاج الله الف خير