كلمة التوحيد هل تحتاج إلى عمل أم يكفي القول..!
بسم الله الرحمن الرحيم
سُئل الامام ابن باز-رحمه الله-في فتاوى نور على الدرب:
هل : "لا إله إلا الله " قول باللسان أو قول يحتاج إلى عمل؟
هذه الكلمة هي أعظم الكلام الذي يتكلم به الناس ، وأفضل الكلام ، وهي قول وعمل
، ولا يكفي مجرد القول ، ولو كان مجرد القول لكان المنافقين مسلمين لأنهم يقولونها
وهم مع هذا كفار ، بل في الدرك الأسفل من النار نعوذ بالله من ذلك ؛ لأنهم يقولونها
باللسان من دون عقيدة ولا إيمان ، فلابد من قولها باللسان مع اعتقاد القلب وإيمان
القلب بأنه لا معبود حق إلا الله، ولابد أيضاً من أداء حقها بأداء الفرائض وترك المحارم ،
لأن هذا من أداء حق لا إله إلا الله كما قال عليه الصلاة والسلام: (أمرت أن أقاتل
الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها
وحسابهم على الله).
وفي اللفظ الآخر يقول: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني
رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم
وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله – عز وجل -) متفق على صحته.
فالحاصل أنه لابد من قول مع يقين ومع علم ومع عمل لا مجرد القول باللسان ،
فاليهود يقولونها والمنافقون يقولونها ولكن لا تنفعهم لما لم يأتوا بالعمل والعقيدة فلا بد
من العقيدة بأنه لا معبود حقٌ إلا الله ، وأنما عبده الناس من أصنام أو أشجار أو أحجار
أو قبور أو أنبياء أو ملائكة أو غيرهم أنه باطل ، وأن هذا شرك بالله – عز وجل – ،
والعبادة حق الله وحده – سبحانه وتعالى -، وهذا هو معنى : "لا إله إلا الله " فإنها لا
معبود حق إلا الله ، قال تعالى: ((وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء
وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ))[(5) سورة البينة].
وقال سبحانه: ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) [(5) سورة الفاتحة].
وقال عز وجل( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ)) [(23) سورة الإسراء].
وقال سبحانه: ((فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ)) [سورة الزمر (3) سورة الزمر )
وقال عليه الصلاة والسلام: (من قال لا إله إلا الله وكفر بما سواه حرم ماله ودمه)
وفي اللفظ الآخر عند مسلم: (من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه)
. فدل على أنه لابد من التوحيد والإخلاص لله ، ولما بعث النبي – صلى الله عليه
وسلم – معاذ إلى اليمن معلماً ومرشداً وأميراً وقاضياً قال له: (ادعهم إلى أن يوحدوا الله).
وفي اللفظ الآخر: (ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فإذا فعلوا
ذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة ، فإن أطاعوك
لذلك فأعملهم أن افترض عليهم صدقة تخرج من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم) الحديث..
((( والخلاصة أنه لا بد من الإيمان بها قولاً وعملاً مع النطق ، فيشهد أنه لا إله إلا الله
عن علم ويقين وإخلاص وصدق ومحبة لما دلت عليه من التوحيد وانقياد لحقها وقبول
لذلك وبراءة وكفر بما يعبد من دون الله – سبحانه وتعالى – هكذا يكون الإيمان بهذه
الكلمة ، يقولها عن يقين وأنه لا معبود بحق إلا الله ، وعن العلم ليس فيه جهل ولا
شك ، وعن إخلاص في ذلك لا رياءً ولا سمعة ، وعن محبة لما دلت عليه من التوحيد
والإخلاص ، وعن صدق لا كالمنافق يقولها باللسان ويكذب بالباطل ، وعن القبول على
ما دلت عليه من التوحيد وانقياد لذلك وعن محبة لذلك ، والتزام به مع البراءة من كل
ما يعبد من دون الله والكفر بكل ما يعبد من دون الله ؛ كما قال سبحانه: فَمَنْ يَكْفُرْ
بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
ومعنى الكفر بالطاغوت معناه البراءة من عبادة غير الله ، واعتقاد بطلانها ، هذا معنى
الكفر بالطاغوت ، يعني أن تتبرأ من عبادة غير الله وأن تعتقد بطلان ذلك ، وأن العبادة
حق لله وحده – سبحانه وتعالى – ليس له شريك لا ملك ولا نبي ولا شجر ولا حجر ولا
ميت ولا غير ذلك.
جزاكم الله خيراً.
وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ،
اللهّم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ،
اللهّـــم آميـــن .