بسم الله الرحمن الرحيم
قبل البدء في الموضوع أقول : لكي تتمكن من سماع المقاطع الصوتية قم بحفظها إلى جهازك عن طريق وضع مؤشر الفارة على اسم المقطع ثم حفظ باسم.
###########################################
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين ، ولا عدوان إلا على الظالمين:
أما بعد:
(الحبيب زين العابدين علي الجفري) من الأسماء التي بدأت تظهر بشكل كبير في الساحة الدعوية في هذا الوقت،وذلك من خلال الظهور عبر القنوات الفضائية والصحف والمجلات، فبعض القنوات الفضائية كما بلغني أصبحت تستضيفه على شاشاتها من خلال البرامج والمقابلات، وكذلك بعض الصحف والمجلات قامت بإجراء مقابلات معه، وله موقع على شبكة الانترنيت تحت الإنشاء، هذا فضلاً عن أشرطته السمعية التي ينشرها اتباعه في عدة أماكن.
وقد سأل عنه الكثير من الإخوة خصوصاً بعد لقاءه مع قناة الجزيرة الذي بث قبل عدة أيام.
وأنا بحمد لله أملك شريط صرح فيه (علي الجفري) ببعض معتقداته التي لا أظنه يستطيع أن يتجرأ وينشرها علانية عبر الوسائل السابق ذكرها على الأقل حالياً !، لهذا رأيت من واجبي أن أقوم بنشر بعض المقاطع من ذلك الشريط، علماً أن الشريط سجل في مجلس خاص وليس عام !! ولم ينتشر إلا في الحدود الضيقة جداً عن طريق بعض اتباعه رغم أنه طلب من صاحب المجلس ألا ينشر الشريط !!
والغرض من نشر هذه المقاطع هو تحذير المسلمين من شر هذا الرجل، فقد اغتر به الكثير من الناس بسبب أسلوبه في الحديث والله المستعان، وبعض الإخوة كنت اخبرهم بمعتقدات الرجل فلم يكن يصدق هذا الأمر، بل أن بعضهم يدافع عنه ويكذبني في ذلك ولكن عندما اسمعه الشريط يتعجب من هذا الأمور التي لم يكن يتصور صدورها من شخص في هذا العصر! الذي انتشر فيه العلم والدين والحمد لله.
وقد كنت قبل فترة طويلة عازماً على أن أقوم بنشر تلك المقاطع مع الرد عليها، ولكن شغلت ببعض الأمور الأخرى، ولكن عندما بلغني أنه ظهر في قناة الجزيرة – وأنا لم أشاهد اللقاء وفي انتظار نشره عبر موقع القناة على الشبكة – قررت نشر المقال بأسرع ما يمكن، لهذا أرجو أن يعذرني الاخوة على ما يجدوه من قصور في المقال، علماً أن هناك مقاطع أخرى أصرح في العبارة من بعض المقاطع التي سوف تسمعونها – بإذن الله – ولكن نشرها يحتاج إلى كتابة رد عليها، ولكن الوقت ضيق حالياً، وأسأل الله أن ييسر ذلك لي ولغيري من المشايخ وطلبة العلم في القريب العاجل.
https://www.geocities.com/abdullah_moslm/g1.ra
https://www.geocities.com/abdullah_moslm/g2.ra
https://www.geocities.com/abdullah_moslm/g3.ra
https://www.geocities.com/abdullah_moslm/g4.ra
وأن عندهم إذن مسبق في التصرف في الكون!!
وأنه بإمكانهم بإذن الله الرزق والإحياء والإماتة !!
https://www.geocities.com/abdullah_moslm/g5.ra
5 – استمع له وهو يصرح بأنه يمكن للولي الميت أن يدعو للحي ، وأن كرامات الأولياء لا حد لها إلا في مسألتين، وهما:
أن ينزل عليه كتاب من الله.
أن يوجد – أي يخلق – الولي طفل من غير أب.
وأن مسألة خلق الطفل من غير أب مسألة خلافية بين العلماء – أي الصوفية – .
وأن الولي يمكن أن تخرج روحه من الروضة التي يتنعم فيها ليغيث من استغاث به.
https://www.geocities.com/abdullah_moslm/g6.ra
https://www.geocities.com/abdullah_moslm/g7.ra
7 – استمع له وهو يصرح بإمكانية رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن بعين البصيرة وأن هناك من الأولياء من يجتمع بالرسول صلى الله عليه وسلم يقظة !
https://www.geocities.com/abdullah_moslm/g9.ra
8 – استمع له وهو يكذب على الشيخ عبد الرحمن دمشقية حفظه الله مؤلف كتاب "الرفاعية" حيث يزعم أن أحد مشايخه ناقش الشيخ دمشقية حول أحمد الرفاعي وذكر له أن الإمام الذهبي أثنى عليه، وأن الشيخ دمشقية كان يجهل هذا الأمر، ولهذا ذمه في كتاب الرفاعية ، مع أن الشيخ عبد الرحمن دمشقية قد ذكر ترجمة أحمد الرفاعي رحمه الله من "سير أعلام النبلاء" للإمام الذهبي رحمه الله وبراءه مما يعتقده فيه أتباعه!
أولاً:ذكر بعض الأدلة التي فيها رد على من اثبت أن الأنبياء والأولياء يتصرفون في الكون:
(إن في سيرة وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يصدع بالحق ويهتك رداء الشك في هذا الأمر:فلما اشتدت إذية المشركين للمسلمين بمكة واستفحل شرهم وتطاولهم حتى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رفع صوته ثم دعا عليهم:" اللهم عليك بقريش … اللهم عليك بأبي جهل بن هشام، وعقبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عقبة، وأمية بن خلف، وعقبة ابن أبي معيط " رواه البخاري ومسلم.
فترى أنه بعد أن ضاقت السبل، واستغلقت الأبواب، وانقطع الرجاء في هداية هؤلاء القوم لم يبق إلا التفكير في استئصال شأفتهم، ولما لم يكن هناك سبل إلى ذلك إلا سبيل الابتهال إلى المولى عز وجل فقد توجه عليه الصلاة والسلام بهذا الدعاء الذي لم تتحقق استجابته إلا بعد حين وتحديداً يوم بدر، إذ يقول ابن مسعود راوي الحديث: (فوالذي بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بالحق لقد رأيت الذين سمى صرعى يوم بدر).
ولا يخفى على عاقل أنه صلى الله عليه وآله وسلم لو كان يتصرف في الكون لاكتفى بقوله لهم:موتوا فيموتون.
وفي يوم بدر ذاته عندما واجه المسلمين خطب مدلهم وخطر جسيم عندما قابلهم جيش قريش ورأوا تفوقه عدداً وعُدداً لم يكن منه صلى الله عليه وآله وسلم إلا أن استقبل القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه:" اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض " . فما زال يهتف بربه ماداً يديه، مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه. فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه. وقال:يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك. فأنزل الله عز وجل: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) (الأنفال:9). رواه مسلم.
هذا نص آخر صريح في أنه عليه الصلاة والسلام كان أمره غاية في العبودية والخضوع والتذلل لربه عز وجل، ولم يكن من شأنه أن يخرج عن ذلك بحال من الأحوال. بل ثبت بالدليل أن الله سبحانه لم يكن يحقق كل ما يدعوه به عليه الصلاة والسلام.
عن سعد بن أبي وقاص قال:قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" سألت ربي ثلاثاً فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة. سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها " رواه مسلم) انتهى نقلاً من "تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي" للشيخ محمد أحمد لوح حفظه الله (1/137-139).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا معشر قريش – أو كلمة نحوها – اشتروا أنفسكم … لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا بني عبد مناف! لا أغني عنكم من الله شيئاً. يا عباس بن عبد المطلب! لا أغني عنك من الله شيئاً، ويا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئاً ". رواه البخاري ومسلم.
قال الشيخ عبد الرحمن دمشقية حفظه الله في "موسوعة أهل السنة" (1/38):
(فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصرح بأنه لا يغني عن أحد من الله شيئاً، ولا حتى لابنته فاطمة رضي الله عنها.
وإذا كان لا يملك شيئاً لفلذة كبه فاطمة رضي الله عنها وهو حي، أفيملكه لغيرها وهو ميت؟!) انتهى باختصار.
وهناك أدلة أخرى كثيرة تدل على هذا الأمر منها:
قوله تعالى: (قل لا أملك لكم ضراً ولا رشداً) (الجن:21).
وقوله: (وقالوا لن نؤمن بك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً * أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً * أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلا * أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل عليناً كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً) (الإسراء:90-93).
وقال تعالى عن نوح عليه السلام: (ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب) (هود:31).
قد يستدل البعض على هذه العقيدة بمعجزات المسيح عليه السلام.
وقد رد الشيخ محمد أحمد لوح حفظه الله على هذه الشبهة في كتابه"تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي" (1/157) حيث قال:
(هذا الاستدلال باطل لأن إحياء الموتى – بإذن الله – من خصوصيات المسيح، وليس لغيره من البشر لا من الأنبياء ولا غيرهم، ومما يؤيد هذه الخصوصية دعاء إبراهيم عليه السلام:
(رب أرني كيف تحيي الموتى) (البقرة:260).
فإنه عليه السلام لو كان من شأنه إحياء الموتى لما دعا بمثل هذا الدعاء، وإذا انتفى كون إحياء الموتى من معجزات نبي آخر غير المسيح قوي انتفاؤه عمن دون الأنبياء من الأولياء والصالحين) اهـ.
وقد يستدل البعض أيضاً بقول الله تعالى: (فتبارك الله أحسن الخالقين) (المؤمنون:14)والجواب:
(أننا نثبت للمخلوق خلقاً، لكنه ليس كخلق الله تعالى. فخلق الله جل وعلا إيجاد من العدم.
وخلق المخلوق لا يكون إلا بالتغيير والتحويل والتصرف في شيء خلقه الله تعالى .
ومن ذلك ما جاء في "الصحيحين" أنه يقال للمصورين يوم القيامة:"أحيوا ما خلقتم". ومعلوم أن المصور لم يوجد شيئاً من العدم إنما حول الطين، أو الحجر إلى صورة إنسان أو طير – بدون روح -، وحول بالتلوين الرقعة البيضاء إلى ملونة، والطين والحجر والمواد والورق كلهم من خلق الله تعالى) انتهى نقلاً من موقع الشبكة الإسلامية على شبكة المعلومات العالمية.
* عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال:هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة" رواه البخاري ومسلم.
* وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن من أفضل ايامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا على الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي" قالوا:يا رسول الله ! وكيف تعرض صلاتنا عليك، وقد أرمتً، قال:" إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء" رواه أبو داود والنسائي وغيرهما وصححه الألباني في "التوسل" (ص64).
فهذا الحديث يدل بأن أجساد الأنبياء – عليهم السلام – لا تفارق قبورهم.
* وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ولا فخر. وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر".
* (ومن الأدلة على ذلك أيضاً ما ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم "أن موسى عليه السلام نقل عظام يوسف عليه السلام لما خرج من مصر". رواه الحاكم وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" رقم الحديث 313 .
وقد أشار الألباني رحمه الله أن معنى قوله في الحديث "عظام يوسف" لا يعارض حديث :"إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء" لأنه قد ثبت في حديث بسند جيد على شرط مسلم:أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بدن، قال له تميم الداري رضي الله عنه ألا أتخذ لك منبراً يا رسول الله، يجمع أو يحمل عظامك؟ قال:"بلى" فاتخذ له منبراً مرقاتين. رواه أبو داود . فدل هذا أنهم كانوا يطلقون العظام، ويريدون به البدن كله) انتهى نقلاً من "مصادر التلقي عند الصوفية" (419-420) بتصرف.
ذكر بعض الأدلة التي تثبت أن أرواح الشهداء والصالحين تتنعم في الجنة وتتمنى الرجوع إلى الدنيا لفعل الخيرات ولكن تمنع من ذلك:
* (عن طلحة بن خراش قال:سمعت جابراً يقول:لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي:"يا جابر مالي أراك منكسراً"؟ فقلت:يا رسول الله استشهد أبي قتل يوم أحد، وترك عيالاً وديناً. فقال:"أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟" قال:قلت:بلى يا رسول الله. قال:"ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك وكلمه كفاحاً، فقال:يا عبدي تمن علي أعطك. قال:يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية. قال الرب عز وجل:إنه سبق مني (أنهم إليها لا يرجعون) " رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه، وابن أبي عاصم، والحاكم وقال:صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي . وحسنه أيضاً الألباني في "ظلال الجنة".
وهو حديث صريح في منع القول بوقوع الرجعة فضلاً عن أن تكون عقيدة إسلامية يجب اعتقادها) نقلاً من "تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي" (2/38-39).
* وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوه عن هذه الآية: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون) (آل عمران:169). فقال صلى الله عليه وسلم:" أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم إطلاعة فقال:هل تشتهون شيئاً؟ قالوا:أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا:يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا " أخرجه مسلم.
قال الشيخ سمير المالكي في " كشف شبهات المخالفين/ القسم الثاني من الرد على كتابي "شفاء الفؤاد" و"الذخائر" " (94-95) بتصرف:
(يستفاد من هذا الحديث:
1 – أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" أرواحهم في جوف طير " يدل على أنها ليست في الأجساد المدفونة في الأرض.
2 – أنهم سألوا ربهم أن ترد أرواحهم في أجسادهم، وهذا صريح في أنها قد فارقتها بالموت.
3 – أنهم تمنوا الرجوع إلى الدنيا ليقاتلوا في سبيل الله لما رأوا من عظيم ثواب الشهادة، فمنعوا من ذلك، فقد انقطع التكليف وانقطع العمل وما بقي إلا الجزاء، فإذا لم يملكوا هم لأنفسهم نفعاً ولا حياة ولا تصرفاً، مع كرامتهم عند ربهم ووجاهتهم عنده، فكيف يملكون لغيرهم من الخلق جلب منفعة أو دفع مضرة؟!) اهـ.
* عن كعب بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه " رواه مالك وأحمد والنسائي.
والنسمة هنا أي الروح، يدل عليه قوله:" حتى يرجعه الله إلى جسده ".
فهذا يدل على أن الروح تعاد إلى الجسد يوم القيامة، فكيف يقال أن الأنبياء والصالحين يخرجون من قبورهم بأجسادهم لإنقاذ من يستغيث بهم؟!
* قال تعالى: (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون) (البقرة:154).
فهذا يدل على أننا لا نشعر بحياة الشهداء البرزخية.
* وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتآكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا:من يبلغ عنا إخواننا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا ينكلوا عن الحرب ولا يزهدوا في الجهاد؟ قال:فقال الله عز وجل:أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عن ربهم يرزقون) " رواه أحمد وأبو داود.
فهذا يدل على أن الصحابة لم يكونوا يشعروا بحياة الشهداء وأن الشهداء تمنوا من يبلغ إخوانهم ما هم فيه من نعيم.
* (عن طلحة بن خراش قال:سمعت جابراً يقول:لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي:" يا جابر مالي أراك منكسراً "؟ فقلت:يا رسول الله استشهد أبي قتل يوم أحد، وترك عيالاً وديناً. فقال:" أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ " قال:قلت:بلى يا رسول الله. قال:"ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك وكله كفاحاً، فقال:يا عبدي تمن علي أعطك. قال:يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية. قال الرب عز وجل:إنه سبق مني (أنهم إليها لا يرجعون) " رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه، وابن أبي عاصم، والحاكم وقال:صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي . وحسنه أيضاً الألباني في "ظلال الجنة".
وهو حديث صريح في منع القول بوقوع الرجعة فضلاً عن أن تكون عقيدة إسلامية يجب اعتقادها) انتهى نقلاً من "تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي" (2/38-39).
ويستفاد منه أيضاً أن جابر رضي الله عنه لم يكن يعلم عن النعيم الذي كان يتنعم به والده رضي الله عنه.
* (من الأدلة على ذلك أن أموراً عظيمة وقعت لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أفضل الأمة بعد نبيها كانوا في حاجة ماسة إلى وجوده بين أظهرهم ولم يظهر لهم، نذكر منها:
– انه وقع خلاف بين الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسبب الخلافة، فكيف لم يظهر لأصحابه ويفصل النزاع بينهم.
– اختلاف أبي بكر الصديق مع فاطمة رضي الله عنهما على
ميراث أبيها فاحتجت فاطمة عليه بأنه إذا مات هو إنما يرثه أبناؤه فلماذا يمنعها من ميراث أبيها؟ فأجابها أبو بكر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركنا صدقة" رواه البخاري وغيره.
– الخلاف الشديد الذي وقع بين طلحة والزبير وعائشة من جهة وعلي بن أبي طالب وأصحابه رضي الله عنهم اجمعين من جهة أخرى، والذي أدى إلى وقوع معركة الجمل، فقتل فيها خلق كثير من الصحابة والتابعين، فلماذا لم يظهر لهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى يحقن هذه الدماء؟
– الخلاف الذي وقع بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج، وقد سفكت فيه دماء كثيرة، ولو ظهر لرئيس الخوارج وأمره بطاعة إمامه لحقن تلك الدماء.
– النزاع الذي وقع بين علي ومعاوية رضي الله عنهما والذي أدى إلى وقوع حرب صفين حيث قتل خلق كثير جداً منهم عمار بن ياسر. فلماذا لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم حتى تجتمع كلمة المسلمين وتحقن دمائهم .
– أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على جلالة قدره وعظمة شأنه كان يظهر الحزن على عدم معرفته ببعض المسائل الفقهية فيقول: (ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه:الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا) متفق عليه.
فلو كان يظهر لأحد بعد موته لظهر لعمر الفاروق وقال له:لا تحزن حكمها كذا وكذا).
انتهى نقلاً من "تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي" (2/47-49) باختصار.
أما بالنسبة لاستدل الصوفية بالحديث الذي رواه البخاري رحمه الله في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من رآني في المنام فسيراني في اليقظة" على إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسم يقظة،
فقد أجاب عنه الشيخ محمد أحمد لوح حفظه الله في "تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي" (2/39 –52) فقال:
(أما رواية:" من رآني في المنام فسيراني في اليقظة " لابد من إلقاء ضوء كاشف على الحديث رواية ودراية حتى نعرف قدر هذا اللفظ الذي استدل به أولئك على إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة:
1- أما الحديث فقد رواه اثنا عشر من أصحاب رسول الله r أو يزيد، مما يدل
على شيوعه واستفاضته.
2- أن ثمانية من أئمة الحديث المصنفين اهتموا بهذا الحديث فأخرجوه في كتبهم مما يؤكد اهتمامهم به وفهمهم لمدلوله. ومع ذلك لم يبوب له أحد منهم بقوله مثلاً:باب في إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة، ولو فهموا منه ذلك لبوبوا به أو بعضهم على الأقل؛ لأنه أعظم من كل ما ترجموا به تلك الأبواب.
3- أن المواضع التي أخرجوا فيها هذا الحديث بلغ (44) موضعاً، ومع كثرة هذه المواضع لم يرد في أي موضع لفظ " فسيراني في اليقظة " بالجزم إلا في إحدى روايات البخاري عن أبي هريرة.
أما بقية الروايات فألفاظها:"فقد رآني" أو "فقد رأى الحق" أو "فكأنما رآني في اليقظة" أو "فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة" بالشك.
وبالنظر في ألفاظ الحديث ورواياته نجد ملاحظات على لفظ "فسيراني في اليقظة" لا ريب أنها تقلل من قيمة الاستدلال بها وهذه الملاحظات هي:
أولاً:أن البخاري أخرج الحديث في ستة مواضع من صحيحه:ثلاثة منها من حديث أبي هريرة، وليس فيها لفظ:"فسيراني في اليقظة" إلا في موضع واحد.
ثانياً:أن كلا من مسلم (حديث رقم 2266)، وأبي داود (حديث رقم 5023)، و أحمد
(5/306)، أخرجوا الحديث بإسناد البخاري الذي فيه اللفظ المذكور بلفظ "فسيراني في اليقظة. أو لكأنما رآني في اليقظة" وهذا الشك من الراوي يدل على أن المحفوظ إنما هو لفظ "فكأنما رآني" أو "فقد رآني" لأن كلا منهما ورد في روايات كثيرة بالجزم وليس فيها شيء شك فيه الراوي.
وعند الترجيح ينبغي تقديم رواية الجزم على رواية الشك.
ثالثاً:إذا علمنا أنه لم يرد عند مسلم ولا عند أبي داود غير رواية الشك أدركنا مدى تدليس السيوطي حين قال في "تنوير الحلك": (وتمسكت بالحديث الصحيح الوارد في ذلك:أخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي") فأوهم أن مسلماً وأبا داود أخرجا الحديث برواية الجزم، وأغفل جميع روايات البخاري الأخرى التي خلت من هذا اللفظ.
رابعاً:ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" (12/400) أنه وقع عند الإسماعيلي في الطريق المذكورة "فقد رآني في اليقظة" بدل قوله:"فسيراني".
وهذه الأمور مجتمعة تفيد شذوذ هذا اللفظ، ولعل الحافظ ابن حجر أشار إلى ذلك ضمناً حين قال: (وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع – يعني الرؤية – بعيني الرأس حقيقة).
ونقل عن المازري قوله: (إن كان المحفوظ "فكأنما رآني في اليقظة" فمعناه ظاهر).
هذا ما يتعلق بالحديث رواية، وإن تعجب فعجب استدلال هؤلاء بهذا اللفظ الشاذ على تقرير إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ووقوعها مع اتفاقهم على:أن حديث الآحاد لا يحتج به في العقيدة.
أما ما يتعلق به دراية فنقول:لو فرضنا أن هذا اللفظ " فسيراني" هو المحفوظ فإن العلماء المحققين لم يحملوه على المعنى الذي حمله عليه الصوفية.
قال النووي في شرحه (15/26): (فيه أقوال:أحدها:أن يراد به أهل عصره، ومعناه:أن من رآه في النوم ولم يكن هاجر يوفقه الله للهجرة ورؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة عياناً.
وثانيها:أنه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الدار الآخرة ؛ لأنه يراه في الآخرة جميع أمته.
وثالثها:أنه يراه في الآخرة رؤية خاصة في القرب منه وحصول شفاعته ونحو ذلك).
ونقل الحافظ ابن حجر هذه الأقوال بعدما ذكر القول بحمله على الرؤية بالعين المجردة وحكم على القائلين به بالشذوذ) انتهى كلام الشيخ محمد أحمد لوح باختصار.
وإليك أقوال بعض أهل العلم في هذا الموضوع نقلاً من كتاب "القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل" للشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله:
1 – القاضي أبو بكر بن العربي قال: (شذ بعض الصالحين فزعم أنها – أي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته – تقع بعيني الرأس حقيقة) نقل ذلك عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري"(12/384).
2 – الإمام أبو العباس احمد بن عمر القرطبي في "المفهم لشرح صحيح مسلم" ذكر هذا القول وتعقبه بقوله: (وهذا يدرك فساده بأوائل العقول ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها وأن يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده ولا يبقى من قبره فيه شيء فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب لأنه جائز أن يرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره.
وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل) وإلى كلام القرطبي هذا أشار الحافظ ابن حجر في "الفتح" بذكره اشتداد إنكار القرطبي على من قال: (من رآه في المنام فقد رأى حقيقته ثم يراها كذلك في اليقظة) .
3 – ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (12/385) أن ابن أبى جمرة نقل عن جماعة من المتصوفة أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك ثم تعقب الحافظ ذلك بقوله: (وهذا مشكل جداً ولو حمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة ويعكر عليه أن جمعاً جماً رأوه في المنام ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف).
4- قال السخاوي في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته: (لم يصل إلينا ذلك – أي ادعاء وقوعها – عن أحد من الصحابة ولا عمن بعدهم وقد اشتد حزن فاطمة عليه صلى الله عليه وسلم حتى ماتت كمداً بعده بستة أشهر على الصحيح وبيتها مجاور لضريحه الشريف ولم تنقل عنها رؤيته في المدة التي تأخرتها عنه).
5 – وقال ملا علي قاري في "جمع الوسائل شرح الشمائل للترمذي" (2/238): (إنه أي
ما دعاه المتصوفة من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته لو كان له حقيقة لكان يجب العمل بما سمعوه منه صلى الله عليه وسلم من أمر ونهي وإثبات ونفي ومن المعلوم أنه لا يجوز ذلك إجماعاً كما لا يجوز بما يقع حال المنام ولو كان الرائي من أكابر الأنام وقد صرح المازري وغيره بأن من رآه يأمر بقتل من يحرم قتله كان هذا من الصفات المتخيلة لا المرئية) انتهى كلام الملا علي قاري وفيه فائدة أخرى هي حكايته الإجماع على عدم جواز العمل بما يدعى من يزعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة أنه سمع منه أمر أو نهي أو إثبات أو نفي، وفي حكايته الإجماع على ذلك الرد على قول الزرقاني في "شرح المواهب اللدنية" (7/29) ما نصه: (لو رآه يقظة – أي بعد موته صلى الله عليه وسلم – وأمره بشيء وجب عليه العمل به لنفسه ولا يعد صحابياً وينبغي أن يجب على من صدقه العمل به قاله شيخنا).
6 – قال الشيخ عبد الحي بن محمد اللكنوي رحمه الله في "الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" (ص46): (ومنها – أي من القصص المختلقة الموضوعة – ما يذكرونه من أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر بنفسه في مجالس وعظ مولده عند ذكر مولده وبنوا عليه القيام عند ذكر المولد تعظيماً وإكراماً.
وهذا أيضا من الأباطيل لم يثبت ذلك بدليل، ومجرد الاحتمال والإمكان خارج عن حد البيان).
وقد تكلم عن هذه المسألة بكلام جيد الشيخ صادق بن محمد بن إبراهيم حفظه الله في كتابه "خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم بين الغلو والجفاء" (207-218) وهناك رسالة خاصة في هذا الموضوع بعنوان " رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة ومناماً ضوابطها وشروطها" للشيخ الأمين الحاج محمد أحمد.
وفي النية إن شاء الله كتابة مقال مستقل حول هذه المسألة فأسأل الله أن ييسر ذلك.
* * *