إن كتمان الغضب على هذه الطريقة يؤدي إلى اضطراب وغليان وثورة تختفي في نفس الولد، وتسبب له الأمراض العصبية، لذلك كانت معالجته بحاجة إلى انتباه ودقة، وخير وسيلة للنجاة من الغضب، هي تقوية إرادة الطفل حتى يستطيع ضبط نفسه.
ولابد أن نعلم أن للغضب فوائد منها المحافظة على النفس، والمحافظة على الدين، والمحافظة على العرض، والمحافظة على الوطن الإسلامي من كيد المعتدين ومؤامرات المستعمرين، ولولا ظاهرة الغضب التي أودعها الله في الإنسان، لما ثار المسلم وغضب إذا انتهكت محارم الله، أو امتهن دينه، أو أراد عدو أن يغتصب أرضه ويستولي على بلاده، وهذا بلا شك ، من الغضب المحمود الذي كان مصاحبًا لفعله عليه الصلاة والسلام في بعض الحالات، فقد ثبت في الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قد جاءه من يشفع في حد من حدود الله فغضب، وظهرت على وجهه علامات الغضب، وقال قولته الخالدة «… إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» صحيح البخاري
ويأمر القرآن الكريم المؤمنين والمؤمنات بكظم الغيظ، قال تعالى {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} (فصلت:34)، وقال تعالى {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} (الفرقان:63)، وقال جل شأنه {وإذا ما غضبوا هم يغفرون} (الشورى:37).
وصدق من قال: «درهم وقاية خير من قنطار علاج .
أسباب غضب الأبناء
وللغضب لدى الأبناء أسباب، إذا علمناها وصلنا للعلاج، ومنها مثلا:
التحقير والسخرية والإهانة، فعلى الوالدين أن ينزها لسانهما عن كلمات التحقير والإهانة، لأن الإهانة تؤثر على الطفل نفسيا، وترسخ فيها انفعالات الغضب، فيجب أن نعين الولد على الثقة بنفسه، فقد روى ابن ماجه عن ابن عباس – رضي الله عنهما- أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: «أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم»، ويقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «رحم الله والدًا أعان ولده على بره» (رواه ابن حبان).
الغيرة، وهي ناجمة عن عدم عدل الأبوين في معاملة أولادهما، فإذا وجد طفل أباه يحسن معاملة أخيه ويعطيه أكثر منه، اشتعلت نيران الغضب في نفسه، وكان السبب في ذلك هو الأب، فالعدل، حتى في الحب, واجب ديني وتربوي.
تكليف الولد ما لا يطيق، بكثير من الأوامر والمتطلبات، مما يؤثر في نفسية الولد ويثير الغضب عنده.
الجوع، فعلى الوالدين إطعام الولد في الوقت المخصص، لأن الإهمال يؤدي إلى أمراض جسمية وانفعالات نفسية، فعن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: «كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت» رواه أبو داود
المرض، فيجب على الوالدين متابعة الولد طبيًّا، ومحاولة علاجه، يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل» رواه مسلم
العلاج الناجع
يجب على الوالدين تدريب الولد على المنهج النبوي في تسكين الغضب، وإليكم مراحل هذا المنهج:
1 – تغيير الوضع الذي يكون عليه الولد عند الغضب، روى الإمام أحمد وغيره، عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: «إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع
2 – اللجوء إلى الوضوء، أخرج أبو داود عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: «الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ.
3 – السكوت، يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «إذا غضب أحدكم فليسكت» رواه أحمد
4 – التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقد جاء في صحيح البخاري أنه استب رجلان عند النبي (صلى الله عليه وسلم) ونحن عنده جلوس، وأحدهما يسب صاحبه، مغضبًا قد احمر وجهه، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): «إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»، فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي، (صلى الله عليه وسلم)؟ قال: إني لست بمجنون.
هذه هي أهم وصايا الرسول (صلى الله عليه وسلم) في التخفيف من الغضب، وأتمنى من الوالدين ألا يستهينا بهذه الحالة، ويجب التعامل معها معاملة تربوية، وكذلك ما أحوجنا إلى مربين يعرفون طريقة الإسلام في التربية النفسية، ومنهج الرسول، (صلى الله عليه وسلم)، في ذلك .
وفي الختام نقول: ينبغي أن ندرب الطفل على الغضب لدينه وشرفه ووطنه، وهذا خير من أن يوجه غضبه إلى أمور تافهة.
بقلم \ سليمان الرومي – من موقع اسلام ويب