نعمة عظيمة قد لانستشعر عظمتها لإن الله أكرمنا بها منذ أن خلقنا
ولكـــــــــــــــــــــــــن :
هناك من أقسم وتوعد أن يتربص بنا ليغوينا وليجعلنا في زمرته مع أصحاب الجحيم
وأقسم أن يدخل علينا من كل مدخل ليضيع علينا ديننا وإيماننا لنشاركه ناراً تلظى
قد حذرنا الله سبحانه وتعالى من الشيطان الرجيم، وبين أنه عدو لنا مبين قال سبحانه : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61) ) . يس
وأصل العداوة بيننا وبين الشيطان، أن الله سبحانه فضل آدم وكرمه عليه قال سبحانه : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً (62) ) . الإسراء
لذا فإن الشيطان يعمل جاهداً من أجل إضلال بني آدم، ولا يجد باباً يدخل منه لإغوائهم إلا ولجه، فهو يحاصر الإنسان من كل جهاته، يأتيه من قبل الحسنات، ويأتيه من قبل السيئات، يأتيه من قبل الحرص، ومن قبل الخوف، ومن قبل الأهواء والشبهات، قال تعالى : (ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)
فإن حقد الشيطان على آدم وذريته، واعتقاده أنهم سبب غوايته يجعله يسلك كل طريق مستطاع من أجل النيل من ذرية آدم، كيف لا وهو قد أقسم بالله مؤكداً حرصه على إضلال ذرية آدم انتقاماً منهم، قال سبحانه : (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)
لذا فأنا في رسالتي هذه أوجه كلامي لكل من أبتلي بوسوسة الشيطان في دينه ويعيش صراعاً رهيباً يشعر معه وكأن روحه تتمزق من عظم مايشعر به
ويظن أنه وحده مبتلى بذلك ولا يخبر أحداً بما يشعر خوفاً من أن تسجل عليه في صحيفته فهو يعلم أن الله سبحانه يتجاوز عن المسلم مايحدث به نفسه مالم يصرح
لذا فهو عندما يتوجه إلى الله بالصلاة والدعاء تراه يشعر بنار تجعل نياط قلبه تتقطع ودموع عينه تخر ساخنة تحرق خده ألماً على مايشعر به من شك يجعله يشعر وكأنه منافق يؤدي صلاة كأنها روتين
فهاأنا أمد يدي لكل من يستشعر أهمية تلك الأحاسيس ويعيشها وأخذه معي لجولة إيمانية اسأل الله أن تسكن بها نفسه ويهدأ بها فؤاده وتقر عينه
وأسميت رسالتي (الوسوسة في الدين مابين التعذيب والتمكين)
وأقصد بهذه العبارة هي أن الوسوسة في الدين ممكن أن تعذب صاحبها في الدنيا والأخرة ويضعف ويتسلط الشيطان عليه
أو يمكنه الله من دينه وتزيده الوسوسة ثباتاً وتمحيصاً لقلبه فيجد بعد أن تذهب عنه بإيمان ثابت ويقين من الله نسأل الله أن يثبته ولا يجعل لوساوس الصدر علينا سبيلا
فالشيطان إذا وجد أن المسلم لايطيعه إذا وسوس له بمعصية فإنه يدخل له من باب أخر…..فتارة….يدخل له من باب الوضوء ويشككه في نقصانه ويجعله يضيع الساعات في هدر الماء
وتارة يشكك له صلاته إنها ليست تامة فتمضي الساعات وهو يعيد ويعيد
وأخيراً يدخل له من أعظم باب يحبه المسلم ويأنس به وهو رابط الدين
فيدخل له من ذلك المدخل ليشككه في وجود الرب فإذا لم يستطع أن يشككه ليقين المسلم وجود الله وذلك من خلال ماحوله من مخلوقات لابد أن لها خالقاً …فإنه يدخل عليه من التشكيك في أمور أخرى لو سأل عنها أهل العلم لأرتاحت سريرته
ودواليك….
فهو يدخل من كل باب وإذا أوصد دخل من أخر حتى يرهق المسلم ويجعله يضيع أوقاته في تفكير مميت ليلهيه عن الذكر والصلاة والتلذذ بالعبادة
لذا فلكل من يشعر بتلك الوسواس أنقل لكم آيات هي برداً وسلاماً على من يقرأها….وكل آيات القرأن رداً وسلاماً وعلاج لكل داء ولكن تحتاج منّا التفكر والتدبر في معانيها لترتاح نفوسنا
قال تعالى( افحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لايفتنون )
أي هل يظن الإنسان أن يقول آمنت بالله فقط دون أن يختبر الله صدق إيمانه ليجزيه
ثم قال سبحانه "ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين"
نعم يفتننا الله في صحتنا وأولادنا ومالنا وديننا ليختبر صدق إيماننا
قال تعالى: ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين )
(ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) فبشرى لك أيها الصابر ويامن تجاهد نفسك لدحر الشيطان
فكم من مسلم يضعف ويترك دينه عند أدنى فتنة يختبره الله بها……فكيف بالله يريد الفوز بالجنة
ُ"ومن الناس من يعبد الله على حرف، فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين”
هذا هو شأن القلقين، المتقلبين، غير الثابتين في ايمانهم بالله وفي عبادتهم له لذا فإن إبتلائهم بالوسوسة في الدين هو تمحيص لقلوبهم ليظهر صدق الإيمان
((وليبتلى الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور ))
نعم ليعلم الموسوس ان مابه هو إبتلاء من الله وهو العالم بخفايا النفوس ولكن لنأخذ أجرنا على قدر جهادنا لأنفسنا وحفاظاً على ديننا
فلتهنأ نفسك أيها الموسوس وليرتاح قلبك فما أنت به قد بشرنا عليه الصلاة والسلام بإنه صريح الإيمان
فمن حيل الشيطان وألاعيبه ببعض الناس؛ أن يزين لهم حبَّ الفضول والسؤال؛ عما لا قِبَلَ لمخلوق أن يدركه عن الخالق عز وجل. فتقع وسوسة السؤال عن ماهية الله تعالى، ووجوده.
وقد يقع شيء من هذا لكثير من المؤمنين الصادقين؛ فيدفعونه بالاستعظام والإجلال
كما أتى في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: "إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به
قال: وقد وجدتموه؟
قالوا: نعم.
قال: ذاك صريح الإيمان" (رواه مسلم).
وقال ابن تيمية رحمه الله: "أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له، ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه. فهذا أعظم الجهاد و(الصريح) الخالص كاللبن الصريح، وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية، ودفعوها فخَلص الإيمان فصار صريحا …".
ولنعلم أيها الأخوة الكرام :
أن مجاهدتنا لأنفسنا في سبيل دحر هذه الوسوسة هي خير لنا ولن يتركنا الله أبداً وصدق القائل
((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين))
لذا يامن إبتليت بالوسوسة أعلم أن هناك الكثير مثلك يعانون ولايتكلمون وكن على ثقة بأن الله لن يضيع إيمانك القوي
وأنا هنا لاادعوكم لإن تردوا عليّ وتصرحوا بتلك الوسوسة…لا …بل أدعوكم لدحرها ولتجاهلها وإليكم هذه الطرق السريعة النافعة بحول الله وقوته :
1- التفقه والتعلم في الدين وبإمكاننا ذلك من خلال قراءتنا للكتب وسؤال أهل العلم عن مايخفى علينا لأنّ الشيطان لا يجد السبيل سالكا لتشكيك أهل العلم بالإيمان.
2- دحر الوسوسة وعدم التفكير بها والإستعاذة بالله من الشيطان
قال تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}
3-شغل النفس بالذكر وخاصة الإستغفار فهو يجعل من كل ضيقاً مخرجاً وترديد ( آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر)
وترديد (هو الأول والأخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم)
4-لا يسأل أسئلة صريحة عن هذه الوساوس التي تدور بخاطره، أي لا يصرح بشيء من ذلك، فإنه في عافية، مادامت الوساوس محصورة في قلبه لم تنتقل بعد إلى لسانه. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله تجاوز لأمتي عما وسوست -أو حدثت -به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم"(البخاري ).
ولكن إذا استمرت الوساوس، فما عليه إلا أن يردَّ ما يُشكل عليه ويؤرقه، ويكدر صفو اعتقاده بربه ويزعزعه إلى أهل العلم، لقول الله تعالى:{فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}.
5-الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء، وطلب تثبيت القلب على الإيمان. ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يدعو فيقول:
"يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"وكان يقول أيضا: "إنّ الإيمان يبلى في جوف أحدكم كما يبلى الثوب؛ فاسألوا الله أن يجدد إيمانكم".
وأبشركم في الختام بهذا الحديث:
فعن سبرة بن أبي فاكه رضي الله عنه؛ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول
"إنّ الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه، فقعد بطريق الإسلام، فقال: تُسلمُ وتذر دينك ودين آبائك وآباء آبائك؟ فعصاه وأسلم
ثم قعد له بطريق الهجرة، فقال: تهاجر وتدع أرضك وسماءَك؟ وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول، فعصاه فهاجر
ثم قعد له بطريق الجهاد، فقال: تجاهد؟ فهو جَهدُ النفس والمال، فتقاتلُ فَتُقْتَلُ، فتنكح المرأة ويُقسَم المال؟ فعصاه فجاهد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن فعل ذلك كان حقا على الله أن يدخله الجنة
ومن قُتل كان حقا على الله أن يُدخله الجنة
وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة
وإن وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة"
[رواه النسائي وقال الحافظ: إسناده حسن..].
للأماانه منقووووول ..