تخطى إلى المحتوى

"الأُتْرُجَّة" و "لآلِئ" الشِّتاءِ !

"الأُتْرُجَّة" و "لآلِئ" الشِّتاءِ ..!
رجاء محمد الجاهوش

اجتمَعنا تحتَ ظِلال الحَرفِ في مُنتدى التَّوجيه الفنِّي لدورِ القرآنِ الكريم
وذات مساءٍ كانَ اللقاءُ على أرضِ الواقعِ ، فكانَت هذه الكلمات .

خليجية

اليوم ـ تحديدًا ـ شعرتُ أنَّ أجملَ فصولي وأحبَّهم إلى قلبي قد حلّ …
جاءَ الشِّتاءُ يجَرُّ ثوبَه المُبلل ، ومُزنه التي لا يحلو لها السُكنى إلا في السَّماء ..
جاءَ فتوارَت أَشِعَّة الشمس المُلتهبة في حياءٍ ، وسَرَت في الضُّلوعِ رعشة بَرد !
احتَضنتُ نفسي بيديَّ ورحتُ أُمرّر كفيَّ على جسدِي لأبعث الحرارة في أوصالي علّني أشعرُ بالدِّفْءِ .
كنتُ سعيدة رغم البَرد ، بل كنتُ سعيدة بزيارةِ البَرد !
حملتُ حقيبة كُتبي ، وتوجَّهتُ إلى دار القرآن الكريم ، تلكَ البُقعة المُباركة التي تُهدي ضيوفها أجملَ الهَدايا : سكينة وهدوءً وقبسًا من عِلم يُنير بَصيرتهم قبل بصائرهم .
في طريقي رحتُ أسْتَرقُ النظر إلى السَّماء المُنبسطة أمامي ، ما زالت كما عهدتُها زرقاء عالية إلا أنَّها لم تكن صافية ، فالغيم الأبيض تسلَّـل إلى كَبِدها فكساها وقارًا .
ابتسمتُ وأنا أتذكّر كيفَ وقفتُ أمامَ المرآة ـ قبلَ خُروجي مِن المنزلِ ـ لأطمئن على مَظهري ، ولأرى كيف أبدو ، فالليلة موعد اللقاء الأول ، ومَن مِنا لا يُدرك قيمة اللَّقاء الأوَّل وأثره الذي يُحفر في فِكرِ وقلبِ الطرفِ الآخر !
لكنَّني ـ وقبل أن يطولَ وقوفي ـ حدّقت في تلك السيّدة التي تطلّ عليَّ من المرآة …
إنها هي ؛ نعم …
أعرفها جيدًا ؛ أعرف أنَّها تحبّ أن تكون المُسلمة أنيقة مُرتَّبة ، إلى جانب التزامها بدينها وتحلَّيها بالأخلاق الحميدةِ ، وأعرفُ أيضًا أنَّها تؤمن بأن الجَمال جَمال الرُّوح لا الجَسَد ، فكم من قوالبٍ ساحرةٍ عندما تقتربَ مِنها مفتونًا ترجع القَهقرى مَصدومًا من هول ما رأيت : دَمامة خُلق ، وسوءِ مَعشَر !
ما زالت الابتسامة عالقة على ثغري ، وأنا ما زلتُ هائمة مع هواجسي : تُرى كيف سيكون اللقاء ؟
فـ"الأترجة" لا تعلم أنني على علم بزيارتها إلى مركزي ، لم أخبرها أن "وردة الإسلام" أخبرَتني الخبَر ، الذي كان مفاجأةً بالنسبة إليّ ، لقد أرادت أن تفاجئني لكن الله أراد أمرًا آخر فأتمّه ، سبحانه !
توقَّفت السَّيارةُ معلنةً أنَّنا قد وصلنا ، فطويتُ حبلَ أفكاري وحملتُ حقيبتي وتوجَّهتُ إلى قاعة الدَّرسِ .
مرّت الحصة الأولى وقد نعمنا بتلاوة القرآن الكريم وسماعه في جو خاشع مَهيب ، ثم قمنا لأداء صلاة المغرب طاعةً لأمرِ ربِّنا .
أقبلت عليّ "وردة الإسلام" في حبور : – لقد وصلتا ، وهما في غرفة مديرة المركز !
– مَن ؟! ، ألم تخبريني أن أختنا "الأترجة" هي من ستزورنا فقط ؟!
– بلى ، لكنّها اصطحبت معها أختنا "لآلـ القرآن ـئ" ، وقد سألتني أن احزر من تكون ، فحزرت .
– وكيف سأحزر أنا ؟ أعطيني علامة فارقة .
– الأطول هي أختنا "لآلـ القرآن ـئ" ؛ هيّا ألا تريدين الذهاب للقائهما ؟
– بلى أريد .
– سأدعو أمي لتذهب معنا .
– حسنًا ، هذا أفضل ، فمع الجماعةِ يتشَّجع الخَجول !

مضينا نحو حجرة مديرة المركز ـ وهي سيدة فاضلة كسبت حبّنا واحترامنا بحسن خلقها وتعاملها ـ وصلنا بسلام ، فكانت "وردة الإسلام" أول الداخلات ، ألقت التحيّة كي تلفت الانتباه إلينا ، فارتسمت أعذب الابتسامات على الوجوه ، وهبّ الجميع وقوفًا .
كنتُ كمن يحلّق في حُلم ، فتركتُ لنفسي العَنان لتتصرّف على سجيّتها ، فكان السَّلام الودود ، والقُبل الحانية ونظرة "الأترجة" التي يَشعّ بريقها حبًّا وأخوَّة ، أما "لآلـ القرآن ـئ" فسَلَّمَت عليّ بحرارة المُحبّ دونَ أن تعرف مَن أكون !
سألتني بعد السَّلام بودٍّ : – مَن ؟
– رجاء .
ولوهلةٍ شَعرتُ أنَّها لم تَربط بعد بين "رجاء" و "خيوط الفجر" ، فبادرتُها : – خيوط الفجر .
فافترّ الثغر عن ابتسامةٍ أعذب من سابِقتها ، وانهالت كلمات التَّرحيب .
جمَعَنا اللِّقاء لمدة دقيقتين أو ثلاث لا أكثر ، فقد حانَ موعد الحصة الثانية ، حصة التَّجويد ، ومُدرِّسة التَّجويد حريصة على مادتِها ، وتشعر بالضِّيق إذا وجَدَت منا إهمالا …
لكننّا لا نريد الذّهاب ، فما العمل ؟!
كان الحديث سريعا ، اختلطت فيه الأصوات ، وتَشابَكت المواضيع حتى حَان وقت العودة إلى قاعة الدَّرس ، فاسْتأذنا وعدنا أدراجنا .
انتهت الحصَّة الأخيرة ، وبدأنا بلملمةِ أشيائنا استعدادًا للمُغادرة ، لكنَّ قلوبنا تتمنَّى لو تعود إلى غرفة المديرة لتلقاهما ، فما كان منّا إلا السَّمع والطَّاعة …
توجَّهنا إلى الإدارة وقبل أن نصل إلى الغرفة أخبرتنا المديرة ـ وهي مُغادرة ـ أنَّهما غادرَتا ، فشكرناها ، ومضينا في طريقنا .
التفتت إلي "وردة الإسلام" وقالت : – أشعرُ أنني أعرفهما منذ زمن !
– سبحان الله ، هي الأرواح الطيَّبة تألف وتُؤلَف ، كما أن صِدق المَسعى له ثمرته ؛ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " من عاد مريضًا ، أو زار أخًا له في الله ناداه مناد : أن طبتَ وطابَ مَمشاك ، وتبوَّأت من الجنَّة مَنزلا "
– ما أعظم كرم الله !

نسمة باردة رفرفت حولنا فدغدغت وجنتيّ ، وذكّرتني بتلكَ الرَّعشة التي سَرَت في جَسَدِي صباحًا ، فانزَوَيتُ بين ثنايا الرّوح أتأمَّل جَمال شِتائي لهذا العام .

————————-
10388 – من عاد مريضا ، أو زار أخا له في الله ناداه مناد : أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا .
الراوي : أبو هريرة المحدث : الترمذي – المصدر: سنن الترمذي – الصفحة أو الرقم: 2024
خلاصة الدرجة : حسن غريب .

السلام عليك و رحمة الله و بركاته

باتت قراءة كتاباتك أختي رجاء فضاء ممتعا , إن لم أقل أنه شغف و نهمة نتيجة الطرح الهادف و الأسلوب الراقي ,

وصف دقيق محبوك بكل سلاسة و انطلاقة مشاعر أخوية صادقة يشعر القارئ و كأنه طرف حاضر في ذلك المكان , نعم هم كذلك أهل الصفاء و الوداد تتوق للقياهم النفوس و تشتاق ,

نعم الرفقة الصالحة , تلك التي جمعها كتاب الله و علومه , همتها المعالي و عنوانها النصح و التآخي ,

رحل الكرى عن مقلتي و جفاني … وتقرحت لرحيلكم أجفاني

نعم المحبة يا سؤلي محبتكم … حب يقود إلى خير و إحسان

نفسي تتوق إلى اللقاء … فإنه يزداد عند لقائكم إيماني

قد كنت أطمع باجتماع دائم … و اليوم أقنع باللقاء ثواني

ما قلت زورا حين قلت أحبكم … ما الحب إلا في الرحمن

يفنى و يذهب كل حب كاذب … وتبدل الأشواق بالأضغان

أما إذا كان الوداد لخالقي … فهناك تحت العرش يلتقيان

كان لي في مرفأ الحرف إرساء , طاب المرفأ و طاب حارسه ..

نعم البستان ذاك الذي جمع تلك الرياحين ,

واسمحي لي يا خيوط الفجر , كلمة حق لا بد أن تقال ..

ليست مجاملة في شخصك , أو مبالغة في مدح حرفك , أو قصمة لظهرك , أو غلوا في شكرك ,

بل واجب و عرفان لما خط البنان , بتوفيق من الواحد الديان .

ما أحوج الميادين الأدبية المعاصرة إلى هذا النمط الكتابي , الذي مزج القصة بالدعوة, و فصاحة اللغة بسمو الهدف ,

بدل ما أصبحت تتخبطه أروقتنا من الأدب السوقي الذي عج بالترهات و أصبح خادما للنزوات بساقط العبارات , حتى غدا السكران شاعرا و التافه أديبا و المجنون مفكرا .

استمري في مسيرتك أخية سددك الله , و أطلقي العنان لذلك الجندي المرابط

فلا بد للكلمة أن تأتي أكلها ولو بعد حين ,

أسأل الله لك العون و التوفيق , ولك مني خالص الود و التقدير .

و دائما بانتظار المزيد منك إن شاء الله .

خليجية

و كأني بدأت أقتنع أنه لا فصل أجمل من فصل الشتاء !!

العزيزة ربيع القلوب
وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته
قال رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه ـ : « مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ معروفٌ
فَقَالَ لِفَاعِلِه جَزَاكَ الله خَيْراً فَقَدْ أَبْلَغَ في الثَّنَاءِ »
وهل هناك معروف أفضل من كلمة طيّبة ودَعم كريم ؟!
كلمة طيّبة خرجت بصفاء وحبّ ، ودَعم كريم قُدِّمَ بنقاء و ودّ ..
جزاك الله خيرًا ـ يا غالية ـ وبارك فيكِ وفي عطائك ..
وأسأله ـ سبحانه ـ أن يحفظ قلبك طاهرًا نقيّا ، ليغدو الرّبيع له عنوان .

استمري في مسيرتك أخية سددك الله , و أطلقي العنان لذلك الجندي المرابط
فلا بد للكلمة أن تأتي أكلها ولو بعد حين .

أسأل الله من فضله …
مُستمرة ـ إن شاء الله ـ إلى ما شاء الله ، والله وليّ التوفيق .
لا تنسيني من صالح الدّعاء .

كأني بدأت أقتنع أنه لا فصل أجمل من فصل الشتاء !!

لن تندمي صدّقيني …
قال رسولُ الله ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : « الشتاءُ ربيعُ المُوْمِن ، قَصُرَ نَهَارُهُ فَصَامَ
وطالَ لَيْلُهُ فَقَامَ »

.. اللهم اغفِر لي ما لا يَعلمون ، ولا تؤاخِذني بما يقولون ، واجعلني خيرًا مما يظنون ..

دمتِ بخير وعطاء

رجاء محمد

تسلمين اختي لحروفج صدى جميل الله يوفقج ويحفظج يارب

تقبلي مروري واحترامي

أختي العزيزة سراب الشارجه
سلَّمك الله من كل شر ، ويا مرحبًا بكِ دائمًا .
جزاك الله خيرا لحضورك العذب وتشجيعك الكريم
دمتِ بخير

للرفع . . .

أختي العزيزة المها
رَفعَ الله قَدرك في الدّارين ، وجزاكِ خيرا لحضورك ودعمك الكريم .
دمتِ بخير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.