ان" الروح " هو جبريل عليه السلام . ولأن جبريل عظيم القدر بين الملائكة فالقرآن يذكره بينهم مميزا وبما يوحى بهذه المكانة يقول تعالى عن الهول العظيم يوم القيامة "(يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا).78/38) ويقول تعالى عن ليلة القدر ونزول الروح مع الملائكة فيها بأوامر الله تعالى قي الخلق والرزق والقضاء والقدر: " تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم : 97/4.وهنا ربط بين الروح والأمر الالهى. وسنجد ذلك الربط يصاحب الروح جبريل قي النسق القرآنى.
ذلك لأن للروح جبريل وظائف محددة بالنسبة للعلاقة بين الله تعالى والبشر. إنه الذي يحمل الأوامر الالهية للبشر, لذلك يوصف أحيانا بأنه رسول؛ يقول تعالى عن القرآن الكريم وجبريل ورؤية خاتم النبيين محمد له حين نزل جبريل بالوحى القرآنى (إنه لقول رسول كريم. ذى قوة عند ذى العرش مكين, مطاع ثمّ أمين) هذا الكلام الهائل وصف لجبريل.بعده يقول تعالى عن محمد عليه السلام مخاطبا قريشا المعاندة (وما صاحبكم بمجنون. ولقد رآه بالأفق المبين) (التكوير 19 ـ) أى أن محمدا رأى جبريل رؤية واضحة قي الأفق المبين، وحين تحدث بها اتهمته قريش بالجنون. إن لجبريل أوصافا كثيرة مثل الرسول وذى القوة والمطاع والمكين والأمين. وهناك أوصاف أخرى له أيضا قي سورة النجم، ولكن أهم أوصافه وأسمائه هو (الروح) لارتباط وصف الروح بالمهام أو الأوامر التي يقوم بها جبريل والتي تتلخص قي حمل الكلمة الالهية أو المر الالهى (كن).
فالروح جبريل هو الذي حمل الأمر الالهى بخلق آدم. والله تعالى يقول للملائكة قي ذلك السياق " فاذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين :15/29. فالياء فى كلمة"روحى" تفيد الملكية كما تقول كتابى، أي الروح الذي امتلكه.
وقد خلق الله تعالى آ دم بدون اب وام، ثم خلق المسيح عليه السلام بدون اب وارسل الروح جبريل إلى السيدة العذراء يحمل الامرالالهى"كن" فكان بشرا سويا.
والله تعالى يقول عن خلق المسيح وكونه مثل خلق آدم " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من ترا ب ثم قال له كن فيكون :59,3.
وكما قال عن خلق آدم " ونفخت فيه من روحى " قال عن خلق عيسى وأمه مريم " والتي احصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين ": 21/91
ويصور القرآن مجىء جبريل الروح الى السيدة العذراء فيقول " فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا، قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا، قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا" 19/ 14 –)
وبسبب ارتباط المسيح عليه السلام بجبريل الروح فقد أصبح من القا ب المسيح كلمة الروح. يقول تعالى " إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته القاها إلى مريم وروح منه : 4/171 "
ومن وظائف الروح جبريل النزول بالوحى ومعه ملائكة الوحى. والله تعالى يقول عن كل الرسالات السماوية" ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده : 16/2) ويقول أيضا "يلقى الروح من أمره على من يشاء من عباده" 15,40
ونزل الروح جبريل بوحى القرآ ن على خاتم النبيين عليهم جميعا السلام، والله تعالى يقول عن جبريل ونزوله بالوحى القرآنى على قلب خاتم النبيين :"قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه: 2/97)
ويقول أيضا عن القرآ ن ونزول جبريل (الروح) به " قل نزّله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا: 16/102 ويقول أيضا عن القرآن ونزول جبريل (الروح الأمين) به على قلب خاتم النبيين " وإنه لتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين.على قلبك :26/192).
وبسبب ارتباط القرآن بجبريل الروح فإنه – اى القرآن – قد اكتسب ايضا وصف الروح، يقول تعالى عن القرآن "وكذلك اوحينا اليك روحا من أمرنا:42 /52
ويتبع وظيفة انزال الوحى قيام الروح جبريل بتأييد المؤمنين المتمسكين بالوحى " أولئك كتب قي قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه: 58/22 ــ
يقول تعالى عن القرآن" قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله : 17/85 –" اذن فالحديث عن الروح جبريل والوحى القرآنى، ولأن جبريل من الملأ الأعلى فهو فوق ادراك البشر وفى نفس الوقت فإن النفس البشرية داخلنا هى مستودع اسرارنا وسريرتنا وغرائزنا ،أى أن من الممكن أن يعرف الانسان ما تريده نفسه ،والله تعالى يقول عن الانسان" بل الإنسان على نفسه بصيرة، ولو القى معاذيره: 75/14 " فالإنسان بصير بنفسه وسريرته ولكنه لايعلم شيئا عن الروح جبريل عليه السلام.