تخطى إلى المحتوى

زواج عائشة أم المؤمنين

  • بواسطة

زواج عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها من الرسول صلى الله عليهو سلم

أن " خولة بنت حكيم " زوج عثمان بن مظعون ، التي كانت تحمل هم الرسول وتديم التفكير في شأنه بعد وفاة السيدة خديجة . حين ذهبت إلى النبي لتخرجه من شجوه و أحزانه ، وتقول له : أفلا تزوجت يا رسول الله لتسلو بعض حزنك وتؤنس وحدتك بعد خديجة ؟ وسألها رسول الله : من تريدين يا خولة ؟ قالت : " سودة بنت زمعة" أو "عائشة بنت أبي بكرا"

أن خولة حين قدمت عائشة مع سودة لرسول الله . كانت تعتقد أن كلتيهما تصلح للزواج من رسول الله ، وتسد الفراغ الذي كان يشقى به بعد موت السيدة خديجة. وكانت عائشة بكرا ، وسودة ثيبا متقدمة في السن ، فبمجرد العرض على رسول الله بهذه الصورة – عرض زوجتين إحداهها متقدمة في السن وكانت تحت رجل آخر، والثانية كانت بكرا – مجرد هذا العرض – يدل عل أن خولة بنت حكيم – نفسها- تشعر بأن كلتيهما صالحة تماما لأن تكون زوجة . ومعنى ذلك أن عائشة كانت في نمائها ونضوجها ، واضحة معالم الأنوثة في نظر خولة على الأقل ، وهي العارفة بمآرب الرجال في النساء .

كذلك نجد أن السيدة " أم رومان " والدة عائشة ، كان اغتباطها شديدا عندما فسخت خطبة عائشة من "جبير بن المطعم " كما طفرت بها الفرحة،لما علمت أن رسول الله قبل زواجها ، وقالت لأبي بكر: " هذه ابنتك عائشة ، قد أذهب الله من طريقها جبيرا وأهل جبير. فآدفعها إلى رسول الله ، تلق الخير والبركة

زواجه لها كان أمراً من الوحي: كانت عائشة تفتخر فيما بعد على سائر أزواج الرسول ، وتعتز بأن الله سبحانه وتعالى أوصى الرسول بها ، وأتاه جبريل عليه السلام بصورتها في خرقة من حرير خضراء قائلاً له : أنها زوجته في الدنيا والآخرة. وكانت عائشة تردد دائماً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : ( أُريتك في المنام مرتين ، أرى رجلاً يحملك في سَرقٍة (31) من حرير ، فيقول هذه امرأتك ، فأكشف عنها ، فإذا هي أنتِ ، فأقول: إن يك هذا من عندالله يمضه )(32) .

2- زواجه لها كان الأثر الأكبر من الناحية العلمية: أبرز ما برزت فيه عائشة رضي الله عنها رواية الحديث ، وقد اعتمد علماء الحديث على كثير مما نقل عنها ؛ لأنها كانت صادقة فيما تنقل ، عالمه بأحكام الشريعة ، وكان ابن الزبير إذا حدث عنها يقول : (والله لاتكذب عائشة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أبداً)(33)، كما أن مسروقاً كان يقول في نقل الأحاديث عنها : ( حدثتني الصديقة ابنة الصديق البريئة المبرأة)(34) . وسبق أن ذكرنا في بحث (اكتمال التشريع) من هذا الكتاب أن عدد الأحاديث التي روتها عائشة بلغت 2210 حديثاً . ولم يكن دور عائشة خاصاً بالحديث ، وإنما تجاوزت ذلك إلى الفقه ، فقد كانت معلوماتها في الأحكام الشرعية وافرة ، يقول الإمام الزركشي : ( إن ربع الأحكام الشرعية منقول عنها).

ولم تكن عائشة فقيهة فحسب ، بل كانت من أفقه الناس ، وكانت تفتي في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، وكانوا يسألونها عن أشياء كثيرة إلى أن ماتت ، وكان القضاة يجتمعون عندها لحل بعض المشاكل ، فيستأذنون عليها ، فتأذن لهم ، وتكلمهم من وراء حجاب.
وكانت السيدة عائشة إلى جانب أنها محدثة وفقيهة فصيحة اللسان ، بليغة الكلام ، قوية الحجة ، فلنستمع إلى كلامها يوم توفي أبوها الصديق : ( نضَّر الله وجهك ياأبت ، وشكر لك صالح سعيك ، فلقد كنت للدنيا مذلاً بإدبارك عنها ، وللآخرة معزياً بإقبالك عليها ، ولئن كان أجلّ الحوادث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم رزؤك ، وأعظم المصائب بعد فقدك ؛ فعليك سلام الله تودع غير قاليه لحياتك ، ولا زارية على القضاء فيك )(35) ، وإلى جانب هذا كانت عالمة بالشعر والأدب ، وأخبار العرب الماضية ، والأنساب ، وعلم الفلك والطب.
ولقد شهد رجال العلم والمعرفة بعلم عائشة وذكائها.
– قال عنها عطاء بن أبي رباح : ( كانت عائشة أفقه الناس ، وأعلم الناس ، وأحسن الناس رأياً في العامة)(36) .
– قال عروة : ( ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة )(37) .
– وقال أبو سلمة بن عبدالرحمن : (ما رأيت أحداً أعلم بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أفقه في رأي إذا احتيج إلى رأيه ، ولا أعلم بآيه فيمن أنزلت ولا بفريضة من عائشة )(38) .
– ويقول الأعمش : (لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أمهات المؤمنين ، وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل )(39) .
– وروى عن هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه عروة – وهو ابن أخت عائشة – أنه قال : ( لقد صحبت عائشة فما رأيت أحداً قط كان أعلم بآية نزلت ، ولا بفريضة ، ولا بسنة ، ولابشعر ، ولاأروى له ، ولا بيوم من أيام العرب ، ولا بنسب ، ولابكذا ، ولا بكذا … ولا بقضاء ولا بطب منها)(40).
هذه هي أهم الأسباب التي دعت الرسول صلى الله عليه وسلم لأن يتزوج من عائشة في سن مبكرة مع المفارقة في السن ، والتفاوت بالعمر (41) ، وهي – كما رأيت – أسباب مقنعة ، وحجج دامغة ، لا يجادل فيها إلا مَنْ كان في قلبه زيغ ، وعلى عينيه غشاوة ، ويكفي عائشة فخراً وخلوداً أنها زوج رسول الله ، وأم المؤمنين ، وراوية الحديث ، وجاءت الإشارة بزواجها من السماء ، ويكفيها فخراً كذلك أن الوحي نزل ببراءتها ، وأن الرسول توفي في حجرتها بين سَحْرها ونحرها (42) رضي الله عنها وأرضاها .

(31) السرقة: شقة من حرير.
(32) مسند أحمد وغيره.
(33) ابن سعد
(34) ابن عبد البر وابن الأثير.
(35) الزركشي ص61.
(36) ابن الأثير ، وابن حجر.
(37) المرجع السابق.
(38) الأنساب للبلاذري.
(39) الأنساب للبلاذري وابن حجر.
(40) الأنساب للبلاذري.
(41) صحيح أن الإسلام راعى التكافؤ في السن في مسألة الزواج ، ولكن لم يجعل ذلك شرطاً في صحة العقد . علماً بأن التفاوت الكبير الذ كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين عائشة لايشكل خطراً على هذا الزواج ، فالإسلام قد رغب في تقارب السن ليتفاهم الزوجان . أما بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مرب الإنسانية ومعلم البشرية ، فكيف لايمكنه سياسة فتاة صغيرة وتربيتها وحسن معاشرتها ؟!.
(42) أي مات وهو مستند إلى صدرها.

اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على ابراهيم وآل ابراهيم
وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على ابراهيم وآل ابراهيم

للرفع والفائدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.