تخطى إلى المحتوى

ماذا اعددت لاول منازل الاخرة

  • بواسطة

ماذا أعددت لأول منزل من منازل الآخرة
خي المسلم، هل أنت مؤمن حقاً أن الموت حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن البعث بعد الموت حق؟ لأن كثيراً من الناس إيمانهم بذلك إيمان نظري أشبه بالشك، كما قال الخليفة الراشد الخامس، عمر بن عبد العزيز رحمه الله: (لم أر يقيناً أشبه بالشك كيقين الناس بالموت، موقنون أنه حق ولكن لا يعملون له).

إن كنت مؤمناً بذلك حق الإيمان فماذا عملت لأول منزل من منازل الآخرة؟ ولذلك اليوم الذي له ما بعده؟ ولتلك الليلة، ليلة قبرك، التي صبحها يوم القيامة؟

عن هاني مولى عثمان رضي الله عنه قال: (كان عثمان إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار ولا تبكي، وتبكي من هذا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن القبر أول منازل الآخرة. فإن نجا منه أحد فما بعده أيسر، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما رأيت منظراً إلا والقبر أفظع منه")1.

هذا المنزل الموحش الغريب الذي يفرد فيه الميت، ليس فيه أنيس ولا جليس إلا عمله، وهذا المنظر الذي ليس هناك منظر أفظع منه ماذا أعددت له؟ وأنت تعلم علم اليقين أنك ستبقى فيه زماناً طويلاً ودهراً مديداً، أضعاف أضعاف بقائك في منزلك الدنيوي الذي تبذل فيه كل غالٍ ونفيس، ولا تدخر عنه مالاً دسيساً تليداً ولا جديداً، ولا يحذر البعض من بنائه وتشييده بكل ما تيسر لديه ووقع في يديه من مال حلال أو حرام أو مشبوه.

وهل تعلم أن عذاب القبر ونعيمه حق لا مرية فيه، قال تعالى عن آل فرعون: "النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ"2 وقال صلى الله عليه وسلم فيما صح عن عائشة رضي الله عنها: "أن يهودية دخلت عليها، فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر، فقال: نعم عذاب القبر. قالت عائشة رضي الله عنها: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدُ صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر" زاد غندر: "عذاب القبر حق"3 .

عذاب القبر، أعاذنا الله وإياكم منه وكذلك نعيمه حسي ومعنوي يصيب الجسد والروح معاً وهما نائلان كل ميت قبر أم لم يقبر، أكلته السباع، أم أحرق بالنار فالله قادر والقادر لا يعجزه شيء.

يدل على ذلك ما صح عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا وضع على قبره، وتولى عنه أصحابه ـ وإنه ليسمع قرع نعالهم ـ أتاه ملكان4، فيقعدانه فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ لمحمد صلى الله عليه وسلم، فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك به مقعداً من الجنة، فيراهما جميعاً".

قال فتادة: وذكر لنا أنه يفسح له في قبره، ثم رجع إلى حديث أنس قال: "وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس. فيقال: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمضارب من حديد ضربة، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين"5.

وهل تعلم أخي الحبيب أن غالب عذاب القبر من الغيبة وعدم التنزه من البول؟ فعليك الاحتراز عن ذلك فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين، فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير6، ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة، وأما أحدهما فكان لا يستتر من بوله"7.

وهل تعلم أن القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار كما صح بذلك الخبر.

وهل تعلم أن قبور أهل الكبائر من أهل السنة روضة من رياض الجنة وقبور الزهاد من أهل البدع حفرة من حفر النار كما قال الإمام أحمد رحمه الله؟

وهل تعلم أن للقبر ضغطة، وضمة، لو نجا منها أحد لنجا منها الشهيد البطل السابق للإسلام سعد بن معاذ رضي الله عنه الذي اهتز لموته عرش الرحمن، وشيعته الملائكة الكرام؟

فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هذا الذي تحرك له عرش الرحمن، وفتحت له أبواب السموات، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنه"8.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ رضي الله عنه"9.

هل تعلم أخي الحبيب أن حجر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزيد سعة إحداهن عن سعة حمام في وقتنا هذا حوالي (مترين في مترين) وأن الرسول صلى الله عليه وسلم مر بجل يليط بيته (يصلحه بالزبل) فقال له: "الأمر أهون من ذلك"؟

هل تعلم أخي المسلم أنه من أدوى الأدواء القلبية التي ابتلينا بها في هذا العصر حب الدنيا، وطول الأمل، والغفلة عن الآخرة، وكراهية الموت، فكانت سبباً لقسوة قلوبنا؟

روى ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث طويل جاء فيه: "…ألا لا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم ألا إن كل آتٍ قريب، وإنما البعيد ما ليس بآتٍ…"10.

قال أحد الحكماء11: (بطول الأمل تقسو القلوب، وبإخلاص النية تقل الذنوب، وما أنصف من نفسه من أيقن بالحشر والحساب وزهد في الأجر والثواب).

قال الغزالي: (إذا أملت العيش الطويل شغل قلبك، وضاع وقتك، وكثر همك وغمك بلا فائدة ولا طائل. ومن طال أمله لا يذكر الموت، فمن لم يذكره فمن أين لقلبه الحرقة؟ فإذا طولت أملك قلت طاعتك، فإنك تقول: سوف أفعل والأيام بين يدي وتأخرت توبتك، واشتد حرصك، وقسا قلبك، وعظمت غفلتك عن الآخرة، وذهبت والعياذ بالله آخرتك. "ألا إن كل آت قريب، وإنما البعيد ما ليس بآت" فكأنكم بالموت وقد حل بكم والساعة أدهى وأمر).

وقال الطائي: من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن طال أمله ساء عمله.

وقال يحيى بن معاذ: الأمل قاطع عن كل خير، والطمع مائع من كل حق، والصبر صائر إلى كل ظفر، والنفس داعية إلى كل شر. ومن ثمرات طول الأمل ترك الطاعة والتكاسل فيها، وترك التوبة وتسويفها، والحرص على الجمع والاشتغال بالدنيا عن الآخرة مخافة الفقر والنسيان للآخرة.

ورحم الله ابن أبي الدنيا حين قال:

يا فرقـة الأحباب لا بد لي منك ويـا دار دنيا إنني راحـل عنك

ويـا قصـر الأيام مالي وللمنى ويا سكرات الموت مالي وللضحك

ومـالي لا أبكي لنفسي بعبـرة إذا كنت لا أبكي لنفسي فمن يبكي؟

ألا أي حي ليس بالموت موقنـاً وأي يقــين منه أشبـه بالشـك؟

هل تعلم أخي الحبيب أن الدور ثلاثة: دار الدنيا، ودار البرزخ، والدار الآخرة؟ فهي: "الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ"12 أي هي الدار الدائمة الأبدية، وعلى الإنسان أن يعد منازل لهذه الدور الثلاثة ولكن ينبغي أن يكون اهتمامه وحرصه على منزلي دار البرزخ والآخرة أهم وأولى لأن بقاءه في دار الدنيا مؤقت وبقاؤه الأكثر في دار البرزخ وبقاؤه الأبدي في الدار الآخرة، فما الذي يجعلنا نحرص على منزلنا في الدار الدنيا الفانية التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كن في الدنيا كأمنك غريب أو عابر سبيل"13 قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنهما موصياً ومرشداً وهو آخذ بمنكبيه، ولهذا كان ابن عمر يقول: (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك)14 وكانت وصيته حاضرة عنده لتوقعه الموت في هل لحظة.

هل تعلم أخي المسلم الحبيب أن لله عباداً فطناء أكياس عقلاء كما قال القائل وقد أحسن وأجاد:

إن لله عبــاداً فـُطنـاً طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا

نظـروا فيها فلما علموا أنـها ليست لحـي وطنا

جعلـوها لجة واتخـذوا صالح الأعمال فيها سفنا

كما أن لله عباداً حمقى سفهاء جهلاء ركنوا إلى الدنيا ولذاتها، وغفلوا عن الآخرة وما أعده الله لعباده المتقين "إن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر ببال بشر".

فكن أخي الحبيب من الصنف الأول من العقلاء الأكياس واحذر أن تكون ممن سفه نفسه "وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ".

اللهم يسرنا لليسرى وانفعنا بالذكرى، واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم إنا أطعناك في أحب الأشياء إليك، شهادة ألا إله إلا الله ولم نعصك في أبغض الأشياء إليك، الشرك، فاغفر لنا ما دون ذلك.

اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا.
__________________
عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب من شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك مجازى به
ما تخسَّر أهل الجنة على شيء كما تحسروا على ساعة لم يذكروا فيها اسم الله
خليجيةخليجيةخليجيةخليجيةخليجيةخليجيةخليجيةخليجيةخليجيةخليجيةخليجيةخليجية

يزااااااااج الله خير الغالية

جزاج الله خير

يزاج الله خير الغالية ويزا والديج الجنة انشا الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.