ليلتها كانت موجات الألم، التى أتتها على حين غفلة، قوية لدرجة أنها لم تعد تحتملها، تعتصر ألما تحت بطانيتها الشتوية فى وقت يعتبر صيفا أو يقارب، لم تكن تعرف أنه كان موجودا أصلا هناك بالقرب منها، ملاكها الحارس من كل ألم، كانت تؤمن به كثيرا، يأتيها ليلا مع قدوم كل ألم، يضع يده الكبيرة فوق يدها الصغيرة يتحسس معها موضع الألم، يتمتم بشفاة حزينة بعض الآيات القرآنية، تتمتم معه دون أن تدرى.
كان ملاكها الحارس غريبا، خازنا للألم، كما شاحن كهربائى يظل الألم معه يقل ويضعف إلى أن يتلاشى كليا. تنظر إليه نظرة امتنان لتجد أنها تعرفه جيدا، عيناه، أنفه وحتى سواد عينيه، تنام بعدها فى هدوء وسكينة حتى الفجر.
الليلة الثانية أيضا لم تكن أقل ألما من الأولى أغمضت عيناها أرادت أن تناديه تقول بينها وبين نفسها يكفينى ألما وترجوه أن يظهر، فساعات الألم وموجاته تزداد حدتها، تفاجأ بيده تغطى مكان الألم دون إشارة منها إلى موضعه، يظل يضغط مكان الألم إلى أن يتجمع فى نقطة واحدة صغيرة يظل يتمتم مستخدما آيات قرآنية وأدعية لم تكن تعرف معناها، كان يبدو روحانيا أكثر هذه المرة، يخرج الألم بعيدا لوهلة، ينتهى، تقول لنفسها إن طريقة تصريفه وظهوره تأتى دائما موازية للألم، وبحجمه تماما.
يظهر دوما فى الوقت المناسب واصطلحت على نفسها تسميته ملاكى: حارس ألمى، وكأنه لا ينام، يحتضنها بقوة بعد الألم وقبله، يتبخر الألم ويختفى لتأتى الأحلام، تظل هكذا معصورة بين ذراعيه تختفى وتتلاشى كما يتلاشى الألم.
تصحو صباح يوم جديد، كانت هى غيرها، تتأمل الحياة بسعادة وفرح، ويظل سؤال يتعلق بملاكها يؤرقها "إن كان دوما سيختفى بعد تلاشى الألم" أم أنه سيبقى أيضا ملاك أمل، وتظل على أمل بأنه وبزوال الألم سيظهر الأمل.
بقلم :
الأصــالة العربية