التــوســـل وأنــــواعـــه
أحدهما: أن يكون خالصا لوجه الله.
التوسل في الشرع: هو التقرب إلى الله تعالى بما شرعه في كتابه، أو على
لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
أولا: التوسل المشروع
التوسل المشروع هو تقرب العبد إلى الله بوسيلة وردت في الكتاب أو صحيح السنة، ومن أنواعه
1: التوسل بأسماء الله وصفاته:
قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا
الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[سورة الأعراف: 180].
وجه الدلالة: أن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن ندعوه متوسلين بأسمائه الحسنى،
وأسماؤه سبحانه متضمنة لصفاته، فتكون داخلة في هذا الطلب.
وبذلك يتضح دلالة الآية على مشروعية التوسل بأسمائه وصفاته.
بيانه: هو التوسل إلى الله بالاسم المقتضي لمطلوبه أو بالصفة المقتضية له.
مثاله: كأن يقول في دعائه:
"اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تعطيني كذا أو تدفع عني كذا".
أو يقول: "اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم، اللطيف الخبير أن تعافيني".
أو يقول: "اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن ترحمني وتغفر لي، ونحو ذلك".
ومن السنة ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
وهو التوسل إلى الله تعالى بالإيمان به وطاعته، ويدخل في ذلك كل عمل قام به العبد
كيفيته: هو أن يتذكر الداعي عملا صالحا قام به لله وحده لا لدافع آخر،
وبعد أن يتذكر العمل يتوجه إلى ربه متوسلا بهذا العمل في أن يعطيه أو يدفع عنه.
مثال على ذلك
قصة الثلاثة النفر كانوا يمشون فنزل المطر الغزير ، فلجئووا إلى غار في جبل يحتمون به ،
فسقطت على باب الغار صخرة منعتهم الخروج ، فحاولوا إزاحتها فلم يقدروا ،
فاجتمع رأيهم على أن يدعوا الله عز وجل بأرجى أعمالهم الصالحة التي عملوها .
فتوسل أحدهم ببره لوالديه ، وتوسل الآخر بحسن رعايته واستثماره لمال أجيره ،
وتوسل الآخر بتركه الزنى بعد تمكنه منه ، وكلما دعا أحدهم انفرجت الصخرة عن باب الغار قليلا ،
إلا أنهم لم يستطيعوا الخروج ، حتى أكمل ثالثهم دعائه فانفرجت الصخرة عن باب الغار فخرجوا يتماشون .
فيُشرع للمسلم إذا أراد أن يدعوا الله عز وجل أن يتوسل بأحب الأعمال الصالحة التي يرجو أن تكون خالصة لله .
3 -التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح الحي:
وهو توسل المسلم الذي وقع في ضيق أو حلت به مصيبة بدعاء إنسان يظهر عليه الصلاح والتقوى،
ويتم بطلب من المتوسل، كما يتم من غير طلب.
مثال الأول: كأن يذهب المسلم الذي حلت به مصيبة إلى رجل يعتقد فيه الصلاح،
ويطلب منه أن يدعو الله له أن يرفع عنه ما حل به.
ومثال الثاني: كأن يرى العبد الصالح أخا له في ضيق وشدة فيدعو الله له أن يفرج عنه.
ويكون في حضور المدعو له، كما يكون في غيبته،
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
«استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن لي»
وقال:«لا تنسنا يا أخي من دعائك»[رواه الترمذي وأبو داود].
قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ
جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}[سورة النساء: الآية 64].
وجه الدلالة: في الآية إرشاد لمن ظلم نفسه بارتكاب خطيئة إلى سببين ينقذان منها:
الأول: الاستغفار بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم
وهو عمل صالح يقدمه الإنسان وسيلة للاستجابة.
وهذا هو محل الشاهد إذا هو توسل بدعائه صلى الله عليه وسلم.
وعليه فكل إنسان يصح له أن يتوسل بدعاء أخيه كأن يقول:
"استغفر لي"، أو يدعو لأخيه كأن يقول: "اللهم اغفر لفلان".
ومما يجب التنبيه عليه أن المجيء في الآية المراد به مواجهته صلى الله عليه وسلم
وهو حي لا المجيء إلى قبره؛ لأن استغفاره صلى الله عليه وسلم قد انقطع بوفاته،
وعليه فلا يجوز المجيء إلى قبره أو قبر أحد من الصالحين
**********