من جماليات الأيام الأخيرة في رمضان
صـدقــة الفطــر
إنها أكثر ما تحمله نسائم الأيام الأخيرة من رمضان فقد شرعها الله تعالى لتكون توسعة على الفقراء في العيد، وفي الحديث فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على كل مسلم كبير او صغير غني او فقير حر أو عبد حتى الجنين في بطن امه.
وصدقة الفطر في الأصل صاع من قمح او تمر او زبيب وقد قدرتها الفتوى السورية بمبلغ مائة ليرة الى ثلاثمائة عن كل نفس، يدفعها الرجل عن نفسه وعمن يعول.
واضح ان ارادة الشرع هي تعويد الناس جميعا على الإنفاق حتى ذو الفقر المدقع فإنه يدفع لمن هو اشد منه فقرا، ويريد الإسلام ألا تكون يد الفقير يدا آخذة دوما، بل ينبغي أن تعتاد على الإنفاق والبذل والعطاء، وأن يعلم الإنسان ان في الله عوضا عن كل تالف.
من لا يتصدق بالدرهم لن يتصدق بالدينار، ومن لم ينفق من الألف لن ينفق من المليون، ورب درهم سبق ألف درهم، والله يحب المحسنين.
ولابد من اداء صدقة الفطر قبل صلاة العيد، ووقتها يبدأ من أول ايام رمضان ويتأكد خلال العشر الأخير من رمضان والهدف واضح وهو ان تعم الرحمة والفرحة قبل دخول العيد.
كان زين العابدين عميد اهل البيت النبوي وكان كثير العطاء في رمضان وكان أجود من الريح المرسلة، وذات رمضان خرج ينفق كما تعود وزاحم الفقراء ببابه، وقال له كاتبه: لقد خرجنا من سنة قحط وجدب وليس في الغلة العام مثل ما كان فيها قبل عام، ولابد من القصد في النفقة!! تأمل الإمام زين العابدين قليلا ثم قال: إني عودت الله وعودني، عودته النفقة وعودني العوض، وإني أخشى إن غيرت ما عودته أن يغير ما عودني، أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا.
وكان بالمدينة مائة بيت يرزقون ولا يدرون من اين يرزقون، كانوا يجدون أرزاقهم في فناء دراهم مطلع كل شهر، فلما مات زين العابدين انقطعت تلك الأرزاق فعلموا أنهم كانوا به يرزقون!
إنها دعوة للإنفاق في هذه الساعات القليلة، تفرح بها قلوب الفقراء ويشاركونك على موائد الرحمن حتى تتم مدرسة رمضان وتكتمل فرحة العيد.
د. محمد حبش