ورد في صحيح الحديث أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه ..
فما سبب النهي عن البكاء على الميت و الحكمة منه ؟؟
و هل في ذلك ما يشير أو يفيد بأن البكاء عامة مضر بالصحة أو ما شابه ؟؟الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
تعذيب الميت بسبب بكاء الحي إذا كان ذلك من عادة أهله في حياته ، ولم يكن ينههم عن ذلك .
قال الإمام البخاري رحمه الله :
باب ما يكره من النياحة على الميت ، وقال عمر رضي الله عنه : دعهن يبكين على أبي سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة . والنقع التراب على الرأس ، واللقلقة الصوت .
ثم ساق الإمام البخاري بإسناده عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من نِـيح عليه يُعَذَّب بما نِـيح عليه .
وقال البخاري رحمه الله :
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : " يُعَذَّب الميت ببعض بكاء أهله عليه " إذا كان الـنَّوْح مِن سُنَّتِه ، لقول الله تعالى : ( قُوا أنْفُسَكُم وأهْلِيكُم نَارًا)
والنهي عن البكاء على الميت إذا كان من الـنّياحة ، وهو ما يكون فيه رفع الصوت والعويل والصراخ ، وهو ما يكون نتيجة لِتسخّط أقدار الله .
قال البخاري رحمه الله : باب ما ينهى عن النوح والبكاء والزجر عن ذلك .
أما إذا كان مُجرّد بكاء وحُزن ، فإنه لا يُنهى عنه ، فقد صدر هذا من أخشى الناس وأتقاهم لله ، صلى الله عليه وسلم .
قال البخاري : وما يُرَخَّص مِن البكاء في غير نَوْح .
ثم روى بإسناده إلى أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : أرْسَلَتْ ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه إن ابنا لي قُبض فائتنا ، فأرسل يقريء السلام ويقول : إن لله ما أخذ وله ما أعطى ، وكل عنده بأجلٍ مُسمى ، فلتصبر ولتحتسب ، فأرسلت إليه تُقْسِم عليه ليأتينها ، فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال ، فَرُفِع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي ونَفْسه تتقعقع . ففاضت عيناه ، فقال سعد : يا رسول الله ما هذا ؟ فقال : هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء .
والحديث مُخرّج في صحيح مسلم .
قال العيني : فإن قوله : " ففاضت عيناه " بُكاء من غير نوح ، فَيَدُلّ على أن البكاء الذي يكون من غير نوح جائز ، فلا يؤاخذ به الباكي ولا الميت .
وقال ابن عبد البر رحمه الله : وروى أبو إسحاق السبيعي عن عامر بن سعد البجلي عن أبي مسعود الأنصاري وثابت بن زيد وقرظة بن كعب قالوا : رُخِّص لنا في البكاء على الميت من غير نوح .
وقد دمعت عينا النبي صلى الله عليه وسلم عند موت ابنه إبراهيم عليه السلام ، وحَزِن عليه النبي صلى الله عليه وسلم .
قال أنس رضي الله عنه : قد رأيته وهو يكيد بنفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فَدَمَعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول إلاَّ ما يُرضى ربنا ، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون . رواه البخاري ومسلم .
قال النووي : قوله : ( فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم … إلى آخره ) فيه جواز البكاء على المريض والحزن ، وأن ذلك لا يُخالف الرضا بالقدر ، بل هي رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وانما المذموم الندب والنياحة والويل والثبور ونحو ذلك من القول الباطل ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ولا نقول إلاَّ ما يرضي ربنا .
وبكى النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا حضر سعد بن عبادة ، فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بكوا ، فقال : ألا تسمعون ؟ إن الله لا يُعَذِّب بِدَمْع العين ، ولا بِحُزْن القلب ، ولكن يعذب بهذا – وأشار إلى لسانه – أو يَرْحَم ، وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه .
والله تعالى أعلم .
وجعله في ميزااان حسناااتج بأذن الله …