تخطى إلى المحتوى

سعة الصـــدر

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سعة الصـــدر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .. إن سعة الصدر أهم الصفات التي يتحلى بها الفرد المسلم ويجب أن تكون سمة أساسية في شخصيته وسلوكه .
هذه الصفة التي تأخذ بصاحبها إلى أعلى الدرجات في ميادين القرب من الله عز وجل ، وتجعل صاحبها دائماً يضئ بنور الإيمان الصادق والعلم الصالح والخلق الحسن والقول السديد ( الطريق للسالكين إلى ربي العالمين والعاملين الراغبين فيما عند الله سبحانه وتعالى من سعادة الدنيا والآخرة .
لذا وجب علينا أن نجتهد في أن نكون من أصحاب هذه الصفة السامية وأن نبحث عن كل وسيلة تبلغ بها أعلى درجات سعة الصدر في شتى ميادين التعامل الحياتي والدعوي .
وهذه الصفة لها مكونات أساسية إذا تحققت هذه المكونات في تكوين الشخص تحققت له سعة الصدر وهذه المكونات لها مصادر بدونها لا تتحقق هذه المكونات وعلى قدر الأخذ من هذه المصادر تكون قوة هذه المكونات وعلى قدر تكاملها تكون قوة وتكامل صفة سعة الصدر .
وإننا نتناول هذه الصفة في العناصر الآتية تناولاً يتسم بشئ من التركيز والاختصار :
أولاً : المكونات الأساسية لصفة سعة الصدر :
ونقصد بذلك أن صفة وسمة سعة الصدر لا تتحقق إلا بوجود هذه المكونات في الشخص حيث أنها ( أسعة الصدر ) نتاج لهذه المكونات ونوجز هذه المكونات في خمسة أمور :
سلامة الصدر .
صفاء النفس .
طمأنينة القلب .
سعة الأفق والتعقل في كل أمر .
عفة اللسان وطيب الكلم .

ولبلوغ هذه المكونات لا بد من الالتزام العملي الدائم والذاتي بمصادر تحقيق هذه المكونات وهي على سبيل المثال :
دوام الطاعة وحسن العبادة " فرضاً ونفلاً " .
دوام الذكر والتسبيح والتهليل والاستغفار .
تلاوة القرآن الكريم بتدبر وخشوع .
الدعاء والتضرع وتحري أوقات وأسباب القبول .
قلة الكلام والتحدث بما يفيد .
المراقبة الدائمة لله عز وجل في السر والعلانية .
البعد عن جميع الشبهات .
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

ثانياً : العلامات الدالة على اكتساب صفة سعة الصدر وتحقق مكوناتها في شخصية وسلوك الفرد :
هناك شواهد وعلامات يعف بها من أكرمه الله عز وجل بالتخلي الدائم بسعة الصدر ، منها على سبيل المثال : حسن الظن – حسن التأويل – كظم الغيظ – الصفح والعفو والإصلاح – التناصح والتشاور – الحكمة في التصرف والقول ورد الفعل – حسن معاملة المخالف له في الرأي والتصرف – آلفاً مألوفاً – التثبت والتحقق قبل القول والحكم – رد الأمر إلى أهله – إذا رؤى ذكر الله عز وجل – الكرم والسخاء والمسارعة في فعل الخيرات .
أعاننا الله جميعاً وجعلنا بفضله سبحانه وتعالى من أهل هذه العلامات الربانية والأخلاق المحمدية إنه نعم المولى ونعم النصير وهو سبحانه وتعالى الموفق لأعلى درجات الهداية والصلاح والاستقامة .
ثالثاً : الحذر من الأمور التي تفسد هذه الصفة وتحول بين التحلي بها :
علينا أن نحاذر من كل نية أو قول أو فعل يكون عازلاً أو حائلاً بيننا وبين تحقيق المكونات والعلامات التي بها نبلغ سعة الصدر وهي كثيرة ومتشعبة في شتى الميادين وهي على سبيل المثال :
العجب وهو من المهلكات .
حب الذات وهو من العورات .
الجدال والخصام وهما من الشيطان .
التعالي على النصيحة وهو من الكبر المذموم .
العجلة في الأمر وهي من الندامة .
الشك وسوء التأويل وهما من الفتنة .
الغرور وحب التسلط والاستخفاف بالآخرين وذلك من أمراض القلوب .
البخل والشح وهما من أسباب الضياع .

أعاذنا الله جميعاً من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وحفظنا جميعاً من محبطات الأعمال صغيرها وكبيرها ما نعلمه وما لا نعلمه وعافانا الله من ضيق الصدر وسوء الخلق وسوء الخاتمة ورزقنا الله سبحانه وتعالى سعة الصدر وبركة الرزق وصلاح الذرية وحسن الخاتمة .

رابعاً : التدبر التكويني والتطبيقي في آيات القرآن الكريم وفي السيرة وأحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وسير الصحابة الصالحين رضي الله عنهم أجمعين .
وهذا العنصر أهم هذه العناصر جميعاً حيث أن التدبر للتنفيذ في آيات القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هو السبيل لتحقيق المكونات في النفس وتطبيقها في الفعل وبذلك يتصف الفرد بصفة سعة الصدر ويتحقق له ثمارها في الدنيا والآخرة وينجو بنفسه من الوقوع في المحاذير التي تهلك صاحبها ، وإن المتدبر في المواقف العملية لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم ومن سلك طريقه من الصحب الكرام والسلف الصالح يستطيع أن يقتدي بهم قولاً وعملاً وخلقاً وسلوكاً آملاً راغباً راجياً صحبتهم في أعلى عليين .
وإننا تحت هذا العنصر نشير – على سبي المثال – إلى الآتي : الحلم سعة الصدر هي التي تجمع عليك الجنود ( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر ) .
التدبر التكويني والتطبيقي في صفات عباد الرحمن كما وصفتها الآيات من سورة الفرقان ( الآيات من الآية 163 إلى نهاية السورة ) تدبر المكونات ومصادرها والعلامات والمحاذير التي وضعتها الآيات قال الإمام القرطبي رضي الله عنه في هذه الآيات ( وصف الله تعالى عباد الرحمن بإحدى عشرة خصلة هي أوصافهم الحميدة من التحلي والتخلي وهي التواضع والحلم والتهجد والخوف وترك الإسراف والإقتار والبعد عن الشرك والنزاهة عن الزنا والقتل ومسارعة التوبة وتجنبك الكذب وقبول المواعظ والابتهال إلى الله ( ثم بين جزاءهم الكريم وهو نيل الغرفة أي الدرجة الرفيعة وهي أعلى منازل الجنة وأفضلها كما أن الغرفة أعلى مساكن الدنيا ( صفوة التفاسير – المجلد الثاني ص 2577 إلى 2582 ) .
ويقول صاحب الظلال رضي الله عنه " هذا الشوط الأخير في السورة يبرز فيه عباد الرحمن بصفاتهم المميزة ومقوماتهم الخاصة وكأنما هم خلاصة البشرية في نهاية المعركة الطويلة بين الهدى والضلال وكأنما هم الثمرة الجنية لذلك الجهاد الشاق الطويل . إنهم يمشون على الأرض مشية سهلة هينة ليس فيها تكلف والتصنع وليس فيها خيلاء ولا تكبر ولا تصعير خد ولا تخلع أو ترهل فالمشية ككل حركة تعبير عن الشخصية وعما يستكن فيها من مشاعر والنفس السوية المطمئنة الجادة القاصدة تخلع صفاتها هذه على مشية صاحبها فيمشي مشية مطمئنة جادة قاصدة فيها وقار وسكينة وفيها جد وقوة وهم في جدهم ووقارهم وقصدهم على ما يشغل نفوسهم من اهتمامات كبيرة لا يلتفتون على حماقة الحمقى وسفه السفهاء ولا يشغلون بالهم ووقتهم وجهدهم بالاشتباك مع السفهاء والحمقى من جدل أو عراك ويترفعون عن المهاترة مع المهاترين الطائشين لا عن ضعف ولكن عن ترفع ولا عن عجز إنما عن استعلاء وعن صيانة للوقت والجهد أن ينفقا فيما لا يليق بالرجل الكريم المشغول عن المهاترة بما هو أهم وأكرم وأرفع – إنه واسع الصدر –ويقول : ( وهم في حياتهم نموذج القصد والاعتدال والتوازن – وهذه سمة الإسلام التي يحققها في حياة الأفراد والجماعات ويتجه غليها في التربية والتشريع يقيم بناءه كله على التوازن والاعتدال ،وهذا النموذج لا يتحقق غلا بالتحلي بسعة الصدر ويقول رضي الله عنه " وأخيراً فإن عباد الرحمن لا يكفيهم أنهم يبيتون لربهم سداً وقياماً وأنهم يتسمون بتلك السمات العظيمة كلها بل يرجون أن تكون لهم أزواج من نوعهم فتقر بهم عيونهم وتطمئن بهم قلوبهم ويتضاعف بهم عدد " عباد الرحمن " ويرجون أن يجعل الله منهم قدوة طيبة وللذين يتقون الله ويخافونه وهذا هو الشعور الفطري الإيماني العميق شعور الرغبة في مضاعفة السالكين في الدرب على الله . وفي أولهم الذرية والأزواج فهم أقرب الناس تبعة وهم أول أمانة يسأل عنها الرجال . والرغبة كذلك في أن يحس المؤمن أنه قدوة للخير يستطيع ذلك إلا من أكرمه الله تعالى بسعة الصدر فأضاءت له الطريق وجعله الله سبباً للآخرين . اللهم اجعلنا بفضلك من عبادك المخلصين يا رب العالمين . ( مقتطفات من تفسير الظلال ) بتصرف ( المجلد الخامس صـ 2577 حتى 2582 ) .

التدبر التكويني والتطبيقي في أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الشريفة التي تجلي لنا بوضوح كل ما يتعلق بصفة سعة الصدر .. نعرض هنا نموذج من الأحاديث التي يجب التدبر فيها والعزم على أن نكون من أهلها : ( إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم ) يؤكد إمكانية اكتساب الصفة .
الحديث الأول : روي الإمام مسلم " في باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة والنار " بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( أهل الجنة ثلاثة : ذو سلطان مقسط موفق ، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم ، وعفيف متعفف ذو عيال ) .
الحديث الثاني : ( ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غداً ؟ على كل هين لين قريب سهل ) " صحيح ، صحيح الجامع الصغير وزيادته المجلد الأول صـ 509 رقم 2609 طبعة المكتب الإسلامي .
الحديث الثالث : ( السمت الحسن ، والتؤدة ، والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءاً من النبوة ) حسن ، صـ 387 المصدر السابق .
الحديث الرابع : ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تجسسوا ، ولا تنافسوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم ، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى ها هنا ، التقوى ها هنا " واشار إلى صدره " بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام .. دمه وعرضه وماله ) " رواه مالك البخاري ومسلم واللفظ له وه وأتم الروايات وأبو داوود والترمذي .
الحديث الخامس : ( عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قيل يا رسول الله أي الناس أفضل ؟ قال : كل محموم القلب صدوق اللسان : قالوا صدوق اللسان نعرفه ، فما محموم القلب ؟ قال : هو التقي النقي لا إثم فيه ولا غل ولا حسد ) حديث صحيح " صحيح سنن ابن ماجه 3397 " .

التدبر التكويني والتطبيقي في المواقف العملية التي يجب الاقتداء بها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته والسلف الصالح :
وإننا نستعرض هنا بعض المواقف العملية التي يتضح من خلالها الصورة النورانية لصفة سعة الصدر ،ونبدأ بالتدبر في بعض المواقف لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم والتي تتجلى فيها سعة الصدر وضبط النفس والحلم لمن أراد الاقتداء والاهتداء على أفضل الأخلاق .
لما شجت وجنتاه وكسرت رباعيته ودخل المغفر في رأسه صلى الله عليه وسلم يوم أحد قال " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " فهذا منتهى الحلم والصفح والعفو والصبر منه صلى الله عليه وسلم وهي من مكونات سعة الصدر التي ننشد تحقيقها في تكوين شخصيتنا والله المستعان .
لما جذبه الأعرابي بردائه جذبه شديدة حتى أثرت في صفحة عنقه صلى الله عليه وسلم وقال : احمل لي على بعيري هذين من مال الله الذي عندك ، فإنك لا تحمل لي من مالك وما أبيك ، فانظر إلى سعة صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رده على هذا القول والفعل " ، قال له صلى الله عليه وسلم ( المال مال الله وأنا عبده ، ويقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي فقال الأعرابي : لا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ط لم ؟ " قال : لأنك لا تكافئ السيئة بالسيئة ، فضحك صلى الله عليه وسلم ثم أمر أن يحمل له على بعير شعير وعلى آخر تمر . فأي سعة صدر تلك ! وأي حلم وكمال هذا لمن أراد الاقتداء والاهتداء .
وجاءه زيد بن سعنه أحد أحبار اليهود بالمدينة ، جاءه يتقاضاه ديناً على النبي صلى الله عليه وسلم فجذب ثوبه عن منكبه وأخذ بمجامع ثيابه وقال مغلظاً القول : إنكم يا بني عبد المطلب مطل . فانتهره عمر وشدد له في القول ، والنبي صلى الله عليه وسلم يبتسم ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنا وهو كنا إلى غير هذا أحوج منك يا عمر ، تأمرني بحسن القضاء وتأمره بحسن التقاضي " ثم قال صلى الله عليه وسلم " لقد بقث من أجله ثلاث " ومع ذلك أمر عمر أن يقضيه ماله ويزيده عشرين صاعاً لما روعه . فكان هذا سبب إسلام هذا الرجل الذي هو من أحبار اليهود لسعة صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبعد هذه المواقف التي علمنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تكون سعة الصدر . والقرآن يوجهنا لكيفية تحقق هذه الصفات : ( فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر حتى في معاملة المخطئين ) .

بعض المواقف لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي تتجلى فيها حقيقة التكوين لمكونات سعة الصدر :
الموقف الأول : كتاب حياة الصحابة – الجزء الثاني – الكاندهلوي صـ 742 " .
عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : دخل على أبي دجانة رضي الله عنه وهو مريض وكان وجهه يتهلل أي " يستنير ويضئ " فقيل له : مال وجهك يتهلل ؟ فقال : ما من عمل شئ أوثق عندي من اثنتين ، أما إحداهما فكنت لا أتكلم فيما لا يعنيني ، وأما الأخرى فكان قلبي للمسلمين سليماً .
الموقف الثاني : صـ 743 المصدر السابق :
( أخرج الطبراني عن ابن بريدة الأسلمي قال : شتم رجل ابن عباس رضي الله عنهما فقال ابن عباس : إنك لتشتمني وإن في ثلاث خصال : إني لآتي على الآية في كتاب الله فلوددت أن جميع الناس يعلمون ما أعلم ، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح ولعلي لا أقاضي عليه أبداً ، وإني لأسمع الغيب قد أصاب البلد من بلاد المسلمين فأفرح ومالي به سائمة ) . تدبر أيها الأخ الكريم في هذه النفوس التي تحققت فيها مكونات وعلامات سعة الصدر وحب الخير للغير بعد أن ألزموا أنفسهم التزود المستمر والدائم بمصادر تحقيق المكونات التي بها تتحقق الشخصية السوية صاحبة الخلق الحسن .

وتدبر أيها الأخ الكريم في سير السلف الصالح وأهل الدعوة تجد فيها الكثير والكثير لمن أراد الاهتداء والاقتداء بمن أنار الله لهم الطريق لبلوغ منازل الصديقين وكانوا من أصحاب الصدور الواسعة وعلى المثال نذكر الآتي ( من مختصر منهاج القاصدين صـ 185 ، 186 ) .
دخل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه المسجد ليلة في الظلمة فمر برجل نائم فعثر به فرفع رأسه فقال : أمجنون أنت ؟ فقال عمر وهو أمير المؤمنين : لا ، فهم الحرس بالرجل ، فماذا قال عمر بن عبد العزيز .. الخليفة صاحب الصدر الواسع الذي به أصلح وعدل .. قال لهم : مه إنما سألني أمجنون ؟ فقلت : لا .. وانصرف الأمير بحرسه يعلم الجميع كيف تكون سعة الصدر والحكمة بالفعل والقول .
لقي رجل علي بن الحسين رضي الله عنهما فسبه . فثارت غليه العبيد فقال : مهلاً . ثم أقبل على الرجل فقال : ما ستر عنك من أمرنا أكثر ؟! ألك حاجة نعينك عليها ؟ فاستحى الرجل .ز فألقى عليه خميصة كانت عليه وأمر له بألف درهم .ز فكان الرجل بعد ذلك يقول : أشهد أنك من أولاد الرسول .
وقال رجل لوهب بن منبه : إن فلاناً شتمك .. فقال : ما وجد الشيطان بريداً غيرك . رضي الله عن الجميع ورزقنا الله حسن الاقتداء بالصالحين وحشرنا الله معهم في أعلى عليين وأسعدنا بصحبه النبي صلى الله عليه وسلم آمين .

التدبر التكويني والتطبيقي في ما قاله الصالحون وهم يصفون أصحاب صفة سعة الصدر :
ونكتفي هنا بمقولة جامعة قالها أحدهم وهو يصف لنا صاحب صفة سعة الصدر : قال ( أن يأمن شره من خالطه ،ويأمل خيره من صاحبه ، ولا يؤاخذ بالعثرات ،ولا يشيع الذنوب عن غيره ، ولا يفشي سر من عاداه ، ولا ينتصر منه بغير حق ، ويعفوا ويصفح عنه ، ذليل للحق ، عزيز عن الباطل ، كاظم للغيظ عمن آذاه ، شديد البغض لمن عصى مولاه ، يجيب السفيه بالصمت عنه ، والعالم بالقبول منه ، لا مداهن ولا مشاحن ، ولا مختال ،ولا فخور ، ولا حسود ،ولا جاف ولا فظ ، ولا غليظ ، ولا طعان ولا لعان ، ولا مغتاب ولا سباب ، خال بيته من المنكرات والمشاحنات والقيل والقال . يخالط من الإخوان من عاونه على طاعة ربه ونهاه عما يكره مولاه ، ويخالق بالجميل من لا يأمن شره ، سليم القلب للعباد من الغل والحسد ، يغلب على قلبه حسن الظن بالمؤمنين في كل ما أمكن فيه العذر . متأدب بالقرآن والسنة ، لا ينافس أهل الدنيا في عزها ولا يجزع من ذلها ، يمشي على الأرض هوناً بالسكينة والوقار ومشتغل قلبه بالفهم والاعتبار والتفكير فيما يقربه إلى الله ن يذكر الله مع الذاكرين ن عالم بداء نفسه ومتهم لها في كل حال ، شغله بالله متصل وعن غير منفصل ، لا يتوقع له بائقة ولا يخاف منه غائلة ، الناس منه في راحة ، ونفسه منه في جهد ) " من كتاب إيقاظ أولى الهمم العالية إلى اغتنام الأيام الخالية صـ 202 " .

ومما سبق يتضح لنا أن سعة الصدر التي ننشدها ونقصدها هي :

قدرة الفرد على استيعاب من حوله استيعاباً يصحح الفهم ويقوم المعوج ويألف القلوب ويزيل الخلاف . وقدرته على احتواء المواقف احتواءً يجلي به الحقائق ويذهب به الشحناء والبغضاء .
واستطاعته أن يحقق للمحيطين به في جميع دوائر الإحاطة والاتصال الهدوء والاستقرار والمودة والمحبة في الله وأن يدفعهم على فعل الخيرات وترك المنكرات ابتغاء مرضات الله عز وجل .
أسأل الله العلي القدير أن يعيننا على تحقيق هذه الصفة " سعة الصدر ,أن نكون من أهلها ونحظى بخيرها في الدنيا والآخرة إنه نعم المولى ونعم النصير …
… وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

<منقول>

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.