أوقف سيارته الفارهة جداّ في مكان لا يتوقف عادة عنده أصحاب الثروات الطائله،
الا اذا حجزوا مكاناّ للمسكن الأبدي، ثم ترجل منها ودلف الى داخل المكان الذي
يحوي رفات حبه الأول .. وقد اعتاد ولمدة عشرين سنة، أن يدخله باكياّ، ويخرج منه
باكياّ، برغم رباطة جأشه، وقوة ايمانه وكثرة أمواله التي ينفق منها بسخاء في وجوه
البر والخير والمعروف.. كيف لا، وهو يعلم ماهي النهاية لكل الناس، غنيهم وفقيرهم
كبيرهم وصغيرهم، ولكن، ماتراه يفعل؟ ومن تراه يزور في هذا المكان الموحـش المكتظ بالراحلين؟
انه يزور الحب الأول الذي يعيش على ذكراه، وعلى الرغم من انه تزوج بعدها مراراّ بمن هن أكثر منها جمالاّ وفتنة، الا أنها غيرهن جميعاّ، بل ان روحها لا تكاد
تفارقه طرفة عين. لولا خشيته ان يتهمه الناس بالجنون، لتحدث اليها أمامهم كما يتحدث اليها في خلوته، ويسرد لها تفاصيل التفاصيل عن أحداث يومه عندمه يأوي الى فراشه؛ فهي على علم تام بما يحدث في حياته، وزيارته لقبرها ليست الا وعداّ قطعه على نفسه، ان يزور القبر كلما أحس في قلبه اشتياقاّ جامحـاّ اليها.. فهو لا يستطيع ان يغفر لنفسه اللحظة التي مد يده فيها الى حزام الأمان الذي أحكمت اقفاله كعادتها التي تربت عليها في باريس، حيث عرفها بالمصادفة، والمطر الهاطل يحجب الرؤية، (ولكنك لاتحجب الشمس بغربال) وهو لم ولن يرحم نفسه من تعذيب الضمير الذي يثور كل يوم ، مذكراّ اياه بأنه لولا تلك (الحركة السخيفة) التي فتح بها حزام الأمان، لما طارت حبيبته من زجاج السيارة الأمامي، لتستقر جثة هامده في شارع طويل ومظلم، على الرغم من اندفاعه باتجاهها.. ولكن من دون جدوى.
كان حجم الصدمه أكبر بكثير من احتمالها ودفنها جسداّ، ولكنه دفن معها روحه،
فعاش جسداّ بلا روح، وعاشت روحاّ بلا جسد.. وبحث عنها في وجوه الفاتنات وخدود الساحرات، لكنه لم يجدها، وكان دائم المناجاة لها حين يختلي بنفسه قائلاّ لها: مازلت بيهأبحث عنك في وجوه الناس.. وأنى له ذلك!.. وها هو على عادته التي اعتادها يوقف احدى سياراته الجميله، ويترجل ثم يعود.. و تمضي أيام العمر وفي قرارة نفسه أنه ذات يوم سيلحق بها حتماّ؛ وتلك أمنيته الكبرى.
هذي قصة حقيقيه قريتها فكتاب وحبيت انقلها لكم